تصاعدت حدة التوتر, أمس, بين الرئيس الحالي, عبد ربه منصور هادي, والرئيس السابق, علي عبدالله صالح, حيث عقد الأخير لقاء تشاورياً موسعاً لقيادات المؤتمر الشعبي العام, وحلفائه من أحزاب التحالف الوطني الديمقراطي, أكد فيه موقفه الرافض للتمديد للرئيس الحالي وإقامة نظام فدرالي في البلاد. وضمن تصاعد الأزمة؛ أكد "صالح" سيطرته على حزب المؤتمر, في ظل عدم تمكن "هادي" من إجباره على ترك رئاسة الحزب, والتوقف عن ممارسة النشاط السياسي. لم يكن الرئيس هادي يتوقع خروج سلفه بالشكل الحاصل اليوم. وإذ كان يفترض ب"صالح" اعتزال السياسة؛ عقد اللقاء الموسع, أمس, للوقف أمام ما أعتبرها "تجاوزات وانحرافات مؤتمر الحوار الوطني", قال إنها "تمس وحدة الوطن". أعاد الرجل الحديث عن "المخالفات الجارية للمبادرة الخليجية"؛ لكنه لا يتحدث اليوم كرئيس أجبرته ثورة شعبية على التنحي, بل كقائد سياسي يبحث عن دور رسالي للدفاع عن وحدة الوطن. والحاصل أن أخطاء الرئيس هادي هي التي أعادت بعث علي عبدالله صالح, ودفعته الى واجهة الحياة السياسية مجدداً. والشاهد أن الرئيس الحالي لم يتمكن من كسب أعضاء وقيادات حزب المؤتمر, الذي يتولى موقعي نائب الرئيس والأمين العام فيه. طيلة الفترة الماضية, شعر أعضاء وقيادات المؤتمر الشعبي العام أن الرئيس هادي منحاز الى خصومهم, ويتحرك وفقاً لأولويات أولئك الخصوم. لهذا, تعززت سيطرة "صالح" على الحزب, وانتقل من إعلان رفضه ترك رئاسته, إلا في مؤتمر عام, الى استخدام قوة الحزب لمواجهة نائبه الذي أصبح رئيساً للبلاد. وقال موقع "المؤتمر نت" الناطق باسم حزب المؤتمر, إن "صالح" أكد, في اللقاء التشاوري, الذي يرأسه, أن "الوحدة اليمنية خط أحمر ولا يملك أحد حق التصرف فيها, باعتبارها ملكاً للشعب اليمني كله". وشدد "صالح" على "ضرورة إنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتنفيذ المبادرة الخليجية كمنظومة متكاملة دون انتقاص أو اجتزاء". وقال الموقع إن اللقاء التشاوري الموسع ضم اعضاء اللجنة العامة لحزب المؤتمر, والوزراء, وأعضاء كتلته في مجلسي النواب والشورى, وممثليه, وأحزاب التحالف الوطني في مؤتمر الحوار الوطني, والقيادات الشبابية, والمرأة. وأوضح أنه "جرى, في اللقاء, الوقوف أمام المستجدات على الساحة الوطنية, وفي مقدمتها ما يجرى سفي مؤتمر الحوار الوطني من تجاوزات تنحرف به عن أهدافه وغاياته, تمس بوحدة الوطن, بالإضافة الى المخالفات الجارية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية, ومنها ما يجري من محاولات لهدم المؤسسات التشريعية, والدستورية". وطبقاً للموقع, فقد "أكد اللقاء التشاوري مجدداً على ما ورد من مواقف سابقة في اجتماعات اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام وقيادات أحزاب التحالف الوطني في التمسك الصارم بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية, ورفض أي تجاوزات أو خروج عنها, والتعامل مع بنود المبادرة كمنظومة متكاملة", مشيراً الى "ما قدمه المؤتمر من تضحيات وتنازلات في سبيل إنجاح المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في الوقت الذي لم تلتزم فيه الأطراف الأخرى بها". وفيما ذكر الموقع أن اللقاء التشاوري "رفض أي محاولات للمساس بوحدة الوطن التي ناضل شعبنا اليمني في سبيل إعادة تحقيقها وقدم التضحيات الغالية في سبيلها والانتصار لها"؛ قال إنه شدد على "الرفض المطلق للمحاولات الهادفة الانحراف بمؤتمر الحوار الوطني عن اهدافه وغاياته وجعله وسيلة لتحقيق أجندات تخدم مشاريع صغيرة للهدم وتخريب الوطن والمساس بوحدته". مجدداً, أكد اللقاء رفض حزب المؤتمر وحلفاءه "لأي تفاوض شطري كشمال وجنوب تحت غطاء مؤتمر الحوار الوطني المنبثق عن المبادرة والتي تنص على وحدة اليمن". واستطرد: "في حين أن ما يجري عكس ذلك للانحراف بالحوار الوطني الى تفاوض شطري يمس بوحدة الوطن, وهو ما يمثل جريمة بحق الوطن لا ينبغي السكوت عنها, ويعتبر تجاوزاً خطيراً لإرادة الشعب اليمني وللدستور والقانون والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية". قال: "لا تفريط بالوحدة أو قبول للتفاوض حولها, والشعب اليمني في شمال الوطن وجنوبه وشرقه وغربه لن يقبل أي مساس بوحدة الوطن وتحت أي غطاء كان, وسيدافع عن وحدته ويفشل كل المشاريع الصغيرة الهادفة الى التخريب ويرفض أي وصاية عليه من قبل أي أحد مهما كان". واستنكر اللقاء التشاوري الموسع "كل المحاولات الهادفة الى هدم المؤسسات التشريعية المنتخبة وتعطيل دورها في إطار عملية ممنهجة للإقصاء والاستحواذ التي ظلت تستهدف أعضاء المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني وغيرهم في كافة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية في مخالفة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي لم تنص بأي حال على أي محاصصة أو تقاسم في أي من أجهزة الدولة, عدا المشاركة في حكومة الوفاق الوطني بين الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية". "ونبه اللقاء التشاوري في المحاولات والمساعي الهدافة الى التمديد للأزمة السياسية ومؤتمر الحوار الوطني لإنهائها والانتقال الأمن بالوطن الى الوضع الطبيعي والمستقر الذي تشكل فيه المؤسسات من خلال إدارة الشعب المعبر عنها في صناديق الاقتراع وطبقاً لما حددته المبادرة". واستغرب اللقاء الموسع من "تلك النوايا والمحاولات الجارية للمحاصصة في التقاسيم في هيئة رئاسة مجلس النواب واللجان المتخصصة والأمانة العامة في مجلس النواب في هذا التوقيت بالذات في الوقت الذي لم يتبق على انتهاء الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات النيابية سوى أقل من أربعة أشهر وطبقاً لما حددته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة" مشيراً الى أن "تلك المحاولات وغيرها من المحاولات المخالفة من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية إنما تمثل ارتداداً خطراً للعودة بالأزمة الى مربعها الأول وينسف جهود التسوية". وأكد اللقاء "على أهمية المضي للاستعداد للانتخابات القادمة, وحث أعضاء المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني وأنصارهم وجماهير الشعب على التمسك بحقهم في خوض الاستحقاق الديمقراطي عبر صناديق الاقتراع والحرص على الحصول على البطاقة الشخصية بالرقم الوطني التي يكفل لهم ممارسة ذلك الاستحقاق طبقاً للقانون". واعتبر صدور القرار الجمهوري رقم (178) بإنشاء صندوق رعاية شهداء وجرحى "وكما اسماها القرار" ثورة 11 فبراير الشبابية "يمثل اعتسافا للحقيقة ومخالفة للمبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن رقم (2014), الذي وصف ما جرى في اليمن بأنها أزمة سياسية", وقال إن هذا القرار الجمهوري "قد مارس, بمضمونه, انتقائية وتمييزاً غير مقبول بين المواطنين ويمثل إرضاء لطرف معين وتجاهل الأطراف الأخرى من أبناء الشعب اليمني والمؤسسة العسكرية والأمنية". واستطرد: "يعتبر القرار بهذه الصيغة والمضمون انقلاباً ضد من دافعوا عن الشرعية الدستورية ومؤسسات الدولة المختلفة, وأصبح فيه المعتدي عليه مداناً, وإلغاء لقرارات سابقة مضت بإنصاف جميع اليمنيين عسكريين ومدنيين وبدون استثناء أو تمييز". وقال إن "من حق أسر كل الشهداء والجرحى ومن أي طرف كان أن ينالوا الرعاية الكاملة من الدولة وأن يتم معالجة آثار كل الصراعات التي يشهدها الوطن وعبر كل المراحل. وذكر مصدر مطلع أن الرئيس هادي, ومستشاره لشؤون الأمن والدفاع, اللواء علي محسن الأحمر, سيعملان بالتحالف مع حزب الإصلاح, على التصعيد ضد "صالح" لإجباره على القبول بمخرجات الحوار الوطني, عبر دفع الدولة الراعية للمبادرة الخليجية لممارسة ضغوط عليه, إضافة الى ممارسة ضغوط داخلية عليه عبر إخراج مسيرات تطالب بمحاكمته. وأفاد المصدر بأنه تم, أمس, إخراج مسيرة الى النائب العام طالبته بمحاكمة "صالح".