شوقي نعمان لا احب ان أكتب إليك، بشكل رسالة عابرة ولا عن مواقفك الإنسانيةوالوطنية التي يعرفها الجميع، بل أكتب كامتداد لحديث بيننا لم يتوقف يومًا، عن البلاد، عن الطريق، عن الذين يشبهوننا في هذا التعب الطويل…! أتذكر حين كنا نقول: لا شيء يشبه تعز واليمن إلا من قرر أن يحملها في قلبه، ويمشي بها رغم التعب، رغم الخذلان، رغم صوت الحرب الذي صار نشيدًا يوميًا. في زحام اليأس، يخرج من بين الناس صوت لا يشبه الضجيج، ولا يتقاطع مع الشعارات. صوت يشبه ناي الريف، حارق مثل شمس ماوية ، نقي كحلم الطفولة حين كنا نحلم بالكهرباء كأنها كائن خرافي. عمار أيها المختلف بقيمك وطهارة قلبك. أعرف بأنك ليس بطلًا خارقًا كما تخترعه الشاشات، ولا سياسيًا كما تحب الأحزاب أن تصنع رجالها. انت واحد منا، لكنك لم ترضَ أن تذوب في الصمت. لم يخدع بالوعود، لم يساوم، ولم يبتلع صوته. صديقي عمار، كم من الأصوات خنقت، وكم من الأحلام ذبلت، وكم من الناس تعلموا فن الصمت حتى صار لهم جلد جديد! لكنك ظلت كما أنت، شوكة في خاصرة الظلم، ويدًا تمتد لتضيء شمعة في طريق الأصدقاءوالوطن. ليست الكتابة عنك مديحًا، بل وفاءً للمعنى الذي عشناه نحن حين كنا نؤمن أن من حق الاصدقاء والمدن وأن تحيا، لا أن تُؤجل أحلامها. وإن سألوني عن الصداقة، سأقول: هي أن تشارك صديقك الإيمان بناسٍ لم يقابلهم، وأن تتواطأ معه على حب بلدٍ نتقاسم معاناتها بجسد واحد. لا يمكن لنا إلا أن نحب عمار المعلم أكثر وأكثر ونؤمن بأنه أكبر واشجع واشرف من كل الساقطين…!