مع حفظ الألقاب والمناصب... علي عبدالله صالح ابلغ الاميركان والغرب، اذا تخليتم عني او شاركتم بإسقاطي فالفوضى و«القاعدة» ستحكم اليمن من بعدي! «الريس» حسني مبارك قال: «خدمت بلادي 61 عاما»، ولن يندهش اذا ظهر «الاخوان» والتطرف في مصر من بعده! القائد معمر وجه رسالة لا لبس فيها.. اما ان تستمر ليبيا في محاربة القاعدة، وفي التحالف الدولي ضد الارهاب، وهذا يعني بقاءه في الحكم، او ان البديل سيكون مخيفا! رامي مخلوف، رجل الاعمال والمقرب من النظام، وابن خال الرئيس، كان واضحا بالقول «اذا لم يكن استقرار هنا، فمن المستحيل ان يكون هناك استقرار في اسرائيل، لا يوجد أحد ليضمن ما الذي سيحصل بعد»! الجامع المشترك الحكام الخالدون التقوا مع سياسات الاميركان والاوروبيين كل من جانبه، ان البديل عنهم سيؤدي الى المجهول، واشنطن خائفة من «البديل» تقصد «الاخوان» اذا رفعت الغطاء والدعم عن هذا النظام او ذاك وعواصم الثورات تبعث برسائلها النصية الى قادة الغرب.. لا تخذلونا، اذا تخليتم عنا، فهذه الدول ستقع فريسة للاخوان وللاسلاميين، وفي احسن الاحوال، سيكون «البديل» مجهولا. وكأنهم يعاتبونهم على مواقفهم الداعمة لحريات الشعوب العربية والمطالبة بالتغيير. الجامع المشترك بين هؤلاء الحكام وقادة الغرب ان الطرفين استخدما «الاخوان» و«القاعدة» و«الاسلاميين» كفزاعة من اجل اضفاء الشرعية على سلطتهم وبقائهم في الحكم، مع ان «القاعدة» لا تملك تلك القوة والنفوذ والتمثيل في الشارع العربي كما يشاع ويتم النفخ فيها من قبل الماكينة الاميركية، ولا «الاخوان» بقوا كما كانوا قبل 40 او 50 عاما، فالتغيير اصاب تلك الجماعات واصبح هناك نوع من القبول عند الغرب بقبول «الاسلاميين» في الحكم. ان هناك من يتهم الأميركان بتسويق الاخوان وجعلهم شركاء في الحكم. نظرية الفراغ الفكرة ان الترويج لنظرية «الفراغ» اخذت مفعولها وتكاد تثمر وهي فكرة سبق ان سقطت مع مطلع التسعينات في اوروبا الشرقية عندما تهاوت الانظمة الحاكمة ذات الاسماء المخلدة والزعامات التي لم تتزحزح عن عروشها لقرون.. لكن ما حصل بها ان هذه الدول اخذت المنحى الديموقراطي في ادارة الحكم، وظهرت فيها قيادات لم تتح لها فرصة الظهور من قبل وممارسة السلطة.. فنظرية الفراغ اشبه بالكذبة البيضاء التي سرعان ما تنكشف عند اول عاصفة تهب عليها، فالذين تسلموا مقاليد السلطة لم تكن اسماؤهم معروفة.. واليوم باتوا اعضاء في منظومة البلدان الديموقراطية. البديل الى الان غير واضح، لعبة سياسية يشترك فيها الغرب مع بعض القيادات العربية، فالمسار الذي كان متبعا وبدعم ومباركة من عواصم القرار في اوروبا واميركا يقوم على «الشخص» و«الحاكم الفرد» والمطلق.. هو نظام لا يقتصر على مؤسسة الحكم. بل ينسحب على الشركات والمؤسسات العربية التي لم تعرف سوى النمط الفردي في الادارة، وكما مورست الديموقراطية بالسمع فقط، كانت الدكتاتورية هي المتسيدة باتخاذ القرارات، فالحاكم أو المسؤول هو الآمر الناهي، بيده المفتاح الذي لا يجيد استعماله الا «سعادته» والوصفة بسيطة، اتباع سياسة تقوم على «كرسحة» الآخرين او جعلهم كسيحين لا يقوون على شيء من أجل بقائه الزعيم الأوحد والقائد الملهم. أفضل وصف جاء به الكاتب ياسين الحاج صالح عن هذه الظاهرة ان «التصحير السياسي للمجتمع يضعف البدائل»، وضعف البدائل يجعل النظام هو البديل الوحيد عن نفسه، ما دامت الفوضى امرا غير مرغوب به، داخليا وخارجيا. منذ الثورة الاولى في تونس ولغاية اليوم، بقيت فزاعة «الاخوان» والارهاب و«القاعدة» تلازم خطابات الزعماء الخالدين، إما نحن او الى المجهول! والبحث عن بدائل؟ ثم تتجدد السيناريوهات، المعارضات مفككة وغير منسجمة، والاخوان والاسلاميون، غير مرغوب بهم، اذن، الخيارات معدومة، وعليه فلنبق على من هو موجود في السلطة! اللون الواحد في السبعينات ظهر مرشح بيروتي في الانتخابات النيابية رفع شعار «البديل»، وكان يدعى محمد المغربي، ترشيحه في بيروت الغربية اثار ضجة وحديث الناس، لان صوره ملأت الشوارع خاصة في البسطة التحتا.. محمد المغربي، طرح نفسه كبديل عن العوائل السياسية والبيوتات الكبيرة التي توارثت الحكم ابا عن جد، كانت النتيجة، ان الشعار بقي كفكرة، لكن الرجل سقط من اول دورة، ولم يعد احد يجرؤ على تكرار التجربة... لان الناس تخاف من التغيير ولم تكن البيئة السياسية تشجع على ذلك... اليوم المنطقة العربية تعيش حالة التغيير التي لم تستوردها من الخارج، بل كانت تعبيرا عن تراكمات واسلوب حكم وادارة فاسدة جعلت هذه الشعوب صاحبة المبادرة، ومن هنا تبرز قوتها والحصانة التي تتمتع بها. فعل التغيير من الداخل، والانتقال من مرحلة حكم تسيدت فيها انظمة ذات لون واحد وبأشكال مختلفة الى مرحلة جديدة ستحتاج الى بعض الوقت ليأتي المخاض صحيا، وقادرا على الاستمرار، وبتوليد آليات لتداول السلطة والحكم تكتسب شرعيتها ومشروعيتها من الشعب من دون خوف او إكراه. فزاعات «الإسلاميين» و«القاعدة» و«الارهاب» استخدمت في مرحلة ادارة المحافظين الجدد في البيت الابيض، واستوفت مردودها السياسي، جاءت الثورات العربية ربما لتزيل عنها، تلك الصفة وان بحدود، وبخلاف ما يطلق عليه «القاعدة والارهاب»، فالحديث هنا عن الحركات الاسلامية والاصولية. البحث عن «بديل» خارج الانظمة، ممكن او متعثر؟ الإجابة قد تكون فيما حصل في تونس وفي مصر، وان كان هناك من يضع التغيير الذي حصل في هاتين الدولتين تحت الاختبار حتى الآن، لان النتائج لا توحي بالسلامة الكاملة بعد. القبس