بغض النظر عن المآلات التي اَلت اليها ثورة فبراير فيما بعد فإنني اتذكر ذلك اليوم الاغر بفخر واعتزاز على المستوى الشخصي قبل ان يكون ذلك على المستوى الوطني. لقد صادف ان اكون ظهيرة ذلك اليوم (11فبراير 2011م) في مدينة الثورة "مدينة تعز" وتحديدا في قاعة الاحتفالات بالمسبح حيث كنت اشارك رفاقي في الحزب الاشتراكي بتعز افتتاح اعمال مؤتمر المنظمة في المحافظة. تحركت من صنعاء في الصباح الباكر وكنت اسابق الريح لكي اصل تعز قبل ان تنتهي اعمال الجلسة الافتتاحية ومن حسن حظي ان القائمين على الحفل كانوا على علم بقدومي وكنت على اتصال بهم طوال الطريق وقد تعمدوا تأخير فقرات الحفل حتى اصل واشاركهم مهرجانهم الحزبي والديمقراطي بعد فترة طويلة من تعطل النشاط الحزبي. وصلت متأخرا وتحديدا اثناء اذان صلاة الظهر ولأنهم كانوا قد انهوا معظم فقرات الحفل ومنتظرين وصولي في اي لحظة، لذلك وما ان وصلت الى بوابة قاعة الاحتفالات بالمسبح حتى اخذت من قبل المنظمين لأعمال المؤتمر الى منصة الاحتفال مباشرة.. كنت لحظتها سعيدا ومرتبكا ربما بسبب تأخري وربما بسبب فرحتي بان الحفل لم ينتهي بعد وربما بسبب الامرين معا وكانت اليمن والمنطقة تشهد غليانا وحراكا شعبيا وشبابيا في اكثر من ساحة ومنطقة.. والخلاصة كنت متشوقا للمشاركة واللقاء بالرفاق وهم كذلك خصوصا ولم يكن قد مر على اطلاق سراحي من السجن وانهاء اجراءات محاكمتي بالعفو سوى بضعة اشهر وكانت الصحافة قد تحدثت طويلا عن معاناتي المريرة في السجن وعن نضالات اسرتي ورفاقي واصدقائي من اجل الكشف عني واطلاق سراحي وهو ما جعل اللقاء بالرفاق في تعز يأخذ بعدا نفسيا ووجدانيا مكثفا. اخذت المكرفون وقبل ان اقول كلمة واحدة صرخت "الشعب يريد اسقاط النظام" فكان ان دوت القاعة بالهتاف ذاته "الشعب يريد اسقاط النظام ".. اخبرني فيما بعد الرفيق سلطان السامعي الذي كان يجلس مع سكرتير اول منظمة الحزب حينها الرفيق المناضل احمد الحربي بان الاخير "دكمه" قائلا طينها المقالح هههههههه في اشارة منه الى الانقسام الذي كانت تشهده المنظمة في تعز - كما هو حال الوضع في كل منظمات الحزب في المحافظات - بين تيار الشباب الثائر وقيادات الحزب التي كانت مترددة ولها حساباتها في اعلان الانعتاق الكامل من ربقة النظام السياسي كما هو حال المشترك حينها وحتى اليوم وكأن الرفيق الحربي كان يقول بتلك الحركة التلقائية القلقة "لقد حسم امر المؤتمر كله لصالح الشباب والطاقات المتحفزة للثورة". القيت كلمة قصيرة وانشغلت بعدها بالسلام على الرفاق داخل وخارج القاعة وبعد تناول طعام الغداء تحركت عائدا الى صنعاء مع زوجتي والعائلة الذين شاركوا في حفل الافتتاح.. عدنا الى صنعاء بسيارتي مع اسرتي الصغيرة وفي مدينة اب التقيت بأخي عبد الملك ونسبي يحيى الجوفي واختي نظيرة واولادها واخرين من افراد الاسرة كانوا يشاركون في حفل خطوبة "البزي". و في منطقة الدليل وكان الوقت بعد صلاة العشاء تقريبا ونحن نتحدث جميعا وبدون انقطاع عن الثورة في مصر وتونس ونتساءل هل سيسقط الرئيس مبارك بعد الرئيس بن علي ام لا؟ فجأة توقفت سيارة اخي عبد الملك واذا بأختي نظيرة تدعي باسمي وهي سعيدة بغاية السعادة "محمد محمد سقط مبارك سقط مبارك" كانت تعرف جيدا انني المعني الاول في الاسرة بتلك الساعدة الغامرة التي عشناها في فجر ثورات الربيع العربي. في الطريق الى صنعاء ظلت تلفوناتنا مفتوحة نتابع المظاهرات في تعزوصنعاء والتي خرجت ليلا بعد سماع نبأ سقوط مبارك وقد علمت فيما بعد ان معظم من شارك في اعتصامات ساحة الثورة بتعز ليلة 11فبراير هم رفاق اشتراكيون وناصريون خرج معظمهم من قاعات مؤتمر الحزب الى ساحة الثورة مباشرة واقاموا اعتصاما احتجاجيا وثوريا دائما ومن حينها تواصلت الثورة الشبابية السلمية حتى اعلان انضمام علي محسن في 21مارس 2011م ومن ثم اعلان المبادرة الخليجية التي ذهبت بالثورة او بفجرها الاول في اتجاهات اخرى لا علاقة لها بطموحات واهداف الشباب الذين هتفوا في ساحات تعزوصنعاء والحديدة وعدن "الشعب يريد اسقاط النظام".. * في صنعاء وبعد توقف الثورة بالعنف الاصلاحي الصالحي المحسني الحميدي بدا الجدل حول اهداف الثورة وسلميتها وتسميتها وتاريخ انطلاقتها واذكر حينها انني ساهمت مع اخرين في اختيار 11فبراير يوما للثورة ليس لأنه صادف قيام الثورة الاسلامية الايرانية ههههههه "حتى لا يذهب احدكم بعيدا "ولكن لأنني طرحت حجة منطقية لاختيار 11فبراير خصوصا وان الاصلاح وائتلافات ثوري اخرى كانت تطرح تواريخ مختلفة للثورة فمنهم من ارخ لها بأول مظاهرة دعا اليها المشترك "3 يناير" على ما اظن ومنهم من ارخ لها ب 15يناير وآخرين بتاريخ اخرى.. انا واخرين طرحنا 11فبراير كتاريخ للثورة معللين ذلك بان هذا اليوم هو اليوم الذي اسس فيه شباب الثورة في ساحة تعز للاعتصام والاحتجاجات المتواصلة حتى سقوط النظام على رغم ان مظاهرات خرجت تطالب بإسقاط النظام. شاركت شخصيا في بعضها ومع هذا وافق الاصلاح على مضض بتسمية 11فبراير ربما لأنه كان يحاول كسب تعاطف ابناءتعز حينها - ولا زال - لأنه كان يعرف بان تعز هي بؤرة الثورة وربما لأنه كان يريد سرقة الثورة من تعز عن طريق حمود سعيد وصادق سرحان - بعد ان سرقها في صنعاء ربما والله اعلم هههه افتخر اليوم بانني كنت ولا ازال منسجما مع نفسي وموقفي من ثورة فبراير ومن سرقتها ايضا.. فقد كنت واحدا ممن رفعوا اصواتهم بقوة ضد انضمام محسن وضد عسكرة الثورة ومنذ اليوم الاول لانضمامه وقد واجهت حملة شرسة ومتواصلة وكنت اطرح القول "بان الثورة قد سرقت واذا اردنا ان نستعيدها فما علينا الا ان نعترف بانها قد سرقت اما القول بان الثورة مستمرة ونبقى نتظاهر بدون هدف نوجه اليه احتجاجاتنا وبهدف اسقاطه فهي عملية عبثية وبالفعل كانت عبثة جدا زيف فيها الوعي ودمر على رافعتها الضمير الثوري لدى كثير من شباب الثورة حتى اصبح بعضهم في الصف المقابل للثورة مدافع عن نصف النظام ومستدعيا نصفه الاخر ولكنني كنت جادا بإسقاط الدخلاء على الثورة وقد حدث ذلك والحمد لله بثورة 21سبتمبر 2014م بقيادة الشاب الوطني عبد الملك الحوثي وتيار انصار الله وكل من شاركهم الثورة". ذهب الجميع مشرقا ومغربا وظللنا مع اخرين ننتظر لحظة استعادة الثورة ومواصلتها من حيث انتهت وكانت ثورة 21سبتمبر بعد اربع سنوات عجاف قضتها اليمن مخصوما من امنها ومعيشتها ومن كرامة وطموحات ابنائها.. اليوم و بأول اعلان دستوري في 8 فبراير 2015م يكون اول معالم انتصار ثورتي 11فبراير و21سبتمبر قد ظهر اما قبل ذلك فلا يمكن الحديث عن انتصار ثورة مع بقاء منظومة النظام السابق كلها بما فيها الدستور والمجالس النيابية والرئاسة والمحليات.