بعد تنحي الرئيس السابق وانتخاب نائبه خلفا له، وبعد قرارات الهيكلة الجديدة للجيش والأمن حان وقت الاستحقاق التالي أي الحوار. وكل ما يعرف عنه أن أكثر من 500 شخص قد يشاركون فيه، أما أجندته فلا تزال موضع درس، وأما موعده الذي كان مفترضا الشهر الماضي فلا يزال مجهولا. ثم إن التشكيك بنجاحه يتوالى حتى من القوى صاحبة المصلحة في انعقاده. ويوجه الإسلاميون انتقادات حادة إلى سفراء الدول الغربية والعربية الذين يقومون باتصالات نشطة تسهيلا للأمور. لكن العقبة الكبرى التي باتت تؤخر افتتاحه تتمثل الآن بإعلان فصائل الحراك الجنوبي الانفصالية أنها ستقاطع الحوار في حين دعت قيادات جنوبية إلى فصل حضرموت عن بقية محافظات الجنوب. وإما الأكثر اعتدالا وهو المجلس الوطني المنبثق عن "مؤتمر شعب الجنوب" فلا يطالب بأقل من حوار ندي بين دولتين ما يعني عمليا أن معظم القوى الجنوبية لم تعد معنية بالبقاء في دولة الوحدة، بل يعني أيضا أن المساعي المكوكية التي بذلها جمال بن عمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والعديد من المسؤولين الغربيين الذين زاروا عدن وحاوروا الجنوبيين وقدموا ضمانات إليهم لم تنجح في إقناعهم بدخول الحوار لعرض مطالبهم وتصحيح أخطاء العهد السابق في معاملتهم، والاتفاق على صيغة المستقبل من خلال الدستور الجديد. ولا يبدو متوقعا حصول اختراق إيجابي جنوبا، فيما يبقى ملف الحوثيين في الشمال وكذلك الخلافات بين الأحزاب حول نسب التمثيل من المسائل التي تبحث عن حلول، ذاك أن حوارا مع وجود أسلحة ثقيلة خارج سيطرة الدولة محكوم عليه بالفشل. وإذ يشكل هذا السلاح غير الشرعي أحد البنود الرئيسية للحوار فإن أصحابه يستخدمونه لابتزاز الآخرين وانتزاع مكاسب على مختلف المحاور.