قلنا لهم مرارًا وتكرارًا يا جماعة السلطة والمنصب والجاه والكرسي في الانتقالي الجنوبي: اسعوا بقوة الإرادة والحق إلى انتزاع قراركم السياسي والإداري والميداني، لطالما كل ما يعتمل في أرض الجنوب يناقض كل الأعراف والقوانين والدساتير. فمن حقكم ومن حق شعب الجنوب أن توقفوا كل هذه الألاعيب والفساد عند حدها عبر القضاء، عبر الأمن، عبر مداهمة كل مرفق لتقصي حقائق الفساد فيه ولجمها وتغيير رموزه. لكن لم نجد استجابة، كما يبدو أن الانتقالي نمر من ورق لأن ما يجري مشروع هدرة وخطابة. الناس تعيش القهر والإذلال ليل نهار من حرمانهم من الرواتب وتقسيطها بالقطّارة، وهي رواتب زهيدة هينة. الناس لم يستطيعوا حتى أن يأكلوا لقمة طيبة تحفظ لهم صحتهم. الناس تتغذى على أدنى المأكولات وتتعرّض للهزال وسوء التغذية وقلة المناعة.
فيما نجد أحد طرفي الشراكة، الانتقالي الجنوبي مفوضنا وحامل قضيتنا، متشبثًا بالتفويض سلطويًا مفلّتًا ومطّزَّزًا له ميدانيًا فيما يخص تتبع حقوق شعب الجنوب.
حقًا الجنوب يعيش مأساة يعمق جراحها قادته ومن ابنائه المشغولون بالمنافع الكرسيّة الذاتية والفئوية والمناطقية، وقالواها للأسف بملء الفم: لن نترك المنصب حتى نحقق استعادة الدولة، ومن ثم هذا الصندوق وهذا الميدان يا حميدان.
متى وقد مرت عشر سنوات عقب تحرير محافظات الجنوب؟ متى وأنتم تنظرون للحاضر المؤلم ولم تتصدوا لحل قضية واحدة سوى أنكم ترفدون الشعب بالمسكنات الخطابية؟
متى يا قومنا، يا قيادتنا، يا مفوضينا، يا مهزلة العصر السياسي الجنوبي؟!
انزلوا إلى الميدان يا حميدان أولًا وتلمسوا الواقع الجنوبي عبر قيادات المرافق. ولا تأخذوا بمبرراتهم، خذوا بالحق القانوني والقضائي والتشريعي وزمن وقت التنفيذ، وافرضوا الحق على أهل الباطل ولو كره التحالف أو من تشاركه في احتلال أرضك وشعبك ونهب مواردك.
لقد دوّختم أمة شعب الجنوب وأهلاته وأنتم تردّدون يوميًا "سترون ما يسركم" و"طلع الخبر سترون ما يعذبكم"؛ فلم نرَ سوى ما يزيد حياة الناس سوءًا وأذى ومرضًا وفقراً وجوعًا وإذلالًا معيشيًا وخدميًا، وانهيارًا اقتصاديًا. فقد ساهمتم بصمتكم المميت في تجريد الجنوب من كل أسلحته غير العسكرية، وهي الأهم، كاقتصادٍ وتنميةٍ والحفاظ على معيشة الشعب كريما عزيزا. هذه أمور لا تعنيكم كما تقولون، بل تعني من يا خجفان الجنوب.
انظروا فقط إلى رواتب الناس؛ لا زال الإصرار من قبلهم وقبلكم كشركاء على صرفها مؤجلة لشهر وشهور. انظروا فقط إلى الكهرباء: ساعتان تضاء مساكن شعب الجنوب و15 ساعة يعيش الناس في ظلام دامس. لماذا تتركون الأمور تسير إلى الهاوية وتختلقون المبررات لأنفسكم وللمحتل المتشرعن، بل حتى تساهمون في نصرة الباطل على الحق وترمون كل الأنظمة والقوانين في أقرب زبالة، لأنكم شركاء فيما يجري وارتضيتم ذلك لغرض في نفس طامعين في البقاء على مقاعد السلطة ولو على أكتاف فقر وجوع وجثث الملايين من شعب الجنوب.
أخس ويا لو ما هب، ويا عيابه عليكم وعلى فقدانكم وضياعتكم لرجولتكم وشهامتكم ومسؤوليتكم التي صارت كلها رخيصة!