اهتم الكثير من الرحالة و الباحثين العرب والأجانب بالبحث والكتابة عن مجتمع حضرموت الداخلي فضلاً عن تاريخه ، من ناحية تركيبته الاجتماعية ، ونظم العلاقات ما بين أفراده ، ونشاط أفراده في التجارة والزراعة والحرف المختلفة وانظمة الري وغير ذلك منذ زمن بعيد ولازالوا حتى يومنا هذا ، وتعد الرحلة العلمية الأولى إلى المناطق الداخلية لحضرموت التي قام بها الباحث الأجنبي أ. فون فريده في سنة 1842 م نقطة البداية لهذه الأبحاث عن حضرموت ، وتتابعت بعد ذلك رحلات كثير من الرحالة والمستكشفين الأوربيين إلى حضرموت وكتبوا ودونوا ما شاهدوه في مؤلفاتهم التي ترجمت بعضا إلى اللغة العربية . ومن الباحثين الذين خاضوا في هذا الجانب ومن أبرزهم : هويك ايفا التي كتبت ذلك في كتاب لها ( سنوات في اليمنوحضرموت )عاشت في حضرموت من سنة 1947 - 1957 م ، وميولن دانيال فان در ، ويسمان فون في ثلاثينيات القرن الماضي وكتب كتاب ( حضرموت : إزاحة الستار عن بعض غموضها ) والباحثة كآتن طمسن التي زارت حريضة أيضا وبحثت في الزراعة والري ، وهناك باحث آخر جين هانتلي تعرضت دراسته لقبيلة نهد في منطقة الكسر، والباحث الإنجليزي المشهور في حضرموت روبرت سرجنت له مؤلفات ومقالات متعددة عن حضرموت وتراثها ، و كذلك البعثات الأجنبية المختلفة التي تناولت دراساتها وأبحاثها آثار ونقوش تاريخ حضرموت القديم ، وكذلك د. سرجيس فرانتسوزوف الباحث الروسي الذي كتب عن تاريخ حضرموت وتركيبته الإثنو قبلية في العصور الوسيطة . ومن الابحاث والدراسات الحديثة الانثروبولوجية مقالة منشورة بعنوان البحث الانتوغرافي في حضرموت : نتائجه وآفاقه بقلم ميخائيل رديونوف ، وابحاث أخرى الصادرة عن المعهد الفرنسي في صنعاء مؤخراً والمعهد الإمر يكي للدراسات اليمنية ( السادة في التاريخ ) سنة 2006 م مقالة نقدية للتاريخ الحضرمي مؤلفها د. الكسندر كنيش تعرض فيها للسادة في مجتمع حضرموت وغير ذلك من الأبحاث والدراسات التي تتناول مجتمع حضرموت الداخلي وتركيبته الاجتماعية والتمايز الطبقي فيه . وذكر الباحث عبد الله البجرة الذي قام ببحث خاص عن مجتمع (مدينة حريضة ) التاريخية بوادي عمد من سنة 1961 – 1962 م وهو تلميذ المستعرب الأنثروبولوجي السياسي أ. د فيونير الذي كان يعمل في البحث في المشاهدات السلالات الأولى في مجتمع حضرموت أثنا فترة الاستعمار البريطاني في الجنوب العربي . أن مجتمع حريضة يتكون من ثلاث طبقات رئيسية : هم : السادة من نسل أحمد بن عيسى المهاجر، يليهم المشائخ في المرتبة الثانية وهم المشتغلون بالنواحي الدينية . ثم القبائل من أهل الوبر والمدر، ثم الضعفاء أو المساكين وهم فريق من القبائل الحضرمية أهل المدر ويحرم عليهم التسلح بالسلاح وليست لهم سلسلة الأنساب الطويلة. وقال د. مخائيل رودينوف الباحث الروسي في بحث له نشر عام 1985 م ترجمه د. عبد العزيز بن عقيل من اللغة الروسية ونشر في مجلة آفاق العدد 8 1985 م بعنوان: (البحث الانتوغرافي في حضرموت نتائجه وآفاق) في تعليقه على هذا (ومن الصعب أن توصف الطبقة الثالثة موضوعياً بدون الأخذ بعين بالاعتبار نظام الطوائف الحرفية التقليدي الذي لم يوضحه ( البجرة ) في كتابه لأنه كان في الأساس يبحث في طبقة سادة حريضه الذين لهم مأخذ على نتائجه حتى الآن .) وميّز (البجرة) في كتابه في الطبقة الثالثة (طبقة الحرثان ) وقال أنهم سكان حضرموت القدماء ص 17 ، 40 . وهم أهل الحرث والزراعة والحضارة القديمة من مملكة حضرموت سكان المدن والقرى الزراعية ، ولاتزال الناس يطلقون عليهم حتى اليوم (الحرث) خاصة في وادي دوعن وعمد وغيرها من الوديان . ويعتبر د. سرجيس فرانتسوزوف في كتابه (تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبيل الإسلام وبعدة) أن سكان حضرموت قبيل الإسلام وبعده توجد به مجموعتان من السكان هم: البدو الحضارم الأصل [ويقصد بهم سيبان، والصدف، والمهرة] والحضر الذين كانوا حتى العصر الوسيط الإسلامي يشكلون الأغلبية السكانية في القرى والمدن الحضرمية ، واطلق عليهم (السكان الحضر الحضارمة في المراكز الحضرية والقرى حيث المناطق الزراعية أغلب السكان) وقال أيضا: (إذْ لا تزال مسألة أصول هاتين المجموعتين[ الحضر والبدو الحضارمة البدو الحضارمة يقصد بهم سيبان والصدف والمهرة] عصية على الحل حتى وقتنا الراهن) [أنظر د .سرجيس فرانتسوزوف ،تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبيل الإسلام وبعده ص،62، 63 ، 41 ] وأن الحضارمة الحضر السكان الأصليين كانوا لا يهتمون بتدوين أنسابهم، أو أن أنسابهم في حكم غير المتصل والمختلف فيه والمفقود؛ وإن عرف منه القليل فناقص أو مختلف فيه0[ قلت: لربما لم تكن هناك عناصر أثنية – قبلية أجنبية من خارج حضرموت بعد تظهر لتنافسهم ، ولا يوجد تمايز طبقي أو عنصري بينهم أو عوامل أخرى] وفي قاع المجتمع في حريضة يقول (عبد الله البجرة في بحثة عن مجتمع سادة حريضة (يأتي بعد ذلك الأخدام والصبيان [قلت: وهولاء منقولون ارتبط ظهورهم بالصراعات السياسية القبلية على الحكم والهجرة إلى حضرموت في العصر الحديث] وذكر المؤلف في بحثة وفصل في التمايز والحدود الفاصلة بين كل طبقات مجتمع حريضة، والعلاقة بينهما على أساس التمايز، وذكر أن التمايز بين الناس الأحياء في مجتمع حريضة كنموذج لمجتمع حضرموت يكون حتى عند الأموات في المقابر. وقال لا يحق للطبقتين الفرعيتين الأخدام والصبيان أن يمتلكوا شيئاً من الأرض أو يستأجروها ص 62 . وقال أن المرفعين إلى المستوى الاجتماعي الأعلى ينسون أصولهم السابقة ويتذكرون العلاقات الجديدة التي قد انشاؤها دليلاً على موقفهم الراهن ص 112 . أما الحاجز الاجتماعي بين الطبقتين الثانية والثالثة فكان أشد بكثير من ذلك. وذكر محاولة انتقال الحرثان إلى القبائل الفاشلة ص 107 – 108 . وذكر بد ذلك تفصيلاً في عدم المساواة في الزواج باسم الكفاءة فيحق للطبقة الأولى السادة أن يتزوجوا من الطبقات الأدنى، بينما لا يحق للطبقات الأدنى أن تتزوج من الطبقات الأعلى وهكذا .... وقال د. رودينوف أن البجرة رسم لوحة للمجتمع التقليدي في حريضة القديمة. وقد مكث سنة في المدينة يرسم هذه اللوحة التي تعد نموذج للمجتمع الحضرمي في بقية مناطق وادي حضرموت في الستينات من القرن الماضي. [قلت: ولاشك أن تغيرات كبيرة حدثت في مجتمع حريضة وحضرموت عموما بعد هذه الدراسة عموماً خاصة بعد خمس سنوات من إجراء بحثه هذا باستقلال حضرموت والجنوب العربي، إذ تغيرت كثيراً من المفاهيم خاصة فيما يتعلق بالعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات في المجتمع الحضرمي ككل والجنوبي عامة فتحرر الكثير من الأرقاء والخدم والصبيان في البيوت، واصبحوا جزء مشارك في المجتمع، واسهم انتشار التعليم بشكل واسع في القرى والأرياف والمدن، والهجرة والعمل والوظيفة بشكل كبير في تجاوز الامتيازات الطبقية القديمة ، وما بقيت من ذلك إلا القليل جداً سببها الحالي التأثيرات الدينية، أو ظروف الفقر والحاجة خاصة بعد عقد التسعينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا . واصبح حمل السلاح واستخدامه مشاع بين كافة أفراد المجتمع الحضرمي. #أبوصلاح_باحث_في_تاريخ_وجغرافية_حضرموت محمد عبدالله بن هادون من صفحة تراث وتاريخ حضرموت.