اعتبر الدكتور أحمد السليماني عضو فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني أن مفهوم الدولة بمعناها الحقيقي في تاريخ اليمن القديم والحديث لم يكن موجودا على أرض الواقع. وقال في تصريح ل" 26 سبتمبرنت " في العام 90 بعد الوحدة مباشرة كان يمكن أن تتأسس دولة حقيقية ذات هوية واحدة يفتخر بها اليمنيون جميعا في الشمال والجنوب, لكن للأسف كان هدف الوحدة آنذاك بيد أشخاص وجماعات وليس كما يبغي أن تكون هذه الوحدة ولم تكن أيضا ملبية لطموحات الشعب اليمني عموما, لذلك جرى تأسيس نظام حكم مغاير لما كان ينبغي أن تؤسس به دولة الوحدة , حيث تم تأسيس نظام حكم خاص للأفراد ولمناطق قبلية معينة تسيدت فيها جماعات من هذه الفصائل التي أشرت إليها ومن زعماء القبائل والمناطق ومادون ذلك لم يكن ذا أهمية. وأضاف " هذا الأمر تم تأسيسه كفكرة أولا ثم تأسس كثقافة, ومن المؤسف جدا أن كثيرا من الناس في مناطق مختلفة انصاعوا إلى هذا الأمر ومنهم من وقع تحت إغراء المال والسلطة والتمثيل لمناطق معينة وارتضى لنفسه هذه الإغراءات دون يلبي احتياجات المنطقة التي يمثلها, فيما الجزء الآخر لم يكن حاضرا هذا الأمر في ذهنه بل كان ينساق وراء الوحدة كمفهوم وليس كحقيقة واقعة, وليس كمؤسسة واقعية. وقال " عندما نقول الوحدة كمؤسسة يعني أن نؤسس لهذه الوحدة في جميع المجالات والدليل على ذلك أن الجنوبيين لو كانوا انضووا تحت مؤسسة الوحدة الحقيقية لما تمترسوا الآن وراء مواقع الانفصال والجنوبية لأنهم رأوا من يمارس ضدهم الانفصال من مراكز سلطوية معينة في صنعاء والاتجاه نحو الشمالية وإهمال الجنوب ". وأشار إلى أن ذلك لا يعني أن كل أبناء الشمال مارسوا ذلك ضد الجنوبيين بل كان ذلك شبه ثقافة سائدة في أن الجنوبيين ليس لهم حضور ولا أحد يهتم بهم وإنما الاهتمام بمناطق معينة ذات نفوذ سياسي قبلي عسكري لذلك شهدت الدولة نوعا من التفكك. غير أن السليماني استدرك ذلك قائلا " في الجنوب قبل الوحدة كان هناك دولة لكنها تعرضت لهزات بسبب أحداث العام 1986م وفي الشمال كانت هناك شبه دولة لكنها كانت قائمة على المناطقية وعلى استقلالية القبائل وشيوخها على اعتبار أنهم جزء منها وهي جزء منهم وبعد الوحدة أصبح مفهوم الدولة قائما على القوة العسكرية وليس القوة الإدارية والاقتصادية والثقافية. وشدد السليماني على أن مفهوم الدولة بشكل عام يفترض وجود مؤسسة قانونية تفرض نفسها على الكل أمام هذه المؤسسة , بما في ذلك من يحاول الإضرار بهذه المؤسسة فلا بد أن يعاقب ويحاسب كائنا من كان, وأن يتم بناء نظام قضائي قوي جدا وعادل وأن تكون السلطة التنفيذية سلطة شعب وسلطة قانون وليس سلطة أفراد وتلفونات وإغراءات, لأن المؤسسة القانونية هي التي تفرض القانون على الناس بالعدالة وبالأشياء الصحيحة وليس بالأشياء الخاطئة ". وتابع" مثلا عندما يقوم شخص بقتل شخص آخر دون أن يعاقب فكيف يمكن أن تقوم دولة حقيقية في ظل هذا النظام ولا بد أن يتأسس اقتصاد قوي عادل ويعطي فرصا متكافئة لكل أبناء الشعب لأن المرء إذا أعطى أقاربه وترك جيرانه فهذه مشكلة وإن أعطى جيرانه وترك الآخرين فهي مشكلة أيضا ولذلك يجب أن يتم ذلك بحسب الكفاءة والاستحقاق في هذه الوظائف أو تلك, وما يؤديه الشخص يكون خدمة للوطن. ونوه إلى مسائل كثيرة فيما يتعلق ببناء الدولة وهويتها, وقال " عندما يتهرب البعض وهو خارج اليمن من القول أنه يمني فهذا مؤسف جدا باعتبار أن من يقابلهم سينظرون إليه من منظور الفقر والأمور المادية, فيأخذ لنفسه هوية إقليمية , مع أننا بإمكاننا بناء البلد وتقديم أنفسنا للآخرين بقوة وجعل الآخرين يحترموننا إذا ما نحن أحسنا التصرف في الداخل كما نحسن التصرف في الخارج. واختتم السليماني تصريحه قائلا" إن الذين دمروا الوحدة ودمروا الدولة هم الذين لن يسمحوا ببناء دولة في المستقبل".