أبو علي محمد الشوكاني "1173ه - 1209ه" فقيه ومجتهد يمني كرس حياته للتجديد الفقهي في الدين الإسلامي، رافضاً التقليد والتعصب والجمود، وتميز برفض التقليد وميله إلى التبسيط ومخاطبة عقل وتفكير المسلم، وبذلك فإنه أخرج الاجتهاد من معقله بمخالفته للقائلين إن بابه قد سد بما انتهى إليه السلف. وعمد إلى إبطال سد باب الاجتهاد ودحض من يقول بانتهائه مع انقضاء القرن السادس الهجري. مؤكداً كما يستخلص من وقفوا على إسهاماته أن العلم ليس إلا حصيلة لتراكم معرفي واجتهادي متواصل، وأنه يتطور وصولاً نحو الكمال، مخالفاً المقلدين الذين يقولون: إن العلم كان ميسراً لمن كان قبلهم، ثم أصبح تحصيله صعباً عليهم وعلى أهل عصورهم المتأخرة، مفنداً أن قولهم ذاك يجانب من له فهم صحيح وعقل سوي بقوله: "إن الله، وله المنة، قد تفضل على الخلف، كما تفضل على السلف، بل ربما كان في أهل العصور المتأخرة من العلماء المحيطين بالمعارف العلمية على اختلاف أنواعها من يقل نظيره من أهل العصور المتقدمة. كما سيقف على ذلك مَن أمعن النظر في هذا الكتاب"، ويقصد به كتابه «البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع»، ثم يقول: لا يخفى على من له أدنى فهم أن الاجتهاد قد يسره الله للمتأخرين، تيسيراً لم يكن للسابقين، لأن التفاسير للكتاب العزيز قد دُوِّنت وصارت في الكثرة إلى حد لا يمكن حصره، وكذلك السنة المطهرة . وتكلم الأئمة في التفسير والتجريح والتصحيح والترجيح بما هو زيادة على ما يحتاج إليه المجتهد، وقد كان السلف الصالح ومن قبل هؤلاء المنكرين يرحل للحديث الواحد من قطر إلى قطر، فالاجتهاد على المتأخرين أيسر وأسهل من الاجتهاد على المتقدمين، ولا يخالف في هذا من له فهم صحيح وعقل سويّ . ويرى الشوكاني أن المقلدين بإصرارهم على التقليد يخرجون على منطق الحياة، وسنن الكون، لأنهم قد ادّعوا أن الله قد رفع ما تفضل به على مَن قبلهم من الأئمة كمالَ الفهم، وقوة الإدراك، والاستعداد للمعارف. وهذه دعوى من أبطل الباطلات، بل هي جهالة من الجهالات، فإن نهاية العالم ليست كبدايته، بل هو سائر في طريق التطور والكمال والنضج العقلي عن طريق ازدياد المعارف وتطورها، ولذلك فالدكتور محمود قاسم يرى أن الشوكاني في موقفه من التقليد يتفق مع ديكارت الذي يرى أن العلم يتقدم دائماً نحو مرتبة نسبية من الكمال، وأن عظماء الرجال