وسعت القوات النظامية السورية أمس من رقعة قصفها مدينة حلب لتطال محيط الأحياء القديمة مع اقتراب القتال من قلعة حلب الأثرية وسيطرة المنشقين على معظم الأحياء القديمة، وذكرت مصادر أن الجيش النظامي استكمل انتشاره حول المدينة بانتظار بدء الهجوم الذي سيكون حرب شوارع طاحنة بحسب مصادر من النظام والمعارضة، في وقت قلل الجيش الحر من أهمية الحشود النظامية في ظل سيطرة المنشقين على طرق الامداد لقوات الأسد في دمشق وادلب وحلب. وبث ناشطون مقاطع فيديو أظهرت قيام جنود تابعين للجيش الحر بدوريات في أحياء حلب القديمة. وقال مدير العمليات التابع للجيش الحر في تصريحات صحافية إن قواته تحاول السيطرة على القلعة الأثرية التي يتمركز عليها قناصة تابعين للقوات الموالية للنظام في حلب. وأكد مراسل قناة «الجزيرة» أن الجيش الحر يحاصر القلعة والقصر العدلي من ثلاث جهات. وذكرت صفحة الثورة الحلبية على الانترنت والمتخصصة بنقل أخبار الثورة في المدينة إن النظام أطلق تسعة قذائف سقطت في جوار القلعة . الطيران الحربي وأضافت مصادر أن الجيش الحر يسيطر على أحياء حلب القديمة بشكل شبه كامل وعلى عدد من مباني المؤسسات الحكومية بمنطقة الحميدية المطلة على حي صلاح الدين، وأشار إلى أن الطيران الحربي قصف عدة أحياء بحلب. واستبعدت المصادر، التي صرحت لقناة «الجزيرة» شن الجيش النظامي عملية واسعة على المدينة لأن خطوط الإمداد في كل من إدلب ودمشق يسيطر عليها الجيش الحر إضافة إلى سيطرته على أكثر من 60 في المئة بالمدينة ذات الشوارع الضيقة مما يفرض على الجيش النظامي خوض حرب شوارع لا حربا شاملة. بدوره، قال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان ان حي صلاح الدين الذي يحاصره الجيش «يتعرض للقصف من قبل القوات النظامية السورية التي تشتبك مع مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة فيه». وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان «الحي شهد محاولة اقتحام لكن تمكن الثوار من صدها». بابا عمرو حلب من جهته، افاد الناشط الاعلامي محمد الحسن وكالة «فرانس برس» من حي صلاح الدين ان «طيرانا حربيا ومروحيا يقصف صلاح الدين ويحوم فوق المنطقة»، مشيرا الى «اشتباكات لا عمليات اقتحام». ولفت الى ان الحي «شبه خال من السكان»، مضيفا ان «اكوام النفايات تملأ الطرقات والكهرباء مقطوعة بالكامل وكذلك الخطوط الهاتفية الارضية والخلوية». وذكر ان «هناك دمارا كبيرا يطال الابنية والحي مدمر»، ووصفه بانه «بابا عمرو حلبي». لكنه قال ان المياه متوفرة، موضحا ان «الحي ليس محاصرا حيث انه بعد تحرير احياء سيف الدولة والمشهد والانصاري هناك حرية في الدخول والخروج منه (صلاح الدين)». وقال ناشط إن مقاتلي المعارضة حاولوا تمديد المساحة التي يسيطرون عليها في حلب من صلاح الدين إلى المنطقة المحيطة بمحطة الإذاعة والتلفزيون لكن تم صدهم. قصف المروحيات
وقال شهود إن دبابات النظام قصفت حلب وامطرت طائرة هليكوبتر حربية مواقع مقاتلي الجيش الحر بوابل من نيران الرشاشات. ورأى مراسل من «رويترز» في حلب معركة ضارية في شوارع حي صلاح الدين وهو مدخل للمدينة التي يسكنها 2.5 مليون نسمة. وقصفت الدبابات الأزقة التي احتمى بها مقاتلو الجيش الحر وسقطت قذيفة على مبنى قرب المراسل مما أدى إلى تساقط الركام في الشارع وتصاعد أعمدة كثيفة من الدخان.
وذكر صحافي من «فرانس برس» ان الوضع يراوح في مكانه. فاشتباكات عنيفة تدور بين الجيش النظامي ومقاتلي الجيش السوري الحر الذي يتألف من فارين من القوات النظامية ومدنيين حملوا السلاح. لكن كلا من الطرفين ينتظر الهجوم الكبير الذي وعد به الجيش. وللتخفيف عن حلب، يهاجم الثوار كل ليلة تقريبا مطار منغ العسكري في ريف حلب حيث تتمركز المروحيات. اما الطائرات الحربية فتأتي من ادلب غربا او من مناطق اخرى، ولا شىء يمكنه وقفها الآن على ما يبدو.
استكمال الحشود
في الأثناء، استكمل الجيش النظامي حشوداته حول مدينة حلب ، وبات جاهزا بانتظار الاوامر لشن الهجوم الحاسم للسيطرة على احياء المدينة المتمردة، بحسب ما افاد مصدر امني سوري رفيع وكالة «فرانس برس». واوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه ان «كل التعزيزات وصلت وهي تحيط بالمدينة »، لافتا الى ان «الجيش بات جاهزا لشن الهجوم لكنه ينتظر الاوامر». واشار الى انه «يبدو ان هذه الحرب ستكون طويلة»، عازيا السبب الى ان الهجوم الذي ستشنه قوات النظام في المدينة «سيشهد حرب شوارع» في اشارة الى مقاتلي المعارضة.
مشاهد الدمار
وكان حي صلاح الدين في حلب يوما حيا تجاريا مزدحما به مطاعم حيث كان يمضي السكان المساء مع أسرهم وتحول الآن إلى ركام وانقاض. وكست واجهات المباني قرب الجبهة آثار قذائف الدبابات وتحولت المنازل إلى مواقع للمراقبة وللقناصة بالنسبة لمقاتلي المعارضة. وتستخدم كتل كبيرة من الخرسانة كحواجز لإغلاق شوارع ويمتزج دوي الأعيرة النارية مع رائحة القمامة المتعفنة. وهناك أعمدة إنارة ملقاة على الأرض بعد أن سقطت بسبب القصف وأصبحت أسلاكها تتدلى في الهواء. ويتقاطر المدنيون في العودة لجمع متعلقاتهم والتأكد من سلامة منازلهم.
في دمشق أعلنت شبكة «شام» أن قوات الجيش النظامي أعدمت 12 شخصاً في حي التضامن وثمانية أشخاص في حرستا بريف دمشق، بينما سقط ستة قتلى في قصف للجيش النظامي على حي ركن الدين. كما أظهرت صور بثها ناشطون قصفاً يستهدف المباني السكنية في مدينة الزبداني بريف دمشق. كما تعرضت مدينة القصير بريف حمص ومدينة أريحا بمحافظة إدلب لقصف عنيف من قبل القوات النظامية. وأعلن ناشطون أن عشرات المباني السكنية انهارت في أريحا بسبب القصف العنيف للقوات النظامية.