بقلم : سكوت هورتون ترجمة : مهدي الحسني بالأمس كتبت عن إصرار إدارة أوباما على أن تبقى الصفقة التي عقدتها مع دكتاتور اليمن فيما يخص استخدام الطائرات بدون طيار، أن تبقيها طي الكتمان ،و كيف أنها مارست ادعاءات زائفة لتبرير التحفظ على نشر مفكرة وزارة العدل المثيرة للجدل والتي تحدد صلاحيات الرئيس الأمريكي في إصدار أوامر باغتيال مواطن أمريكي خارج أراضي الولاياتالمتحدة. و قد نشر الصحفي جيرمي سكاهيل دراسة هامة عن ما يمكن أن تذهب إليه إدارة أوباما في تعاملها مع الصحفيين الذي يسعون إلى كشف عمليات الاغتيالات التي تقوم بها في اليمن. في 2 فبراير 2011 اتصل الرئيس اوباما بالرئيس اليمني علي عبدالله صالح. و ناقش الاثنان سبل التعاون في مجال مكافحة الارهاب و الحرب ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية. و في نهاية المكالمة عبر أوباما عن قلقه من موضوع إطلاق سراح رجل يدعى عبدالإله حيدر شائع والذي قال عنه أوباما "أنه تم الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات لارتباطه بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية" ،وفقا لما قاله البيت الأبيض. و اتضح فيما بعد أن شائع لم يتم الإفراج عنه وقت حدوث تلك المكالمة ،لكن صالح كان قد جهز له أمر العفو وكان جاهزا للتوقيع عليه ،من المنطقي أن يعرب البيت الأبيض عن قلقه من سماح الحكومة اليمنية لعناصر القاعدة في شبه الجزيرة العربية أن يصبحوا أحرارا، إن الهروب المشكوك فيه للمسلحين الإسلاميين من السجون في اليمن ،أصبح أمرا متكرر الحدوث خلال العقد الماضي، كما أنه عرف عن صالح استغلاله لخطر الارهاب والاستفادة من أموال مكافحة الارهاب التي تقدمها الولاياتالمتحدة ،لم يكن عبد الاله حيدر شائع مسلحاً إسلاميا أو عضو في القاعدة لقد كان صحفيا. و بخلاف كل الصحفيين الذي يعملون على تغطية موضوع القاعدة ،فإن شائع خاطر بحياته بالسفر إلى مناطق تحت سيطرة القاعدة و إجراء مقابلات مع زعماء التنظيم كما أنه أجرى العديد من المقابلات مع رجل الدين المتطرف أنور العولقي ،و قد أجرى شائع آخر مقابلة معروفة مع العولقي قبل أن يكشف أن المواطن الأمريكي أصبح في قائمة القتل الخاصة بالاستخبارات المركزية الأمريكية - سي آي ايه. يقول أقرب أصدقائه كمال شرف، و هو رسام كاريكاتيري معروف بمعارضته السياسية للنظام :"لقد كنا نسمع من طرف واحد فقط وهو الإعلام الغربي والإعلام العربي المدعوم من الغرب والذي يعطي صورة أحادية الجانب عن القاعدة ،لكن عبد الاله استطاع أن يقدم وجهة نظر أخرى مختلفة. والحقيقة أن الصحفي الذي يعمل على تغطية أعمال عدائية أو قتال ،فإنه يعرض حياته لمخاطر استثنائية معظم ما يقوم به الصحفي من أعمال ،أكانت تصوير فوتوغرافي أو تصوير فيديو للمعارك ،إجراء مقابلات مع اللاعبين الرئيسيين في القتال ، معظمه قد يختلط فيه الأمر بين الجاسوسية أو العمل العسكري العدائي. تلك المخاطر قد تزداد في الحروب غير التقليدية حيث لا ترتدي القوات المقاتلة الزي العسكري وفي معظم الأحيان يعمدون على إخفاء أسلحتهم لكن ذلك الفارق أمر حيوي ،فإن الصحفي لا يشارك في القتال ،بل يسعى للحصول على المعلومة ليتمكن قرائه من الوصول إلى فهم أفضل لم يحدث حولهم. و الصحفي المتميز هو من يتعهد بتحري الحقيقة و كشف تلك الحقائق على وجه الخصوص التي يعمل الآخرون على إخفائها ،و قد أصاب اللورد نورتشليف - بارون الصحافة البريطاني الشهير - كبد الحقيقة حين قال :"الأخبار هي تلك المعلومة الذي يسعى شخصا ما في مكان ما لإخفائها. أما البقية فهي مجرد إعلانات". تاريخيا كانت الولاياتالمتحدة حريصة على تزويد الصحفيين بالحماية اللازمة والتي يطلقها عليها تحت القانون الإنساني الدولي مصطلح مبدأ التمييز. لكن تلك الممارسة سقطت جانبا خلال السنوات التي أدار فيها رامسفيلد البنتاغون. إن الاحتجاز و سوء المعاملة التي مارسها الجيش الأمريكي تجاه عملائي أمثال مصور الأسوشييتد برس بلال حسين الحاصل على جائزة بليتزر،بالإضافة الى مصور قناة سي بي اس، عبد الأمير يونس حسين و آخرون كثيرون ،خلال فترة حرب العراق ،مثل كل ذلك توجه جديد يتسم بالوحشية وعدم المهنية تجاه الصحفيين الذين قدموا تغطية صحفية للمعارك ،لم تنال إعجاب البنتاغون. قام شائع بشكل منهجي بتوثيق الحضور الأمريكي في اليمن وحقيقة أن المسئولين الأمريكيين ابتداء بالسفير في صنعاء كانوا يكذبون بشأن عمليات القتل بالاستهداف. لا شك أن نشاطاته مثلت تهديد أمني شرعي للأمريكيين الذي ينفذون عملياتهم على الأرض في اليمن ،و لا شك أن عمله سبب حرقة المعدة للاستخبارات المركزية الامريكية - سي آي إيه ، التي حاولت أن تحيط برنامجها بالسرية ،وهو البرنامج الذي كان كبيرا في حجمه إلى الحد الذي يصبح من غير المعقول إبقائه سريا. ومع ذلك فإن جوهر عمل شائع كان شرعيا ،بل في حقيقة الأمر أنه كان صحافة هامة جدا. هذه القضية تشير الى المزيد من السلوك المخزي من قبل المجتمع الإستخباراتي العازم على استخدام اليد الغليظة للدولة لمحاربة الحقيقة. كما أنها تشير إلى أن البيت الأبيض لا يدرك كيف تنسج الأمور.