بعد عام 1967 لجأت المملكة العربية السعودية إلى ضخ أموال طائلة إلى المشائخ القبليين وأبرزهم آل الأحمر ليكونوا وكلاءها في اليمن ينفذون سياساتها ويرعون مصالحها، ثم حدث الكثير من المتغيرات أبرزها ثورة الشباب السلمية التي أسقطت صالح وغيرت بعض جوانب المعادلة السياسية والعسكرية، ودخلت قطر لاعباً أساسياً محترفاً في الساحة اليمنية. فرقت الثورة بين الرئيس صالح الأحمر المعروف مؤخراً بعفاش وآل الأحمر الذين أعلنوا انحيازهم لمناوئيه وانقلبوا ضده، وخلالها بذلت الرياض جهوداً كبيرة تمكنت بفعلها أن تمنع سقوط نظام صالح بشكل جذري، لارتباطه بمصالحها، وضمنت الحصانة لصالح ورموز حكمه، ورغم أن أبناء الشيخ الأحمر ورثوا مهمتهم كوكلاء معتمدين للسعودية ومصالحها، إلا أن دخول قطر في اللعبة وقيامها بدعم الشيخ الأكثر طموحاً ونفوذاً “حميد الأحمر”، الذي يرونه كصانع ثورة ورجل قوي، اختلطت أوراق الولاء وشهادات التوكيل المعتمدة، ومعها تغيرات قواعد اللعبة، ولجأت إلى القائد العسكري النافذ والموصوف بأنه الرجل الأقوى في البلاد “اللواء علي محسن الأحمر” بعد أن تعلق بقطار التغيير هرباً من سفينة صالح التي شارفت على الغرق، لكن الأمور لم تمض على ما يرام، فقد تسببت المبادرة التي طبختها السعودية نفسها ومنعت انهيار نظام صالح بها، إلى تقليص صلاحيات علي محسن بفعل هيكلة الجيش، فمارست السعودية ضغوطاً كبيرة لجعل محسن نائباً للرئيس، وقاوم هادي هذه الضغوط وضغوط أخرى كثيرة، ومع ذلك ضمن اللواء الأحمر عدم خروجه من الصورة بتعيينه مستشاراً عسكرياً للرئيس هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبدأ تحركه من جديد لإعادة ترتيب الأوراق المخلوطة ومن ضمن تحركاته توطيد علاقته، فبدأ الرجل يؤدي دوراً غير طبيعي له وزنه واهميته، وفي جانب آخر تأزمت علاقة هادي بالمملكة خصوصاً بعد الإعلان عن نية الحكومة اليمنية التنقيب عن النفط في محافظة الجوف الحدودية، خطوة ظلت السعودية عقوداً تعمل على عدم حدوثها، لذا اعتبرت الرياض أن سياسات هادي قد تمثل نوعاً من الخطورة على مصالحها ونفوذها، وأن قطر قد تستحوذ على جزءٍ كبيرٍ من هذه النفوذ، فلم يكن أمامها سوى التفكير بإستراتيجية جديدة تحفظ لها مكانتها وتأثيرها.. وبالرغم من أن الشيخ حميد بدا وكأنه الشخص المدلل لقطر التي سعت أيضاً لاستقطاب اللواء الأحمر ودعمته بلا حدود، رأت السعودية وخصوصاً بعد اقتناعها بغياب البديل المناسب ليكون وكيلاً معتمداً لها، أن تلعب بجميع الأوراق، ومنها ورقة الرئيس المخلوع، وربما أن المملكة تدرك أن مؤتمر الحوار الوطني سيفشل أو لن يكون له نتائج ذات شأن، وليس من المستبعد أن تشارك هي في صنع هذا الفشل، لأنها أدركت أن نظاماً جديداً ومتماسكاً، واستمرار رئاسة هادي وتمتعه بالقرار الأول، لن يكون في مصالحها، وسوف يضر بها أيضاً.. وفعلاً هناك مصادر ذكرت أن حميد الأحمر لم يشارك بمؤتمر الحوار بطلب من السعودية، ومن أجل تحقيق أهدافها فقد رأت السعودية ضرورة لعب جميع الأوراق وأهمها ورقة صالح، وورقة علي محسن وورقة أولاد الشيخ الأحمر وفي مقدمتهم حميد رغم ولائه لقطر، - فضلاً عما سبق الإشارة إليه- شيئان اثنان، أولهما خصومه السعودية واختلافها الأيدولوجي مع حركة الحوثي التي يزداد نفوذها يوماً بعد آخر، حيث إن الرياض ترى أن مثلث (صالح محسن أولاد الشيخ) الأقدر على الحد من نفوذ الحركة الحوثية ومواجهتها سياسياً وعسكرياً،. ولهذا فإنها تسعى خلال هذه الأيام إلى ردم هوة الخلاف بين حلفائها والبدء باجراء مصالحة بين علي عبد الله صالح وأولاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر تتضمن أولاً وقف الحملات الاعلامية من الجهتين واستكمالتشغيل المشاريع الاستثمارية بين الطرفان التي كان قد تم الاتفاق عليها قبل اندلاع الثورة الشبابية، أما التعويض عن الخسائر فقد تكفلت بها المملكة العربية السعودية كاملة بالنسبة للطرفين. والأمر الثاني انتقال السلطة في قطر من الأب إلى الابن وتعويل المملكة على إقامة علاقة تفاهم وشراكة مع الأمير الشاب، فكانت التهنئة الأولى التي يتلقاها الامير هي تهنئة الملك السعودي بعد أقل من عشرين دقيقة من تسلمه السلطة، وهنا يمكن السؤال، ماذا على السعودية أن تفعله لتحقيق ما اقتنعت به وقررت أن تلعبه؟ وكانت الخطوة الأولى لفعل ذلك سعي المملكة إلى التقليب بين أوراقها الثلاث لحصر مستقبل السلطة بيدها، وإلى جانب السلطة احتفاظ أصحابها بمكانتهم التقليدية كوكلاء معتمدين للمملكة في اليمن.. ونظراً لهذا الدعم السعودي الذي حظي به صالح من السعودية فقد تحول من موقف الدفاع الى الهجوم وصار يهدد هادي صراحة ويتوعد بالاطاحة به. وحسب مصادر عديدة فإن صالح أطلق تصريحاً يتسم بالتحدي قال فيه اذا لم يستمر هادي في صرف مستحقاته (حسب قوله) ويقصد طلباته ونفقات حراسته من الخزينة العامة فإنه سيطيح به من الرئاسة وسيحول فترة حكمه الى جحيم، وقد جاء هذا التصعيد في خطاب صالح بعد ايقاف الرئيس هادي للمخصصات المالية الضخمة التي كانت تصرف لصالح بالاضافة الى قرار تخفيض عدد قوات حراسته إلى 600 جندي فقط. كما أقدم هادي مؤخراً على ايقاف صرف أموال المؤتمر الشعبي العام عبر صالح وخصوصاً أموال الحزب من فوائد شركة يمن موبايل.