تصفيات كأس العالم 2026 - أوروبا: سويسرا تتأهل منطقيا    الجاوي ينتقد إجراءات سلطة صنعاء في التعاطي مع التهديدات التي تواجهها    الشهيد أحمد الكبسي .. وعدُ الإيمان ووصيةُ الخلود    فراغ ، حياة وتجربة ناصرية    حلف قبائل حضرموت يصطدم بالانتقالي ويحذر من غزو المحافظة    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    أمن مأرب يحبط مخططاً حوثياً جديداً ويعرض غداً اعترافات لأفراد الخلية    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    مُحَمَّدَنا الغُماري .. قصيدة جديدة للشاعر المبدع "بسام شائع"    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    أدميرال أمريكي: معركة البحر الأحمر كشفت هشاشة الدفاعات الأمريكية والإسرائيلية    حكم قرقوش: لجنة حادثة العرقوب تعاقب المسافرين ومدن أبين وتُفلت الشركات المهملة    تجربتي في ترجمة كتاب "فضاء لا يتسع لطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    وقفة مسلحة لأحفاد بلال في الجوف وفاءً للشهداء وإعلانا للجهوزية    رئيس الوزراء بيدق في رقعة الشطرنج الأزمية    الرئيس الزُبيدي يُعزّي العميد الركن عبدالكريم الصولاني في وفاة ابن أخيه    الأمم المتحدة: إسرائيل شيدت جداراً يتخطى الحدود اللبنانية    سعر برميل النفط الكويتي يرتفع 1.20 دولار ليبلغ 56.53 دولار    إعلان الفائزين بجائزة السلطان قابوس للفنون والآداب    اكتشاف 570 مستوطنة قديمة في شمال غرب الصين    حلف الهضبة.. مشروع إسقاط حضرموت الساحل لصالح قوى خارجية(توثيق)    خطورة القرار الاممي الذي قامت الصين وروسيا باجهاضه امس    شبوة أرض الحضارات: الفراعنة من أصبعون.. وأهراماتهم في شرقها    اختتام بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد على كأس الشهيد الغماري بصنعاء    هيئة مكافحة الفساد تتسلم إقراري رئيس الهيئة العامة للاستثمار ومحافظ محافظة صنعاء    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على 5 متهمين بحوزتهم حشيش وحبوب مخدرة    لحج تحتضن البطولة الرابعة للحساب الذهني وتصفيات التأهل للبطولة العالمية السابعة    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    يوم ترفيهي لأبناء وأسر الشهداء في البيضاء    وسط فوضى عارمة.. مقتل عريس في إب بظروف غامضة    مجلس الأمن يؤكد التزامه بوحدة اليمن ويمدد العقوبات على الحوثيين ومهمة الخبراء    خطر المهاجرين غير الشرعيين يتصاعد في شبوة    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    مدير مكتب الشباب والرياضة بتعز يطلع على سير مشروع تعشيب ملاعب نادي الصقر    "الشعبية": العدو الصهيوني يستخدم الشتاء "سلاح إبادة" بغزة    الأرصاد: أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    بيريز يقرر الرحيل عن ريال مدريد    تنظيم دخول الجماهير لمباراة الشعلة ووحدة عدن    فريق DR7 يُتوّج بطلاً ل Kings Cup MENA في نهائي مثير بموسم الرياض    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    ضبط وكشف 293 جريمة سرقة و78 جريمة مجهولة    وديا: السعودية تهزم كوت ديفوار    توخيل: نجوم انكلترا يضعون الفريق فوق الأسماء    محافظ عدن يكرّم الأديب محمد ناصر شراء بدرع الوفاء والإبداع    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الصين تعلن اكتشاف أكبر منجم ذهب في تاريخها    نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين بأضعف وتيرة منذ أكثر من عام    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خدعوك فقالوا: أن الله أمر ببتر يد السارق - قرأة المؤمن بالله عبد الرحمن
نشر في يمنات يوم 16 - 07 - 2012

كنت اتابع حلقة ليل السبت الموافق 14 يوليو 2012م تدور النقاش فيها حول الرحمة وعدم استخدام العنف في الإسلام وقد طرحا المحاوران مثلين لفتا إنتباهي الأول هو عقوبة رجم الزانية التي أتت إلى رسول الله عليه السلام وكيف أعادها عدة مرات قبل أن يطبق عليها حد الرجم. وطبعاً حد الرجم ليس موجوداً في القرآن ولم يذكر راوي الرواية لماذا طبق عليها الرسول حد الرجم حتى الموت ولم يطبق نفس الحد على الذكر الذي مارس معها الفاحشة؟ والمثل الأخر هو قطع يد السارق ( بترها ) وكيف من الرحمة في الإسلام أن نعامله بدون احتقار بعد بتر يده. ولذلك رأيت أن أناقش الموضوع الثاني مناقشة علنية لتوضيح الخطل التي وقعنا فيه في عدم تدبرنا لكتاب الله والأخذ بالرويات على أساس أنها من التشريع.
موضوع النقاش هو قطع يد السارق الوارد في الأيه:
"وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)" المائده
كما يلاحظ من الايه اعلاه ان هناك عقوبة وُضِعَت للسارق والسارقه ولها علاقة بقطع يديهما وحسب ما هو مفهوم فأن العقوبه هي فصل اليدين بواسطة آلة حاده كالسيف او المنشار وما شابه.
لمحاولة فهم معنى العقوبه (فأقْطَعوا أيديهما) يجب ان نفرّق بين فعلين تشابه و أختلط علينا معناهما. لتوضيح معنى الفعلين يجب أن ننتبه للتالي (أرجو الانتباه على حركات الحروف في كل كلمة):
ماضي مضارع أمر فاعل مفعول
قَطَعَ يَقْطَعُ اقْطَع قاطِع مَقْطوع
قَطَّعَ يُقَطِّعُ قَطِّع مُقَطِّع مُقَطَّع
(*1) نلاحظ ان الفعل الاول (قَطَعَ) {بفتح الحروف الثلاثه} هو فعل مجرد والفعل الثاني (قَطَّعَ){بتشديد الطاء وفتح الحروف الثلاثة} هو كما متعارف في قواعد اللغه العربيه ما يسمى فعل مُزَيَّد (اي زاد عليه تضعيف حرفه بالشده).
هناك من قد يقول ان الفعل الثاني هو نفس الفعل الاول المجرد و أنه يدل على التكثير والمبالغه حسب ما هو متداول ومتعارف. ونحن نقول ان الفعل الثلاثي المزّيد عن الفعل الاصلي (سواء بالشدّه او بالالف) ليس بالضروره أن ينتج عنه مبالغة نفس المعنى الاول ولكن قد ينتج معنى جديد للفعل وان التكثير والمبالغه ليست الا احدى احتمالات التضعيف. وهذا ما يعرف بالزياده البنائيه وهي الزيادة التي تغير من بناء الكلمة الأصلي ، فينتج عن ذلك كلمة جديدة ، نتيجة لزياد حرف أو أكثر على الكلمة الأصل .
هذا ان كان الفعل الثاني (قَطَّعَ) اصلا هو مضعّف لنفس الفعل الاول (قَطَعَ). ولننا نؤكد هنا بانهما في الاصل فعلين مختلفين. وكون الفعلين وردا في القرآن فتعالوا نرى معانيهما في القرآن.
نبدأ بذكر وشرح اغلب الايات التي ورد فيها ذكر الفعل الاول (قَطَعَ) {بفتح الاحرف الثلاثة} أو مشتقاته ثم ننتقل لذكر وشرح اغلب الايات التي ورد فيها ذكر الفعل الثاني (قَطَّعَ) بتشديد حرف الطاء.
قَطْع ما أمر الله به أن يوصل:
لننظر الى ما تقوله سورة الرعد في الايات (20 و 21 و 22) و كذلك الايه بعدها (25). الايات (20 و 21 و 22) تذكر صفات من لهم عقبى الدار ومنها انهم يَصِلون ما امر الله به ان يوصل:
"الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ (21)وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)" الرعد
أما ألآيه (25) وبعد الانتهاء من صفات من لهم عقبى الدار, تبدأ بصفات من لهم سوء الدار واحدى صفاتهم انهم يَقْطَعون ما أمر الله به أن يوصل:
"وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)" الرعد
و الآن لنقارن بين الصفات المذكوره في الايات اعلاه مع جزمنا بأن السياق متصل ولم ينقطع بأي حال من الاحوال.
و لننظر كذلك إلى سورة البقره الآية (27):
"الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)" البقره
من الآيات أعلاه نجد أن (يَقْطعون) بالفتحة والسكون وليس (يُقَطّعون) بالضمة والفتحه وتشديد الطاء...تعني يمنعون وَصْل ما أمر الله به أن يوصل عكس (يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ). أي أن (يَقْطعون) بالفتحة والسكون تعني يمنعون الوصل. لا يمكن ان تعني (يَقْطَعون) هنا (فَصْل ما امر الله به ان يوصل عن بعضه) ولكنها تعني (مَنْع وصل ما امر الله به ان يوصل).
نأخذ الفعل الماضي الاول (قَطَعَ) بفتح الحروف الثلاثه واشتقاقاته:
قَطَعَ الوصل: أي مَنَعَ الوصل ان يوصل (عكس وَصَلَ) و ليس مزَق او فصل الوصل عن بعضه و لو كان قَطَّع الوصل لكان جعله قِطَعٌ ممزقه متباعده عن بعضها.
يَقْطَعُ الوصل: أي يمنع الوصل أن يوصل (عكس يُوصَل) وليس يمزق او يفصل ما امر الله به ان يوصل
اقْطَع الوصل: أي إمنَع الوصل أن يوصل (عكس صِلْ) وليس مَزِقْ ما امر الله به ان يوصل
قَطْع الوصل: أي مَنْعُ الوصل من الوصول (عكس وَصْل) وليس تمزيق ما امر الله به ان يوصل
اذاً وَصْل ما أمر الله به ان يوصل مَقْطوع وليس مُقَطَّع.
قَطْع الامر:
"قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)" النمل
يقول القرآن عن ملكة سبأ "ما كنت قَاطِعَةً" وليس "مُقَطِّعة". هنا نلاحظ الفاعل هو "قَاطِعٌ" وليس "مُقَطِّعٌ".
ذكرت ملكة سبأ انها لن تَقْطَع امرا الا أن يشهد الملأ.
قَطْع الامر هنا هو اصدار امر نهائي ممنوع تغيره (وليس مجرد اتخاذ أمر عادي يمكن العوده عنه) ولذلك ربطت قَطْع الامر بشهادة الملأ لان حالة الامر ستكون نهائيه ملزمة ممنوع تغييرها ولهذا استلزم التشاور قبل قَطْع الامر.
هنا قَطْع الامر ليس تمزيقه او فصله أو قصّه عن بعضه ولكن إصدار أمر نهائي ممنوع من التغيير.
قَطْع الدابر:
استَخدم القران عبارة قطع الدابر اكثر من مره:
"وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)...الى قوله... فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)" الانعام
"وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (65)...الى قوله... فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ (72)" الاعراف
قال (فقُطِعَ دابر) ولم يقل (فقُطِّعَ دابر).
قال (وقَطَعْنا دابر) ولم يقل (وقَطَّعنا دابر).
فما هو (قَطْع الدابر)؟ هل هو مطابق لمعنى المنع كمنع الوصل ومنع الامر؟ ولكن منع دابر الذين كذّبوا من ماذا؟
اعلاه ذكرنا ايتان لقطع الدابر استخدمت مع القرى والامم السابقه وهناك ايات استخدمت مع الكفار في زمن الرسول ولكن سنذكر ايات الامم السابقه اولا لنبين معنى (قَطْع الدابر) ثم نذكر الاخريات.
المعلوم ان الله (أهلك) القرى ودمرها وانهاها كما ذكر القراءن في كثير من المواقع ومنها مثلا قوم عاد:
"فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (139)" الشعراء
وكذلك يقول عذبهم عذابا اليما:
"فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)" الاحقاف
وغيرها كثير...اذاً هناك (هلاك) وهناك (عذاب اليم) وهناك (قَطْع دابر) وكلها صفات لما حصل لقوم عاد.
الهلاك هو انتهائهم
العذاب الاليم هو تعذيبهم
قطع الدابر هو منعهم من العوده او الرجوع لأنهم اُهلكوا, بدليل:
"وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)" ألانبياء
"أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ (31)" يس
"وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14)" ألانبياء
ولكن مَنْعَهُم ان يرجعوا الى ماذا؟
"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)" الاعراف
"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)" الروم
"حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)" المؤمنون
"وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)" السجده
الرجوع هنا هو الرجوع الى الايمان بعد معرفة الأدلة والآيات البينات. ولكن الأقوام السابقه التي وقع عليهم الهلاك حُرِّم ومُنِعَ عليهم الرجوع بعد أن رأوا العذاب (فأنْقَطَعَ دابرهم أيْ مُنعوا من الرجوع) وكُتبتْ عليهم التهلكه.
أما الكفار في زمن الرسول:
"لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ (127)" آل عمران
قَطْع لطرف من الكفار أي منعه لجماعة معينه من الكفار من الرجوع بعد ان رأوا الادلة أو العذاب كما بينّا اعلاه.
"وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)" ألانفال
يهلك الكافرين ويمنع عليهم الرجوع كما بينا أعلاه من معنى (قَطْع الدابر)
قَطْع السبيل:
"أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29)" ألعنكبوت
(قَطْع السبيل) وليس (تقطيع السبيل), المقصود هنا هو منع اتخاذ السبيل (أي سبيلٍ كان) وليس تقطيعه الى قِطَع.
نعود الى الايه سبب البحث:
"وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (39)" المائده
فما هي اذا عقوبة السارق والسارقه؟ ما هو (قَطْع اليد) في (فأقْطَعوا أيدِيهما)؟ الجواب بسيط...قَطْع اليد هو منعها او نهيها ان تمتد فتسرق من جديد. كيف يكون هذا؟ بالسجن و الحبس او النفي او العزل او ما شاكل وبهذا تمتنع اليد عن السرقه خاصة ان تكملة الايه تدل على التوبه والمغفره والرحمه.
فيصبح المعنى, السارق والسارقه فامنعوا ايديهما ان تمتد للسرقه من جديد.
أو بمعنى اشمل, السارق والسارقه فامنعوهما من السرقه.
يقول:
"فمن تاب من بعد ظلمه" والتوبه هنا هي التوبه عن فعل السرقه الى الله. يقول فمن تاب, اي ان هناك احتمال انه لن يتوب وسيستمر بالسرقه...ولكن كيف سيسرق من جديد ان كانت يداه مُقَطَّعتان؟
وكمثال لحادثة سرقه ذكرت في القران وصدر الحكم بها بوجود وحضور نبي الله:
"فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)" يوسف
ثم يقول:
"قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)" يوسف
هنا يتسائل اخوة يوسف عن ما هية عقوبة السارق بوجود وحضور نبي الله يوسف.
فاجابوهم و بوجود النبي يوسف (الذي يحكم بما امر الله) ان من وجد في رحله فهو (كشخص كامل) جزاؤه ولم يقولوا تُقْطّع يداه.
الجزاء كان هو حجر و حجز الشخص ومنعه من العوده مع اخوته ولو كان الجزاء هو تقطيع اليد لكانوا قَطّعوها وارسلوه معهم أو على الاقل لبقي الاخوه في انتظار تنفيذ الحكم ليأخذوا اخاهم ويعودوا خاصة لمعرفة حب ابيهم الشديد له. ولكن اختيار حجّة السرقه كان يكفي لابعادهم لان فيه سجن او حجر الشخص.
وبعد ذلك يذكر القرآن:
"قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّآ إِذًا لَّظَالِمُونَ (79)"يوسف
هنا تاكيد اكثر على ان العقوبه هي اخذ الشخص كاملا والتأكيد مرتين على الأخذ.
لم تأتي كلمة (قَطْع) بفتح القاف وتسكين الطاء وفعلها الماضي (قَطَعَ) ومشتقاتها لتدل على اي فعل فيزيائي يعني التقطيع او الفصل ولكن كانت دائما ترد كصفة منع ونهي لما يأتي بعدها.
فالامر المقطوع ليس هو الامر المُقَطَّع
والوصل المقطوع ليس هو الوصل المُقَطَّع
والدابر المَقْطوع ليس هو الدابر المُقَّطَع
واليدان المَقْطوعتان ليستا هما اليدان المُقَطَّعتان.
اما فعل (قَطَّعَ){بتشديد الطاء وفتح الحروف الثلاثه} واشتقاقاته (تَقْطيع) و (مُقَطِّع) وغيرها فكلها تدل على عمل فيزيائي ينتج عنه تقطيع او تخديش او تمزيق أو فصل شيء عن شيء اخر كما هو متعارف وبدرجات مختلفه حسب من يقوم بالتقطيع و ما يتم تقطيعه و شدة التقطيع وسنورد الآيات مع بعض الايضاحات:
"إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166)" البقره
تمزقت وانفصلت بهم الاسباب بعضها عن بعض وليس مُنعت بهم الاسباب
"وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا.....(160)" الاعراف
أي فرقناهم او مزقناهم او فصلناهم الى اثنتي عشرة (قِطْعَة) وليس منعناهم
"وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)" الاعراف
كذلك نفس المعنى اعلاه.
"فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)" يوسف
كما ذكرنا, التقطيع اذا كان بشري فهو بالتأكيد سيكون بدرجات مختلفه حسب المُقَطِّع وقوته وآلآلة المستخدمه والشيء الذي يتم تقطيعه. هنا في الآية اعلاه حصلت عملية التقطيع بوجود المُقَّطِع (النسوه) و وجود الآلة (السكين) ومع ذلك لم يتم فصل اليد وبترها كاملة ولكن حصل تمزيقها او تخديشها بدليل أنهن استمرّن بالكلام.
"وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)" الانبياء
وهنا مزقوا او فصلوا امرهم بينهم وتفرقوا فتقطع امرهم الى قِطَع.
"هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)" الحج
قِطَع من ثياب وليس قَطْع كَقَطْع الوَصْل او الامر او الدابر
"وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ...(4)" الرعد
قِطَع مُقَطَّعة.
"...وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ (15)" محمد
اصبحت قِطَعاً
"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)" محمد
ألارحام (تُقَطَّع) الى قِطَع متناثره متفرقه ولا (تُقْطَع) أي تُمنَع. لم يرد في القرآن (قَطْع الارحام) ولكن ورد (تقطيع الارحام) كما في الاية اعلاه.
الآيات:
"لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)" الاعراف
"قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49)" ألشعراء
"إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)" المائده
"قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)" طه
كما اوردنا اعلاه, درجة التقطيع هنا تعتمد على البشر خاصة وانها هنا مرتبطه بعذاب كما تقول الآيات وكذلك اضافة مصطلح (من خلاف) لذلك نترك لمخيلة القارئ الحكم عليها.
الخلاصه:عندما نقول يداه مقطوعتان، اي يداه ممنوعتان فلا تصلان
وعندما نقول يداه مُقَّطَعتان، أي تم تقطيعها الى قطعتين او اكثر.القَطْع يختلف عن التقطيع ويعني النهي او الانتهاء.
والله المستعان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.