طالما افترق اليمنيون وتفرقوا, واختلفوا وتخالفوا, وطالما طال بهم الشتات, وباعد بينهم الفتات, فرقتهم السياسة النجسة للإدارة الفاشلة التي استباحت دمائهم وداست كرامتهم . لكن الإباء والنخوة والكرامة تأبى أن يطول الشتات, ويستمر الفراق., ولابد لتلك الدماء الزكية التي اريقت على تراب الحرية في جمعة الكرامة , أن تكون سببا يجمع اليمنيين على مبدأ الوطنية والسلامة , نعم لقد آن لهذه الدماء ان تكون سببا للم الشمل , وردء الصدع , وتطبيب الجراح. لقد كان اختيار هذا اليوم - 18 من مارس- للحوار الوطني موفقا, ومدروسا بعناية , ليكون نقطة تحول وانطلاق لليمن واليمنيين , وكما أنه الذكرى التي لن ولن ينساها اليمنيون , فهو يوم الانتصار للشهداء والجرحى - وإن حضر فيه احفاد ابن العلقمي وابن سلول وابن الاحمر والابيض والاسود. والأسر والعوائل الحوامل بالحقوق والحريات والاموال العامة وممن تلطخت أيديهم بدماء اليمنيين – لكن جمعة الكرامة هي من كانت تديره وتزمجر فيه !!. ورغم الشوائب والمواجع التي بدا بها الحوار من عدم تمثيل لائق لأمهات الشهداء والجرحى وأبطال الساحات من الاعين الساهرة والجباه الساجد والايدي الرحيمة!! . إلا أن الحوار كان لابد له أن يبدأ ويستمر, وتصحح بعد ذلك المسارات وتغير الاطارات لكن على عربة جديدة ويمن جديد. لقد كانت جمعة الكرامة في قصر الرئاسة حاضرة شامخة , وكان يوما ثوريا بامتياز , وإن لم يكم على المستوى اللائق بالثوار, لكنه يوم مشهود انتصر فيه المواطن المسالم على القاتل الغاشم, وتغلبت فيه الكلمة الصادقة الحرة, على الرصاصة المارقة الحارة وهو اليوم الذي تغلبت فيه حكمة الشعب الحكيم , على حاكم الشعب اللئيم. كلمة الرئيس هادي, وكلمة بن عمر -التي كتبت بمداد الكرامة - ووقفة الحداد وقراءة الفاتحة على ارواح الشهداء, لن تمر بسلام على المخلوع وبلاطجته وسيذوق منها صالح ومن معه شتى ألوان الرعب والمرارة التي لن تفارقهم حتى ينالهم قصاص الارض وعدالة السماء!!. كما ان المشهد لن يكون عابراً! حين يشاهدون مؤتمر الحوار الوطني يدار من المكان الذي كان يعلو فيه هبل ويصدر فيه قرار القتل والاجرام, ذلك المكان الذي كان يعد فيه طعام السفهاء , ويجتمع فيه المنافقون حول ابن سلول ,لإدارة معركة الدماء والاشلاء ,ثم توزع فيه بعد ذلك صكوك التوبة والغفران لمن انسلخ حياءه وباع كرامته وتنازل عن ادنى اخلاقياته وتخلى عن بني جنسه, ذلك المكان الذي كانت تسدد منه رصاصات الغدر والعدوان على صدور الطهر والنقاء والوطنية, المكان الذي تطاولت منه الألفاظ الساقطة على بنت اليمن الحرة الطاهرة العفيفة.المكان الذي تعفن ما فيه ومن كان فيه من التخمة والسحت لثلاث وثلاثين عام . المكان الذي انتهكت من داخله حرمة ابناء اليمن واعتدي على كرامتهم في جمعة الكرامة , التي راح ضحيتها 52 شهيدا ومئات الجرحى . لقد ابت الدماء الزكية التي سالت من الاجساد الطاهرة إلا أن تطهر هذا المكان من كل الاوساخ , ليكون نقطة تحول ونقطة انطلاق – وإن كانت ليست على المستوى اللائق بشهداء الكرامة- بل لقد كانت دماء الكرامة تغلي تحت البركاني و تحركه من مكانه . بل لقد كانت تخنقه وهو يضطرب يمنة ويسرة لا يدري أين يضع لفافة الورق -التي بيده- فوق رأسه أم تحت قدميه وكأنها كانت حملاً ثقيلا أتعب كاهله !! . إنها الدماء التي لن تجعله يهدأ !! . إنها الدماء التي لن تجعله يرتاح !!.
انها الدماء التي لن تتوقف عن الغليان حتى تكون بركاناً يثور على القتلة والمجرمين !!. بركاناً احمر لا يبقي و لا يذر!!