منذ عام، شاركت في مؤتمر لاهاي الذي جمع نخبة من السفراء الأوروبيين والعرب، ونائب المبعوث الأممي، وأمناء الأحزاب السياسية، ونخب سياسية واقتصادية. خلال هذا اللقاء، خاض اليمنيون مشاورات شملت كافة المحاور السياسية والاقتصادية والبيئية وقضايا الأمن. ومع ذلك، غابت قضية تهامة عن هذه النقاشات، ليس بسبب غياب أهلها، بل بسبب قوى تسعى جاهدة لإبقاء مظلوميتها التاريخية خارج دائرة الاهتمام السياسي والعالمي. هذه القوى تعمل بلا كلل لإبقاء قضية تهامة خلف الكواليس، والسبب واضح: الظلم التاريخي الذي تعرضت له تهامة وأهلها وكانت تلك القوى شريك اساسي في ذلك الظلم الذي تعرضت له تهامة . فتهامة تعاني من تهميش اقتصادي واجتماعي وسياسي على مدى عقود. وأهل تهامة يعيشون في ظروف قاسية، حيث تتدهور البنية التحتية وتفتقر لأبسط الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية. هذا التهميش ليس جديدًا، بل هو نتاج سياسات ممنهجة تهدف إلى إبقاء المنطقة في حالة من الفقر والعزلة. تهامة لم تُمنح الفرصة لتطوير قدراتها الاقتصادية والزراعية، رغم أنها غنية بالموارد الطبيعية وتتمتع بموقع استراتيجي على البحر الأحمر.
تهامة ليست مجرد منطقة جغرافية في اليمن، بل هي محور استراتيجي للأمن والاستقرار في اليمن والإقليم. بفضل موقعها المطل على البحر الأحمر، تشكل تهامة معبرًا هامًا للتجارة الدولية والطاقة. واستقرار تهامة يسهم في استقرار اليمن والمنطقة ككل. لذلك، تجاهل قضية تهامة في أي مفاوضات سياسية يعد خطأ فادحًا قد يؤدي إلى استمرار الصراع وزعزعة الاستقرار في اليمن.
ويجب أن يسمع الإقليم والمجتمع الدولي والقوى السياسية رسائل سياسية من تهامة.
الرسالة الأولى: تهامة ليست قضية محلية فقط، بل هي قضية وطنية وإقليمية. واستقرار اليمن يعتمد بشكل كبير على حل القضية التهامية وفق رؤية تهامة وإدراجها في الحلول السياسية. الرسالة الثانية هي أن أي حل يجب أن يكون شاملًا، يتضمن جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. لا يمكن تحقيق سلام دائم في اليمن دون تحقيق العدالة والتنمية في تهامة.
ولا يمكن أن يكون هناك حل سياسي مستدام في اليمن ما لم تكن قضية تهامة جزءًا لا يتجزأ من أي اتفاق. يجب أن يشارك أهل تهامة في جميع مراحل الحوار السياسي، وأن تكون لهم كلمتهم في اتخاذ القرارات التي تخص مستقبل منطقتهم وبلدهم. أي اتفاق سياسي يجب أن يتضمن ضمانات لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية في تهامة. إشراك أهل تهامة في الحلول السياسية هو السبيل الوحيد لتحقيق التوازن والاستقرار في اليمن.
وأخيرًا، تظل قضية تهامة ومظلوميتها التاريخية حجر الزاوية في أي حل سياسي في اليمن. يجب على القوى السياسية الداخلية والخارجية أن تعي أن استقرار اليمن يعتمد بشكل كبير على تحقيق العدالة والتنمية في تهامة. ولا يمكن تحقيق السلام المستدام بدون إشراك أهل تهامة في الحلول السياسية وضمان حقوقهم ومصالحهم. تجاهل قضية تهامة يعني استمرار الصراع وعدم الاستقرار في اليمن، وبالتالي يجب أن تكون هذه القضية أولى الأولويات في أي حوار سياسي يمني.
إن تحقيق السلام والاستقرار في اليمن يتطلب الاعتراف بمظلومية تهامة والعمل الجاد على تحقيق العدالة في هذه المنطقة المحورية. لن يكون هناك استقرار حقيقي دون إشراك أهل تهامة في الحلول السياسية وضمان حقوقهم ومصالحهم.