اتهمت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وزارة الزراعة بالتقاعس والتردُّد عن إصدار قرار حاسم لإيقاف التلاعب بأرواح البشر.. وقالت الهيئة في مذكّرة - حصلت "الجمهورية" على نسخة منها - إنها تلقّت بلاغات مفادها سماح المسؤولين والمختصين في وزارة الزراعة باستيراد مبيدات غير مكتملة التسجيل, والإفراج عن مبيدات ممنوعة ومقيدة بشدّة وبالمخالفة للقانون رقم (25) لسنة 1999 ولائحته التنفيذية رقم (10) لسنة 2002 بالإضافة إلى وجود اختلالات جسيمة تشكّل جرائم فساد.. وأشارت الهيئة إلى أنها وعلى ضوء البلاغات باشرت إجراءات التحرّي حول تلك البلاغات وجمع المعلومات والوثائق المتصلة بها من مصادرها المختلفة، وقد تبيّن للهيئة وجود عدة مخالفات واختلالات وتجاوزات ترتقي إلى جرائم فساد طبقاً لحكم المادة (30) من القانون رقم (39) لسنة 2006 بشأن مكافحة الفساد.. وأقرّ مجلس الهيئة توقيف استيراد المبيدات الزراعية غير المكتملة التسجيل, وتوقيف عدد من المختصين في وزارة الزراعة على ذمة قضايا فساد وعددهم (8) أشخاص يتقلّدون مناصب رفيعة في الوزارة, وأحالت الهيئة ملف القضية إلى النائب العام لإحالته للنيابة المختصة لاستكمال إجراءات التحقيق, ورفع الدعوى الجزائية بحق المتورطين في القضية وتقديمهم إلى المحاكمة. وكانت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد قد أوردت في تقريرها المرفوع إلى وزير الزراعة في 25 ابريل الفائت - وتلقّت "الجمهورية" نسخة منه - أبرز الاختلالات المصاحبة لعملية استيراد المبيدات الزراعية وذلك في عدم قيام وزارة الزراعة والري بإصدار قائمة بالمبيدات المسجلة والمعتمدة من قبل لجنة تسجيل المبيدات بالوزارة مع ما يطرأ عليه من تعديلات بالإضافة والحذف بصفة دورية وفقاً للمتطلبات التي حدّدها القانون رقم (25) لسنة 1999 ولائحته التنفيذية. المختصون في وزارة الزراعة والإدارة العامة لوقاية النبات قاموا - بحسب تقرير الهيئة - بالسماح باستيراد مبيدات بأسماء تجارية غير مسجلة بالمخالفة الصريحة لحكم المادة (16) من القانون رقم (25) لسنة 1999, وقامت كذلك بالإفراج عن شحنات المبيدات خلال العامين 2009 - 2010 دون إرفاق شهادات تحليل بمكوناتها الكيميائية الواردة في دليل إجراءات تسجيل وتداول المبيدات. الاختلالات والتجاوزات لم تقتصر على ما ذُكر أعلاه؛ فقد أكد تقرير الهيئة عدم قيام الإدارة العامة لوقاية النبات بتنفيذ الاختبارات المعملية والدراسات الحقلية للمبيدات التي يتم تداولها في بلادنا, فضلاً عن القيام باستخدام مبيدات منتهية الصلاحية والمصادرة في بعض الحملات التي تنفّذ من جانب الوزارة دونما اكتراث لمخاطرها، وإخفاء بعض أوامر الإفراج, ومنح أرقام لأوامر إفراج مكرّرة لأكثر من شركة للمبيدات, وإصدار شهادات تحاليل مخبرية في الأعوام 2009 - 2010 رغم أن المختبر متوقف عن العمل منذ منتصف العام 2008. وفي اجتماعه المنعقد ب 23 ابريل الفائت وقف مجلس الهيئة أمام نتائج الدراسة للبلاغات وأعمال التحرّيات المشار إليها في السطور أعلى هذا التقرير, ووجد المجلس أن الفساد في هذه القضية جد خطير ويفرض على الجميع عدم التهاون مع مرتكبيه أو السماح لهم بالاستمرار في أماكن أعمالهم كونهم أخلّوا بالثقة وأضرّوا بالمصلحة العامة!!.