بعد سبعة أشهر من تسليم علي عبد الله صالح الرئاسة على مضض أصبح نفوذه المستمر في اليمن مثيرا لقلق جيرانه والدول الغربية التي تخشى أن ينزلق التحول السياسي الى حالة من الفوضى. وفي حين يحمل العديد من اليمنيين صالح المسؤولية عن مقتل أكثر من ألفي متظاهر في الانتفاضة التي شهدتها البلاد العام الماضي كان الهجوم على السفارة الامريكية يوم 13 سبتمبر الماضي هو ما دفع الدول الغربية الى تغيير رأيها في الرجل الذي طالما اعتبرته واشنطن أفضل من يمكنه احتواء المتشددين. وقال مصدر أمني يمني ودبلوماسيون غربيون: ان جنودا من وحدتين تحت سيطرة أقارب لصالح سمحوا لمئات المحتجين باجتياز نقاط تفتيش حول السفارة. اقتحم المحتجون المقر الى المبنى الداخلي بعد أن مزقوا لوحات وكتابات على الجدران الخارجية وحاولوا تحطيم الابواب الزجاجية. ونفى أحد أبناء صالح على صفحته على الفيسبوك اتهامات بأن حراس السفارة تعاملوا بشكل يثير الريبة. وقال: إن وزارة الداخلية كان يجب أن ترسل قوات أمن للموقع. وقال دبلوماسي غربي بارز في صنعاء :نشارك في القلق من الدور الذي يقوم به حاليا الرئيس السابق وتلك العناصر القوية المحيطة به. وأضاف: إنهم يقوّضون الحكومة ويعطّلون التحوّل. أولوية دولية وتابع :لدينا مخاوف بالفعل بشأن مقاومتهم تنفيذ أوامر الرئيس هادي المشروعة. وأصبح تحقيق الاستقرار في اليمن من الاولويات الدولية بسبب المخاوف من أن يكرس المتشددون الاسلاميون وجودهم بدرجة أكبر. ووسط التعقيدات التي تواجه اعادة ارساء سيطرة الدولة ومن ذلك الحركة الانفصالية في الجنوب والحركة الزيدية التي تواجه السنة وحرب سرية أمريكية بالصواريخ على المتشددين الاسلاميين ظهر دور رجل واشنطن القوي السابق في صنعاء كمشكلة ربما كانت الاكثر الحاحا. ورغم الحصانة التي يتمتع بها بموجب اتفاق نقل السلطة مازال من الممكن أن يواجه صالح مصير الرئيس المصري السابق حسني مبارك اذ يسعى النشطاء لمحاكمته. ومازال صالح الذي تم تهميشه منذ فوز هادي في الانتخابات في فبراير الماضي يتمتع بنفوذ من خلال سيطرته على حزب المؤتمر الشعبي العام الشريك في الائتلاف الحاكم ومن خلال اقاربه الاقوياء الذين يقودون وحدات عسكرية وأمنية خاصة. صالح يحذر وحذر صالح في تعليقاته الاخيرة من أن عملية التحول في البلاد قد تنزلق الى حالة من الفوضى مصورا نفسه على أنه عنصر حيوي لضمان وحدة أراضي اليمن. وفضلا عن ذلك تمردت قوات يقودها أقارب صالح مراراً على جهود هادي لإعادة تنظيم قوات الجيش وشنت هجمات على مبان تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع. لكن الضغوط على صالح تنامت في الاشهر القليلة الماضية. ووافقت الحكومة الشهر الماضي على تشكيل لجنة للتحقيق في انتهاكات ارتكبت أثناء الانتفاضة العام الماضي ويمكن كذلك إقرار قانون للعدالة خلال الفترة الانتقالية في وقت قريب. وقال الدبلوماسي :الشعب عليه التزام بتنفيذ شروط نقل السلطة وعدم تغييرها… لكن ذلك لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي اذا ظهرت أدلة على ان صالح ينتهك قوانين اليمن الآن ولا يعني انه لن يتحمل تبعة ذلك. ودفعت واقعة السفارة الدول الغربية الراعية للتحول الى التحرك والعمل. مفسدو التحول واتفق دبلوماسيون بارزون من عشر دول في صنعاء قبل أسبوعين على توصية حكوماتهم بالبدء في اعداد إجراءات محتملة ضد مفسدي التحوّل. وقال أحد الذين حضروا الاجتماع اتفقوا على ضرورة بذل جهد لجمع أدلة قد تشير بأصابع الاتهام للذين ربما يكونون قد انتهكوا قرار الأممالمتحدة رقم 2051. وقال محمد المتوكل أستاذ العلوم السياسية :هل يمكننا أن نجبر حزب المؤتمر الشعبي العام على قبول فكرة دولة ديمقراطية مدنية في الحوار وأن التنافس تنظمه صناديق الاقتراع.. نحتاج أن يتقبل الحزب ذلك. وأمضى صالح -وهو رابع رئيس عربي يطاح به في انتفاضات الربيع العربي- بضعة اسابيع في الولاياتالمتحدة للعلاج قبل تركه السلطة مباشرة. وقال السفير الامريكي في صنعاء قبل أسبوعين انه لن يكون من الممكن منحه تأشيرة دخول الآن ولم يورد مزيداً من التفاصيل. واذا غادر صالح البلاد سيكون عرضة لالتماسات بموجب القانون الدولي او القوانين المحلية لاي دولة يقيم بها. ولكنه قال في الفترة الاخيرة انه لا يعتزم ترك اليمن. وقالت حورية مشهور وزيرة حقوق الانسان ان الثأر شائع في المجتمع اليمني مشيرة الى ان من يشعر انه ظلم ولم ينصف سيحاول أخذ حقه بيده. وقال المحلل السياسي عبد الغني الارياني: ان هناك احتمالا ضئيلا لان يعيد النظام القديم تثبيت أقدامه رغم ان صالح وكبار رجال الدين وشيوخ القبائل بالشمال سيحاولون مقاومة التحول الى اللامركزية. * صحيفة اليوم السعودية