أكد رئيس الهيئة الشعبية للاصطفاف الوطني يحيى العرشي أن الاصطفاف الشعبي حالة إجماع وطني وليس عصاً لمواجهة أحد وليس منحصرا على فئة أو مجموعة أو كيان معين سواء كان حزبي أو حكومي. وأشار في حوار مع صحيفة "اليقين" الى ان الاصطفاف هو محاولة لتفادي أي انقسام ولسدّ أي مؤشرات تنحو صوب الانقسام في الساحة اليمنية، موضحا ان اليمن لا يحتمل أي شخص ذو شريحتين في العمل السياسي أو في العمل الوطني، داعيا الجميع ادراك ان عدم الوضوح وعدم الوقوف بصراحة وشفافية يعني إما محافظة على مصالح مؤقتة أو أنها أنانية أو عدم إدراك لما سيترتب على هذه الأساليب من مخاطر أو فتنة قد تطال هؤلاء الذين يقومون بأدوار مزدوجة. نص الحوار حاوره/ محمد الحمامي الاصطفاف الشعبي فرضته الظروف والمستجدات على الساحة اليمنية، وبطبيعة الحال لا بد أن يكون هناك رأي للشعب، كغيره من شعوب العالم، صحيح أن المؤسسات القائمة هي تمثّل الشعب، ولكن لا بد أن يكون للشعب اصطفاف خاصة عندما تبرز الحاجة لهذا الاصطفاف، وكما سمعتم فإن الاصطفاف هو اصطفاف شعبي من الشعب وإلى الشعب، ليس منحصر على فئة أو مجموعة أو كيان معين سواء كان حزبي أو حكومي. الاصطفاف الشعبي هو فرصة متاحة لكل أبناء الشعب يتعاملوا معها بروح وطنية لنصرة القضايا الوطنية التي تتمثل في المكتسبات الوطنية كمكتسب النظام الجمهوري ومكتسب الاستقلال ومكتسب الوحدة والمكتسب الأخير المتمثل في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والاستعداد لاحتضان مشروع الدستور.. هذا الاصطفاف من شأنه أن ينبّه إلى مكامن الخطأ ومؤشرات الخلل، بهدف تصويبها ومعالجتها. أي اصطفاف وطني وشعبي له ما يراه من الوسائل ومن الفئات المنتمية له، واصطفافنا الشعبي ليس موجهاً ضد فئة ولا هو في جيب أي حزب، ونتمنى أن يكون هناك قاسماً مشتركاً بين الجميع. نعم، كان يجب أن ينطلق الاصطفاف الشعبي من العام 2011م، ولكن الحالة الاستثنائية التي مرت بها اليمن خضعت لتطورات تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، فانتظر الجميع لما يتمخض عن ذلك، وتعاملنا معها بإيمان بأنها حالة إنقاذ ومصالحة واستعداد لمستقبل مطمئن ومستقر. ولهذا الاصطفاف لم يتخذ خطوته الأولى لأن الجميع كان يتابع نتائج ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، خاصة وأن مؤتمر الحوار حظي بمشاركة كل الأطراف بما فيها الأخوة الحوثيين ب(30) مشاركاً. إذاً لم تكن الحاجة ملحّة لهذا الاصطفاف لأن مؤتمر الحوار كان بمثابة اصطفاف وطني، ونتائجه تعتبر ثمرة للاصطفاف، ولكن نظراً للتداعيات الأخيرة وجدنا أن نتائج مؤتمر الحوار نفسها هي بحاجة إلى اصطفاف، ومن هنا جاء الاصطفاف الشعبي. الاصطفاف الشعبي هو نابع من الشعب بمختلف شرائحه، ففيه المستقلين وفيه الحزبيين بشتى انتماءاتهم السياسية، وهذا هو القاسم المشترك بين جميع التيارات والأطياف السياسية والوطنية، وأي تيار وطني لا يمكن له إلا أن يكون جزءاً من هذا الاصطفاف الشعبي الواسع، لكن هذا لا يعني أن هذا الاصطفاف تابع لتيار محدد أبداً. فهذه حالة إجماع وطني بصورة معلنة وواضحة ومفتوحة أمام الجميع بدون شروط أو قيود. هناك التفاف واسع حول هذا الاصطفاف، وهذا ما نلمسه من خلال المشاركة في مسيرات الاصطفاف الشعبي وأهمها مسيرة الأحد الماضي في العاصمة صنعاء التي شهدت اندفاعاً تلقائياً من قبل الشعب بمختلف شرائحه، وكان هدفهم من جهة هو الوقوف إلى جانب القضايا الوطنية والتنبيه كذلك إلى المخاطر والمخاوف.. وهذا الاصطفاف لا يعبر عن جهة محددة أو أشخاص بعينهم، وإنما هو لجميع أبناء الشعب وبما يخدم القضايا الوطنية. حتى الآن لا نجد من يعارض هذا الاصطفاف أو يقف موقفاً سلبياً منه، وهذه حالة انبعاثية شعبية مُرضية لكل الأطراف ولكل القوى الوطنية وتتعامل بشفافية مطلقة لمحاولة إنقاذ اليمن من أي متاهات جديدة، ومن ثمّ تهيئة المناخ المناسب لاستقبال مشروع الدستور والتعامل مع مخرجات الحوار الوطني بطريقة عاقلة ومتزنة خالية من أي ضغوط. لم نجد إلا كل تعاون وترحيب من كل التيارات، ولم نجد إلا كل مشاركة وتفاعل من شباب كل التيارات.. هكذا نجدها من الرجال والشباب وأيضاً من المرأة. وحالة الاصطفاف تمثل هذا التوجه الوطني. - حتى الآن لا يوجد من يدعم الاصطفاف مالياً.. نحن الآن في بداية تطوعية من الذين لهم اهتمام في هذا التوجه، وحشد الناس لم يكن بالعصا أو بالإغراءات. وأعتقد أن الاصطفاف الذي حدث الأحد الماضي كان تعبيراً عن حالة شعبية ورفض لأي مخاطر في ظل ما تشهده الساحة اليمنية اليوم من تجاذبات عجيبة ومخيفة ومقلقة، ولهذا يشعر الجميع بأن هذا الاصطفاف هو لمصلحتهم. أبداً، نحن لم نطرق باب السلطة لا من قريب ولا من بعيد. السلطة بعد أن شاهدت وسمعت بهذا الاصطفاف أرادت أن تستمع إلينا، ولهذا استقبلنا الأخ رئيس الجمهورية، لكن لم يكن هذا الاصطفاف من صناعة السلطة أو بدعم السلطة مطلقاً، بل نحن ندعم الدولة ونحترمها لأنها تمثلنا جميعاً والتعامل مع الدولة هو تعامل مع الشرعية ومع الاستقرار، والدولة معنية بأن تمد إلينا يد التعاون ونحن معنيون بمد أيدينا للتعاون مع الدولة ولا يوجد هوّة بيننا وبين الدولة. ولكن الدولة لا تمتلك الصوت الشعبي. فيما يتعلق بإقرار وثيقة الاصطفاف الوطني وفقاً لمخرجات الحوار الوطني هو في نطاق آخر غير نطاق الاصطفاف الشعبي الذي أعلنا عنه، ولكن نحن مع أي جهود تصب لصالح الاصطفاف الشعبي. الاصطفاف هو يُعنى بمعالجة كل الأوضاع التي تمس حياة الناس.. الاصطفاف الشعبي هو مع مصلحة الشعب وليس ضد مصلحة الشعب، ولكن علينا أن نتعامل بمسؤولية ووعي وإدراك، وعدم اللجوء للمواجهة والعناد والتحدي. نحن نقول بأن على الحكومة أن تنظر إلى مصالح الناس وللحياة المعيشية، والبيان الصادر عن الاصطفاف كان واضحاً في هذه المسألة. ولكن هذا لا يعني أن نعالج الأخطاء بأخطاء أخرى. نحن كاصطفاف شعبي نرى بأن التقارب بين المكونات السياسية شيء إيجابي، وهذا يعود لصالح الاصطفاف الشعبي، ونحن نأمل من هذه المكونات الحزبية أن تتتنافس من أجل إرضاء الشعب ومصالحه العامة. حالياً اليمن لا يحتمل أن يكون لأي شخص شريحتين مهما كان سواء كان في العمل السياسي أو في العمل الوطني، وعلى الجميع أن يدرك اليوم بأن عدم الوضوح وعدم الوقوف بصراحة وشفافية إنما يعني هذا إما محافظة على مصالح مؤقتة أو أنها أنانية أو عدم إدراك لما سيترتب على هذه الأساليب من مخاطر أو فتنة قد تطال هؤلاء الذين يقومون بأدوار مزدوجة. بالعكس، الاصطفاف هو محاولة لتفادي أي انقسام ولسدّ أي مؤشرات تنحو صوب الانقسام في الساحة اليمنية؛ ونحن من خلال الكلمة الطيبة نسعى لمنع مثل هذا الانقسام، وننشد لملمة أفكار الناس وجهودهم لما يعود لمصلحة الوطن والمواطن. نعم، صوت الاصطفاف مرتفع جداً للمناداة بنزع السلاح من جميع المليشيات. لا يمكن أن نعترف بأي حزب أو تيار أو جماعة أو فئة تتعامل بالبندقية، ومن أراد أن يخدم اليمن فليتعامل بالحوار وبالكلمة. أما السلاح فينبغي أن يكون بيد الدولة فقط متمثلة بالجيش والأمن. الغلبة لن تكون إلا لصوت الشعب الخالي من السلاح.. لصوت الحق الخالي من العنف.. لصوت المحتاج المفعم بالسلمية.. هذا ما يجب أن يسود في ثقافة اليمن لا سيما في ظروفنا الحالية التي نحن بأمس الحاجة إلى مثل هذه الممارسات السلمية الحضارية. فالسلاح لا يعني إلا الدمار، ولا يعتقد أي طرف أنه يستطيع إيصال أفكاره للآخرين بواسطة السلاح والقوة والعنف، صحيح قد يحقق مكاسب محدودة ولكنها آنية ومحكومة بظروفها فقط. ومنطق الاستقرار والأمن والسلام هو منطق الحق، وحين يتوفر هذا المناخ الآمن فإنه يصنع التغيير ويخلق الإبداع على الصعيد المجتمعي وحتى على الصعيد الشخصي. أنت كصحفي لا يمكن أن تبدع إلا إذا توفرت حالة الأمن والاستقرار وليس في أجواء مسلحة. وأعتقد أن الفرصة الآن متاحة للجميع للخروج من جيوب الاستبداد والتطرف والانغلاق، من خلال الحوار والتفاهم. بل لا نستطيع حماية بلادنا من التدخل الخارجي إلا عن طريق الحوار فيما بيننا وليس عن طريق البندقية. الاصطفاف الشعبي ليس موجهاً ضد الحوثيين أو غيرهم، وإنما الاصطفاف يستهدف تصويب الممارسات الخاطئة. نحن نسعى إلى إيجاد التفاهم بين جميع الأطراف، وأن نبين لكل طرف ما هي سلبياته التي يجب تصحيحها وما هي إيجابياته التي يجب الاستمرار فيها.. لسنا عصا لمواجهة طرف معيّن، نحن منطق خير للتعامل مع الجميع في الساحة اليمنية، فالكل أبناءنا وإخواننا بلا استثناء، وينبغي علينا إيجاد لغة مشتركة بين كافة الفعاليات.. وأي فعالية سلمية لا بد أن تكون مؤكدة بدون سلاح، وأي مظاهرات أو اعتصامات يجب أن تكون خالية من السلاح سواء في داخلها أو حولها. نحن نعمل في فضاء عام وشفاف بعيداً عن الكولسة، وما نقوله يظهر في وسائل الإعلام.. وعلى الآخرين أن يدركوا هذه الحقيقة وأن يتعاملوا معنا من خلالها. لسنا في جيب أحد، ولا ضد أحد. نحن كتجمع شعبي نمد أيدينا للاستماع من أي طرف ومحاولة معالجة نقاط الخلاف بين الأطراف، فهذه هي مهمتنا. ونحن مستعدون للتعامل مع جميع الأطراف، بما فيها جماعة الحوثيين، ولن يتم معالجة الاختلالات إلا بالحوار والتفاهم في ظل أجواء من المحبة والوئام، وهذا ما ندعو إليه في الاصطفاف الشعبي. نحن لدينا غرفة اسمها الأمانة العامة وفيها من خيرة الشباب والكفاءات، وبعضهم مبرزين في بحوثهم ودراستهم، وهم الآن عاكفين على مدار 12 ساعة في اليوم على وضع برامج وخطط لهذا الاصطفاف، وما يحدث اليوم من فعاليات هو يعتبر جزء من تصورات وأفكار الاصطفاف الذي سيُحدد بطرق راقية وممتازة. وليس الشارع والميادين المكان الوحيد للاصطفاف، وإنما نريده اصطفافاً في العقل وفي الرؤى وفي التعامل مع الأحداث.. نحن نريد أن نخاطب الفكر حول المعطيات الراهنة في الساحة اليمنية. وهذه البرامج سوف تنفذ تدريجياً وبمشاركة الجميع. كما نريد أن تكون وسائلنا حضارية وراقية وهادئة ومتزنة، ونتعامل بوعي ومسؤولية وبما يجمع الناس ولا يفر قهم. نعم، أشعر بأن الإعلام يساند الاصطفاف، ونحن نقدر للإعلام هذا الدور. وطبعاً كل وسيلة إعلامية تأخذ مبتغاها من هذا الاصطفاف وتخرجه بطريقتها وهذا من حقها، لكن إجمالاً أجد وسائل الإعلام سواء الرسمية والحزبية والأهلية جميعها تتفاعل مع الاصطفاف. أخي الكريم، أنا مثلك ومثل أي مواطن يتابع أحوال وأحداث بلاده. أنا شخصياً أديت واجبي في الماضي وأنا في سنّ متقدم، أديت ما أمكنني أداؤه سواء أصبت أو أخطأت في ذلك فهذا متروك لما يراه الله سبحانه وتعالى ثم لتقييم الآخرين. لم أقم بأي جهد استثنائي، لكني استقبلت الكثير من الشباب وكثيراً من الشخصيات وذلك منذ شهر رمضان المبارك، وطرحوا عليّ تداعيات الأحداث الراهنة، وقالوا لي: صحيح أنت أديت واجبك ولكن يجب أن تتعاون معنا، فنحن شباب ولدينا تطلعات وطموحات ولدينا رغبة في التعبير عن أنفسنا من خلال هذا الاصطفاف، فلماذا لا تتعاون معنا في هذا؟ فأنا استجبت لهذه الفكرة التي جاءت من هؤلاء الشباب. خاصة بعد تكرار زياراتهم وتكرار دعوتهم التي استجبت لها بتلقائية وربما تكون مؤقتة حتى تنمو هذه الفكرة.. وهذا ما قلته في يوم التدشين. هذه هي الفكرة ببساطة وتلقائية وتواضع ومن دون كولسة، وأنا استجبت لهذه الرغبة الشبابية، وهم يتعاملون معي بهذه الروح وأنا أتعامل معهم كذلك وسنستمر في هذا حتى يستطيع الاصطفاف تحقيق أهدافه. وأعتقد أن هناك التفافاً شعبياً حول هذا الاصطفاف لم نكن نتوقعه بهذا الشكل من مختلف الأحزاب ومن غير الأحزاب، فهذا المناخ الذي جعلني أن أعيش بتواضع مع هذه التجربة. أقول للجميع، سلطة وأحزاباً ومجتمعاً، أن ينظروا إلى ما يصلح البلاد والعباد، وأن يشكلوا حالة إيمان بأن الاستقرار والأمان هو المناخ الملائم لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وأن يتعامل الجميع بمسؤولية وصبر وحكمة وتأنّي وتسامح. نقلاً عن صحيفة اليقين