عبد الوهاب الشرفي* كانت ايران قد اعلنت تمكنها من امتلاك الدورة النووية بمعنى انها باتت تمتلك ذاتيا كامل عناصر البرنامج النووي من التعدين و حتى الاستخدام و ذات الحال بالنسبة للصواريخ فايران نتيجة الحصار والعقوبات التي فرضت عليها من بعد قيام الجمهورية الاسلامية و كذا ما تعلنه على الاقل من عدم سعيها لامتلاك سلاح نووي كمسئلة حرمة شرعية فرضا عليها ان تعتمد في قوتها على القدرة الصاروخية ليس كسلاح نوعي مطلوب مثلها مثل اي دولة اخرى وانما كسلاح نوعي رئيسي للبلد سعت في تصميمه والعمل عليه للتعويض عن السلاح النووي و امتناع امتلاك قوة جوية حديثة بالنظر للعقوبات والحصار المفروضان عليها و بالتالي فقد بنت ايران قدرة صاروخية ضاربة هجومية تحديدا ، وقد استفادت ايران من الاتفاق النووي الايراني قبل ان تنسحب منه امريكا في ولاية ترامب الاولى في تعزيز قدرتها القاروخية ونجحت في امتلاك جيل جديد متنوع ومتعدد الخصائص من الصواريخ و طالما ذهبت ايران للاستعراض في هذا الجانب سواء من حيث الامتلاك الصاروخي المتطور والمتنوع او من ناحية حماية هذا الامتلاك بقواعد صاروخية كثيرة عددا و تحت الارض موقعا. اعلن الكيان ضمن عدوانه على ايران لاكثر من مرة انه وجه ضربات للقدرات الصاروخية الايرانية و وصل في بياناته الى تحديد نسبة العطب الذي الحقه بها بمالا يقل عن 50% بينما ايران توكد ان قدرتها الصاروخية لازالت سليمة ولم يتمكن الكيان من الحاق اضرار بها، ومن حيث فاعلية القدرة الصاروخية الايرانية رغم وقوع اخطاء غير مبررة او ربما غير مفهومة لنا مثل عدم توجية ضربات صاروخية للقواعد الجوية للكيان الذي تنطلق منه طائراته الحربية لضرب ايران وتصل اليها امدادات الدول الحليفة للكيان الا ان ايران اثبتت قدرة قوتها الصاروخية على الحاق اضرار بالغة جدا على النحو الذي خلفته صواريخها في يافا و في حيفا المحتلتان وهو دمار لم يشهد الكيان مثله او حتى عشره منذ وجوده على ارض فلسطين المغتصبة ، وبالمقابل ياخذ الكيان من تراجع وتيرة اطلاق ايران للصواريخ التي بدئت بمئات الصواريخ ثم تراجعت الى عشرات واحيانا عدة صواريخ تحت العشرة دليلا على مايصرح به من انه الحق اضرارا بالغة بالقدرة الصاروخية الايرانية وايران بطبيعة الحال تقدم تفسيرا اخر لتراجع وتيرة اطلاق الصواريخ على الكيان، وان الاطلاق الاول كان لرد الضربة الاولى التي تلقتها من الكيان وتراجع وتيرة الاطلاق من حيث عدد الرشقات ومن حيث عدد الصواريخ هو ضمن تهيئها لحرب طويلة وبين الموقفين ما نتصوره ان ايران كانت تتعمد ان لاتلحق اضرارا كبيرة بالكيان تفرض على الولايات المتحدت الدخول في المواجهة قتاليا الى جانب الكيان وكذا انفراد عقد الضربات الى حرب مفتوحة تخرج عن سيطرة الجميع. فالاهداف في الكيان غيرها في ايران فباستثناء القواعد الجوية ومفاعل ديمونا الذي يمكن تفهم عدم استهداف ايران له بمقابل استهداف منشأتها النووية باقي الاهداف التي يمكن ضربها في الكيان ضمن المواجهة هي وحدات ادارية عسكرية و امنية وبحثية واستخباراتية وصناعية اغلبها ليست ببعيد عن التجمعات السكانية للكيان والافراط في توجية ضربات لها سيخلف خسائر بشرية كبيرة ستفرض الدخول القتالي من امريكا الى جانب الكيان من جهة و قطع الطريق على تحول تبادل الضربات الى حرب كاملة من جهة ثانية وهو ما نتصور ان ايران كانت تتحاشاه عن وعي وانه سبب تراجع وتيرة ضرباتها الصاروخية. اذا جنبنا تاكيد ايران عدم تضرر قدراتها الصاروخية وكذا تفسيرها لتراجع وتيرة ضرباتها الصاروخية للكيان و بنينا جدلا على تصريحات الكيان وانه اضر قدرات ايران الصاروخية بنسبة 50% على الاقل فالقدرة الصاروخية بنسبة الاقل من 50% الباقية التي لم يصرح الكيان بتدميرها ستظل مهددا جديا للكيان يقض مضاجعة خصوصا اذا اخذ في الاعتبار ما سبق من قدرة ايران على امتلاك سلاح نووي خلال فترة ليست طويلة فما بقي من القدرة الصاروخية التقليدية مهدد جدي و الصواريخ التي اثبتت ايران حتى اخر لحظة قبل اعلان وقف اطلاق النار امكانية ايصالها الى اهداف داخل الكيان هي التي قد تحمل روسا نووية في يوما ليس ببعيد على الاقل من وجهة نظر الكيان وداعميه. دون شك ولملابسات تابعها الجميع كان الكيان وحلفاءه الغربيين قد تمكنوا من تعطيل قدر كبير من الدور الايراني المضر بالكيان في المنطقة كما ساعد في ذلك ما يعتمل على ساحة المنطقة والساحة الدولية فحزب الله تم تعطيله في معادلة الصراع مع الكيان بشكل هيكلي و المكونات المرتبطة والمتمحورة مع ايران في العراق كذلك تم شل اثرها بشكل جوهري و النظام السوري الذي كان ثاني اهم ركيزة لمحور المقاومة سقط وحل محله نظام معادي لايران و للمكونات المرتبطة به بل وحساسيته تجاهها اعلى بكثير من حساسيته تجاه الكيان ذاته و مابقي من دور يسند ايران في المنطقة هو السلطة في صنعاءاليمن و لحد الان يظل الدور المساند لسلطة صنعاء في اليمن غير هيكلي ولايجاوز الرمزية الا في الاثار التي يلحقها على الاقتصاد للكيان ولغيره كذلك ، ومع ان هذا هو وضع الاطراف التي تصنف كمحور مع ايران الا ان الكيان قد وضع القضاء على الدور الايراني في المنطقة ثالث اهداف عدوانه على ايران وهو ما يعني انه يتوجس جديا امكانية ترميم وضع الاطراف المرتبطة بايران او بسياستها في المنطقة وعودتها كمهددات جدية طالما ان ايران لازال لديها القدرة على ذلك ، وهذا غير ان الطرف الذي لم يتم تعطيله اساسا وهو سلطة صنعاء في اليمن يمكن بالاضافة الى جهوده الذاتية الحثيثة وبمساعدة معرفية على الاقل من ايران وعوامل اخرى ان يصبح مهددا لايمكن الاستهانة بخطره على الكيان وعلى الهيمنة الغربية في المنطقة ككل. خطط الكيان والولاياتالمتحدة لتحقيق هذه الاهداف الثلاثة بتوجيه الضربة المفاجئة لايران والتي بدء تنفيذ اخراجها بجر ايران الى مفاوضات ايرانية امريكية ولو غير مباشرة بدلا عن مفاوضات نووية كانت مع دول خمس وو صولا لاصدار بيان من وكالة الطاقة النووية الدولية و توظيفه لتغطية العدوان على ايران ولان العمل العسكري لايمكن ان يضمن تحقيق هذه الاهداف الثلاثة كان المخطط هو ان تكون الضربة ثقيلة تفرض يمكن تبعا لها انتزاع اتفاق مع ايران تحت وقع الضربات يحقق الاهداف المطلوبة مالم فتحريك الداخل الايراني لضرب الاستقرار وصولا للاطاحة بالنظام الايراني اذا لم يتجاوب مع اتفاق اريد انتزاعه منه تحت القوة الغاشمة الذي تم فتح باب مع الترويكا الاوربية للحصول عليه في ظل رفع ايران العودة للمفاوضات قبل وقف عدوان الكيان. كان العمل يتم بشكل متسارع بل ومتداخل بقدر ما فالكيان يكثف ضرباته و ترامب يريد العودة للمفاوضات تحت الضربات ويريد من المفاوضات نتيجة واحدة هي الاستسلام الكامل ، و الترويكا الاوربية تفتح باب التفاوض مع ايران لمحاولة ايصال ترامب الذي ترفض ايران العودة للتفاوض معه لمبتغاه بمفاوضات بينها وبين ايران و الكيان وامريكا يعملان استخباراتيا وسياسيا للاطاحة بالنظام بتفجيرات داخل ايران و بتحريك جماعات في اطراف الجغرافيا الايرانية و با تحضير الخلف الجاهز والشاه الايراني القادم ، ووسط هذه التفاعلات السياسية والعسكرية و الامنية والاستخباراتية وبمجرد الحديث عن امكانية استهداف مرشد ايران الاعلى حضرت اللائات الروسية والصينية الجدية ووصلت الى ان استهدافه بل ان مجرد التفكير في ذلك خط احمر وسينقل الحدث في ايران الى مستويات خطرة وهي رسائل وجهتها روسيا والصين بلغة واضحة مضمونها ان الاطاحة بالنظام في ايران هو مساس بالامن القومي للدولتين. وجد الكيان وواشنطن وبالتبعية الترويكا الاوربية ان ماهو ممكن هو فقط العمل العسكري وان ليس امامهما الا القنوع بالنتائج النسبية التي يمكن تحقيقها بضرب المنشأت النووية الايرانية فالعمل على تحقيق الاهداف بالاطاحة بالنظام ليس ممكنا وسيخرج الحدث عن اطاره وسيجلب لاعبين كبار لمساندة ايران ، واستمرار المحاولة على تحقيقها بعملية سياسية سيتطلب وقتا طويلا وقدرة عسكرية اكبر لتليين الممانعة الايرانية من التفاوض تحت النار و لضمان ان لايكون مسمى التفاوض غير حضور ايراني للتوقيع على شروط تعني الاستسلام وهذا الوقت الطويل لن يتحمل الكيان ما ستلحقه ايران به من اضرار كانت قد وصلت لدمار واسع والى هجرة غير مسبوقة من الكيان وتوقف جميع الاعمال والانشطة الاقتصادية و تزايد احتمال حصول مفاجأت في جبهات المحور المتحالف مع ايران بداية من حماس و مرورا بحزب الله و المكونات العسكرية في العراق و وصولا لليمن. وصل الكيان وداعمية الغربيين الى انه لايمكن تحقيق غير ما تم تحقيقه بضرب المنشأت النووية الايرانية وبقي اهمها منشأة فوردو العصية على الكيان والتي لم يكن من الممكن تحقيق نتيجة من قصفها من قبل الكيان فتدخلت امريكا لقصفها و لتاكيد القصف على مواقع التخصيب الاخرى كذلك وتقرر لدى الكيان وحلفائه انهاء العدوان بهذه النتيجة وبمقابل الاضرار التي لحقت الكيان والعمل على تحقيق باقي الاهداف ولو نسبيا بالعمل السياسي والاستخباراتي. بدأت تصريحات امكانية انهاء العدوان على ايران تتالى من الكيان ومن امريكا ومن الترويكا الاوربية ، وبالنظر للتصريحات الايرانية بانها مستعدة للذهاب للمفاوضات اذا اوقف الكيان عدوانه عليها فلم يكن من اشكال امام حصول وقف اطلاق النار الا التدخل الامريكي قتاليا فضربات الكيان ترى ايران انها وجهت هي ايضا ضربات غير مسبوقة للكيان في تاريخه ويمكن اعتبار ذلك ردها عليه لكن الدخول الامريكي يفرض ردا كانت تقوم بدراسته و احتمال تاخره قائم والوقت لم يعد يسعف الكيان ولايمكنه تحمل ارتفاع الاضرار التي لحقت به فتدخل ترامب لتحقيق ذلك وطلب من قطر اقناع ايران بقبول وقف اطلاق النار وبدورها حسب كلامه ضمنت له ان تقنع ايران بذلك و واضح ان اتفاقا تم بين الاطراف على تأمين نزول الجميع من على الشجرة و بتأمين عمل لحفظ ماء وجه ايران فيما يتعلق بالضربة الامريكية التي تلقتها وكانت قاعدة العديد في قطر هي ضربة رمزية للرد على امريكا بموافقة الجميع بمن فيهم قطر ولم تمضي ساعات حتى اعلن ترامب حصول الاتفاق على وقف اطلاق النار بين ايران والكيان و الاكتفاء بالمواجهات التي استمرت فقط 12 يوما واطلق ترامب عليها حرب الاثنى عشر يوما وصفه بان طرفيها يتبادلان ضربات قوية لدرجة عدم معرفتهما بما سينتج عنها ، وما كان سينتج عنها ترامب يعرفه و هو مافرض تدخله لانهاءها عند الحد الذي وصلت اليه دون الانتظار لتحقيق الاهداف او نسبة عالية منها. واقعا لم يحقق الكيان وواشنطن ومن معهما من عواصم الغرب الصهيونية الاهداف التي اعلن عنها للعدوان على ايران عسكريا و بات اللازم العمل على تحقيقها نسبيا بعملية سياسية و استكمال محاولة تحقيقها على مدى طويل ، وبعيدا عن التقييم العسكري البحت للنتيجة ما حققه الكيان وحلفاءه هو ضمان ان لاتفاجئهم ايران باعلان امتلاك سلاح نووي خلال فترة تفاوض ستكون طويلة وصولا لتحقيق نتيجة نسبية في الجانب النووي قد يكون العودة لاتفاق 2015 مع تعديلات عليه وربما نتيجة نسبية ادنى فيما يتعلق بالجانب الصاروخي و نتيجة متدنية جدا فيما يتعلق بالدور في المنطقة. هذا هو الواقع الان والعمل على تحقيق الاهداف كاملة عنوانه الوحيد هو الاطاحة بالنظام في ايران وهو امر سيظل العمل عليه استخباراتيا وسياسيا واقتصاديا وامنيا على مدى طويل ولهذا فاحتمال تجدد العدوان على ايران وعودة المواجهة يظل قائم ، وبالنظر للاثار على قوى عظمى اخرى لتغير النظام في ايران بنظام موالي للغرب فاحتمال تجدد المواجهات وتطورها لمستويات اعلى هو الاخر قائم ايضا وسيطل الملف الايراني ملفا متفاعلان حتى بعد اعلان وقف اطلاق النار ولا يمكن التنبؤ بالقادم فيه. *كاتب ومحلل سياسي – اليمن [email protected]