كشفت مصادر يمنية عن رصدها حركة واسعة من قبل عناصر تنظيم القاعدة لإعادة التموضع في بعض مناطق البلاد، بعد الحملة العسكرية الواسعة التي كانت استهدفت تجمّعاته الكبيرة في محافظاتجنوبية وألحقت بها خسائر معتبرة وفق بيانات رسمية. ويعتبر مراقبون أنّ التنظيم لا يستفيد فقط ممّا أبداه من مرونة في الحركة وقدرة على المناورة، ومن وجود حواضن له بين بعض القبائل، بل يؤكدون استفادته من تشتّت جهد الدولة في مواجهة مجموعات عنف أخرى على رأسها جماعة الحوثي، حيث لا ينفي خبراء بالشأن اليمني، وجود التقاء مصالح تلقائي وغير متفق عليه ضرورة بين التنظيم الإرهابي والجماعة الشيعية المدعومة من إيران. وبينما يعمل عناصر القاعدة على إعادة تموضعهم في جنوب البلاد، تشهد مناطق في الشمال تنفيذ هدنة هشّة بين الجيش وجماعة الحوثي الشيعية المدعومة من إيران، مرشّحة للانهيار في كل لحظة، بحسب مراقبين يعتبرون ما يبذله اليمن من جهود لبسط الاستقرار مهدّد بفعل قوّة جماعات العنف وتعدّدها، في مقابل ضعف مقدرات الدولة وتشتّت جهودها بين ملفّات شائكة؛ أمنية واقتصادية واجتماعية. ويلفت هؤلاء النظر إلى أنّ تكثيف المساعدة الإقليمية والدولية لليمن في المرحلة القادمة سيكون أمرا ضروريا لمنع فشل الدولة ذات الموقع الاستراتيجي بالغ الأهمية والتأثير في محيطه. وناقش رئيس هيئة الأركان العامة اليمني اللواء الركن أحمد علي الأشول مع قيادة محافظة إب دخول جماعات مسلّحة إلى المحافظة. وكشف مصدر رفيعة المستوى في المحافظة الواقعة جنوب العاصمة صنعاء أن سيارات تحمل مسلّحين دخلت المحافظة خلال الشهر الماضي وتركّزت في عدّة مديريات أهمّها المناطق الحدودية لمديرية فرع العدين. وكان الأشول قال في وقت سابق إن الحرب على الإرهاب مفتوحة في البلاد وأنّه سيتم ملاحقة العناصر الإرهابية أينما وجدت حتى يتم القضاء عليها. وأضاف المصدر أن العناصر المسلّحة عبارة عن جماعات يشتبه بانتمائها لتنظيم القاعدة عادت إلى المحافظة بعد تضييق الخناق عليها في محافظاتأبينوشبوة والبيضاء والتي دارت فيها عمليات واسعة ضد عناصر التنظيم. ونُقل عن رشاد مفرح أمين عام المجلس المحلي في مديرية فرع العدين، قوله، إن العناصر المسلّحة متواجدة في منطقة «خميس مطلق» التي تقع على الحدود بين مديريات جبل رأس وحزم العدين وفرع العدين ووصاب. وأضاف مفرح: «توجد طرق فرعية تربط المنطقة ببقية المديريات وهذه الطرق تسهّل للجماعات المسلّحة التنقل بين المديريات». وأرجع محللون أمنيون انتشار العناصر المسلحة بأكثر من محافظة يمنية إلى العمليات العسكرية التي تشن ضد عناصر تنظيم القاعدة في محافظتي أبينوشبوة. ويتم الإبلاغ عن الجماعات المسلحة عن طريق أبناء القرى التي تمر من خلالها الجماعات المسلحة، ولكن الإبلاغ يأتي بعد مرور هذه الجماعات التي زادت تحركاتها مؤخرا في المنطقة، بحسب مفرح. وتواجه العناصر التابعة لتنظيم القاعدة العمليات التي تشن ضدها بعمليات انتقامية تشنها ضد عناصر من الجيش والأمن ومؤسسات تابعة للدولة خارج محافظتي شبوةوأبين حيث تدور المواجهات. وبالتزامن مع الجهد الحربي بمحافظاتجنوب البلاد، تفتح جماعة الحوثي بؤرة للتوتّر بالشمال، وتحديدا في محافظة عمران، حيث يجري تنفيذ هدنة بين الجماعة والجيش يجزم مراقبون بهشاشتها ويتوقّعون انهيارها، مستندين إلى أن لجماعة الحوثي أهدافا «استراتيجية» تريد تنفيذها من خلال الحرب تتمثل أساسا في توسيع دائرة نفوذها خارج معقلها الأساسي في محافظة صعدة لتؤسس كيانا أشبه بدولة تمتلك موارد طبيعية ومنفتحة على البحر. وفي هذا السياق توقّع باحث في شؤون الجماعات المسلحة أن يلجأ الحوثيون إلى فتح جبهات أخرى في محافظات مجاورة لصعدة في محاولة لمد نفوذهم. ونقل موقع «إرم» الإخباري عن الخبير العسكري والباحث في شؤون النزاعات المسلّحة، علي الذهب، قوله «إنّه تأسيسا على الاتفاقات السابقة الكثيرة التي كانت جماعة الحوثي طرفا فيها، وبحسب مشروعها المحكوم بنزعة التوسّع والتمدّد داخل البلاد، فإني أرى أن هذا الاتفاق استقرار مؤقت، يعقبه انهيار تحت تلك العوامل وغيرها التي ستحدّدها الظروف». وأضاف الذهب قوله «ربما يلجأ الحوثيون إلى فتح جبهات أخرى في محافظات مجاورة ومتاخمة لمركز نفوذهم في صعدة، خصوصا في محافظتي حجة والجوف، للتأثير على الاتفاق الراهن بشأن مواجهات عمران». كما توقّع أن تتوسّع المواجهة في حال تبين بجلاء نقض الحوثيين لذلك الاتفاق، خاصة مع كون رئيس اللجنة الرئاسية يقودها وزير الدفاع نفسه. وبخصوص العلاقة بين تنظيم القاعدة والحوثيين قال الذهب: «علاقتهما ليست علاقةَ مشروعٍ أو تحالف، لكنها علاقة جني ثمار لأي منهما مما يحصل مع الآخر»، موضّحا «كلما توجهت الدولة بقوّتها العسكرية باتجاه أحدهما - رغم الفارق بين تلك القوة- بادر الآخر إلى التهيئة لنفسه على الأرض لتنفيذ مخططاته، في ظل انشغال الدولة بهذا الطرف أو ذاك».