قال رئيس هيئة الاصطفاف الشعبي الأستاذ يحيى العرشي,إن الاصطفاف الوطني هو من أجل اليمن بشعبه وأمنه واستقراره ونظامه الجمهوري وثورتيه سبتمبر واكتوبر وكل المكتسبات. وأكد في حوار مع أسبوعية "الصحوة ",تعيد "الصحوة نت ",نشره,أن أي قوى لديها سلاح يجب أن تدرك أن هذا يتنافى مع شرعية البقاء,مضيفاً "علينا أن نوصد الباب أمام مشاريع القوى الخارجية فاليمن لا تحتمل أن يكون هناك تدخل خارجي يتصل بمشاريع مذهبية أو طائفية أو فئوية. حوار/ عبدالله المنيفي * بداية وأنت واحد من الذين ناضلوا من أجل تحقيق الوحدة عبر مشاركاتك في لجان تحقيق الوحدة وتسنمك مناصب تتعلق بالحوارات الوحدوية.. هل يمكن أن تطلعنا على أبرز الجهود التي بذلت في هذا الإطار والمعاناة التي عاناها المناضلون اليمنيون وصولاً إلى توحيد الوطن؟ - الحديث في هذا يطول وظروف اليوم ربما تشغلنا جميعاً في الحديث عنها، لكن كلنا في اليمن نعرف بأن خطوات الوحدة اليمنية لم تأت من فراغ تكن خالية من التضحيات والجهود والمحطات المهمة، ولعلنا نتذكر جميعاً بأن المحطات الوحدوية بدأت منذ بداية الاستقلال ما بين النظام في الجنوب والنظام في صنعاء، ولكن الخطوات التي سبقت الاستقلال في الجنوب كانت أكثر بكثير، في سبيل تحقيق الاستقلال وانتصار ثورة اكتوبر وثورة سبتمبر وتحقيق الخروج من الاستبداد، واقامة النظام الجمهوري في اليمن، أما المحطات الوحدوية بعد الاستقلال بدأت في 1967 تتمثل في: إما مواجهات مؤسفة في 72 و97م وما خلقت تلك المواجهات من اقتناع كامل بأن الحوار بين أبناء الوطن هو قاعدة مهمة، وأن الحوار هو الذي يؤدي إلى نتيجة، وهو ما اخذت به اليمن بقيادتيه في صنعاءوعدن أن الحوار هو الطريق للخروج من الواقع التشطيري والوصول إلى الهدف الوحدوي، وهذا ما تم عبر القيادات السابقة أكان في صنعاء أو في عدن، واخذنا بتجربة المجلس اليمني الأعلى لسنوات، وهذا المجلس مثل نقلة تشطيرية في اتجاه الوحدة، وكان يرأسه رئيسي الشطرين، ومجلس وزراء مشترك وعدد من الشركات والمؤسسات، وأعداد هائلة من اللجان التي انبثقت من اللجان الوحدوية التسع التي بذلت جهد من الحوار من 1972 حتى تمت الوحدة، بما في ذلك إعداد مشروع دستور دولة الوحدة الذي بقي في الأدراج تسع سنوات حتى تم اخراجه والاتفاق على استعادت الوحدة اليمنية في 30 نوفمبر 1989، ومن ذلك الاتفاق في عدن مضت الخطوات الوحدوية في اتجاه تحقيق الوحدة في 22 مايو 90، هذا ما حدث بايجاز، وكان هذا اليوم تتويجاً للجهود المضنية للقيادتين، وللتضحيات التي شهدتها اليمن، وحتى للصراعات السياسية سواء في عدن أو في صنعاء، كانت كل هذه الظروف تدفع باتجاه استعادة الوحدة اليمنين. * ما الذي أحدثته الوحدة من تغييرات في الواقع والبنية السياسية اليمنية؟ - نستطيع أن نقول أن الوحدة اليمنية هي المنجز الكبير للشعب اليمني، وهو الذي وضع اليمن في واقع جديد، ومن ثمرة هذا الواقع الأخذ بالخيار الديمقراطي والتعددية السياسية، بمعنى أن ينتهي نظام الحزب الواحد في الجنوب، والمؤتمر الشعبي في صنعاء، والأخذ بخيار التعددية، وكان هذا مكسبا كبيرا في ظروف سابقة لما شهدته الساحة العربية أن تحدث في اليمن تعددية سياسية وصحفية، كان انجازا كبيرا وهو أكبر من مكسب الوحدة اليمنية، وهو ما جعلنا نشعر بأن وحدة اليمن والتعددية السياسية والصحفية هي التي استطاعت ان تخلق مناخ لاحتضان متغير عام 2011 الذي جاء ليحتضن هذا الانجاز الوحدوي، أن يكون لدينا حزب حاكم ولقاء مشترك هو ما جعل من هذا الواقع أن يجنب البلد مآسي كثيرة وان يحتض المتغير في الساحات عام 2011 لأن تصل الأطراف إلى وثيقة التوافق السياسي والتي تمثلت في المبادرة الخليجية، وهي أصلاً مبادرة للأطراف المعنية في اليمن قبل أن تكون خليجية، ونعتقد أن الوحدة اليمنية هي التي جعلت من هذا التطور في الساحة اليمنية ان يتجنب الصراع الدموي وان يحتضن هذا التطور ويعود من جديد في حوار حول كيفية بناء المؤسسات في العهد الجديد، وهذا ما أدى إلى أن ينبثق عن طاولة مؤتمر الحوار الوطني تلك المخرجات، وما علينا اليوم إلا ان نمضي في تطبيق مخرجات الحوار بكل تعقل وتوصل. * بعد كل هذه التضحيات والنضالات.. هل تشعر أن الوحدة اليوم في خطر؟ - كل شيء في اليمن اليوم مهدد بالخطر، والإنسان بدرجة أساسية مهدد بالخطر، والمكتسبات كذلك مهددة بالخطر، وهو ما جعلنا نستنفر أنفسنا لمواجهة هذه التحديات والمخاطر، ونبذل ما في وسعنا من أجل الخروج من هذا الظرف الصعب، وهو ما دفع بالكثير من القوى الشعبية المستقلة وغير المستقلة أن تتجه اتجاه اصطفافي فيما أطلق عليه الاصطفاف الشعبي، كمحاولة متواضعة من المخلصين والشرفاء لخلق أجواء تتجه نحو المعالجات المنطقية والمعقولة بهدوء، وخالية من السلاح والدمار والدماء، هذا ما نسعى إليه، ونحن اليوم في حالة استنفار للتعامل مع هذا الواقع بجهود اصطفافية وطنية نتمنى أن يقدر لها الفعل الكامل والنجاح إن شاء الله. * ما دمت قد تحدثت عن الدوافع لإعلان الاصطفاف الوطني.. ألا ترى أن إعلان الاصطفاف جاء متأجراً وكان يمكن أن يتم في وقت مبكر قبل تفاقم المشكلات؟ - نعم أنا معك، وقلت ذلك في أكثر من مناسبة أن الاصطفاف كان يجب أن يظهر في 2011 ذلك أن لدينا الساحات واللقاء المشترك، ولدينا انقسام في القوات المسلحة، وتطورات كان لا بد أن يظهر معها الاصطفاف، وكان يمكن أن يشكل آلية للتعامل مع مجريات الأمور، ولكن لم يتيسر هذا على أمل أن المبادرة الخليجية ربما توصل إلى مسار سهل، وانما تم التوصل إليه في تشكيل حكومة الوفاق وكذلك الاتجاه نحو مؤتمر الحوار، كنا نعتقد بأنه كفيل بخلق أجواء جديدة، لذلك لم يتم الاستنفار الشعبي لخلق هذه المبادرة وبقي كل أبناء الوطن ينتظر نتائج مؤتمر الحوار ويعاني معاناة شديدة، معاناة انقطاع الكهرباء، ظروف اقتصادية ومعيشية، معاناة الانتظار والتوجس، كل هذا ونحن نقول سنصمد وستأتي مخرجات الحوار الوطني لكي تسدل الستار على هذه الأزمة ويبدأ الجهد لتنفيذ هذه المخرجات، ولكن العامل الزمني لعب دور سلبي، طال مؤتمر الحوار، وطال الانتظار حتى الآن لمشروع الدستور لما يقرب من عام كامل، وهو ما جعل الأطراف السلبية أن تمارس دور سلبي وتؤجج الموقف، ولا يعتقد كل طرف بأنه يستطيع أن يصل إلى مبتغاه من خلال خلق هذه الأزمات والظروف الصعبة، هذا ما يجعلني أقول أن العامل الزمني والانتظار الطويل هو الذي اعطى فرصة لمن يخرب أكثر مما يعطي فرصة لمن يبني. * هناك تشويش حول الاصطفاف الوطني.. بين من يقول أنه من أجل الوحدة، فهناك من يقول أنه اصطفاف مع السلطة، وآخرين يرون انه قوى واطراف ضد أخرى.. ما هو الاصطفاف الوطني الذي أعلنتم عنه؟ - اصطفاف معاً من أجل اليمن، اليمن بشعبه باستقراره وأمنه ونظامه الجمهوري، بثورتيه سبتمبر واكتوبر، كل هذه المكتسبات وفي طليعتها استعادة وحدته اليمنية التي تحققت بإرادة الله وبفضل تضحيات الشعب اليمني وهو الانجاز الذي نعتقد أنه القاسم المشترك لكل أبناء الشعب للمحافظة عليه، لأنه سيضعنا في آفاق مستقبلية للبناء والتنمية، ولولا الثغرات في التعامل مع هذا الانجاز الكبير، وهي ثغرات متعددة تبدأ بالتعديلات الدستورية إلى عدم اقامة مؤسسات دولة نظيفة ونزيهة وغياب العدالة في التعامل مع قضايا الناس في الجنوب أو في الشمال، لولا غياب البناء المؤسسي النظيف لكنا قد قطعنا شوطاً كبيراً من 1990 إلى اليوم، ولكنا وقعنا في اخطاء لا بد أن نعترف بها وجميعنا مسؤول عنها، الشعب والقائمين على الدولة، لأن الشعب كان عليه ان يستيقظ مبكرا وان يحاول رعاية هذا المولود الكبير، لكنا وقعنا في اخطاء ومن بينها مواجهات 94، التي جرت نفسها إلى أخطاء جديدة. * إذا ما الذي يعول على هذا الاصطفاف أن يحققه اليوم؟ - هي محاولة متواضعة وكما ذكرتم في وقت متأخر، ولكن الاستنفار في الظروف الصعبة هو الاحساس الوطني الصادق، بمعنى أن هذا لم يكن بهدف مصلحي وانما استنفار في حالة استثنائية، نتمنى لهذا الاصطفاف أن يخلق أجواء آمنة مستقرة وأن يسهم مع كل الأطراف ويتواصل معها ويضغط باتجاه وطني، سواء على الدولة أو على أطراف، لهذا كانت مبادرتنا قوية وواضحة للأخ رئيس الجمهورية، وللأطراف المعنية بأنه لا بد ان نمضي في مرحلة دقيقة وبإجراءات حاسمة بما في ذلك تشكيل حكومة نظيفة، ونؤكد على "نظيفة" وقوية تستطيع أن تهيئ المناخ المناسب لتنفيذ المخرجات ولاستقبال الدستور وللإشراف على الانتخابات القادمة وفقاً لما سينص عليه الدستور، حكومة قوية من كفاءات واقترحنا ان تكون دون محاصصة، بمعنى أن يكون الدور للكفاءات المستقلة بحيث تستطيع خلق أجواء مستقرة، وعلى الأحزاب أن تتنافس من هذه اللحظة مع قواعدها وتعمل بمسئولية لتهيئ نفسها للانتخابات، الحكومة المقترحة لتحقيق الاستقرار والأمان وتشرف على إجراء الانتخابات القادمة سواء على مستوى الأقاليم أو على مستوى الدولة الاتحادية أو غير ذلك، وهذا يحتاج حكومة قوية في مستوى هذه المسئوليات يرعاها رئيس الجمهورية بمسئوليته وقد وضعت فيه الثقة أن يشرف على هذه المرحلة التي تأخر انجاز ما يجب انجازه، وليس علينا الآن إلا تدارك ما يمكن تداركه ومن ثم الاشراف على الانتخابات وتنفيذ مخرجات الحوار. * وما المطلوب الآن من القوى السياسية والاجتماعية والشعبية لإنجاح مشروع الاصطفاف الوطني ليحقق أهدافه في الحفاظ على المكتسبات الوطنية؟ - المطلوب أن تبتعد كل الأطراف عن التشنج والتعصب، وأن تبتعد عن السلاح بدرجة أساسية، أي قوى لديها سلاح يجب أن تدرك بأن هذا يتنافى مع شرعية البقاء ومع ما يجب أن نكونه في هذا الوطن، ثانياً أن تلتف الأطراف كلها للاستمرار في الحوار، من لديه استراتيجيات وقناعات وتكتيكات معينة على أن يتعامل بالحوار طالما والحوار اليوم هو المطلوب، ما الفائدة من تأجيج الموقف ولدينا امكانية للحوار، ذلك أن إصلاح الأوضاع الحالية لن يتأتى بالقوة، ثم أنه كيف يمكن أن تصلح الدولة وهي حتى الآن لم تُبنى، أنت تطالب من؟ تطالب حالة استثنائية. رئيس جمهورية لمرحلة انتقالية، ظروف استثنائية لا نستطيع أن نحملها أكثر مما تستحق، نقول فقط للحكومة عليك أن تحققي الأمن والاستقرار وتشرفي على أحوالنا كي نتحاور ونصل بسفينتنا إلى بر الأمان، هذا هو الواقع، لو كنا قد وصلنا إلى الدولة القوية بما توصلنا إليه من مخرجات لطالبنا الدولة بأن تصلح خلل معين، لكن الآن الخلل عام، فكيف نطالب بإصلاح خلل معين إما في أسعار أو نحوه طالما ونحن نتجه لسد الخلل الكبير وهو الفراغ السياسي في اقامة المؤسسات، ونحن نعلم بأن الدستور شبه معلق وأن المجالس المعنية من مجلس نواب وشورى، وأنا عضو مجلس الشورى وهو معطل لم يجتمع كل المؤسسات القائمة الآن تنتظر تنفيذ المخرجات لكي تستبدل بمؤسسات ديمقراطية، لهذا أقول بان الفترة الانتقالية تتطلب فقط أن يكون لدينا حكومة كفؤة ونظيفة، وأن يتعاون معنا الموقف الدولي في هذا بتمويل ما نحتاج إليه من مال، ذلك أن وسائل الانتاج لدينا ضعيفة، فالنفط يتعرض لتفجير الانابيب وتصديره محدود جداً، والاستثمار متوقف، ومدخرات المغتربين أن تصل في ظروف صعبة واستثنائية، بمعنى امكاناتنا الاقتصادية الآن لا تستطيع أن تفي بحاجات الميزانية، ولذلك على المجتمع الدولي أن يعيننا في هذه المرحلة وأن يراقب تنفيذ العون. * هل لديكم في هيئة الاصطفاف تواصل مع الجماعات التي تحمل السلاح وتمثل تهديداً على المكتسبات.. وتحديداً جماعة الحوثي؟ - نحن الآن في بداية الطريق، تواصلنا مع رئاسة الجمهورية ومع عدد من الأحزاب ونمد أيدينا للجميع، وأعلن هنا نعد للتواصل مع الحوثيين ونعين من أجل التحاور في القضية الوطنية ان كان لديهم ما لم يمنع من التواصل ونحقق وفاق على مستوى الساحة. * هل أنت مع من يبدون مخاوفهم أن النظام الجمهوري اليوم مهدد من قبل الجماعات المسلحة؟ - كما قلت لك كل شيء مهدد ما لم يتم الوفاق وتحقيق استقرار شامل. * لكن من الواضح أن قوى خارجية لا تريد ذلك وأنها ترعى مشاريعها الخاصة من خلال هذه الجماعات. - علينا أن نوصد الباب أمام مشاريع القوى الخارجية، اليمن لا تحتمل أن يكون هناك تدخل خارجي تتصل بمشاريع مذهبية أو مناطقية أو فئوية، نحن نرى أنه ليس من الحكمة لليمنيين أو غير اليمنيين أن يتعاملوا بهذا المؤشر الخطير، علينا ان نحتكم للواقع اليمني وأن ندرك لدينا من التعدد الفكري والمذهبي ما يغني وما يثري لكن بدون تعصب، وخالٍ من أي مظاهر سلبية وفي مقدمتها المظهر العنصري. * ما تطرحه أنت هناك من لا يؤمن به.. هناك اليوم جماعة مدججة بالسلاح تريد فرض توجهها ومشاريعها بقوة السلاح. - لذلك ندعوها أن تتعقل وتتبصر في هذا المظهر المقلق للجميع، وأن يعيدوا النظر مع مجريات الأمور في اليمن، وحتى لا يصدموا بأن يكونوا وحدهم في الساحة، عليهم بأن يدركوا بأن اليمن كل اليمن يتطلب الاستقرار والحوار في كل ما يتعلق بالشأن السياسي والتنوع المذهبي وغيرها، كل هذا يجعلنا نقول بأن أي خيار لا بد أن يكون خالٍ من السلاح وبعيداً عن العنف، ومن الارتباط الخارجي أياً كان، لأنه يعني أن تدخل اليمن في منحنى خطير جداً ولنا تجارب في بلدان عربية كبيرة وقعت في خطأ النفوذ الخارجي، سواء في سوريا أو لبنان أو ليبيا أو أي دولة تشتعل فيها النيران، وحتى عامة الناس يدركون بأن الصراع الذي يشعل الفتن في هذه الأقطار هو بفعل التأثير الخارجي. * مع محاصرة ميليشيات الحوثي المسلحة للعاصمة صنعاء، هناك هواجس تترد عن اسقاط صنعاء بيد الجماعة وإعادة العجلة إلى الورى.. هل التاريخ يعيد نفسه وتتعرض صنعاء اليوم للحصار كما تعرضت له نهاية ستينيات القرن الماضي من قبل بقايا الإمامة؟ - نحن في الاصطفاف نتمنى أن لا يحدث هذا ونأمل أن الأخوة في جماعة الحوثي أن يدركوا أن ما يجري حالياً لا يؤدي إلى نتيجة ايجابية، وإنما العكس قد يؤدي إلى مواجهات وفعل ورد فعل ودمار، يدفع باتجاه ظروف مأساوية نحن في غنى عنها، وأن اليمن ليست في حاجة إلى هذا الأسلوب طالما ومطلوب أن نتحاور، وكان للحوثي أكثر من 30 شخص بمؤتمر الحوار، ووصلنا إلى هذه الوثيقة، لماذا يجروا الآن إلى التعامل خارج نطاق مخرجات مؤتمر الحوار، أقول لهم عليكم ان تضغطوا بطريقة سلمية في تنفيذ المخرجات، ولاستكمال مشروع الدستور ومناقشته، ومشروع الدستور هو الذي سيضعنا في صورة مستقبل اليمن، طالبوا بإكمال الدستور وان نناقشه ونستفتي عليه وشاركوا في كل هذا النشاط، وفي الإعداد للانتخابات، شاركوا في القنوات الطبيعية لبناء اليمن، بدون اللجوء لهذا الأسلوب المتبع اليوم، ما يجري حالياً ربما يفسره الإنسان البسيط هو أن نتوقف عن تنفيذ المخرجات وعن انجاز الدستور ونبدأ في حالة ليست صحية وستؤدي إلى نتائج وخيمة، وهذا ما يجعلنا في الاصطفاف أن ننبه إلى هذا، وأن على الدولة والحكومة أن تضع حد لهذا التداعي والتدهور. * لكن ألا ترى معي أن ما وصلنا إليه اليوم هو نتيجة طبيعية لتساهل وسكوت الدولة والقوى السياسية أمام حروب جماعة الحوثي وتوسعها بقوة السلاح ابتداءً من دماج وصولاً إلى عمران؟ - لا تستطيع أن نقول أنه سكوت، لكن نقول نحن مرينا بفترة انتقالية انشغلت بقضيتين: قضية الجنوب، وقضية صعدة. قضية الحراك الجنوبي تداعت فيها الأمور بحكم القاعدة التي توسعت وتوسعت وكانت في فترة قد اخرجت أبين من سيطرة الدولة، لذلك انشغلت الدولة والقيادة بمجريات الأمور في المناطق الجنوبية، وشدت أطراف الحراك إلى الحوار، وهذا مكسب وساعد إلى حد كبير في توفير أجواء طيبة، ويحسب هذا لرئيس الجمهورية، ولكن ربما تعاملت الدولة والقيادة بصبر أكبر فيما يتعلق بقضية صعدة ولم يعطها حقها من الاهتمام، وكان على الرئيس والدولة والمتغير البدء بأن يكون محافظ صعدة هو محافظ مُعين من الدولة وأن لا تعطي شرعية لمن يفرض محافظ على صعدة، فتساهلوا في صعدة ومولوها بكل امكانياتها وبكل الميزانيات المرصودة، وبهذا فإنهم مولوا حالة غير شرعية، وهذه الحالة تمددت تدريجياً ومع الأسف الشديد لم تتخذ اجراءات حكومية رادعة وحكيمة في نفس الوقت، وتداعت الأمور إلى أن وصلت المعارك إلى عمران وإلى الجوف وإلى همدان وبني مطر، حتى وصلت الآن إلى باب وزارة الداخلية، ففعلاً كان هناك قصور في التعامل مع وضع حد لهذا الحضور غير الشرعي ابتداء من صعدة وانتهاء بوزارة الداخلية. * بعد هذا كله ما المطلوب اليوم من الدولة؟ - مطلوب أن تقوم بدورها، ونحن نعرف دورها، وهي تعرف دورها، والأخوة الحوثيين يعرفون دورها، على الحكومة أن تعمل بمسئولية، لأن هذه الوضعية لا تؤدي إلى نتيجة، بل تؤدي إلى دمار، طالما والكل اليوم مدعو لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ولاستقبال الدستور، ولبناء يمن المستقبل ومشاركة الكل بفعالية مشاركة سلمية، أما أن نبحث اليوم عن طرق أخرى لتأجيج الشارع فاعتقد أنه خروج عن مقررات الحوار، وخروج عما نذهب إليه في مشروع الدستور، وخروج عن شرعية الدولة التي عليها أن تبسط نفوذها على كل الأرض اليمنية، وأنا أؤمن أن في أوساط الحوثيين شخصيات وأخوة وأهل عقلاء، عليهم أن يعيدوا النظر في هذا التصعيد الذي ليس له ما يبرره أبداً، ابتداء من التصعيد الإعلامي وتقليد الآخرين في التصعيد الإعلامي، حتى صور التصعيد الإعلامي على هذا النحو غير حضارية وليست ممارسة صحيحة، ممارسة غير نظامية وغير ديمقراطية، إما أنا أو الطوفان.
* هل أنت مع ما يذهب إليه البعض من أن صراع القوى السياسية وانشغالها ببعضها هو ما أتاح الفرصة لجماعات العنف أن تحضر بهذه الطريقة التي أصبحت تهدد مشروع بناء الدولة بالخطر وتفرض شروطها وأجندتها بالقوة؟ - الواقع أن قاعدة اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام خلقت شيء من فرصة أن يكون هناك مرتكزات لمؤسسات حزبية، لكن ربما امراضنا وتخلفنا كذلك مارسنا في بعض الأحيان بطريقة سلبية، وهذا ما يجعل هذا الطرف أو ذاك قد وجد نفسه أنه وقع في الخطأ، وفي تنافس على تنفيذ الخطأ، لكن علينا أن ندرك بأن التعددية السياسية في بلادنا وليدة الوحدة، ونشأتها نشأة متواضعة وعمرها متواضع ايضاَ، وهي تمر بتجربة، تخفق أحياناً وتنجح أحياناً، لا نصيبها بالضربة القاضية بأنها لم تنجح، ولا نقول أنها نجحت، ولكن نقول أنها بدأت واخفقت ولا بد أن تقيم واعادة النظر في بناءها ومن أهم شروط البناء أن تخلق ديمقراطية داخل المؤسسات الحزبية وتتفاعل بتجدد حتى تعطي انطباع بأن التجدد يفرض نفسه في الحياة، مثلما آمنا بضرورة التجدد في 2011 نؤمن كذلك بضرورة التجدد في الحياة، وأنا اعجبني أن خرج الناصريون من مؤتمرهم بتجديد ونتمنى من الأحزاب الأخرى أن تجدد نفسها وتجدد من قياداتها، وأن تخلق أمل بأن الديمقراطية هي سلوك وممارسة داخل هذه الكيانات، ومن ثم تتجمع هذه النجاحات داخل هذه المؤسسات لتخلق النجاح الكبير، وأن الديمقراطية في اليمن تأتي من خلال هذه القوى الديمقراطية، وليس من القوى التي لها ظروف خاصة، بما في ذلك الحوثيين، ونحن رحبنا بأن يكون للسلفيين أحزاب، وهذا شيء طيب وكانت بالنسبة لهم نقطة ربما خلاف فكري فيما يتعلق بالحزبية، فنتمنى أن يحسم أنصار الله شأنهم ويدخلوا في شكل حزب، حتى في لبنان حزب الله، فلماذا لا يكون هناك أحزاب بدل أن يكون هناك فئة تعتقد لنفسها في أنها يجب أن تكون المستأثرة بالدنيا والآخرة.
* هل تؤمل أن نخرج مما يجري بأقل تضحيات وأن تساعدنا الحكمة اليمانية في إيجاد حلول سلمية بعيداً عن لغة العنف والتمرد على الاجماع الوطني؟ - نعم.. هذا من شأن الاصطفاف الشعبي، وأنا متفائل وعلينا أن لا ننفك من هذا التفاؤل، وما يجري حالياً يجب علينا محاولة لملمته ورأب الصدع في كل اتجاه، وأن تحتكم كل الأطراف بما فيها انصار الله بالتعقل والتبصر، وأن يتحاوروا مع غيرهم، ويمدوا يداً سلمية خالية من ضغوط القوة، هذه الضغوط في الشوارع على هذا النجو ليست مظاهرات، وانما اخلال بأمننا واستقرارنا وحتى بحياتنا الخاصة، قطع السبيل في الإسلام مسألة واضحة، من حقنا أن نمارس الحقوق التي كفلها لنا الدستور باحترام ونتظاهر، لكن لا نغلق الأبواب ونحاصر مؤسسات الدولة ونعتقد أن هذا لا يشكل اعتداء، وأن ندرك أيضاً أن حرية الآخرين وحقوقهم مكفولة. * ما الذي تود أن تضيفه في نهاية هذا الحوار؟ - أقول لمن يثير الفتنة أن يبتعد، وأن يحاول أن يمد يد الحوار، وكلنا أبناء الوطن وطلنا لنا مطالبنا التي لن تتحقق إلا إذا هيأنا الظروف والمناخات المناسبة لبناء الدولة التي ننشدها جميعاً، دولة الوحدة والديمقراطية، دولة تضطلع باستكمال تحقيق أهداف ثورتي سبتمبر واكتوبر، ومن ثم لنبني مجتمع خالٍ من بؤر الفساد والضعف، وعلينا أن ندرك أن تأجيج الأوضاع هو حماية للفساد وللضعف ويمثل مدخل لمن وقع في الأخطاء والفساد أن يحتمي بها بمبرر تصاعد الأمور وأن هذه المناخات المتوترة تحميه، فقطاع الفساد يساهم في تأجيج الموقف، ومن فقدوا مصالحهم يساهموا في تأجيج الموقف، وعلى من يريد أن يذهب إلى طريق السلام والاستقرار أن يدرك أن ما يمارسه اليوم هو يعين الأطراف السلبية أكثر مما يعين الأطراف الإيجابية.