بيان توضيحي صادر عن المحامي رالف شربل الوكيل القانوني للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشأن التسريب غير القانوني لمستندات محكمة التحكيم الرياضية (كاس)    إضراب شامل لتجار الملابس في صنعاء    وزارة الشؤون الاجتماعية تدشّن الخطة الوطنية لحماية الطفل 2026–2029    جبايات حوثية جديدة تشعل موجة غلاء واسعة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي    المنتخب الأولمبي يتوجه للقاهرة لإقامة معسكر خارجي استعدادا لبطولة كأس الخليج    اليمن ينهي تحضيرات مواجهة بوتان الحاسمة    الحكومة تشيد بيقظة الأجهزة الأمنية في مأرب وتؤكد أنها خط الدفاع الوطني الأول    منتخب مصر الثاني يتعادل ودياً مع الجزائر    نقابة الصرافين الجنوبيين تطالب البنك الدولي بالتدخل لإصلاح البنك المركزي بعدن    وقفة ومعرض في مديرية الثورة وفاء للشهداء وتأكيدا للجهوزية    الأحزاب المناهضة للعدوان تُدين قرار مجلس الأمن بتمديد العقوبات على اليمن    دفعتان من الدعم السعودي تدخلان حسابات المركزي بعدن    مقتل حارس ملعب الكبسي في إب    ضبط قارب تهريب محمّل بكميات كبيرة من المخدرات قبالة سواحل لحج    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تدين وتستنكر التهديدات التي يتعرض لها الزميل خالد الكثيري"بيان"    الكثيري يطّلع على أوضاع جامعة الأحقاف وتخصصاتها الأكاديمية    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    محور تعز يتمرد على الدستور ورئيس الوزراء يصدر اوامره بالتحقيق؟!    الجزائية تستكمل محاكمة شبكة التجسس وتعلن موعد النطق بالحكم    القائم بأعمال رئيس الوزراء يتفقد عدداً من المشاريع في أمانة العاصمة    انخفاض نسبة الدين الخارجي لروسيا إلى مستوى قياسي    المنتخبات المتأهلة إلى الملحق العالمي المؤهل لمونديال 2026    تدهور صحة رئيس جمعية الأقصى في سجون المليشيا ومطالبات بسرعة إنقاذه    تكريم الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب في دورتها ال14 بلندن    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء محدودة من 7 محافظات وأمطار خفيفة على أجزاء من وسط وغرب البلاد    تغريد الطيور يخفف الاكتئاب ويعزز التوازن النفسي    ماذا بعد بيان اللواء فرج البحسني؟    الداخلية تعرض جزءاً من اعترافات جاسوسين في الرابعة عصراً    لجان المقاومة الفلسطينية : نرفض نشر أي قوات أجنبية في غزة    المرشحين لجائزة أفضل لاعب إفريقي لعام 2025    مجلس الأمن وخفايا المرجعيات الثلاث: كيف يبقى الجنوب تحت الهيمنة    وادي زبيد: الشريان الحيوي ومنارة الأوقاف (4)    اتفاق المريخ هو الحل    اعتماد البطائق الشخصية المنتهية حتى 14 ديسمبر    صنعت الإمارات من عدن 2015 والمكلا 2016 سردية للتاريخ    رئيس النمسا يفضح أكاذيب حكومة اليمن حول تكاليف قمة المناخ    نوهت بالإنجازات النوعية للأجهزة الأمنية... رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    الرئيس المشاط يُعزي الرئيس العراقي في وفاة شقيقه    الماجستير للباحث النعماني من كلية التجارة بجامعة المستقبل    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    الدكتور بشير بادة ل " 26 سبتمبر ": الاستخدام الخاطئ للمضاد الحيوي يُضعف المناعة ويسبب مقاومة بكتيرية    ايران: لا يوجد تخصيب لليورانيوم في الوقت الحالي    الكاتب والباحث والصحفي القدير الأستاذ علي سالم اليزيدي    قراءة تحليلية لنص "محاولة انتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    التأمل.. قراءة اللامرئي واقتراب من المعنى    مدير فرع هيئة المواصفات وضبط الجودة في محافظة ذمار ل 26 سبتمبر : نخوض معركة حقيقية ضد السلع المهربة والبضائع المقلدة والمغشوشة    النرويج تتأهل إلى المونديال    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    حضرموت.. حكم قضائي يمنح المعلمين زيادة في الحوافز ويحميهم من الفصل التعسفي    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوطن المأزوم و(العفاريت) المجنونة!!
قراءة لسياسة الإدارة بالأزمات، وإطلالة على ابرز القوى التي تتسبب في تلك الأزمات..
نشر في يمنات يوم 25 - 07 - 2011

وفي هذه الإطلالة سنحاول ان نلقي الضوء على سياسة الأزمات المتلاحقة والتي اعتمدتها بقايا النظام كعقاب جماعي بحق الشعب، والتي من أهمها رفع الأسعار بشكل جنوني وقطع إمدادات الغاز والنفط بكافة مشتقاته وإخفاءها، وقطع الكهرباء والتلاعب بها في كل المحافظات بما فيها العاصمة، وقطع كل خدمات الدولة الأساسية عن المواطنين، وايضاً سنحاول ان نتعرف على الأضلاع الكبرى و(العفاريت) التي أصبح الوطن في كفها، والتي كانت هي السبب في هذه الأزمات المتلاحقة التي تهدد بكارثة وشيكة في بلادنا إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.
سياسة الأزمات الممنهجة كسياسة معتادة
ظلت سياسة إدارة البلد بالأزمات هي السياسة المعتمدة طيلة فترة حكم (صالح) فكانت البلد ما ان تنتهي من أزمة حتى تدخل في أخرى، فبعد تحقيق الوحدة اليمنية واستقرار الأوضاع بشكل كبير لم يعثر صالح على اي أزمة يدير البلد من خلالها، فلجأ الى تدبير الأمور والمواقف وتهيئة الأوضاع لكارثة 1994 والتي أوهم من خلالها الشعب اليمني بأنه يخوض حرباً ضد الانفصال، وهي في الحقيقة لم تكن إلا حرباً ضد الوحدة، وكانت حرباً لصالح الأسرة الواحدة والعائلة المالكة، فقضى صالح بتلك الحرب على الوحدة الحقيقية رغم ان كل الأمور كانت تسير في صالحه، فالعاصمة عاصمته (صنعاء) وهو من استمر في الرئاسة واكتفى رئيس الشطر الجنوبي بمنصب النائب وذلك ما يحسب لعلي سالم البيض، ولكن من اعتاد على الأزمات لا يمكن ان يستمر بدونها، فمن تعود (السكر) بالخمر لا يستطيع ان يسكر بالماء مثلاً!!
وبعد قيام الثورة الشبابية الشعبية استمر صالح في إدارة البلد بالأزمات، فتكاثرت الأزمات على الشعب اليمني المسكين، ولكن لأن الشعب كان قد نوى التغيير وأصر ان يدفع ثمن سكوته عن الظلم والفساد والاستبداد طيلة ثلاثة عقود فقد صمد أمام تلك الأزمات، بل وقهرها بشكل أذهل العالم، وذلك ما يدل عليه استمرار هذه الثورة واستمرارا الاعتصامات في كل المحافظات اليمنية رغم كل الظروف المتقلبة التي أحاطت وتحيط بالبلد منذ قيام الثورة.
وبعد أحداث مسجد (النهدين) واثر مغادرة صالح للبلاد استمرت سياسة إدارة البلد بالأزمات، ولكنها كانت في أقسى صورة هذه المرة، فقد كانت السلاح الوحيد المتبقي في جعبة بقايا النظام والتي بدأت تطلق سهام ذلك السلاح على الصدور العارية التي خرجت تنشد الدولة المدنية وتطالب بالحرية، وقد تكاثرت الأزمات خلال الفترة المتأخرة والتي عملت على التضييق بالمواطن والتنكيل به، وقد كان الهدف من كل هذا هو جعل المواطن يندم على اندلاع الثورة، ويتمنى عودة صالح وأسرته ونظامه الى الحكم، وأيضا كان الهدف هو إلقاء اللائمة في كل الأزمات على الثورة، حتى انه جند لنشر هذه الإشاعة الآلاف المؤلفة من أتباع الأمن القومي والذين كانت مهمتهم تتلخص في إشاعة ان الثورة خربت اليمن وأنها هي سبب الأزمات وانه بعودة صالح ستعود الأمور الى ما كانت عليه، ولكن الشعب الذي خرج بالملايين ينشد التغيير هاهو يخرج بملايين أكثر من السابق ينشد طرد بقايا النظام وينادي بتشكيل مجلس انتقالي يدير البلد قبل وصوله إلى حافة الانهيار.!
وعند التركيز على الأطراف التي مثلت دور (العفاريت) بالنسبة لهذا الوطن الذي أصبح على اكفها، والتي كانت السبب الأكبر في هذه الأزمات المتلاحقة التي ستصيب اليمن في مقتل وشيك اذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه فان هناك جهات مختلفة ومتباينة كان لها دور إما بشكل مباشر او غير مباشر في إيصال البلد الى حافة الانهيار الاقتصادي كما انذر البنك الدولي والأمم المتحدة، او حتى السياسي كما تقول بذلك الأحداث المتسارعة بشكل يومي.
أما تلك الجهات والقى فنفسمها على النحو التالي:
العفريت الأول:
عبدربه منصور: (نائبة) من النوائب!
مع خروج صالح من البلد في رحلته العلاجية الى السعودية كان الدستور يفوض النائب بالقيام بمهام الرئيس، وقد كان على عبدربه استلام السلطة بشكل فعلي وإدارة البلد خاصة بأنه يتمتع بسمعة لا بأس بها رغم انه احد أفراد النظام السابق.
ولكن، رغم كل أمنيات الشعب بان يخرجه عبدربه منصور هادي من النفق المظلم الذي أوشك على الدخول فيه، وان يهديه سبيل الكرامة والعيش الكريم، وان ينتصر له ممن ظلمه واستبد به، رغم كل ذلك إلا ان الرجل لم ينتصر للشعب، بل انتصر لسيده، وبقيت العقلية التي ربى بها صالح عبدربه وأمثاله هي المسيطرة عليه، فقد كانت مهمته إبان عهد صالح تتلخص في زيارته لبعض المحافظات ونقل تحيات الرئيس الى أبنائها، وفي اكبر المهمات التي تولاها عبدربه والتي ائتمنه صالح عليها كانت مهمة رئيس لجنة الإعداد للاحتفالات، وكان الرجل الذي تخرج من أرقى الأكاديميات العسكرية في الغرب ما هو الا خريج كلية الفنون الجميلة في جامعة الحديدة، وبلغ عدم الثقة بصالح في نائبه انه الى الآن لم يتعين بقرار جمهوري بخلاف ما هو في الدستور والقانون وتشريعات جميع دول العالم، ولكن يستاهل البرد من ضيع دفاه فعندما ألقى الشعب المسؤولية بين يدي عبدربه لم يتحرر من عقلية (المأمورين) ولم يستطع تحمل تلك المسؤولية، وإنما جعل كل الأمور بين يدي (شلة) أولاد صالح وأولاد أخيه ومن شايعهم وناصرهم وسار على دربهم من أصحاب المصالح والمأجورين، وبقي عبدربه (كوز مركوز) لا يدري احد ما هي مسؤولياته ولا ما هي مهامه، بل وفوق ذلك ظهر عبدربه في مقابلة مع قناة (السي إن إن) الأمريكية شديدة الولاء لصالح، ومجدداً له العهد ان يحمي له الكرسي بالتعاون مع أبناء صالح وأبناء أخيه، ولذلك ليس بمستغرب، فتلك هي عقلية العبيد والتي ترفض التحرر مهما كانت الظروف!!.
ورغم ان عبدربه في أول تصريحاته للإعلام أكد بان مهمته هي إيقاف الحرب بين آل الأحمر والدولة، والتي تم إيقافها بفضل وساطة سعودية وليس بفضل هادي، وأكد بان مهمته الأساسية هي توفير المواد الضرورية للشعب من المشتقات النفطية، وإعادة التيار الكهربائي الذي كان يتطقع ويعود، ولكن بعد وعد هادي انطفأ التيار الكهربائي ولم يعد، ومن بعد ذلك الوعد تدهورت الأمور إلى الأسوأ، فقد تكاثرت إعداد الطوابير أمام محطات البترول والديزل، وارتفعت الأسعار بشكل هستيري، وبدأت حوادث القتل بسبب الخلاف على المشتقات النفطية تتصاعد، حتى انه في يوم واحد كما ذكرت قناة (البي بي سي) سقط أكثر من 17 مواطن وعشرات الجرحى في خلافات على المشتقات النفطية في أنحاء متفرقة من اليمن، وما خفي كان أعظم.
لذا فالواجب على عبدربه ان يستلم السلطة بشكل فعلي، وان يتحول الى (نائب) بالفعل بعد ان جعلته شلة أبناء الرئيس يظهر وكأنه (نائبة) من نوائب الدهر حلت باليمن الى جانب شخصيته الغير واثقة من نفسها، وان ينصاع لأوامر الشعب وليس لأوامر الأطفال والمراهقين الذين لا يحسبون حساباً لوطن ولا يهتمون لأمر شعب، وان (يقوي قلبه) ويعمل على تجربة ان يعيش بحرية بعيداً عن أملاءات الغير، وأنا متأكد انه حينها سيستلذ طعم الحرية، وسيعتاد عليها، رغم كل سنين الجلوس في بلاط صالح الملكي!!
العفريت الثاني:
احمد علي (ولي العهد) المرفوض:
كان مسلسل التوريث في اليمن يجري على قدم وساق، وكما كان جمال مبارك وسيف الإسلام القذافي يتهيأ كل منهما لاستلام سلطة والده كان احمد يستعد لاستلام السلطة بشكل (دستوري) كما هي شرعية والده الدستورية التي فصلها حسب مقاسه ومقاس ولده من بعده.
ولكن مع انطلاق الثورة عامة، وبعد أحداث النهدين خاصة. طفأ اسم احمد علي إلى السطح- ولا يطفوا إلا ما ليس له قيمة- وقد ارتبط ظهور احمد بانهار الدم التي سالت في أنحاء متفرقة من الوطن بفعل (جنون) احمد و(غباء) الحرس العائلي الذي ظل يطيع الأوامر حتى ولو كانت على حساب حياة الشعب بأكمله.
وعند الحديث عن الأزمات التي تصيب البلد فان المسئول الأكبر هو احمد علي بصفته قائداً على أبناء أرحب ونهم وتعز وأبين ومناطق أخرى، وبصفته ايضاً الحاكم الفعلي للبلد في ظل ضعف شخصية القائم بأعمال الرئيس.
ويستمر احمد في سياسة العقاب الجماعي للوطن الذي رفضه ووالده، فهل سيسكت أبناء يمن الإيمان والحكمة والقوة والعزة والشجاعة والإباء عن جرائم الحرس الجمهوري الذي يستولي على ناقلات النفط التي تصل كمعونات من السعودية والإمارات وغيرها، ويفجر الأنابيب النفطية، ويقوم بتمويل أطراف تخريبية للقيام بأعمال وهجمات تضر بسمعة الوطن والمواطن اليمني، وقبل ذلك تضر بالمستوى الاقتصادي للبلد الذي شارف على الانهيار، وتضر ايضاً حتى بالبطون الجائعة والطوابير الممتدة بشكل غير متصور أمام محطات البترول والغاز والديزل؟ وهل سيسكت أبناء الشعب على قائد الحرس احمد علي والذي يظن انه بأعماله هذه يقوم بالانتقام لوالده الذي يعرف بان من قام بمحاولة اغتياله كان من دائرة (المقربين) في القصر؟ وهل ستستمر سياسة إدارة البلد بالأزمات التي ضاق بها الشعب ذرعاً بعد ان كانت سبب انتفاضته على من قاموا بها طيلة العقود الماضية؟!
العفريت الثالث:
الدور الخليجي لأبالسة الخاء والجوار:
رغم ان المبادرة الخليجية التي قدمتها دول الخليج اجمع لترتيب انتقال السلطة في اليمن لم تلق موافقة جميع الثوار في الساحات، الا ان التعاطي السياسي معها كان ممكناً، وكانت مخرجاً سياسياً ناجحاً للبلد بأكمله ولصالح ليرحل بشكل مشرف، وقد شعر الكثير من أبناء الشعب بان أشقاءهم في دول الخليج يريدون لهم الخير، ويخافون على امن اليمن واستقراره، فخرجت مسيرات مؤيدة لتلك المبادرة، ولكن مع ظهور التعديلات (المخزية) على تلك المبادرة ظهرت (المبادرة) وكأنها (مؤامرة) على الشعب لإطالة عمر النظام، ولكي لا يمتد الفعل الثوري الى ممالك الخليج، وخاصة مملكة ال سعود الطرف الأقوى في المبادرة وفي الخليج بشكل عام.
وبعد أن أعلنت قطر انسحابها من المبادرة الخليجية تأكد للجميع ان المؤامرة الخليجية تستهدف الشعب والثورة، وقد ظلت تلك المؤامرة تلوح في الأفق كلما بدأ الحديث عن مخرج سياسي لليمن، رغم ان الثورة لا تعترف بالفعل السياسي، وقد لعبت السعودية دوراً بارزاً في محاربة الثورة اليمنية، وقد ظهر ان تقديم تلك المبادرة كان لكبح جماح الثورة وإيقاف قطارها عن السير وقطع وصولها إلى صحاري السعودية.
وقد ساعدت السعودية ودول الخليج الأخرى- باستثناء قطر- في إدخال اليمن دوامه الأزمات المختلفة من خلال دورها السياسي، ومن خلال دعمها ايضاً لأحمد علي للاستمرار في قيادة البلد ولو كان خلف مظلة (الكوز المركوز) عبدربه منصور، ورغم المنحة التي قدمتها السعودية بثلاثة ملايين برميل من النفط الخام ومثلها من الإمارات الا ان المتابع يدرك ان تلك المنح لم تصل الا لأيدي احمد علي، الذي قام بتوزيعها على أتباعه وأقاربه وقيادات المؤتمر، أما الشعب فلم يصل إليه شيء، ولو كان هناك فعلاً تقدير لحق الجوار والأخوة من قبل السعودية، لكان احد مسئوليها قد قام بنظرة لأحد الطوابير التي تتراكم أمام محطات البترول لكي يعرف هول الفاجعة والأزمة التي حلت باليمن!
خلاصة الأمر: لم تكتف السعودية بموقفها السياسي (المعيب) اذ انها دخلت كطرف- ولو بشكل خفي- في الحصار الاقتصادي على الشعب اليمني رغم تشدقها بمنحتها التي وصلت لأيدي الفاسدين وأعداء الشعب، لذا فالواجب على المملكة ان تعاود حساباتها، وان تعيد بناء جسور الثقة بينها وبين الشعب، فالشعب هو الباقي، اما الحاكم فهو فاني، والى زوال قريب.
العفريت الرابع:
الدور الأمريكي و(عورة) اوباما:
لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دوراً خبيثاً في الثورة اليمنية بعكس موقفها من ثورتي تونس ومصر وبشكل نسبي سوريا، ورغم تشدقها بأنها الراعي الأول للحريات، والداعمة الأساسية لحقوق الشعب الا ان موقفها من ثورة اليمن عكس ان الدعم ليس للحريات بقدر ما هو لمصالحها الخاصة - وهذا حقها طبعاً- ولكن ما أزاحت عنه ثورة اليمن مما خفي تحت الستار الأمريكي كان رهيباً، فقد واجهت السلطة الأمريكية الثورة بشكل مباشر وغير مباشر وبكل الطرق سواء المشروعة او غير المشروعة، ووفرت الدعم السياسي وحتى المالي للنظام البائد بقيادة صالح، وذلك لشعورها ان هذا هو النظام الذي سيساعدها على تحقيق أهدافها، وانه إذا تغير هذا النظام ربما تتغير أشياء كثيرة، وحتى الأجواء اليمنية لن تكون مفتوحة لطائراتها كما تفعل دائماً، ولن تكون السيادة اليمنية معرضة للانتهاك من قبلها وقبل غيرها الا في ظل هذا النظام.
ومن خلال السفير الأمريكي الذي تحول الى (مندوب سامي) يتجول في أنحاء البلد ويعقد الاجتماعات ويتخذ القرارات دخلت أمريكا الى عمق الأحداث في اليمن، ولعبت دوراً في إدخال البلد الى هذه الدوامة اللامتناهية من الأزمات المختلفة، فبسبب دعمها لبقايا النظام عملت هذه البقايا على محاربة الثورة بكل الوسائل، واتخذت من الأزمات وسيلة لتركيع هذا الشعب الذي ابى الركوع لغير خالقه، واتخذت سياسة العقاب الجماعي لأبناء الشعب وسيلة لإحياء النظام الذي سقط وتهاوت أركانه بعد اول صرخة ارحل، ومع اول قطرة دم روت تربة اليمن الحبيب!
وحتى على المستوى الدبلوماسي، ومستوى التصريحات الصحفية لم يصدر اي بيان عن الولايات المتحدة الأمريكية يتحدث عن سياسة إدارة البلد بالأزمات والعقاب الجماعي لأبناء الشعب وإدخال البلد في متاهة لا يعرف احد طريق الخروج منها، ولم يخرج (اوباما) الى العالم ليعلن بشكل جدي دعوته لرحيل صالح وتسليمه السلطة الى الشعب كما فعل مع بن علي ومبارك، فظهرت بذلك عورته التي ظل يسترها ويحاول إخفاءها وبانت عورة أمريكا- بلد الحريات- بأكملها، كل شيء ظهر الى العيان، ولابد ان لتلك (العورة) عواقب وستذوقها أمريكا ولو بعد حين!
اذاً، انكشفت الحقائق وأسقطت الثورة ورقة التوت التي كانت تغطي عورة أمريكا، والتي كانت تريد ان تظهر بصورة دولة الحريات والحقوق والانتصار لمطالب الشعوب، وفقدت أمريكا الكثير من سمعتها التي ليست جيدة عموماً خاصة بعد احتلال أفغانستان والعراق وتدخلها السافر في القضية الفلسطينية، فبما بالك الآن وقد دخلت أمريكا أعماق الدول العربية، فوقفت في خندق القمع والاستبداد والإرهاب الذي يحرسه الزعماء العرب الذي أثبتت الأحداث أنهم مجرد (دمى) في يد البيت (الأبيض) والذي لم يأتينا منه الا الليالي (السود).
العفريت الخامس
الفئة الصامتة ووجوب الانتفاضة القوية
لعبت هذه الفئة دوراً كبيراً في تشجيع بقايا النظام على الإفساد والبغي في الأرض، إذ بسكوتها استمرت تلك (العصابة) في اللعب بمصير شعب، واستردت بالحكم بالقوة والعنجهية، وكانت هذه الفئة هي (العذر) الذي تتعلل به تلك العصابة، فهم يقولون ان الأغلبية ما زالت صامتة، وان غالبية هذه الفئة الصامتة هي مع النظام ورئيسة المخلوع بقرار شعبه!
ولكن، سياسة الأزمات والعقاب الجماعي لم تستثن أحدا الا قيادات الفساد، فجميع المواطنين يقفون في طوابير طويلة لتعبئة الغاز والبترول والديزل، والجميع يسهرون على أضواء (الشموع)- ان وجدت- بعد ذهاب الكهرباء بلا رجعة بفعل بقايا النظام (الرومانسية)، والجميع يعانون من ارتفاع الأسعار،واحتفاء معظم الخدمات الأساسية التي يفترض ان تقدمها الدولة لذا فالواجب على الجميع التفكير بعين العقل، وتغليب مصالح الشعب بأكلمة على مصالح مجموعة من الأفراد (المقامرين) الذين عاهدوا الشيطان على إعادة البلد إلى القرون الحجرية رغم ان التقدم عنها لا يزال طفيفاً في ظل دولة صالح ونظامه!
وايضاً: لان جميع أبناء الشعب (في الغلاء سواء) فالواجب ان ينتفض الجميع الآن، حيث انه اذا تعاضدت الأيادي وتساندت السواعد وتوحدت الجهود واختلطت قطرات العرق مع بعضها ووقف الشعب في صف واحد، حينذاك سيصل هذا الشعب الى مخرج من جميع هذه الأزمات، ولكن ان تظل الأزمة فوق الجميع، والبعض يحاربها ويقهرها، والبعض يستسلم لها، والآخر يصفق لها وينادي بعودة نظام الأزمات، فهذا لا يقدم ولا يؤخر في مسلسل العقاب الجماعي والتعذيب الممنهج لأبناء الشعب من قبل تلك العصابة!
خلاصة الموضوع:
اليمن تقف على شفير الهاوية السحيقة، والبلد تعاني من (العفاريت) المتربصة، والتي تعمل على تغليب مصالحها الشخصية بعيداً عن التفكير في الوطن والمواطن، وان لم يقف الجميع في وجه تلك (العفاريت) فان العاقبة ستكون وخيمة، فلقد طال أمد الثورة، وتكالبت الأزمات على الناس، فهناك من يموت جوعاً، وهناك من يموت في خلافات على المشتقات النفطية، وهناك من يموت احتراقاً بالشموع بعد انقطاع الكهرباء.. هناك شعب يكتوي بنيران غلاء الأسعار، وهناك وطن يئن تحت وطأة غياب الخدمات الأساسية للدولة، ولابد لكل ذلك من حل، ولابد للثورة من حسم! فقد طال الأمد، وصبر الشعب الكثير، والأرواح التي تتساقط هذه الأيام وهي تبحث عن البترول والديزل كان يمكن ان تشكل جزءاً من فاتورة رحيل بقايا هذا النظام عبر الحسم الثوري، ولا زال الأمر ممكناً، لكن ان يستمر الأمر على ما هو عليه، فليقرأ قادة المشترك وسائر الأحزاب وبقايا النظام جميعاً (الفاتحة) على أرواحهم، فعندما تجوع (البطون) تفقد (العقول) ميزتها، ويهرول طوفان الجوع جارفاً معه كل ما يقف في طريقه، سواء كان من أفراد النظام او ممن أطالوا عمر النظام، والحليم بالإشارة يفهم!!
طارق فؤاد البناء- [email protected]
نقلا عن صحيفة اليقين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.