رئيس النمسا يفضح أكاذيب حكومة اليمن حول تكاليف قمة المناخ    صنعت الإمارات من عدن 2015 والمكلا 2016 سردية للتاريخ    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    حذرت كل الأطراف الدولية والإقليمية من اتخاذ القرار ذريعة للإضرار بمصالح الجمهورية اليمنية..    الرئيس المشاط يُعزي الرئيس العراقي في وفاة شقيقه    نوهت بالإنجازات النوعية للأجهزة الأمنية... رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    الماجستير للباحث النعماني من كلية التجارة بجامعة المستقبل    الدكتور بشير بادة ل " 26 سبتمبر ": الاستخدام الخاطئ للمضاد الحيوي يُضعف المناعة ويسبب مقاومة بكتيرية    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    الكاتب والباحث والصحفي القدير الأستاذ علي سالم اليزيدي    قراءة تحليلية لنص "محاولة انتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    التأمل.. قراءة اللامرئي واقتراب من المعنى    ايران: لا يوجد تخصيب لليورانيوم في الوقت الحالي    هزتان أرضيتان جنوب وغرب محافظة تعز    بعد فشل المواجهات العسكرية أمام صمود اليمنيين.. الأجهزة الأمنية تطيح بأخطر المخططات التجسسية الأمريكية الإسرائيلية السعودية    المؤامرات السعودية ووعي اليمنيين    النرويج تتأهل إلى المونديال    مدير فرع هيئة المواصفات وضبط الجودة في محافظة ذمار ل 26 سبتمبر : نخوض معركة حقيقية ضد السلع المهربة والبضائع المقلدة والمغشوشة    خلال وقفات شعبية وجماهيرية .. أبناء اليمن يؤكدون: مساعي العدوان للنيل من الجبهة الداخلية باتت مكشوفة ومصيرها الفشل    "الصراري" شموخ تنهشه الذئاب..!    مرض الفشل الكلوي (28)    أمن مأرب يعرض اعترافات خلايا حوثية ويكشف عملية نوعية جلبت مطلوبًا من قلب صنعاء    صلاح ينافس حكيمي وأوسيمين على جائزة الأفضل في افريقيا    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    البحسني يهدد باتخاذ قرارات أحادية لتطبيع الأوضاع في حضرموت ويتهم العليمي باستهداف المحافظة    طائرة البرق بتريم تتجاوز تاربة ينعش آماله في المنافسة في البطولة التنشيطية لكرة الطائرة بوادي حضرموت    الشعيب وحالمين تطلقان حملة مجتمعية لتمويل طريق الشهيد الأنعمي    حكومة بريك تسجل 140 مشاركًا في مؤتمر البرازيل بينما الموظفون بلا رواتب    تنامي التحذيرات من محاولات الإخوان جر حضرموت إلى دائرة التوتر    البرتغال إلى نهائيات «المونديال» للمرة السابعة توالياً باكتساحها أرمينيا    ضبط شحنة أدوية مهربة في نقطة مصنع الحديد غرب العاصمة عدن    رئيس تنفيذية انتقالي لحج يطلع على جهود مكتب الزراعة والري بالمحافظة    بلا رونالدو.. البرتغال "مبهرة" تنتصر 9-1 وتصل للمونديال    سياسيون يحذرون مجلس الأمن من تداعيات تجاوز قضية شعب الجنوب ويطلقون وسم #السلام_والاستقرار_بعوده_الجنوب    افتتاح معرض صور الآثار والمعالم التاريخية اليمنية في إب    حضرموت.. حكم قضائي يمنح المعلمين زيادة في الحوافز ويحميهم من الفصل التعسفي    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    بعثة المنتخب الوطني تصل الكويت لمواجهة بوتان    رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    الجوف.. تسيير قافلة من البرتقال دعماً للمرابطين في الجبهات    ولد علي يعلن قائمة المنتخب اليمني النهائية لتحدي آسيا وكأس العرب في نوفمبر الناري    "العسل المجنون" في تركيا..هل لديه القدرة فعلًا على إسقاط جيش كامل؟    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    "وثيقة".. الرئاسي يعتمد قرارات الزبيدي ويوجه الحكومة بتنفيذها    بدء صرف راتب أغسطس لموظفي التربية والتعليم بتعز عبر بنك الكريمي    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    أفاعي الجمهورية    سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي    مريم وفطوم.. تسيطران على الطريق البحري في عدن (صور)    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خدعوك فقالوا: أن الله أمر ببتر يد السارق - قرأة المؤمن بالله عبد الرحمن
نشر في يمنات يوم 16 - 07 - 2012

كنت اتابع حلقة ليل السبت الموافق 14 يوليو 2012م تدور النقاش فيها حول الرحمة وعدم استخدام العنف في الإسلام وقد طرحا المحاوران مثلين لفتا إنتباهي الأول هو عقوبة رجم الزانية التي أتت إلى رسول الله عليه السلام وكيف أعادها عدة مرات قبل أن يطبق عليها حد الرجم. وطبعاً حد الرجم ليس موجوداً في القرآن ولم يذكر راوي الرواية لماذا طبق عليها الرسول حد الرجم حتى الموت ولم يطبق نفس الحد على الذكر الذي مارس معها الفاحشة؟ والمثل الأخر هو قطع يد السارق ( بترها ) وكيف من الرحمة في الإسلام أن نعامله بدون احتقار بعد بتر يده. ولذلك رأيت أن أناقش الموضوع الثاني مناقشة علنية لتوضيح الخطل التي وقعنا فيه في عدم تدبرنا لكتاب الله والأخذ بالرويات على أساس أنها من التشريع.
موضوع النقاش هو قطع يد السارق الوارد في الأيه:
"وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)" المائده
كما يلاحظ من الايه اعلاه ان هناك عقوبة وُضِعَت للسارق والسارقه ولها علاقة بقطع يديهما وحسب ما هو مفهوم فأن العقوبه هي فصل اليدين بواسطة آلة حاده كالسيف او المنشار وما شابه.
لمحاولة فهم معنى العقوبه (فأقْطَعوا أيديهما) يجب ان نفرّق بين فعلين تشابه و أختلط علينا معناهما. لتوضيح معنى الفعلين يجب أن ننتبه للتالي (أرجو الانتباه على حركات الحروف في كل كلمة):
ماضي مضارع أمر فاعل مفعول
قَطَعَ يَقْطَعُ اقْطَع قاطِع مَقْطوع
قَطَّعَ يُقَطِّعُ قَطِّع مُقَطِّع مُقَطَّع
(*1) نلاحظ ان الفعل الاول (قَطَعَ) {بفتح الحروف الثلاثه} هو فعل مجرد والفعل الثاني (قَطَّعَ){بتشديد الطاء وفتح الحروف الثلاثة} هو كما متعارف في قواعد اللغه العربيه ما يسمى فعل مُزَيَّد (اي زاد عليه تضعيف حرفه بالشده).
هناك من قد يقول ان الفعل الثاني هو نفس الفعل الاول المجرد و أنه يدل على التكثير والمبالغه حسب ما هو متداول ومتعارف. ونحن نقول ان الفعل الثلاثي المزّيد عن الفعل الاصلي (سواء بالشدّه او بالالف) ليس بالضروره أن ينتج عنه مبالغة نفس المعنى الاول ولكن قد ينتج معنى جديد للفعل وان التكثير والمبالغه ليست الا احدى احتمالات التضعيف. وهذا ما يعرف بالزياده البنائيه وهي الزيادة التي تغير من بناء الكلمة الأصلي ، فينتج عن ذلك كلمة جديدة ، نتيجة لزياد حرف أو أكثر على الكلمة الأصل .
هذا ان كان الفعل الثاني (قَطَّعَ) اصلا هو مضعّف لنفس الفعل الاول (قَطَعَ). ولننا نؤكد هنا بانهما في الاصل فعلين مختلفين. وكون الفعلين وردا في القرآن فتعالوا نرى معانيهما في القرآن.
نبدأ بذكر وشرح اغلب الايات التي ورد فيها ذكر الفعل الاول (قَطَعَ) {بفتح الاحرف الثلاثة} أو مشتقاته ثم ننتقل لذكر وشرح اغلب الايات التي ورد فيها ذكر الفعل الثاني (قَطَّعَ) بتشديد حرف الطاء.
قَطْع ما أمر الله به أن يوصل:
لننظر الى ما تقوله سورة الرعد في الايات (20 و 21 و 22) و كذلك الايه بعدها (25). الايات (20 و 21 و 22) تذكر صفات من لهم عقبى الدار ومنها انهم يَصِلون ما امر الله به ان يوصل:
"الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ (21)وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)" الرعد
أما ألآيه (25) وبعد الانتهاء من صفات من لهم عقبى الدار, تبدأ بصفات من لهم سوء الدار واحدى صفاتهم انهم يَقْطَعون ما أمر الله به أن يوصل:
"وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)" الرعد
و الآن لنقارن بين الصفات المذكوره في الايات اعلاه مع جزمنا بأن السياق متصل ولم ينقطع بأي حال من الاحوال.
و لننظر كذلك إلى سورة البقره الآية (27):
"الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)" البقره
من الآيات أعلاه نجد أن (يَقْطعون) بالفتحة والسكون وليس (يُقَطّعون) بالضمة والفتحه وتشديد الطاء...تعني يمنعون وَصْل ما أمر الله به أن يوصل عكس (يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ). أي أن (يَقْطعون) بالفتحة والسكون تعني يمنعون الوصل. لا يمكن ان تعني (يَقْطَعون) هنا (فَصْل ما امر الله به ان يوصل عن بعضه) ولكنها تعني (مَنْع وصل ما امر الله به ان يوصل).
نأخذ الفعل الماضي الاول (قَطَعَ) بفتح الحروف الثلاثه واشتقاقاته:
قَطَعَ الوصل: أي مَنَعَ الوصل ان يوصل (عكس وَصَلَ) و ليس مزَق او فصل الوصل عن بعضه و لو كان قَطَّع الوصل لكان جعله قِطَعٌ ممزقه متباعده عن بعضها.
يَقْطَعُ الوصل: أي يمنع الوصل أن يوصل (عكس يُوصَل) وليس يمزق او يفصل ما امر الله به ان يوصل
اقْطَع الوصل: أي إمنَع الوصل أن يوصل (عكس صِلْ) وليس مَزِقْ ما امر الله به ان يوصل
قَطْع الوصل: أي مَنْعُ الوصل من الوصول (عكس وَصْل) وليس تمزيق ما امر الله به ان يوصل
اذاً وَصْل ما أمر الله به ان يوصل مَقْطوع وليس مُقَطَّع.
قَطْع الامر:
"قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)" النمل
يقول القرآن عن ملكة سبأ "ما كنت قَاطِعَةً" وليس "مُقَطِّعة". هنا نلاحظ الفاعل هو "قَاطِعٌ" وليس "مُقَطِّعٌ".
ذكرت ملكة سبأ انها لن تَقْطَع امرا الا أن يشهد الملأ.
قَطْع الامر هنا هو اصدار امر نهائي ممنوع تغيره (وليس مجرد اتخاذ أمر عادي يمكن العوده عنه) ولذلك ربطت قَطْع الامر بشهادة الملأ لان حالة الامر ستكون نهائيه ملزمة ممنوع تغييرها ولهذا استلزم التشاور قبل قَطْع الامر.
هنا قَطْع الامر ليس تمزيقه او فصله أو قصّه عن بعضه ولكن إصدار أمر نهائي ممنوع من التغيير.
قَطْع الدابر:
استَخدم القران عبارة قطع الدابر اكثر من مره:
"وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)...الى قوله... فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)" الانعام
"وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (65)...الى قوله... فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ (72)" الاعراف
قال (فقُطِعَ دابر) ولم يقل (فقُطِّعَ دابر).
قال (وقَطَعْنا دابر) ولم يقل (وقَطَّعنا دابر).
فما هو (قَطْع الدابر)؟ هل هو مطابق لمعنى المنع كمنع الوصل ومنع الامر؟ ولكن منع دابر الذين كذّبوا من ماذا؟
اعلاه ذكرنا ايتان لقطع الدابر استخدمت مع القرى والامم السابقه وهناك ايات استخدمت مع الكفار في زمن الرسول ولكن سنذكر ايات الامم السابقه اولا لنبين معنى (قَطْع الدابر) ثم نذكر الاخريات.
المعلوم ان الله (أهلك) القرى ودمرها وانهاها كما ذكر القراءن في كثير من المواقع ومنها مثلا قوم عاد:
"فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (139)" الشعراء
وكذلك يقول عذبهم عذابا اليما:
"فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)" الاحقاف
وغيرها كثير...اذاً هناك (هلاك) وهناك (عذاب اليم) وهناك (قَطْع دابر) وكلها صفات لما حصل لقوم عاد.
الهلاك هو انتهائهم
العذاب الاليم هو تعذيبهم
قطع الدابر هو منعهم من العوده او الرجوع لأنهم اُهلكوا, بدليل:
"وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)" ألانبياء
"أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ (31)" يس
"وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14)" ألانبياء
ولكن مَنْعَهُم ان يرجعوا الى ماذا؟
"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)" الاعراف
"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)" الروم
"حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)" المؤمنون
"وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)" السجده
الرجوع هنا هو الرجوع الى الايمان بعد معرفة الأدلة والآيات البينات. ولكن الأقوام السابقه التي وقع عليهم الهلاك حُرِّم ومُنِعَ عليهم الرجوع بعد أن رأوا العذاب (فأنْقَطَعَ دابرهم أيْ مُنعوا من الرجوع) وكُتبتْ عليهم التهلكه.
أما الكفار في زمن الرسول:
"لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ (127)" آل عمران
قَطْع لطرف من الكفار أي منعه لجماعة معينه من الكفار من الرجوع بعد ان رأوا الادلة أو العذاب كما بينّا اعلاه.
"وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)" ألانفال
يهلك الكافرين ويمنع عليهم الرجوع كما بينا أعلاه من معنى (قَطْع الدابر)
قَطْع السبيل:
"أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29)" ألعنكبوت
(قَطْع السبيل) وليس (تقطيع السبيل), المقصود هنا هو منع اتخاذ السبيل (أي سبيلٍ كان) وليس تقطيعه الى قِطَع.
نعود الى الايه سبب البحث:
"وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (39)" المائده
فما هي اذا عقوبة السارق والسارقه؟ ما هو (قَطْع اليد) في (فأقْطَعوا أيدِيهما)؟ الجواب بسيط...قَطْع اليد هو منعها او نهيها ان تمتد فتسرق من جديد. كيف يكون هذا؟ بالسجن و الحبس او النفي او العزل او ما شاكل وبهذا تمتنع اليد عن السرقه خاصة ان تكملة الايه تدل على التوبه والمغفره والرحمه.
فيصبح المعنى, السارق والسارقه فامنعوا ايديهما ان تمتد للسرقه من جديد.
أو بمعنى اشمل, السارق والسارقه فامنعوهما من السرقه.
يقول:
"فمن تاب من بعد ظلمه" والتوبه هنا هي التوبه عن فعل السرقه الى الله. يقول فمن تاب, اي ان هناك احتمال انه لن يتوب وسيستمر بالسرقه...ولكن كيف سيسرق من جديد ان كانت يداه مُقَطَّعتان؟
وكمثال لحادثة سرقه ذكرت في القران وصدر الحكم بها بوجود وحضور نبي الله:
"فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)" يوسف
ثم يقول:
"قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)" يوسف
هنا يتسائل اخوة يوسف عن ما هية عقوبة السارق بوجود وحضور نبي الله يوسف.
فاجابوهم و بوجود النبي يوسف (الذي يحكم بما امر الله) ان من وجد في رحله فهو (كشخص كامل) جزاؤه ولم يقولوا تُقْطّع يداه.
الجزاء كان هو حجر و حجز الشخص ومنعه من العوده مع اخوته ولو كان الجزاء هو تقطيع اليد لكانوا قَطّعوها وارسلوه معهم أو على الاقل لبقي الاخوه في انتظار تنفيذ الحكم ليأخذوا اخاهم ويعودوا خاصة لمعرفة حب ابيهم الشديد له. ولكن اختيار حجّة السرقه كان يكفي لابعادهم لان فيه سجن او حجر الشخص.
وبعد ذلك يذكر القرآن:
"قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّآ إِذًا لَّظَالِمُونَ (79)"يوسف
هنا تاكيد اكثر على ان العقوبه هي اخذ الشخص كاملا والتأكيد مرتين على الأخذ.
لم تأتي كلمة (قَطْع) بفتح القاف وتسكين الطاء وفعلها الماضي (قَطَعَ) ومشتقاتها لتدل على اي فعل فيزيائي يعني التقطيع او الفصل ولكن كانت دائما ترد كصفة منع ونهي لما يأتي بعدها.
فالامر المقطوع ليس هو الامر المُقَطَّع
والوصل المقطوع ليس هو الوصل المُقَطَّع
والدابر المَقْطوع ليس هو الدابر المُقَّطَع
واليدان المَقْطوعتان ليستا هما اليدان المُقَطَّعتان.
اما فعل (قَطَّعَ){بتشديد الطاء وفتح الحروف الثلاثه} واشتقاقاته (تَقْطيع) و (مُقَطِّع) وغيرها فكلها تدل على عمل فيزيائي ينتج عنه تقطيع او تخديش او تمزيق أو فصل شيء عن شيء اخر كما هو متعارف وبدرجات مختلفه حسب من يقوم بالتقطيع و ما يتم تقطيعه و شدة التقطيع وسنورد الآيات مع بعض الايضاحات:
"إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166)" البقره
تمزقت وانفصلت بهم الاسباب بعضها عن بعض وليس مُنعت بهم الاسباب
"وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا.....(160)" الاعراف
أي فرقناهم او مزقناهم او فصلناهم الى اثنتي عشرة (قِطْعَة) وليس منعناهم
"وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)" الاعراف
كذلك نفس المعنى اعلاه.
"فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)" يوسف
كما ذكرنا, التقطيع اذا كان بشري فهو بالتأكيد سيكون بدرجات مختلفه حسب المُقَطِّع وقوته وآلآلة المستخدمه والشيء الذي يتم تقطيعه. هنا في الآية اعلاه حصلت عملية التقطيع بوجود المُقَّطِع (النسوه) و وجود الآلة (السكين) ومع ذلك لم يتم فصل اليد وبترها كاملة ولكن حصل تمزيقها او تخديشها بدليل أنهن استمرّن بالكلام.
"وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)" الانبياء
وهنا مزقوا او فصلوا امرهم بينهم وتفرقوا فتقطع امرهم الى قِطَع.
"هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)" الحج
قِطَع من ثياب وليس قَطْع كَقَطْع الوَصْل او الامر او الدابر
"وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ...(4)" الرعد
قِطَع مُقَطَّعة.
"...وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ (15)" محمد
اصبحت قِطَعاً
"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)" محمد
ألارحام (تُقَطَّع) الى قِطَع متناثره متفرقه ولا (تُقْطَع) أي تُمنَع. لم يرد في القرآن (قَطْع الارحام) ولكن ورد (تقطيع الارحام) كما في الاية اعلاه.
الآيات:
"لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)" الاعراف
"قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49)" ألشعراء
"إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)" المائده
"قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)" طه
كما اوردنا اعلاه, درجة التقطيع هنا تعتمد على البشر خاصة وانها هنا مرتبطه بعذاب كما تقول الآيات وكذلك اضافة مصطلح (من خلاف) لذلك نترك لمخيلة القارئ الحكم عليها.
الخلاصه:عندما نقول يداه مقطوعتان، اي يداه ممنوعتان فلا تصلان
وعندما نقول يداه مُقَّطَعتان، أي تم تقطيعها الى قطعتين او اكثر.القَطْع يختلف عن التقطيع ويعني النهي او الانتهاء.
والله المستعان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.