بدا المشهد اليمني أمس وكأن البلد يتشظّى بشكل متسارع، إثر سقوط مدينتي الحديده الساحلية في الغرب وذمارجنوبصنعاء في أيدي المسلحين الحوثيين، في الوقت الذي خرج فيه مئات الآلاف من الجنوبيين بمختلف توجهاتهم السياسية للمطالبة بانفصال الجنوب عن الشمال. وعاش اليمن يوما عصيبا آخرا، بعد سقوط العاصمة صنعاء ومحافظتي عمران وصعده، بيد المسلحين الحوثيين، حيث شهدت المدن اليمنية أمس سقوطا مروّعا في أيدي الحوثيين بدون أدنى مقاومة من قبل القوات الأمنية أو قوات الجيش المرابطة في محيط المدن لحمايتها. يحاول الحوثيون استكمال سيطرتهم على بقية مناطق اليمن الشمالي قبل التشكيل الحكومي الجديد، فيما يمكن استكمال اللعبة عبر منح الجنوب المبرر القوي للمطالبة بحق تقرير المصير عبر الانفصال، طالما وأن البلد أصلا يتساقط بشكل متسارع. وعلمت (القدس العربي) من مصادر محلية في الحديدة أن «المسلحين الحوثيين سيطروا على المنافذ الرئيسية لمدينة الحديدة من كافة الاتجاهات وسيطروا كذلك على الميناء البحري والمطار الجوي المدني والعسكري وعلى معسكرات الجيش ورفعوا فيها أعلام جماعة الحوثي وتواجد المسلحون الحوثيون بكثافة في أغلب الشوارع الرئيسية في الحديدة ونصبوا نقاطا مسلحة فيها». وتحتل مدينة الحديدة أهمية جغرافية كبيرة في اليمن، كونها تطل على البحر الأحمر وفيها أكبر ميناء بحري في الشمال اليمني، وتقع على امتداد الساحل الغربي اليمني المؤدي الى مضيق باب المندب البحري الذي يعد البوابة الجنوبية للبحر الأحمر ويتحكم بحركة الملاحة الدولية بين الشرق والغرب. في غضون ذلك بدأ مسلحون حوثيون آخرون بوضع نقاط تفتيش مسلحة في كافة شوارع مدينة ذمار (100 كيلو متر جنوب العاصمة صنعاء) لفرض سيطرتهم عليها. وذكرت مصادر محلية في ذمار ل(القدس العربي) ان المسلحين الحوثيين انتشروا بشكل كثيف في كافة أرجاء مدينة ذمار ونصبوا نقاط تفتيش مسلحة في الشوارع الرئيسية فيها ومداخل المدينة وسيطروا على كامل مناطق المدينة بدون مقاومة من قبل القوات الحكومية التي لوحظ غيابا كاملا لها في ذمار أمس مع سيطرة المسلحين الحوثيين عليها. وجاء سقوط مدينتي الحديدةوذمار بعد نحو ثلاثة أسابيع من سقوط العاصمة صنعاء في أيدي الحوثيين وبعد ثلاثة أشهر من سقوط محافظة عمران، 50 كيلو شمالي صنعاء، فيما كانت محافظة صعده سقطت بالكامل في أيدي الحوثيين في العام 2011 وبعضا من محافظاتحجة والمحويت والجوف. وجاءت هذه التطورات في المناطق اليمنية الشمالية في الوقت الذي انطلقت فيه أكبر مسيرة جنوبية في عدن قدرت بمئات الآلاف مطالبة بالحق في تقرير المصير والحصول على انفصال الجنوب عن الشمال بعد 24 عاما من الوحدة اليمنية بين الشطرين الشمالي والجنوبي، ومن المقرر أن يتم فتح اعتصام دائم في منطقة خورمسكر بعدن للضغط على السلطة من أجل تحقيق مطالب المتظاهرين، الذي ينتمون الى كافة الأطراف السياسية بمن فيهم حزب الإصلاح وحزب المؤتمر. وعلمت (القدس العربي) من مصادر سياسية أن السقوط المتسارع للمناطق اليمنية في أيدي المسلحين الحوثيين جاء بعد الحصول على تسهيلات كبيرة من قبل القيادة السياسية والعسكرية في البلد، وأن المسئولين الأمنيين والعسكريين في محافظتي الحديدةوذمار تفاجأوا بتلقي توجيهات عسكرية وأمنية عليا تأمرهم بتسليم المنشآت الأمنية والعسكرية والخدمية للمسلحين الحوثيين وكذا السماح لهم بالتمركز المسلح في المدن ونصب نقاط تفتيش وغيرها، فيما أعطى الرئيس هادي كافة التسهيلات للمتظاهرين الجنوبيين في عدن.