يقول الخبراء أن استقرار وأمن اليمن ومستقبلها كدولة موحدة معرَّض للخطر، بعد المظاهرات العنيفة الأخيرة التي اندلعت في الجنوب، حيث خرج الآلاف من المحتجين في الأيام القليلة الماضية إلى الشوارع في محافظات لحج والضالع وحضرموت وأبين، مرددين شعارات مناوئة للحكومة ومطالبين بالانفصال وانسحاب (الاحتلال الشمالي). وقد لقى العشرات مصرعهم في الاشتباكات التي دارت بين المحتجين وقوات الأمن، كما قُتل عدد من الجنود عندما قامت مجموعات مسلحة بمهاجمة نقاط تفتيش أمنية. وتعتبر هذه المظاهرات العنيفة الأسوأ في الجنوب منذ نهاية عام 2006. وفي هذا السياق، أوضح محمد الظاهري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، أن المحتجين طالبوا في البداية بالحصول على حقوقهم ولكنهم يطالبون الآن بالانفصال. وقال في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه «لو ظل الموقف بدون حل فإنه من الممكن أن يجد المطالبون بالانفصال آذانا صاغية تتعاطف معهم بين صفوف العاطلين عن العمل وهؤلاء الذين يشعرون بالكبت». وقد تم توحيد الجمهورية العربية اليمنية الشمالية وجمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية الجنوبية في عام 1990 لتشكيل جمهورية اليمن. ولكن الدولة الموحدة تعرضت للتهديد عندما اندلعت حرب أهلية في عام 1994 مع مطالبة القادة الجنوبيين بالانفصال. ولقى الآلاف مصرعهم في القتال العنيف الذي انتهي بهزيمة القادة الجنوبيين الذين كان يمثلهم بصورة رئيسية الحزب الاشتراكي اليمني. ويعتبر سكان اليمن البالغ عددهم 21 مليون نسمة من بين أفقر الشعوب في العالم ولا يمكنهم تحمل تكلفة المزيد من عدم الاستقرار. ومن الممكن أن يشتعل مرة أخرى نزاع مدمر في محافظة صعدة الشمالية، والذي كان قد مزق المنطقة خلال الفترة من 2004 إلى 2008. وهناك قضيتان أساسيتان جعلتا الشكاوى الجنوبية تستمر. وتتمثلان في الاستيلاء على الأراضي من قبل المسئولين الشماليين ذوي النفوذ بعد حرب 1994 وإقصاء المسئولين العسكريين والمدنيين الجنوبيين من الوظائف الحكومية العليا. وهذا ما دفع مئات الآلاف من الجنوبيين إلى تنظيم مظاهرات احتجاجية في مارس 2008 سبقتها العديد من الاحتجاجات الأخرى منذ عام 2006. وتشمل الشكاوى التي لا تزال موجودة حتى الآن عمليات قتل سياسي والاحتجاز التعسفي والتمييز في التوظيف والإقصاء من العملية السياسية والتواجد الدائم للمعسكرات ونقاط التفتيش العسكرية والمعاشات التي لا تفي باحتياجات الناس علاوة على فقدان أكثر من 100 ألف من العسكريين والمدنيين لموارد رزقهم عقب حرب عام 1994. وقد بدأ أصحاب المعاشات من العسكريين والمدنيين في الجنوب الاحتجاجات في عام 2006 مطالبين بالمساواة في الحقوق ولكن الحكومة رفضت الاستجابة لهم. وحذر الظاهري من أنه "لو استمر هذا التبلد السياسي فإن البلد قد ينقسم إلى عدة أجزاء". وطبقا للتقرير الذي أصدرته مؤسسة تشاثام هاوس الفكرية Chatham Houseومقرها لندن فإن الإقصاء الملموس للجنوبيين من رعاية الشبكات الشمالية في مجال الأعمال والسياسة والجيش قد شكل الأساس لتلك الإشارات الانفصالية. وقد ذكر التقرير أن موارد النفط اليمني موجودة في الجنوب ولكن الجنوبيين يشتكون من أن نظام الحكم في صنعاء يستأثر بالأرباح. حركة الجنوب يقود حركة الجنوب ضباط الجيش السابقين الساخطين في الجنوب. وهذه الحركة هي نقطة التجمع الرئيسية للمعارضين لنظام الحكم. وقد اكتسبت الحركة مؤخرا زخما بعد انضمام عدد من مشايخ الجنوب إليها. ففي الشهر الماضي، أعلن الشيخ طارق الفضلي، وهو زعيم قبلي بارز في محافظة أبين وحليف سابق للرئيس عبد الله صالح، أنه سينضم إلى حركة الجنوب. وقد وصف الفضلي القادة الشماليين بأنهم "غزاة للأرض والثروة" ودعا إلى تدويل قضية الجنوب. من جهته، د ذكر عضو البرلمان ورئيس كتلة الحزب الاشتراكي اليمني في البرلمان عيدروس النقيب أن 25 متظاهرا لقوا مصرعهم وجرح ما يزيد عن 150 متظاهرا آخر منذ عام 2007. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال النقيب أن السلطات مسئولة عن تصاعد العنف باستخدامها المفرط للقوة لقمع «الاحتجاجات السلمية». وذكر أنه جرى احتجاز 70 ناشطا في بداية هذا العام في الجنوب ولكن الاحتجاجات أغلقت الطريق السريع الرئيسي إلى أن تم الإفراج عن النشطاء، مضيفا أن السلطات ينبغي أن تحذر من استخدام القوة لأن ذلك «سيفتح جبهات لا يمكنها إغلاقها، وهو ما سيفتح أبواب جهنم». بدورها، قالت جين نوفاك المحللة والخبيرة الأمريكية في الشئون اليمنية، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، أن حركة الجنوب ظلت تكتسب زخما على مدى العامين الماضيين كلما قامت الدولة بقمع المتظاهرين بالقوة. وأضافت أن الصراع في الجنوب قد يتبع نفس نمط الصراع في صعده حيث تستهدف الدولة شريحة من السكان المدنيين. وذكرت نوفاك أن «القصف الأخير لردفان وهو حي في محافظة لحج قد حرض الكثير من الجنوبيين وأعطاهم شعوراً بأن الدولة غير راغبة في معالجة مظالمهم وشكواهم بأي شيء سوى الرصاص». وأضافت أن «استمرار الهجوم العسكري والهجمات التعسفية على المحتجين والصحفيين والنشطاء الجنوبيين سوف يلهب المشاعر ويعزز منطق الانفصالية. ولا يزال على الدولة أن تعالج القضية الرئيسية وهي احتكار السلطة من قبل النخبة الشمالية». كما أشارت نوفاك إلى أن عمليات إلقاء القبض التعسفي على المحتجين وتعدد حالات الإصابة والوفاة أثناء الاحتجاجات قد أججت المزيد من المظاهرات. أوربا: على دول الخليج مساعدة اليمن وباكستان ضد المتشددين من جهة ثانية قال منسق جهود مكافحة الإرهاب بالاتحاد الأوروبي انه ينبغي لدول الخليج مساعدة باكستان واليمن على تعزيز الامن في مواجهة تزايد عنف المتشددين الذي يمكن أن ينشر نهجهم. وأضاف جيل دو كيرشوف لرويترز، أنه ينبغي للسلطات الخليجية أيضا تضييق الخناق على عمليات نقل الأموال المحتملة إلى الجماعات المتشددة عبر مغتربين باكستانيين ويمنيين يعيشون بالمنطقة. وقال على هامش أعمال مؤتمر بشأن تمويل الإرهاب «إنها مسألة معرفة ما إذا كان يمكننا العمل مع دول الخليج لمحاولة تجنب أن تصبح باكستان واليمن ما يطلق عليه عادة اسم دول فاشلة وتدريجيا ملاذات آمنة لمنظمات مرتبطة بتنظيم القاعدة». «إننا نلاحظ قيام القاعدة بتنظيم صفوفه بشكل إقليمي.. في شمال أفريقيا والعراق وشبه الجزيرة العربية»، في إشارة إلى جماعات مختلفة تستخدم اسم القاعدة. وأضاف: «إنه لضروري بشكل ملح أن نساعد باكستان واليمن في تعزيز أجهزة مكافحة الإرهاب لديهما». واستغلت حركة طالبان الحليفة للقاعدة قاعدتها في مناطق البشتون القبلية على الحدود الأفغانية الباكستانية للسيطرة على مزيد من الأراضي داخل باكستان المسلحة نوويا والتي تخشى قوى غربية وحلفاؤها بالمنطقة من انهيارها. ويكافح اليمن موجة جديدة من هجمات القاعدة خلال العام الماضي علاوة على فكر انفصالي في الجنوب أدى الى وقوع اشتباكات هذا الأسبوع دفعت الولاياتالمتحدة إلى توجيه نداء نادر للطرفين للعمل على إبقاء اليمن موحدا. وتواجه صنعاء أيضا تمردا من جانب الشيعة الزيديين في الشمال وقبائل متمردة ترفض السلطة المركزية مما أوجد أرضا خصبة لنشاط الجماعات المتشددة. وقالت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم إنها تخشى من أن يسمح عدم الاستقرار في اليمن بأن تتحول إلى قاعدة لإحياء حملة شنها تنظيم القاعدة من عام 2003 إلى 2006 للإطاحة بأسرة آل سعود الحاكمة المتحالفة مع الولاياتالمتحدة. وشهد اليمن - الذي خاض مواجهة ضد هجمات لتنظيم القاعدة في العام المنصرم - أسبوعا من الاشتباكات بين الشرطة والسكان المحليين في جنوب البلاد حيث تبدو المشاعر الانفصالية قوية. ودفعت الاشتباكات إلى صدور دعوة نادرة الحدوث من السفارة الأمريكية في صنعاء إلى الطرفين للعمل من اجل الحفاظ على اليمن موحدا خشية أن يستفيد المتشددون من انفصال الجنوب. وقال الرئيس اليمني أمام مؤتمر للحزب الحاكم في صنعاء «أدعو مختلف القوى السياسية للحوار لحل الخلافات والتفاهم حول قضايا الوطن الذي يهم كل المواطنين».بحسب رويترز. وقال: «دول مجلس التعاون الخليجي يقفون إلى جانب وحدتكم لان الأمن والاستقرار في اليمن يهم دول الجوار وأي خلل في الأمن والاستقرار في اليمن ستكون انعكاساته سلبية على دول الجوار»، مشيرا إلى المملكة السعودية والكويت وقطر والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان. وتولى صالح (67 عاما) السلطة في اليمن الشمالية السابقة في عام 1978 وظل رئيسا بعد الاندماج مع الجنوب في عام 1990 وفاز بفترة حكم أخرى مدتها سبع سنوات في انتخابات عام 2006. وساند صالح التحركات الأمريكية ضد القاعدة بما في ذلك ما حدث داخل اليمن بعد هجمات عام 2001. رابط التقرير الأصلي http://www.annabaa.org/nbanews/2009/05/283.htm