وصل الرئيس الامريكي جورج بوش امس الاثنين الي السعودية حاملا وعدا بعقد صفقة اسلحة ضخمة مع هذا البلد، وعلي أمل الحصول علي دعم الملك عبد الله لجهوده الرامية لاحتواء خطر ايران ودفع عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وفي اول زيارة يقوم بها بوش للسعودية اكبر مصدر للنفط في العالم والحليف الاول للولايات المتحدة في الخليج، عبر بوش عن قلقه بشأن ارتفاع اسعار النفط. وخلال زيارته التي تستمر اقل من 48 ساعة، يحاول بوش اقناع الملك عبدالله بضرورة عزل ايران ودعم جهوده للتوصل الي حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي قبل نهاية 2008، وتوقعت مصادر دبلوماسية ان يتطرق بوش لاقامة علاقات مع اسرائيل، غير ان مهمته في هذه الملفات تبدو صعبة. وقالت الادارة الامريكية امس انها أبلغت الكونغرس بخططها بيع السعودية مجموعة من الاسلحة المتطورة في اطار ما وصفه مسؤولون بأنه مسعي لمواجهة التنامي في الترسانة العسكرية الايرانية , وتنوي واشنطن بيع اسلحة وتجهيزات عسكرية بقيمة 11.5 مليار دولار لمختلف دول الخليج. وامام الكونغرس مهلة ثلاثين يوما يمكنه خلالها الاعتراض علي الصفقة. وتتضمن هذه الصفقة بيع قنابل فائقة التطور توجه عبر الاقمار الصناعية. وشددت الادارة الامريكية علي ان صفقة بيع الاسلحة لدول الخليج ضرورية للتصدي لما يصفه بوش ب الخطر الايراني وهو الموضوع الذي يتصدر جولته الخليجية. ويود بوش ان تتعاون السعودية وسائر دول الخليج مع مساعيه لعزل الجمهورية الاسلامية. واذا كانت السعودية مثل الدول العربية الاخري التي زارها بوش (الكويت والبحرين والامارات) تنظر بقلق لتصاعد نفوذ ايران فقد يكون قلقها اكبر من احتمال وقوع حرب امريكية جديدة في المنطقة بعد حرب العراق التي خدمت مصالح ايران حتي الان. وتقر الدول العربية علي ما يبدو بوجود خطر ايراني لكنها لا ترغب في اثارة عداء طهران ولا تريد ان تعطي انطباعا بانها تؤيد اسرائيل , وعلى الرغم من حضورها مؤتمر انابوليس في الولاياتالمتحدة، تتابع السعودية علي ما يبدو بحذر الجهود التي يبذلها بوش للتوصل الي اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين قبل نهاية 2008، وهو الهدف الثاني الكبير لجولة بوش الذي بدأها الاسبوع الماضي بزيارة اسرائيل والضفة الغربية. وتتجنب الادارة الامريكية الدعوة علنا الي الاعتراف باسرائيل، وهي خطوة لم تقدم عليها حتي الان سوي مصر والاردن، وتكتفي بدعوة السعودية لتقديم دعم مالي للفلسطينيين المعتدلين . كما تذكر بان الملك عبدالله هو الذي اطلق في وقت كان لا يزال ولي العهد مبادرة السلام التي اقرتها الجامعة العربية ويمكن ان تقود بنظر واشنطن الي مصالحة بين الدول العربية واسرائيل. وقال مسؤول بالبيت الابيض امس الاثنين ان الرئيس بوش تناول المخاوف بشأن ارتفاع أسعار النفط في محادثات مع زعماء لدول الخليج العربية خلال جولته في الشرق الاوسط هذا الاسبوع , وأبلغ ايد جيليسبي وهو مستشار رفيع لبوش الصحافيين أن الرئيس الامريكي وزعماء دول الخليج تباحثوا بشأن طبيعة السوق والطلب الهائل الذي في السوق العالمية اليوم علي النفط . ووصل الرئيس بوش السعودية قادما من دبي، ويختتم جولته بالمنطقة بزيارة مصر يوم غد الاربعاء، وشهدت القاهرة امس مظاهرات احتجاجا علي الزيارة، كما حفلت الصحف المصرية يومي امس وامس الاول بمقالات تندد بالرئيس الامريكي، وكان لافتا مشاركة الصحف القومية (الحكومية) بالحملة ضد زيارة بوش. وشاركت القوي والاحزاب الوطنية بمظاهرات امام نقابة الصحافيين احرقت خلالها صور بوش ورفعت يافطات ترفض الزيارة. الي ذلك نددت قوى وأحزاب عربية بزيارة الرئيس الامريكي للمنطقة ووصفتها بالاستفزازية والمشبوهة، وقالت إنها تجيء استمرارا لاستراتيجية الإدارة الامريكية العدوانية في انتزاع التنازلات المجانية لمصلحة الكيان الصهيوني العنصري الإرهابي، ولتخريب العلاقات العربية . ودعا المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي والمؤتمر العام للأحزاب العربية في بيان نشر موقع الجزيرة نت اجزاء منه إلي استعادة التضامن العربي للحد من الآثار والتداعيات الخطيرة التي حملتها هذه الزيارة المشؤومة علي شعبنا وقضيتنا وأمتنا . واعتبرت القوى الموقعة علي البيان الإدارة الامريكية شريكة في حرب إسرائيل علي مناطق السلطة الفلسطينية ومحاصرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات واغتياله واتهم البيان إدارة بوش بمشاركة الكيان الصهيوني في حربه العدوانية علي لبنان في تموز (يوليو) 2006. وقال البيان إن بوش قاد إستراتيجية عدوانية منذ سبع سنوات ضد البلاد العربية والإسلامية والقضية الفلسطينية منذ العدوان العسكري علي أفغانستان واحتلاله. وحملت تلك القوي واشنطن مسؤولية الحرب العدوانية علي العراق و تقسيمه وإيقاع الفتنة بين أبنائه . واتهم الموقعون علي البيان الرئيس الامريكي بأنه جاء ليكرس وجود دولة يهودية ولإسقاط حق العودة، والدعوة الصريحة لاستبدال التعويض به، مسقطا بذلك حقوق ملايين اللاجئين المشردين داخل فلسطين وخارجها بالعودة إلي وطنهم . وأضاف البيان أن لقاءات بوش الرسمية مع قادة العدو في القدس جاءت بقصد تكريسها عاصمة لدولة الكيان الصهيوني . وخلص البيان إلي أن الزيارة سعت إلي تمديد الأزمة في لبنان وفرض تنازلات جديدة من أجل تكريس الانقسام الفلسطيني، وتحدي إرادة شعوبنا في مواصلة المفاوضات التي تبحث الحل النهائي بين الفلسطينيين وإسرائيل. وأضاف أن المسعي الثاني للزيارة هو الإيقاع بين الدول العربية وإيران لتشديد الخناق عليها والإعداد للعدوان العسكري عليها. ودعا البيان القوي الشعبية العربية وفي مقدمها البرلمانات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني إلي وقفة مراجعة عاجلة لإدانة هذه الزيارة والضغط علي الحكومات العربية من أجل رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني والتمسك بخيار المقاومة ووقف المفاوضات ومسلسل التنازلات والسياسات الضعيفة وإلا زادت الأوضاع العربية تدهورا وتهددت بأوخم العواقب . القدس العربي