عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    ورطة إسرائيل.. "أرو" و"ثاد" فشلا في اعتراض صاروخ الحوثيين    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    اليمن الصوت الذي هزّ عروش الظالمين    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ايران بعيون محايدة.. الحلقة الثانية
نشر في يمنات يوم 25 - 03 - 2013


العبقرية المرعبة للنخبة السياسية الإيرانية
طالبت وزملائي الحقوقيين المنظمة التي استقدمتنا الي ايران نسخا مترجمة الى العربية من الدستور الايراني وقوانين الاحوال الشخصية والعقوبات والاجراءات الجنائية .. الا انه ورغم الحاحنا لم نحصل الا على نسخ من الدستور فقط بحجه عدم وجود نسخ مترجمة الى العربية للقوانين المطلوبة الأخرى.. اخذت الدستور وقراته كاملا امتثالا لرغبتي الشديدة في التعرف على الاصول العامة والمحددات الكلية للنظام الديني الذي يحكم ايران ولكي يتسنى لي توجيه قراءاتي للواقع الايراني وما سيتحصل منها ضمن مسارات متسقة تتمخض في الاخير عن بلورة رؤية موضوعية من حصيلة وعي مشاهداتي..
بعد قراتي للدستور وجدت انه يؤسس لنظام سياسي ديني لا علاقة له من قريب او بعيد بأشكال وانماط النظم السياسية الحديثة والمعاصرة التي يعرفها العالم في العصر الحديث اي انه يحمل نظرية سياسية جديدة ومغايرة لمحددات وادوات علم السياسة المعاصر ويمثل نموذجا جديدا خاصا بإيران، والاهم في هذا السياق ان الدستور في المادة الثالثة منه والتي تنص على (من اجل تحقيق الاهداف المذكورة في المادة الثانية تلتزم حكومة جمهورية ايران الاسلامية بان توظف جميع امكاناتها لتحقيق ما يلي :
فقرة 13 -. ايجاد الاكتفاء الذاتي في العلوم والفنون والصناعة والزراعة والشون العسكرية وامثالها). فقره 16:- تنظيم السياسة الخارجية للبلاد علي اساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين والحماية الكاملة لمستضعفي العالم.
كما ان الدستور قد نص في مقدمته وديباجته على ما يلي:( ……….ومع الالتفات لمحتوى الثورة الاسلامية في ايران التي كانت حركة تستهدف النصر لجميع المستضعفين على المستكبرين فان الدستور يعد الظروف لاستمرارية هذه الثورة داخل البلاد - وخارجها- خصوصا بالنسبة لتوسيع العلاقات الدولية مع سائر الحركات الإسلامية والشعبية حيث يسعي الي بناء الامه الواحدة في العالم ……… ويعمل على مواصلة الجهاد لإنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة في جميع انحاء العالم …….) اي ان الدستور يؤسس ويشرعن لإعطاء النظام السياسي الاسلامي في ايران ممثلا بحكومته حق العمل على تخليق مكنات استراتيجية واجندات توسعية قيميا ونفعيا ضمن محددات السياسة الخارجية تتجاوز الجغرافيا بدواعي واجب النظام في الحماية الكاملة لمستضعفي العالم - كما يفهم من النص - على اعتبار ان النظام الاسلامي في ايران يحمل على عاتقه مشروعا انسانيا حضاريا يتجاوز الابعاد الوطنية والجغرافية انطلاقا من كون الاهداف العامة التي نصن عليها الدستور في المادة الاولي منه، والتي جاءت المادة الثانية خدمة لها معظمها اهداف ايمانية عالمية -انسانية تتجاوز العمق الوطني..
وتحمل اعباء هذه الرسالة يتطلب ابتداءا في مسارات الرؤية التاريخية والاقتدار التمكني تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد في كل المجالات المختلفة لذلك جاء الدستور حريصا و مؤكدا علي ذلك…
طبعا هذه القراءة متحصلة من النصوص النظرية في الدستور الايراني وأيا كان اتفاقنا او اختلافنا مع ذلك فهذا ليس مهما لأنني لست بصدد نقد النظام السياسي في هياكله البنيوية وانما في طور قراءته وفق المحددات الدستورية لأتمكن من القيام برصد مشاهداتي وقراءاتي للواقع على ضوء تلك السياقات النظرية المقروءة ومن ثم الوقوف علي المخرجات التنفيذية التي يبلورها النظام السياسي علي الارض وفي اجنداته السياسية استجابة لتحقيق الاهداف التي حددها الدستور في الفقرتين المشار اليها كونهما متلازمتان بصفتهما بوابتي التمكن والعبور ؟؟
فعلي صعيد الواقع الايراني وفق مشاهداتي استنتجت ان النظام قد قطع شوطا كبيرا في سياق تحقيق اكتفا ايران الذاتي في غالبية المجالات الخدمية والتنموية والعلوم والتقنية حيث يبدو واضحا ان النظام يملك مشروعا وطنيا كبيرا يتم من خلاله توظيف موارد البلد واستثمار مقدراتها عبر استراتيجيات عملية ممنهجة ضمن اولويات النظام وطبيعة قراءته للحاجات المجتمعية …هذه حقيقه لا يمكن اغفالها بدليل ان كفاءة المنظومة الخدمية والارتقاء بمستوي توفير الحاجيات ( تعليم - صحة - سكن -غذا ……الخ ) للمواطن الايراني هي اول ما يمكن ملاحظته في الواقع المجتمعي .كما يبدو واضحا وملموسا ايضا ان ايران اصبحت تمتلك بنية تحتية صناعية جبارة في مختلف القطاعات مقارنة بدول الشرق الاوسط واصبحت على مقربة من الوصول الي مستوى ومصاف الدول الكبرى في هذا السياق - هذه المنظومة التصنيعية والانتاجية تغطي معظم احتياجات ايران من السلع الاستهلاكية والمنتوجات الصناعية والعسكرية والتجارية والزراعية بل انها صارت علاوة على تصديرها - للفكر الثوري الديني -بلدا مصدرا في كثير من القطاعات الانتاجية المذكورة .. فغالبية ان لم نقل كافة ما يحتاجه ويستهلكه ويستخدمه المواطن هو من انتاج وتصنيع ايران .. وهنا يكمن السر في قوة ايران و قدرتها على التحرر من التبعية للخارج او الارتهان له تحت ضغط الحاجة.
ان سعي النظام الايراني الى تحقيق الاكتفاء الذاتي والعمل على تطوير منظومة اقتصاده - من اقتصاد اكتفائي الى اقتصاد تصديري - يؤدي بديهيا الى ان يكون لإيران طموحات استراتيجية في المنطقة وتوسع نفوذي عقائدي مذهبي خارج اطار الجغرافيا الإيرانية، وتلك الطموحات الاستراتيجية تأتي كحاجة اساسية في سياق خدمة المصالح التاريخية والاقتصادية للدولة الإيرانية.
وقد اشار دستور الدولة الإيرانية الي ذلك وان كان تحت اهداف ومسميات انسانية عامة كما ألمحنا في النصوص السابقة..
انه وعبر التاريخ من الطبيعي ان كل امة أو دولة تمتلك مشروع وطني او قومي يمثل خلاصة الاهداف والمصالح والتطلعات لهذه الدولة وتوظف من خلاله مقدرات وامكانيات تلك الامة او البلد بشكل ممنهج ان يكون من مقتضيات تحقيق تلك الاهداف والمصالح وجود طموحات استراتيجية واجندات نفوذ توظيفية في المحيط الاقليمي والدولي تتمتع بها الدولة ونظامها السياسي بل وتعمل علي ايجادها وتخليقها طالما وانها تمثل حاجة اساسية للوصول الي تحقيق اهداف ومصالح المشروع الوطني الكلي. لكن الاهم في هذا السياق الا تكون تلك الطموحات الاستراتيجية علي حساب استقرار ومصالح دول اخرى وان تكون خاضعة وقائمة على اساس المصالح المشتركة المتبادلة وضمن محددات ونظم المبادئ الدولية التي صاغتها وقوننتها المكونات الدولية مجتمعة عبر كافه مراحل التطور البشري..
اذا هل يمثل المشروع الايراني وطموحاته الاستراتيجية في المحيط الاقليمي خطرا حقيقيا على مصالح الشعوب والدول العربية القريبة من تماسه الجغرافي والواقعة في مرمى نفوذه العقائدي المذهبي..؟؟ وما هو نوع ذلك الخطر ان وجد ؟؟
ان هذا التساؤل بماله من ابعاد ضبابية واجندات متداخلة ومعقدة يمثل العمق الجوهري الذى تتبلور من متتالياته محددات العلاقة العربية - الايرانية .. لذلك فان الإجابة عليه تتطلب ابتداءا تفكيك علائقة في كل السياقات التاريخية الماضوية والسياسية والدينية والجغرافية وغيرها .
وهذا بدوره ايضا يلزمنا الرجوع قليلا الي الذاكرة الزمنية القريبة- ما قبل الثورة الاسلامية في ايران - وليس الذاكرة البعيدة حتي لا نتوه في اعماق التاريخ وسجالات صراعاته. وذلك من اجل الوقوف علي بعض الحقائق التي تستحضر نفسها بقوه في الوعي المنبثق من السياقات المطروحة…/ معروف للجميع ان علاقة الأنظمة العربية مع نظام الشاه في ايران كانت علاقه ان لم نقل منسجمة ومتكاملة الا انها على الاقل لم تكن عدائية كما هو الحال اليوم وهذه حقيقه لا تناكر فيها . مع ان نظام الشاه كان نظاما علمانيا معادي للدين في الوقت الذي كانت ولازالت فيه الأنظمة السياسية لممالك النفط العربية ونخبها الدينية المتفصلة في نسيج تكويناتها معادية للأنظمة العلمانية بل ومكفرة لها بحجة انها لا تقيم ميزانا للدين في حياة الشعوب هذا من ناحية.. ومن ناحية اخرى يؤكد التاريخ القريب ان نظام الشاه كان على علاقة حميمية بالكيان الصهيوني (اسرائيل) بل وخادما مطيعا لمصالحها ونفوذها الاستراتيجي في المنطقة وبذات الحميمية كانت تتسم علاقة نظام الشاه بأمريكا والامتثال الفج للتماهي في خدمة مصالحها في منطقة الخليج الفارسي والشرق الاوسط وبفعل دعم امريكا له استطاع ان يبني منظومة عسكرية قوية متفوقة تقنيا وحربيا وكميا على القدرات العسكرية لغالبية الأنظمة العربية ان لم تكن مجتمعة فمنفرده . وفي الوقت ذاته كانت الأنظمة العربية جمعا تستعدي اسرائيل وتنظر اليها ككيان محتل وغاصب حتى الدول التي ارتبطت معها باتفاقيات سلام جميعها كانت تكرس خطاب تعبوي معادي لإسرائيل، يحث على وجوب تحرير دولة فلسطين وكذلك كان الخطاب السياسي لكافة الأنظمة العربية معاديا لأمريكا كونها الشيطان الاكبر الداعم للكيان المحتل..

وفي المقابل لو عرجنا على المتغيرات والمحددات السياسية والبنيوية التي استجدت في ايران بعد الإطاحة بنظام الشاه وميلاد النظام الديني الايراني لوجدنا الحقائق الأتية:
اصبح النظام الايراني معاديا للعلمانية وفكرها السياسي مثله مثل العربية السعودية واخواتها .. ايضا اصبحت ايران مثل الدول العربية معاديه لإسرائيل وغير معترفة بوجودها بصفتها غاصبة ومحتلة فقد قامت بإغلاق سفارة اسرائيل وتحويلها الي سفاره لدولة فلسطين وبنفس وتيرة العداء ذاتها اتسمت علاقه ايران بأمريكا..
هذه المعادلات التي استجدت في ايران بعد الثورة الايرانية تصب من حيث المنطق ووفقا للفكر السياسي المبهرج بالدين الذي تروج له انظمة ممالك النفط ووفق محددات السياسات الخارجية التي تنتهجها هذه الانظمة في علائقها ببعض المكونات الدولية سيما امريكا واسرائيل كلها تصب في صالح التقريب والمقاربة بين العرب وايران وبالتالي يفترض انسجام وتكامل العلاقة بين الطرفين انطلاقا من وحدة تلك الاسس والمعايير التي اشرنا اليها والتي تدور وتتمفصل فيها بعض المصالح المشتركة. لكنه بعد سقوط نظام الشاه وفي الوقت الذي كان يجب ان يتم فيه ذلك التقارب كانت النتائج والتراكمات اللاحقة تسير في منحى عدائي مغاير وبصوره متفاقمة لا يمكن تبريرها في سياق المنطق السليم والتحليل الموضوعي وقد دشنت البروتوكولات العدائية افتتاحيتها بقيام النظام العراقي المسنود بالدعم المالي والعسكري خليجيا وامريكيا بشن حرب على ايران لتحرير شط العرب وبعض النقط الحدودية مع انه لم يسبق له - أي النظام العراقي - حتى مجرد التفكير بالقيام بذلك ايام حكم الشاه كل ذلك كان بالتزامن مع تدشين خطاب تعبوي استعدائي يحرض الوعي العربي ضد ايران لصالح ارتقا العلاقات العربية الامريكية بصورة تدرجية متنامية وصولا الي حد التماهي والتبعية والارتهان المخزي الذي نعيشه اليوم مسلوبي الكرامة..

اذ بعد هذا الاستعراض الذي لم اجد بدا من تفصيله يداهمني التساؤل السابق بصيغه تهكميه جديده لا أملك الا التواطؤ معها ليصبح . ماهي المصالح العربية التي يمثل النظام في ايران وطموحاته الاستراتيجية تهديدا لها كي نبرر لأنفسنا كشعوب مناصبة استعدائية والخوف منه ؟؟؟
ان مصالح الشعوب أيا كانت طبيعتها لا تأتي وليدة مقاربة لحظية او نتيجة لعلاقات انيه نفعيه لا اول لها لان تلك المصالح بطبيعتها كلية- جمعية- تتبلور وتتشكل في سياق تراكمات الحركة التاريخية والحضارية للشعوب والبلدان .
تلك المصالح حتى في حدة صورها النفعية - المادية لا يمكن فصلها عن حركة التطور التاريخي للشعوب او احرازها بمعزل عن الاعتبارات القيمية المتولدة من تلك التطورات المتدافعة لأنها اي مصالح الشعوب هي الأخرى حاجات متطورة في سياق حركة اي مجتمع واحتياجاته المتأتية من داخل العملية التاريخية بأنساقها الجغرافية والثقافية والسياسية وغيرها .. ومن هذه المعادلة ذات الابعاد الاعتبارية والتاريخية التي تؤطر المصالح الكلية للشعوب تتأسس معادلة اخرى في حقل التطور التاريخي وهي وجوب ان تكون الأنظمة السياسية الحاكمة المعنية بحمايه وتحصيل تلك المصالح هي الأخرى منبثقة عن ذات الاطر التي تخلقت منها المصالح الجمعية للشعوب المحكومة بصفتها فاعل رشيد ومنظومة مسئولة متماهية في تلك المصالح الكلية لصالح الشعب - بمعنى الا تكون هناك اي مصلحة للنظام السياسي خارج مصالح الشعب الكلية لان النظام السياسي هو في الاخير مصلحة شعبية بصورة او باخرى..

لا يوجد في قانون الرسالات السماوية والنظريات البشرية شيء اسمه مصلحة النظام السياسي وشي اخر اسمه مصلحه الشعب.. هناك فقط المصالح الكلية للشعوب والأنظمة السياسية الحاكمة هي الخادم والحارس لتلك المصالح ليس اكثر.
في اطار هذه المعادلة تكمن مأساتنا الدامية نحن الشعوب العربية فمنذ قرون طائله ومصلحة الأنظمة السياسية التي تحكمنا والمتمثلة في بقائها في سدة الحكم مده اطول وتملك الثروة والسلطة لصالحها هي المصلحة التي لا يعلى عليها في تاريخ حياتنا السياسية فشعوبنا وأوطاننا بكل مقدراتها وخيراتها مسخرة عنوة لمصلحة الأنظمة الحاكمة والحاكم الفرد الذي يتملكنا كقطيع اغنام لذلك لم تشهد الحياه السياسية في اي بلد عربي انبثاق نظام سياسي يحمل مشروع وطني استراتيجي يمثل امال واهداف وتطلعات ومصالح الشعوب وتوظف في اطار اجنداته وقنواته كافة الموارد البشرية والطبيعية.. لدينا انظمة سياسية تملك مشاريع استبدادية لا تتملك الثروة فحسب بل والانسان العربي ايضا الذي يعمل ولازال من اجلها مثل الكلب وحين يموت.. يموت جائعا.
ان اي نظام سياسي هدفه البقاء في الحكم ابديا واحتكار وتملك السلطة والثروة يتحتم عليه لإدراك تلك الغاية والحفاظ عليها ان يعمل على تشكيل المجتمع بالكيفية التي تناسبه ويعيد انتاج وعيه وثقافته وفقا لما يخدم تجذير فكره الاستبدادي في الذهنيات الجمعية والفردية وكذلك كبت طاقات هذا الشعب واختزال ابداعاته ومخرجات تراكمه المعرفي في صيغ وانساق خادمه للنظام ودعم بقائه هكذا هي معادلة حياتنا السياسية وهكذا تحكمنا انظمتنا المستبدة.. لذلك فهي ترى ان اي مشروع وطني يعيد بنا مجتمعاتنا علي اسس مدنية حداثية و توظف من خلاله مقدرات الاوطان ويمنهج لانبثاق قنوات عمليه تودي الي تحقيق التطلعات والاهداف الكلية لشعوبنا ترى فيه خطرا عليها كما تري ايضا ذلك الخطر في اي مشروع اقليمي مجاور يسعي لمد نفوذه في اطار الجغرافيا العربية..
لذلك فان انظمتنا السياسية بكل صيغها الملكية والجمهورية ترى في المشروع الايراني خطر عليها ليس من النواحي السياسية فحسب بل في اطرها النسيجية ومكوناتها البنيوية وفي هذا السياق تعمل بكل امكاناتها علي تحشيد شعوبنا وتعبئة وعينا بفكر استعدائي مناهض للنظام الايراني حتى لا تفكر هذه الشعوب في ان تمتلك هي الأخرى مشروعا وطنيا تنصهر فيه امالهم وتطلعاتهم..

ولو نظرنا بوعي لمعطيات المعادلة وعقدنا مقارنة بين ايران والعربية السعودية مثلا لوجدنا ان موارد الاخيرة الطبيعية تفوق بكثير عن موارد الاولى وراس مالها الوطني النقدي اكثر منها ايضا وترسانتها العسكرية لا تقل عن الاولى مع بعض الفوارق اللوجستية ومكانة السعودية الدينية اسلاميا وعالميا أعلى من مكانة ايران وكذلك الموقع الجغرافي والمساحة.
هذه السعودية وحدها فما بالنا بممالك النفط مجتمعة.. اذا كيف يمكن لإيران ان تمثل خطر علينا طالما ونحن متفوقين عليها في الموارد والمقومات المذكورة..
أليس بوسعنا ونحن نمتلك هذه الموارد والطاقات الامكانية استيعاب ايران في منظومتنا الاقتصادية والجغرافية على الاقل وعلى اساس المصالح المشتركة التي سنكون فيها الطرف الأقوى والمسيطر علي ادوات التمكن والإحتوى…
نعم ان مصلحتنا كشعوب تقتضي استيعاب ايران في منظومتنا الاقتصادية على اساس المصالح المشتركة وواحدية الدين وتكامل الجغرافيا ودون خوف منها طالما ونحن نمتلك كل موارد ومقومات التفوق عليها..
ان الحقيقة الدامية التي نعيشها اليوم هي اننا نخوض حربا بالوكالة عن اسرائيل وامريكا ضد الدولة الإيرانية دون ان نسأل انفسنا كنخب وشعوب لماذا نخوض هذا الحرب التي تزجنا في اتونها انظمتنا الواهية والمرتهنة..
ان الخطر الحقيقي الذي يفتك بنا هي الأنظمة الجاثمة علي صدورنا والتي استلبت احلامنا ورهنت اوطاننا بكل مواردها ومقدراتها لأمريكا مقابل دعم الأخيرة لها وحماية بقائها في السلطة..
في الاخير استطيع القول ان الخطر في داخلنا ويجب علينا اجتثاثه.. اما ايران وان كانت نظاما استبداديا وتوسعيا نتعارض معه في بعض المحددات فانا لا أرى فيها خطرا على الشعوب العربية وهناك فرق طبعا بين -الشعوب والأنظمة- بل على عكس ذلك فإننا حين نتخلص من السرطان السياسي المستشري في حياتنا ممثلا بممالك النفط وامراء السلب والنهب ومنظوماتهم السياسية الاستبدادية في بقية دولتنا نستطيع ان نبني علاقات متكاملة ومتناغمة مع ايران انطلاقا من معادلة المصالح المشتركة دون اي مخاوف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.