عندما يمارس الاستبداد الثوري باسم أوجاع الناس ومعاناتهم او باسم مصلحة الوطن ووحده وتماسك هيئاته ومؤسساته، فان عدالة المطالب تتلاشى شيئاً فشيئاً مقابل بروز الندية والتحدي وإصرار كل طرف لكسر ارادة ورغبات ومطالب الطرف الاخر. حتى وان غلفت مطالب كل طرف بمسميات شتى سواء ارتبطت بمعاناة الناس وهمومهم او بمصلحة البلد وترابطه ووحدة مؤسساته ونسيجه الاجتماعي، كما هو حاصل اليوم والذي برز فيه تصدر مكونات معينة لتبني الحشد والتظاهر ضد مكونات اخرى. و هي حالة مشابهة لما حصل في2011م وما حصل في مصر أثناء نظام مرسي، غير ان ما يميز الاحتجاجات المناوئة حينها لنظام صالح او لنظام مرسي، أنها كانت متسمة بتنوع المكونات الثورية والشعبية والحزبية التي تصدرت تلك الاحتجاجات، وهو ما ادى الى استمرار زخمها وعجزت معها الانظمة المستبدة في اخماد وهجها او تجيير فعلها الثوري او حصره على طرف بعينه في ظل ذلك التنوع حتى وان كان شكلي او محدود.. لكن في ظل المشهد الحالي في بلادنا برزت مكونات بعينها لتبني مطالب الناس مثل مكون (انصار الله) ونتج عن ذلك بروز مكون أخر ممثلاً بحزب الاصلاح وتحديداً مجلس توكل كرمان، الذي يصر وبشكل غريب لكسر مطالب الطرف الاخر ومجابهته حتى وان كان ذلك لا يخدم مصالح الناس وتطلعاتهم. و بالتالي فان بروز مكونات بعينها لتبني مطالب تتصل بمعاناة الناس وأوجاعهم أو تتبنى مطالب الاصطفاف الوطني و وحدة البلد ونسيجه الاجتماعي، ستكون النتيجة هي بروز هذه الاطراف واشتداد مواجهتها ونديتها وعلى حساب تلاشي المطالب العادلة التي يتبناها ويحملها كل طرف..!!! قد لا يستسيغ مثل هذا القول كلا الطرفين وسيتشبث كل منهم بأنه يتبنى مطالب عادله تسندها الارادة الشعبية، وهذه الارادة الشعبية هي من تبرز الى الواجهة و يتم الترويج لها اعلامياً من قبل كل طرف .. لكن هذه المسميات لا نجدها. و إذا ما تمعنا في هوية القيادة الفعلية والتنظيمية التي تتبنى وتملك قرارات التصعيد والتحشيد والتحشيد المضاد لكل طرف لوجدنا انها تفتقر الى التنوع، و إنما تنحصر بمكونين فقط يتمترس كل منهم ويحشد لكسر هيبة وإرادة الطرف الاخر.. و بالتالي فان جزمنا بحصر هذه الاحتجاجات بمكونين فقط لا نعني به حصر ذلك بهوية وانتماءات وغايات المشاركين في هذه الاحتجاجات، وإنما فيمن يملك اللجان المنظمة لها ويملك قرارات الحشد والتصعيد من كلا الطرفين حتى وان تنوعت هوية وانتماءات المشاركين في هذه الاحتجاجات.. و العبرة هي بمن هو الطرف الذي سيعمل على ضرورة ترجمة تلك المطالب التي يحملها فعلياً، من خلال اشراك قيادات لا تنتمي الى مكونه وتمكين تلك القيادات من امتلاك قرار التحشيد والتنظيم والتصعيد وكافة خيارات واليات الفعلي الثوري.. و هو ما نتمنى ان ينتهجه مكون انصار الله لأن المطالب التي يحملونها مرتبطة بمعاناة وتطلعات السواد الاعظم من ابناء هذا الشعب.