- تعاملت الأحزاب مع الوحدة وفقاً لتكويناتها الأيديولوجية ومصالحها المستقبلية - الناصرية والبعثية وجهتا ضربات موجعة للمواقف السياسية الوحدوية أكد الأستاذ عبدالقادر عبدالرحمن باجمال الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام : أن الوحدة اليمنية شكلت عنصراً مهماً لاستقرار منطقة الجزيرة العربية والخليج ، وقال باجمال في الندوة التي نظمها معهد الميثاق الأحد الماضي بصنعاء تحت عنوان «الوحدة اليمنية في عامها السابع عشر» :إن الوحدة اليمنية نقلت علاقات اليمن مع جيرانه في دول مجلس التعاون الخليجي من علاقات الجيرة إلى علاقات الشراكة. كما استعرض في محاضرته مفهوم الوحدة ومراحل الوحدة اليمنية والصعوبات والعراقيل ، المحلية والإقليمية والدولية والتي أخرت اعلان ميلاد الوحدة اليمنية إلى الثاني والعشرين من مايو 1990م. مفهوم الوحدة نجتمع اليوم في رحاب هذا المعهد الذي تأسس باسم الميثاق الوطني ذلك الميثاق الذي مثل أول وثيقة وحدوية حقيقية ، بالمقارنة مع كافة الوثائق التي عرفناها للأحزاب السياسية القومية والأممية والإسلامية. ونستطيع أن نقول إن أول وثيقة تحدثت بعمق فكري وسياسي وأيديولوجي هي الميثاق الوطني ، والتي لم تكن إلا من صنع رجال آمنوا بالوحدة وجعلوها قضية أساسية من قضايا الشعب اليمني بكل فئاته وكل الوانه السياسية وأجياله المتعاقبة. لم يكن مفهوم الوحدة مفهوماً موحداً عند اليمنيين في ظرف معين ، وإن كان هذا المفهوم مفهوماً واضحاً وموحداً في ضمير الشعب اليمني بأسره ، لكن لدى النخبة ولدى السياسيين الأمر مختلف ، وهو مختلف بسبب بسيط ، أن اكثرنا جاء في أعقاب المد النهضوي الذي شهدته مع بدايات حركات التحرر الوطني من أجل الاستقلال ومن أجل التحرر ، وجدنا أنفسنا امتداداً للفكر القومي على مستوى حركات القومية العرب أو على مستوى البعث ، أو على مستوى الحركة الدولية الأممية الاشتراكية أو على مستوى الحركة الإسلامية والمتمثلة في الأساس في تيار الاخوان المسلمين. وعندما نقرأ موضوعات الوحدة اليمنية نقرأوها من زوايا مختلفة ، وذلك وفقاً للمنابع الفكرية والسياسية لهذا الحزب أو ذاك ثم عندما تحول هذا الحزب أو ذاك إلى نظام حكم بعد الاستقلال الوطني أصبح أيضاً هذا المفهوم معقداً جداً إلى أبعد درجات التعقيد ، خاصة وبصراحة لما جرى من انقلاب في يوم 22 يونيو 1969م بما معناه أنه تم تكوين النظام السياسي الشطري في الجنوب تكويناً ايديولوجياً معيناً أي أن نظرته للوحدة غير نظرة أولئك الأوائل الذين استبقوا الاستقلال الوطني ، وهذه مسألة مهمة يجب التحدث عنها وسوف نجد أن لكل تيار سياسي مشروعه الخاص في مفهوم الوحدة من جهة ، ومشروعه الخاص في أقام الدولة الشطرية من جهة أخرى ، حيث نجد أن البعث بأنه إقامة نظامين كاملين لايتوحد في داخله ، وإنما كل واحد يبتلع الآخر ، ونرى ذلك أن حركة القوميين العرب تريد أن تعطي نموذجاً وسطياً بين الناصريين في مصر عبدالناصر وبين البعثيين في سوريا والعراق. تحول 1967م الخطير وما حدث في 67م كان تحولاً خطيراً في كل الحركة السياسية وفكرها القومي خلال ذلك الوقت ، ناهيك عن الوحدوي الوطني فنجد الأمر أصبح معقداً جداً وكان هناك من يسعى إلى إقامة النموذج الخاص به وبالتالي هذا النموذج يتلون بتلون الايديولوجيا بتلوين السياسة أيضاً يتلون بموقع هذا النظام أو هذا الحزب في منظومة الصراع الدولي والحرب الباردة. إننا أمام اشكاليات كبيرة ، ونتجه نحو الواقع اليمني بصورة مباشرة ، في مفهوم الوحدة اليمنية لدى التشكيلات السياسية الموجودة على الساحة اليمنية ككل ، نجد الصورة التالية واضحة كل الوضوح ، حرب 1967م العدوانية على مصر والأمة العربية من قبل اسرائيل كانت فيصلاً مهماً في الفكر القومي وفي قضية المناطق السياسية بصورة عامة لكل القوى ، بل وجهت لحركة القومية وحركة الناصرية على وجه الخصوص ثم البعثية كمرحلة ثانية ثم وجهت ضربة للمواقف السياسية الوحدوية ، وللقومية العربية بصورة عامة. هذه الاشكالية التي كانت موجودة ليست بعيدة على الاطلاق عن الصراع الدولي في المنطقة وعلى وجه الخصوص ماسمي لاحقاً في مفهوم الفكر السياسي في الحرب الباردة. الحرب الباردة والحرب الباردة أديرت بطريقة غير مباشرة مباشرة ، وإنما بواسطة مفاهيم مختلفة وبواسطة مندوبين لهذه القوى ، سواءً على مستوى الدول أو على مستوى التنظيمات السياسية والفكرية. ولانجد في ميثاق حركة القومية العرب وبدرجة أساسية في حركة جبهة التحرير أو تلك الحركات التي تعتبر امتداداً للناصرية والبعثية في بعض الأحيان وحسب الأحوال ، وانها كانت بدرجة أساسية الضربة القاضية من أجل ايقاف التضامن القومي ، أن يذهب عبدالناصر إلى اليمن وإلى خارج حدوده ، فهذا لايمكن السكوت عليه ، لذلك ينبغي أن يوقف كما أوقف محمد علي باشاه ومع ذلك أعاد الكرة هذه المرة صدام حسين ودخل إلى الكويت ، لذلك لن يسمح لاحد وفي ظل الحرب الباردة سواءً كان من الشرق أو الغرب أن يكون هناك ثمة تفكير خارج حدود الإقليم ، وخارج الحدود القطرية ، وهذه المسألة بدأت مبكراً وليس من اليوم ، وهي قضية معروفة تماماً ، حتى أنه بعد نهاية الحرب العالمية الأولى جرى اغلاق منافذ الزحف القومي من دولة إلى أخرى كما حصل بين المانيا وفرنسا ، رغم الاحتلال الذي دام أربعين عاماً ، ولم يعمل الفرنسيون شيئاً ، إلا الذين فقدوا وحدة أرضيهم وترابهم لن يعملوا شيئاً أيام نابليون الثالث إلى أن وضعوا شريطاً اسود على قوى النصر ، حتى يقولوا إن هذا القوس حزين ، لأن جزءاً من التراب الوطني ذهب. تأثيرات الحرب الباردة على الوحدة جاءت التأثيرات المباشرة للحرب الباردة في قضية الوحدة اليمنية بصورة هي من ثلاثة نماذج من منظور المانيا الشرقية الغربية والتي كان لها نفوذ فكري وأمني وسياسي في الجنوب بعد 22 يونيو 1969م والمنظور الآخر هو المنظور الفيتنامي والمنظور الثالث هو الكوري القائم في هذه اللحظة ، وكان المنظرون يرون بأنه يمكن اعتماد النماذج الموجودة ، فكان النموذج الأول هو تكريس لفكر يقول إن الاشتراكية المنتصرة تستطيع أن تسحب الرأسمالية المنهزمة في أحد الشطرين ، الاشتراكية منتصرة والرأسمالية منتصرة ، الجميع مهزوم أمام الشعب اليمني الذي يريد الوحدة بعيداً عن الايديولوجيا وبعيداً عن أي فلسفات أخرى. فالواقع اليمني قد فرض وجوده على الحركة كلها منذ عام 1948م حتى اليوم فدائماً مايفرض حضوراً في هيكلياته ، وبناءاته الفكرية والسياسية والاقتصادية ، وبصورة عامة فهي متخلفة مهما تلونت ومهما أعطيت لها من الوان عديدة. كان المفهوم الذي ساد في أدبيات الجبهة القومية ، التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية التي دخلت فصائل العمل الوطني كما تفهم في ذلك الوقت بالبعثيين بالإضافة إلى الاتحاد الشعبي الديمقراطي ، وهما ماركسيان ، لكنهما مستنيران إذا أخذنا بصراحة فكر عبدالله باذيب بدرجة أساسية في تأصيله لمفهوم الوحدة اليمنية ، وفي مقال له كتبه على مرور عام لثورة 26 سبتمبر المجيدة ، كتب رسالة موجهه للثوار في صنعاء ، يفهم حقيقة معنى الثورة في مجتمع متخلف ويفهم ماهي متطلبات هذه الثورة ، هذه وثيقة مهمة جداً كتبت منذ وقت مبكر قبل ثورة 14 اكتوبر 1963م الخالدة ببضعة أشهر. كان مفهوم باذيب بدرجة أساسية أن الوحدة الوطنية الداخلية أولاً هي شرط أساسي لأية وحدة ، وعنده تحالفات مهمة جداً في إطار جميع الطبقات الاجتماعية وكان بدرجة أساسية يرتكز على البرجوازية في المدينة باعتبارها المنطلق الرئيسي لتكوين مجتمع حديث ، لأنه يرى حرية برجوازية ، وأنما يرى مفهوماً آخر يمكن ما قبل القطاع في ذلك الوقت حسب مفهومه هو ، لأني أحاول أن أقرأه قراءة خاصة. لماذا تأخرت الوحدة عن 67م هكذا بدأ التفكير أنه في 67م تخرج القوات المصرية وعلى وجه الخصوص أنه في الساعات التي يخرج فيها آخر جندي مصري من ميناء الحديدة يخرج آخر جندي بريطاني من مدينة عدن الباسلة ، هذه صفقه دولية أو إقليمية في ذلك الوقت القوى الإقليمية ضعيفة ، بعد 1967م لاتستطيع أن تعمل صفقات من هذا النوع ، ولن تستطيع الخروج من مشكلة النكسة ، لأن الكل مهزوم على الأرض وفي السماء وفي العقل وفي كل شيء ، وهذه القضية من المهم التمعن فيها ، اتفاق دولي ، وسايكس بيكو جديد وتقسيم مناطق النفوذ ، الانجليز يخرجون ويسلمون اليمن لمن ، ليس للوحدة اليمنية التي ينبغي أن تكون عشية الاستقلال ، لانعلن جمهورية اليمن الشعبية ، وإنما جمهورية واحدة ، ولكن في ذلك الوقت بعد خمسة نوفمبر 67م تعلمون أن هذا الذي سمي بالانقلاب 67م كان صراعاً إقليمياً بعثياً ضد الناصري ضد الرئيس جمال عبدالناصر ، وأول من أذاع البيان كما تعلمون يحيى الشامي ، وهذه حقيقة للتاريخ ، وهذه الحقيقة الباردة التي ينبغي أن نتفهمها بطريقة واضحة ، قالوا في حينها ونحن مازلنا طلبة ، وأنا بالذات كنت حينها مغترباً عاملاً في ورشة نتساءل لماذا لم تقم الوحدة ، وكان الاخوان في حركة القومية العرب يشرحون لنا عن ذلك ونحن كنا في مدينة الخُبر في احدى العمارات التي تعرف بعمارة الجفاري كنا نجتمع في احدى الشقق وياتينا المرحوم ماجد ابو شرار ، كان عضو القومية العربية قبل أن ينتقل إلى فتح ، كان يقول لنا إن هناك صعوبات جمة لعدم امكانية تحقيق الوحدة اليمنية لأن البعثيين استولوا على السلطة في الشمال ، أو مامعناه أن الجو العام كله كان في صراع بين عبدالناصر وبين أصحابه . إذاً البعثيون قدموا إلى السلطة وازاحوا الحركيين كما كان يطلق عليهم في ذلك الوقت ، وأنه لايستطيع أحد أن يسلم سلطة الجنوب الشعبية لأي تنظيم لأن الصراع الملكي والجمهوري مازال قائماً ومازال هناك مسافات أن تكون السلطة الوطنية في شمال الوطن وأن تصون الوضع في الشمال ، ناهيك عن الوضع الجديد في جنوب الوطن وهو الاستقلال. إن ذلك قد يكون مبرراً معقولاً ، لكن في نفس الوقت كانت مشاعر الشعب اليمني ورجاله يقاتلون في نقيل يسلح أصحاب ردفان والضالع وعدن ومن مختلف المحافظات اليمنية ،كانوا يقاتلون مع الجمهورية ، وهذا كان بنفس الوقت الذي كان فيه جزء من الجنوبيين يفكرون في كيفية اقامة دولتهم النموذجية وجزء آخر كان يرى أنه ينبغي أولاً التخلص من الإمامة ومن الاستعمار في آنٍ واحد ويتم إعلان الدولة الموحدة. محتويات الفكر السلطوي هذه الاحداث موجودة في تاريخنا المعاصر وينبغي أن تقرأ قراءة جيدة ، ولانستبق الأحداث ، ولكن كل ما أريده أن أفتح الأذهان إلى محتويات الفكر النخبوي السلطوي الذي تواجد في شمال وفي الجنوب على حدٍ سواء في ذلك الوقت ، في ظل مفاهيم دولية معقدة ، حيث ذكرت سابقاً أن هناك ثلاث نماذج تم دراستها هي النموذج الألماني الشرقي الغربي ، والنموذج الفيتنامي والنموذج الأخير هو الكوري . التقسيم الالماني جرى بفعل حرب عالمية ، ثانية ، حرب قامتها المانيا ضد الآخرين ثم انكسرت حتى تقسمت ، وقال لاحظوا إن مشاعر القوميين النازحين في المانيا لما كانوا يريدون أن تحتل المانيا من روسيا أو أن الطرف الغربي بما فيهم امريكا ، القادمة من جنوب الاطلسي ، كانت قد أعطيت التعليمات من موقع معين في المانيا في برلين ، يقال إنه أما أن هتلر قد قتل أو حرق أو أن أحد قادته قال لجنوده انسحبوا من القرى الفرنسية والامريكية ولا تسمحوا للروس أن يدخلوا إلى أرضنا ، وقد وصلت الدبابات إلى بوابة ليبنرج وهناك وقف الزحف ، وتم الاتفاق على تقسيم المانيا ، دولة شرقية وأخرى غربية ، لكن كان الوطنيون في لحظات حاسمة ، رأوها أن تكون غربية انجلو ساكسون من بينهم الانجليزي والفرنساويون والقادمون من جنوب الاطلسي الامريكان ، وهذا حصل من خلال الوقائع العملياتية العسكرية داخل برلين. لذلك مفهوم الوحدة مختلف قالوا حتى أن هتلر عندما اراد أن يهاجم التشيك كان يحب الكرستال التشيكي فمنع طائراته من قصف الكرستال ، رغم القرار باجتياح براغ فكانت الحكومة التشيكية ذكية ،حيث سلموا أنفسهم وذهبوا إلى لندن ، حتى لايُهدم هذا البلد الجميل. إذاً هذه قضية في المسار التاريخي لمفهوم الوحدة حتى عند اشرس الناس بيقراطية عسكرية وديكتاتورية ، لذلك لنأخذ مفهوم الوحدة تحت شعار أن الحزب الألماني الاشتراكي الموحد طرح هذا الشعار ، ونتبناه نحن في اليمن ، وهي انتصار الاشتراكية في مكان ويجر بقية الشعب إلى هذه الاشتراكية ، وبالتالي اختاروا هذا النظام والتوحد البلاد . شرط مسبق الوحدة لكن شكل هذا النظام كان شرطاً مسبقاً ، ليس الوحدة شرطاً مسبقاً وإنما النظام هو الشرط المسبق للوحدة ، إذا جاء الشعار وهو ذلك الحزب الاشتراكي وما قبله بالطبع أنه وحدة فصائل العمل الوطني أو إداة الثورة اليمنية ، وقد سميت هكذا وحدة الاداة ، إذا توحدت الاداة الحاملة للوحدة اليمنية فإن البلاد سوف تتوحد وبالتالي فإن الحزب الاشتراكي الألماني الموحد له تأثير كبير على هذا الموضوع ، لأنه نحن نسعى لوحدة المانيا لكي تنتصر الاشتراكية من خلال انتصار الاشتراكية في الشطر الشرقي ، وبالتالي تأتي الطبقة العاملة الألمانية وجماهيرها للوحدة تحت راية الاشتراكية ، إلى درجة أنهم بالغوا بعد ذلك في الأنقسام بأن قالوا إن اللغة الشرقية هي غير اللغة الغربية وهي اللغة الألمانية ، وذلك لأنها أخذت ملامح جديدة ودخلت عليها بعض المفردات الجديدة غير المفردت الموجودة في الغرب ، إلى هذه الدرجة. النموذج الفيتنامي أما في فيتنام فالوضع مختلف ، وكانت جزءاً من حركة اليسار العربي ، كان ميالاً إلى الفكرة أو النموذج الفيتنامي ، أذكر منهم جورج بطل عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الألماني قال: لماذا انتم لاتقيمون مثلاً كياناً مثل الجبهة الشعبية في فيتنام من أجل تحقيق الوحدة ، وقيل له في ذلك الوقت ، لكن لايوجد مبرر ، لأنه لايوجد استعمار في الشطر الشمالي من الوطن ، وإنما يوجد نظام وطني لكن وجود الأمريكان في الجنوب الفيتنامي اعطى مبرراً ، لدمج شعار التحرير والوحدة في آنٍ واحد ، فكان هذا الشعار شعاراً معقولاً «التحرير والوحدة» دخلت فيها كل التيارات الدينية بما فيها البوذيون ، أولئك الذين يلبسون اللون البرتقالي ، وحليقي الرؤوس داخلين مع الفيتكوم باعتبارها جبهة وطنية عريضة ، ويقاتلون ويقتلون ويحققون التحرير والوحدة لفيتنام . لذلك لايصلح لليمن نموذج فيتنام ولانموذج المانيا ، باعتبار المانيا وحدتها مرهونة باتفاق دولي ، ولهذا سميت اتفاقية الوحدة الالمانية «4+2=5» والأربعة هم الامريكان والروس والانجليز والفرنسيون + المانيا الشرقية والغربية يتحول الاثنان إلى واحد لذلك = خمسة ، هي هكذا الاتفاقية ودفعت اثمان غير عادية ، مازال المواطن الألماني يدفعها حتى اليوم ، حيث يدفع 13% ضريبة لإعادة الوحدة وذلك لأن الوحدة مطلب شعبي جماهيري ، وهذا من أجل إقامة نظام موحد في كافة مجالاته. النموذج الكوري لذلك فالنموذج الفيتنامي والألماني لا يصلحان لليمن ، أما بالنسبة لكوريا فقضيتها منتهية حتى هذه اللحظة ، أن يكون ثمة امكانية للتوحيد على هذا النحو الذي نحن فيه ، إلا بانقلاب كلي ، سياسي وايديولوجي في المجتمع الكوري الشمالي ، لذلك ليس هناك حل غير النظر إلى الواقع اليمني بعيداً عن كل التجارب المعروفة عالمياً ، وإنما النظر إلى الواقع اليمني بمعطياته المختلفة السياسية والفكرية والاقتصادية. الاحتكام إلى الشعب اليمني وأمام كل ذلك كان لابد من الاحتكام للشعب اليمني نفسه ، وإلى تاريخنا وعقائدنا ، نعود إليها بصدق لأن ذلك التفكير أدى إلى حرب جنوب جنوب ، وحرب جنوب شمال ، وشمال شمال . وتلك الحروب هي من صنع التشطير ، في المنطقة الوسطى آخر عام 1979م أو في الصراعات الداخلية الجنوبية هي أيضاً بسبب التشطير ، هذه القضية أصبحت ماثلة أمامنا ، وكان البعض يتساءل لماذا كل خمس سنوات تكون هناك دورة دموية يذهب فيها الكثير من الضحايا تبدأ من عهد قحطان إلى عهد سالمين ، ومن سالمين إلى عهد عبدالفتاح وعلي ناصر محمد ويذهب علي ناصر وعبدالفتاح ، ثم اكتشفنا أن السبب في كل ذلك هو التشطير ، أما الفروقات والصراعات والوهم الكيد نحو الصراع الطبقي كل ذلك مستورد وليس لها أي علاقة بالفكر والتكوين المحلي ، اليوم عن طريق الارادة التي تخلينا فيها في السابق عن مفهوم وحدة الفصائل أو وحدة أهداف الثورة اليمنية إلى مفهوم وحدة اليمن ، بتكويناته السياسية والاقتصادية والفكرية ، وليكون داخل هذه الوحدة شعاراً رئيسياً لنكون فيه موحدين بالوحدة ، تتكون وحدتنا الوطنية الداخلية عند تحقيق الوحدة تحت راية واحدة وعلم واحد ورؤية وطنية واحدة ، وبسبب هذه الرؤية التي لم تندمج قامت حرب صيف 94م بسبب انعدام الرؤية والفكر السلطوي الشطري الذي مازال في اعماق أولئك المتمسكين بالسلطة ، الذين يرون ومنذ وقتٍ مبكر أن الفكر شكل النظام السياسي موشر لقيام الوحدة. عادوا إليها في 94م وبعد الانتخابات وبعد الاستفتاء ينبغي أن الأمر واضح ، بما معناه أن ماترسخ في الذهن وماترسب ترسيباً قطعياً لم يستطع هذا الجيل أن ينزعه من أعماقه وظل حنينه قوياً نحو السلطة اكثر من كونه شطراً أو غير شطر بدليل أنه إذا قررت السلطة للوحدة ، فلتكن السلطة ولو بالتشطير ، هكذا أجرت الأمور ، والجميع يعرفها وعاش هذه الأحداث ، لكن الشعب اليمني وقف بكل فئاته وقواه المسلحة وقواه الحية الوطنية السياسية المدنية بكافة اشكالها حتى التقليدية وقفت موقفاً واحداً تقول الوحدة أو الموت ، الوحدة لاعودة لارجعة فيها ، لأن الوحدة قدرنا ومصيرنا وغايتنا ومستقبلنا جميعاً ، إذا نظرنا للوحدة في ظل المنطقة والإقليم كان ثمة رأيان ، حول دور الوحدة اليمنية في حركة السياسة والاقتصاد والأمن والفكر والاستراتيجيات للجزيرة العربية ، هناك جماعة في جامعة جورج تاون والذين انقسموا قسمين منهم من قال:إن الوحدة اليمنية جاءت لتقلق أمن المنطقة ، وستعمل صراعات عديدة في المنطقة ، ستكون مقلقة للغرب في المصالح الكبرى في الجزيرة العربية ، وعلى وجه الخصوص إنتاج البترول ، وهذه الدولة الفقيرة التي لايوجد لديها بترول «اليمن» قبل اكتشاف البترول ماذا يهمها ، قيل إنه يهمها أن تعمل المزيد من الفتن ، وتطرح نفسها عنصراً من عناصر الفوضى ، لأنه ليس لديها ما تخسره ، بل تشعر أن هذه الفوضى كما يسمونها اليوم هي الفوضى البناءة. وهو اخراج سينمائي أكثر منه اخراج فكري وحدثت هذه الفوضى بعد الثورة الفرنسية . الوحدة واستقرار الجزيرة والخليج أما الرأي والرأي الآخر فقال: إن الوحدة اليمنية ستكون عنصراً مهماً في وحدة جزيرة العرب ، وأنها هي بحاجة إلى جيرانها ، وأن لها مشكلات قديمة لاتستطيع أن تحلها إلا في ظل دولة الوحدة ، وخاصة حل قضايا الحدود وأنه كما قال أحد الباحثين في المملكة العربية السعودية ليس بيننا وبين اليمن خلاف سياسي ، وإنما قضية حدود لو حلت هذه الاشكالية سوف تحل كل الاشكاليات وارسل لي هذا الباحث وثيقة جميلة جداً تحليل لهذا الأمر. وكان هناك وهم لدى بعض النخبة أن الديمقراطية تفرضها ظروف أخرى محلية وإقليمية ودولية ، لكن اليمن اصلاً ويدرك الاخوان في الجزيرة أن اليمن لامناص لها إلا بالديمقراطية قبل وحدتها ، لأن الضمانات الأساسية للوحدة هي الديمقراطية ، وهذه قضية مهمة جداً ، وبالتالي لوكان ثمة خيار آخر غير الديمقراطية من أجل صون الوحدة لاغتيل هذا الاختيار ، وهذا هو خيار الديمقراطية لتجنب الفوضى التي يقال عنها إنها ربما تكون فوضى بناءة. منوهاً بأن صحة كفة هذا الرأي سيكون داعماً أكثر فأكثر للأمن والاستقرار في المنطقة. تبديد الوهم إن تبنى الوحدة اليمنية عنصر ليس فقط مفيداً لليمنيين ومصيرياً للشعب اليمني وإنما ايضاً مصيري للجزيرة العربية ، واطمأنوا لفترة طويلة كان هذا الوهم أن اليمن يمكن أن يكون عنصراً مقلقاً للجزيرة العربية ، وكانت المواقف في 64م كما رأيناها بين مشكك وبين واثق من الموقف ، لكن يعد ذلك تأكدت أنه بعد 94م مباشرة في رمضان يوم 27 فبراير 94م وقعت مذكرة التفاهم اليمنية السعودية ، وهنا وضعت افكار الوهم اوزارها ، وبدأت تتحقق فكرة اليقين من أنه فعلاً الوحدة اليمنية هي عنصر مهم وأساسي في دعم وحدة الجزيرة العربية ، ولم تمض سوى خمس سنوات حتى وقعت اتفاقية معاهدة الحدود وكان هناك ايضاً ظرف تاريخي معين خدم قضية التوقيع وهي نضج الموقف السياسي وشجاعته القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية والقيادة في المملكة العربية السعودية ، هكذا التقطت اللحظة التاريخية وهكذا جاءت موازية لتحقيق يقين آخر يقول إن الوحدة اليمنية جاءت لتضيف شيئاً للجزيرة ولاتكون عبئاً عليها ، إذاً اليوم رؤيتنا للمستقبل ، إذا نظرنا للوحدة برؤيتنا للمستقبل ، فإننا ماسنرى اليوم تعاوناً مع مجلس التعاون الخليجي يبشر أيضاً باستمرار هذه النظرية ، بل ويكرسها ويجعل منها واقعاً أصبح حياً وثابتاً في وجدان الناس وفي عقولهم وفي تفكيرهم ، كما أننا لانستطيع أن نذهب بعيداً إلى العولمة قبل أن تتحقق الاقلمة ، أيضاً لانستطيع أن ننظر إلى داخلنا فقط كجزيرة منعزلة بدون أن ننظر إلى موقعنا في الجزيرة العربية ، تكون اليمن فيها عنصراً فاعلاً ببعده التاريخي وبعده الوطني ، وبعده الشعبي والسكاني وغيره. لذلك رؤيتنا للمستقبل واقعية ليس فيه غرور.. وبالتالي يعلم الأخوان في الجزيرة أنه جاءت الألفة أوالتكافل والشراكة ، كما تحدثنا عنها فور توقيع الاتفاقية مع المملكة العربية السعودية بأننا سوف ننتقل من الجيرة إلى الشراكة هذه بالضرورة ومقتضياتها هكذا. مختتماً.. اليوم نحتفي بالعيد الوطني السابع عشر لهذه الوحدة اليمنية العظيمة والمباركة ،لسنا وحدنا الذين نحتفي بهذه المناسبة العظيمة ، وإنما يحتفي بها كل منظومة الجزيرة العربية والخليج ، لأننا جئنا إليهم وجاءوا إلينا ، عن قناعة كاملة لأن مصائرنا هي مصائر واحدة في هذه المنطقة.