عقد صباح أمس في بيت الثقافة بصنعاء مؤتمر صحفي لإشهار "كتاب مسح وتوثيق الحرف اليدوية التقليدية لمدينة زبيد التاريخية "أقامته الهيئة العامة للآثار والمتاحف. وفي المؤتمر الذي حضره وزير المياه والبيئة الأخ عبدالسلام رزاز ووزير الدولة الأخ شايف العزي ألقى الدكتور عبدالعزيز المقالح، المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية، كلمة قال فيها: اليوم لزبيد هذا الاسم المضيء فهي المدينة التي كانت واحدة من أهم المدن اليمنية في التاريخ الإسلامي ومنها خرجت قوافل متلاحقة عبر العصور من العلماء والمتعلمين وفيها تأسست لأول مرة واحدة من أهم الجماعات التي تكونت في ذروة ازدهار الحضارة العربية والإسلامية، ولم يكن الحديث عن الأزهر والقيران يتم بمعزل عن الحديث عن جامعة الأشاعرة في زبيد والتي كانت تحتضن الطلاب من جميع أنحاء الوطن العربي والإسلامي وقد أنجبت الكثير من العلماء العظماء ولم تكن زبيد مدينة للعلم والعلماء فحسب بل كانت مدينة صناعية تزدهر فيها الصناعات والتجارة ولم تكن بلادنا وحدها تستفيد من منسوجات هذه المدينة وصناعاتها بل أقطار أخرى مجاورة في الجزيرة وأفريقيا. مشيراً إلى أن المدينة ظلت مصدراً للإنتاج الصناعي إلى جانب كونها ومصدر إشعاع للفكر والعلوم ولم يخفت بريقها حتى بعد أن دخل الاحتلال الأجنبي في عدن وفتح الأبواب أمام التجارة الدولية يهدف إلى تدمير الصناعات المحلية والقضاء على الحرف اليدوية لكن أبناء زبيد الأوفياء استطاعوا رغم هذه الهجمة الشرسة أن يحافظوا على صناعاتهم الأصيلة وأن يقاوموا زحف العولمة وما هذا الكتاب الذي بين أيدينا إلا خير دليل على ذلك. كما ألقى الدكتور عبدالله عوبل، وزير الثقافة ، كلمة أوضح فيها أن هذا الكتاب الذي صدر عن الهيئة العامة للآثار والصندوق الاجتماعي للتنمية يمثل أهمية قصوى كونه يتعلق بجزء من تاريخنا وهويتنا الحضارية، كما أن صدوره في هذا الوقت أكسبه أهمية خاصة لأن يأتي في ظرف حرج تمر به مدينة زبيد فهي الآن مهددة بالشطب من قائمة التراث العالمي، وصدوره يعطي دلالة واضحة بمدى جدية الدولة بكافة مؤسساتها بالحفاظ على هذه المدينة التاريخية وغيرها من المدن والمعالم الحضارية. منوهاً إلى أن معدي الكتاب اتجهوا نحو موضوع لا يقل أهمية عن العمران التاريخي فالحرف اليدوية تعتبر جزءاً من مكونات الهوية الوطنية، وهذه الحرف باتت مهددة بالانقراض والتلاشي نتيجة للتطور التقني والتكنولوجي الهائل والعولمة التي جعلت من العالم قرية صغيرة امتزجت فيها الثقافات والحضارات العالمية. وألقى الأخ مهند السياني، رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف، كلمة أكد فيها أهمية هذا الكتاب الذي يأتي في ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها جوانب التراث الحضاري والثقافي ومنها الحرف اليدوية وهذا يمثل تهديداً غير مسبوق وقد تختفي هذه الحرف اختفاءً تاماً ومن هنا يدرك الجميع حجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم تجاه ها التراث الحضاري الهام، والأدهي من ذلك هو استيراد قطع غير يمنية (مقلدة) وعرضها في الأسواق اليمنية على أنها منتجات يمنية تقليدية الأمر الذي عمل على تهديد خصوصية الهوية اليمنية الضاربة في عمق التاريخ، ومن هذا المنطلق فقد سعت الهيئة العامة للآثار إلى الإسراع في مسح وتوثيق الحرف اليدوية وكانت البداية في جزيرة سقطرى وتلتها مدينة صنعاء القديمة والآن تم توثيق الحرف اليدوية في مدينة زبيد التاريخية وبعدها سنعمل على توثيق الحرف في مدينة شبام حضرموت التاريخية. فيما أشار رئيس الهيئة العامة للكتاب عبدالباري طاهر إلى أهمية مدينة زبيد التاريخية والحضارية والعلمية وأوضح أنها غدت في عهد الدول العلمية مدرسة فكرية إسلامية يدرس في أروقتها وأربطتها وساحات مساجدها المذاهب الفقهية المختلفة حتى ضاهت المدن الإسلامية في العصرين الأيوبي والرسولي لتكون «جامعة الأشاعر» ودار هجرة وتعليم يصل اشعاعها إلى جنوب شرق آسيا وشرق افريقيا ومصر والعراق والمغرب. وأوضح طاهر أن مدينة زبيد قد ازدهرت فيها المعارف كما ازدهرت مختلف أنواع الصناعات والحرف وفنون البناء والعمران ونظم الحياة الحضارية المتطورة في مختلف المجالات والميادين.. مشيراً إلى أهمية موقع مدينة زبيد وسطاً بين واديين الأول يحمل اسمها والثاني وادي رماع كما أنها تقع بين الجبال والسهول وهي مدينة مفتوحة على العالم. ونوه بأن المؤرخين والرحالة قد اهتموا بالمدينة ذات الأرض الخصبة والفن المعماري الرفيع والبنية الحضارية المتطورة وقد سكنها مجد الدين الفيروز الذي ترك تراثاً علمياً ولغوياً عظيماً بعد أن توفي فيها. وعن الدور العلمي والفقهي لمدينة زبيد أوضح طاهر أن مدرستي الفقه والتصوف في مدينة زبيد قد اتسمتا بالتحاور والتجادل فنبغ فيها عبدالقادر الكيلاني صاحب كتاب «الإنسان الكامل» والجبرتي عالم التصوف الشهيد، والرداد والمزجاجي وابن المقري الفقيه المجتهد والبدر حسين الأهدل وغيرهم من العلماء والمؤرخين .. كما ازدهرت فيها مدارس الفقه الحنفي والشافعي وعلوم التاريخ والحديث. وأشار إلى أن أهل زبيد متحضرون مبدعون تركوا آثاراً عميقة وإبداعية في مساكنهم وبيئتهم وصنايعهم ووديانهم وفي معارفهم وفنونهم وأدبهم العربية الإسلامية.. مشيداً بالجهود التي بذلت في توثيق إرث هذه المدينة التاريخي والحضاري والحرفي والفني الغني والمتنوع وإصداره في هذا الكتاب المتميز.. متمنياً أن يتواصل هذا الجهد التوثيقي والإحيائي لكل المدن اليمنية. بعد ذلك استعرض كل من أمة الباري العاضي مدير عام الدراسات والبحوث في الهيئة العامة للآثار والمتاحف استشارية المشروع رئيس الفريق الذي أعد المسح والتوثيق للحرف اليدوية في مدينة زبيد والأخ زيد الفقيه محتويات الكتاب وخارطة المسح والتوثيق الحرفي لمدينة زبيد التاريخية والمنهجية التي اتبعت في العمل.. كما عرضا بالصور لنتائج المسح والتوثيق.