لودر، اليمن - من أعالي هضبة جبل ثرة، تمتد محافظة أبينجنوب اليمن حتى بحر العر، ببين جرف الجبل و سديم المياه الزرقاء في الأفق البعيد، اتخذت القاعدة في شبه الجزيرة العربية لها موطنا. هنا تم الاحتفال بأول انتصار على الجبهة الشمالية في الحرب التي تدعمها الولاياتالمتحدة ضد أكثر فروع القاعدة خطورة. يتباهى علي عيضة البالغ من العمر 38 عاما قائلا "نحن أول من هزم القاعدة. لم يهزمهم أحد من قبل، سواء في باكستان او أفغانستان او اليمن . عيضة هو أحد قادة قوات المقاومة (اللجان الشعبية) التي وقفت ضد أنصار الشريعة، الذراع العسكرية لجماعة القاعدة في شبه الجزيرة العربية الإرهابي، بعد انسحاب جنود الجيش اليمني منذ أسابيع من إطراف البلدة التي مزقتها الحرب. التفجير الانتحاري الذي حدث يوم الاثنين في العاصمة صنعاء و قتل فيه ما يقارب 100 جندي كان يقف من وراءه أنصار الشريعة. لمدة شهرين، قاتل سكان محليون و رجال القبائل من هنا و هناك الى جانب الجنود لبسط السيطرة على مدينتهم، ضد الدبابات و الأسلحة الثقيلة التي استولى عليها المسلحون (القاعدة) من وحدات عسكرية يمنية . لا يمكن رؤية ارض المعركة بوضوح من أعلى الهضبة المطلة على بلدات صحراوية و سلسلة جبال مسننة، حيث كان القتال محتدما. يمكن رؤية اول علامات لمواقع الجيش اليمني عند النزول المتعرج من أعلى الهضبة التي يبلغ ارتفاعها 3000 قدم . و في السهول الصحراوية في الأسفل، تستطيع رؤية اثأر جنازير الدبابات على الإسفلت. الجنود يحيطون بقلاع حجرية قديمة، شيدت منذ قرون لنفس الغرض الذي تستخدم من اجله اليوم - مواقع دفاعية . أثناء الليل يتردد صدى القصف المدفعي المتقطع من جانب التل، طلقات لتحذير مقاتلي القاعدة، الذين قد يفكرون في شن هجوم تحت جنح الظلام الموبوء بالبعوض . المليشيات الشعبية (اللجان الشعبية) التي تتكون من 5000 رجل، مسلحين بأسلحة ايه كي 47 و بنادق قناصة كلاسيكية، تعرضوا لأكبر عدد من الخسائر البشرية خلال القتال العنيف الذي دار هنا مؤخرا. قتل ستون رجلا في معركة الحفاظ على المدينة، بينما قتل 33 من جنود الحكومة. كما جرح أكثر من 580 من القوة المشتركة. أكثر القتال ضراوة دار حول محطة الكهرباء في المدينة. و في البقايا المتفحمة من المحطة تم العثور على ما لا يقل عن 12 من الرفاق و الجنود الذين أسرهم الإرهابيون. و تم قذف رؤوسهم المفصولة عن أجسادهم جانبا، كرسالة لكل من يجرؤ على تحدي القاعدة . "لقد فصلوا رأسه كما تفصل غطاء العلبة" يقول عيضة "و علقوا احد مقاتلينا على شجرة". و لعدة أعوام ظل المسلحون في جنوب اليمن يطالبون بالاستقلال من الحكومة الواقعة الى الشمال في صنعاء. الحرب التي اندلعت بين اليمن الشمالي و اليمن الجنوبي انتهت باحتلال العاصمة الجنوبيةعدن، و دمج البلدين.
لطالما نظر الناس هنا الى الجيش اليمني على انه جيش احتلال. لكن لاول مرة يقاتل الاعداء التاريخيون جنبا إلى جنب، كشركاء في المعركة لدحر المتمردين المرتبطين بالقاعدة الى خارج ما لا يقل عن خمس بلدات كانوا قد سيطروا عليها لأكثر من عام. تلك الجهود كانت مدعومة من الولاياتالمتحدة التي قدمت مساعدات للجيش اليمني، و قامت بضرب أهداف تابعة للقاعدة بصواريخ طائرات من دون طيار. في سبتمبر ادت احدى تلك الغارات الى قتل أنور العولقي، الداعية الأمريكي البارز و قائد العمليات في القاعدة في شبه الجزيرة العربية .
يقول عوض، احد قادة المليشيات عن تكتيكات مقاتلي أنصار الشريعة الذين يسعون إلى إقامة دولة إسلامية تطبق إحكام الشريعة "إنهم يحفرون الإنفاق و يختبئون في الحفر ." معظم الذين تم تجنيدهم في جماعة أنصار الشريعة، من المراهقين الذين يسهل إقناعهم بالانضمام بسبب "عقولهم الفارغة"، كما يقول عوض. تم قتل البعض منهم لرفضهم تنفيذ عمليات انتحارية. من قاعدة عسكرية مجاورة، يقول جمال العاقل، محافظ أبين، ان دعم رجال القبائل و السكان المحليين أمر حيوي لسحق التمرد . ان النجاح على المدى البعيد سيعتمد على تحسين حياة الناس الفقراء هنا. و يضيف العاقل "لدينا مشاكل كثيرة هنا، و اكبر مشكلة نواجهها هنا في أبين هي الفقر. القاعدة موجودة هنا نتيجة للفقر. ما نحتاجه من امريكا هي المساعدة الاقتصادية". هناك نحو 10 ملايين يمني أو 44 بالمائة من السكان يعانون من سوء التغذية. و تعهد المانحون الدوليون بتقديم مساعدات تقدر ب 4 مليارات دولار في مؤتمر اصدقاء اليمن الذي عقد في السعودية. بالرغم انه تم دحر الإرهابيين من لودر، إلا أن جماعة أنصار الشريعة ما زالت تسيطر على عدة بلدات في جنوب اليمن، منها زنجبار عاصمة المحافظة، حيث تتمتع الجماعة بدعم السكان المحليين لما تقدمه من خدمات الكهرباء و الماء و الغذاء. الجيش اليمني بدوره حاول عدة مرات السيطرة على زنجبار، لكن 2,000 من الإسلاميين تمكنوا من منع الجيش من تحقيق اي تقدم يذكر. صادق قائد، الذي يبلغ من العمر 38 عاما، و هرب من زنجبار مع أسرته العام الماضي، ما زال يعيش حتى اليوم في احدى المدارس التي تحولت الى معسكر لإيواء النازحين في عدن، و هو متشائم بإمكانية عودته الى مسقط رأسه. و يضيف "حتى و أن عدنا، فلم يتبقى لنا سوى النسور و الثعابين". صحيفة يو إس إيه تودي تقرير لونا كريج