انتشرت قوات الأمن اللبنانية حول مقر السفارة الأميركية في ضاحية عوكر ببيروت للتصدي لحوالي لعدة ألاف من المتظاهرين الذين استجابوا لدعوة المنظمات الطلابية المحسوبة على التيار المقرب من سوريا تنديدا بما أسموه التدخل الأميركي في الشؤون اللبنانية. وقد حمل المتظاهرون الأعلام اللبنانية ولافتات كتب عليها "الموت لأميركا", فيما قال شهود عيان إن قوات الأمن نصبت المتاريس الحديدية والأسلاك الشائكة وقطعت كل الطرق المؤدية إلى السفارة الأميركية في شمال بيروت, كما أخذ أفراد من الجيش اللبناني مواقع لهم على أسطح المنازل المحيطة بالبعثة الدبلوماسية الأميركية. وتأتي تظاهرة الثلاثاء التي دعت إليها الأطراف المؤيدة لسوريا في أعقاب تظاهرة المعارضة أمس ببيروت والتي قدر بعض الأطراف عدد المشاركين فيها بمليون شخص, والتي جاءت هي الأخرى في أعقاب المسيرة التي دعا إليها حزب الله والقوى المؤيدة لسوريا الأسبوع الماضي, فيما بدا استقطابا متواصلا للشارع اللبناني بين مؤيد للوجود السوري ومعارض له. وقد بدأ رئيس الوزراء اللبناني المكلف عمر كرامي مشاورات تشكيل الحكومة القادمة بلقائه رؤساء وزراء سابقين ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وكتل النواب المؤيدة للحكومة. وقال كرامي قبل لقائه النواب اللبنانيين إن "الطريقة الوحيدة للتغلب على المشاكل والتعقيدات وإنقاذ لبنان هي حكومة وحدة وطنية", لكنه رفض التعليق على ما إذا كان متفائلا بالتوصل إليها في وجه إصرار المعارضة على لاءاتها الثلاث: لا لحكومة غير محايدة ولا لإشرافها على التحقيق في اغتيال الحريري ولا لبقاء مسؤولي الأجهزة الأمنية. ويتوقع أن تكرر المعارضة لاءاتها عندما يلتقي كرامي ممثليها غنوة جلول وفارس سعيد الذي جدد "الدعوة إلى حكومة انتقالية تشرف على انسحاب تام للوحدات العسكرية والاستخباراتية السورية وعلى انتخابات تشريعية حرة", وهي الدعوات التي يتوقع أن تكون أقوى في ضوء مسيرة أمس. من جانبها واصلت القوات السورية انسحابها من لبنان، كما أكد شهود عيان أن المخابرات السورية أخذت تخلي مكتبا لها بشارع الحمراء وموقعين آخرين في بيروت تحت أنظار قوات الأمن اللبنانية التي سدت منافذ الشارع. كما شرع بعض العمال في إزالة صورة ضخمة للرئيس السوري بشار الأسد علقت على أحد حيطان كورنيش بيروت، لكن أفراد الاستخبارات السورية شوهدوا في المقر الرئيسي ببيروت. من جهة أخرى ناقش الرئيس المصري حسني مبارك بدمشق التي وصلها في زيارة غير معلنة برفقة وزير الخارجية ورئيس جهاز الاستخبارات، الأوضاع اللبنانية والتحضير للقمة العربية بالجزائر بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية. غير أن صحيفة الأهرام المصرية التي سبق لها الإعلان عن القمة كانت تحدثت عن نقاش حول انسحاب سوري من لبنان وفقا لاتفاق الطائف, فيما ذكر مصدر مصري لم يكشف عن هويته أن اللقاء سيخوض في الانسحاب السوري من وسط وشمال لبنان. على صعيد آخر ذكر مصدر لبناني أن أبناء الحريري غادروا لبنان في خطوة يبدو أن الاعتبارات الأمنية هي التي حركتها بعدما اتهمت منشورات وزعت الأسبوع الماضي قناة المستقبل المملوكة لعائلة الحريري بالعمالة لإسرائيل ووصفت نوابا في كتلته بأنهم "صهاينة". وبينما غادر أبناء الحريري لبنان إلى السعودية وأوروبا بحسب مصدر لبناني، قرر العماد ميشيل عون العودة إليه من منفاه في باريس خلال الأسبوعين القادمين تحضيرا للانتخابات التشريعية القادمة في مايو/أيار المقبل. وقال العماد عون للقناة البرلمانية الفرنسية إنه سيخوض غمار الانتخابات التشريعية القادمة بلوائح مشتركة مع النائب الدرزي المعارض وليد جنبلاط. كما دعا عون في الوقت ذاته حزب الله إلى إدماج قواته في قوات الجيش اللبناني, معتبرا أن "دولة القانون مستحيلة في لبنان في وجود جيش مواز للجيش الرسمي", وأن هذا الاندماج ضرورة لوجود دولة موحدة بشكل حقيقي, نافيا وجود مساع لتهميش الحركة الشيعية.