خلال اليومين الماضيين، شهد سوق الصرافة في المحافظاتاليمنية التي تديرها الحكومة المعترف بها دوليًا انخفاضًا جديدًا للعملات الأجنبية مقابل الريال اليمني، ما أثار تساؤلات حول حقيقة ما يجري الترتيب له من قبل الجهات الرسمية المعنية بإدارة سوق الصرافة، خاصة وأن بعض السلع ما تزال تُباع بأسعار أعلى من السعر الرسمي الذي حدده البنك المركزي بعدن، وظل ثابتًا لأكثر من شهر. هلع وأدى الانخفاض إلى ازدحام المواطنين أمام منشآت وشركات الصرافة في عدن وباقي المدن، جراء حالة الهلع التي سادت، ما جعل الكثيرين يقومون بصرف ما بحوزتهم من العملات الأجنبية خوفًا من عملية انهيار أكبر للصرف، خاصة بعد أن بلغ سعر صرف الريال السعودي 350 ريالًا يمنيا، بعد أن كان عند 428 ريالًا يمنيًا. ومساء الأحد 31 أغسطس/آب 2025، وصل سعر صرف الريال السعودي إلى حوالي 250 ريالًا في بعض المناطق، ما أثار الهلع في أوساط المواطنين. صمت رسمي صمت البنك المركزي الذي استمر قرابة يومين، جعل الناس تتجه لصرف ما لديهم من أموال بالعملات الأجنبية، ومع زيادة العرض، خفضت شركات الصرافة سعر شراء العملات الأجنبية، ما جعلها تشتري كميات من العملات بالريال السعودي والدولار، بأسعار وصلت إلى أقل من 10٪ من السعر المحدد من قبل البنك المركزي. تدخل البنك مع حلول مساء الأحد، تدخل البنك المركزي متأخرًا، ليعلن عن تثبيت سعر الصرف السابق، وأتخذ قرارًا أكد فيه أن المبالغ التي اشترتها البنوك وشركات الصرافة خلال اليومين الماضيين ملك للبنك المركزي، متوعدًا باتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين للحفاظ على استقرار السوق. من يقف خلف الاضطراب..؟! وبعد تدخل البنك المركزي، رأى مراقبون أن جهات مصرفية تقف وراء اضطراب سوق الصرافة، معتبرين أن البنك المركزي يعد شريكًا في عملية الاضطراب من خلال صمته ليومين، مشيرين إلى أن قراره باعتبار ما اشترته البنوك وشركات الصرافة ملكًا له دليلاً على تورطه، كون الضرر وقع على المواطن وحده. ودعا رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر إلى إغلاق شركات الصرافة التي مارست المضاربة وقامت بالبيع أو الشراء بالمخالفة لسعر البنك المركزي. جريمة نصب من جانبه، اعتبر الخبير المالي وحيد الفودعي ما حدث مؤخرًا "أكبر جريمة نصب" في تاريخ اليمن، جرت تحت مرأى ومسمع من السلطات. ورأى على حسابه في فيسبوك أن الحكومة والبنك المركزي مسؤولون مسؤولية مباشرة أمام الله وأمام القضاء عمّا لحق بالشعب من خداع، مؤكدًا أنهم ظلوا متفرجين على أكبر عملية نصب لأكثر من ثلاثين ساعة دون أي بيان توضيحي مسؤول، ولم يصدر البيان إلا بعد أن وقع الضرر. شكوك كما رأى أنه من الضروري تنفيذ قرار مجلس إدارة البنك المركزي بخصوص تحويل كافة عمليات شراء العملات الصعبة من قبل البنوك والصرافين خلال اليومين الماضيين إلى خزائن البنك المركزي، وبنفس الأسعار التي نُفِّذت بها، من أجل دعم فاتورة الاستيراد والحفاظ على الاستقرار. وأبدى شكوكه في قدرة البنك المركزي على ضبط كافة المشتريات نظرًا لضعف الرقابة على البنوك والصرافين التي ما تزال في طور التنظيم. الخاسر الأكبر لكن الخبير المصرفي علي أحمد التويتي رأى أن الخاسر مما حصل مؤخرًا ليس المواطن وحده، معتبرًا أن الصرافين أكبر الخاسرين، لكن ليس الجميع، مشيرًا إلى أن القليل منهم توفق أو حالفه الحظ. الرابحون واعتبر على حسابه في فيسبوك أن الرابحون هم البنوك الكبيرة فقط، كونها من تمتلك السيولة الكبيرة، مشيرًا إلى أن هناك صرافين باعوا وخسروا. ضحايا ولفت التويتي إلى أن النزول السريع ضحاياه كثيرون، منهم تجار وصرافون ومواطنون. وأضاف: المواطن خسر، لكن لن يفلس، إلا إذا باع أموال غيره وملزم بسدادها. أما الصرافون، فمنهم من قد يفلس ويختفي من السوق، ومنهم من يسجن. وتابع: أغلب المواطنين باعوا الريال السعودي بسعر أعلى من 350 ريالا يمنيا، وقليل جدًا منهم باع ب"300″ ريال أو أقل منها. أما الصراف الذي باع ب350، لن يستطيع تعويض خسارته. وأوضح أن الحالة التي عاشها الصرافون، خاصة من يشتغلون بالمكشوف، بلا شك تجعلهم أكبر المنكوبين. خدمة ورأى أن ما جرى خدم البنك المركزي أكثر، داعيًا الجميع إلى اتباع سعر البنك حاليًا ومن يخالف يتحمل خطأ نفسه. وأكد التويتي أن البنك المركزي لم يكن شريكًا فيما حصل، كون المشكلة حدثت في يوم إجازة وأربكت الجميع. ودعا المواطنين إلى ألا يصرفوا ما لديهم من عملات أجنبية إلا بقدر احتياجاتهم من العملة المحلية. هشاشة ويشير الاضطراب الاخير لسوق الصرافة في عدن وبقية المحافظات مؤشرًا واضحًا على وجود هشاشة رقابية وضعف في آليات حماية المدخرات من التقلبات المفاجئة في أسعار العملات. فالأحداث الأخيرة أظهرت كيف يمكن أن تؤثر حالات الذعر والمضاربة غير المنظمة على حياة المواطنين اليومية، وما تتركه من خسائر. مسؤولية ومن هنا، فإن المسؤولية تقع على عاتق البنك المركزي والجهات الحكومية المعنية لوضع آليات صارمة لضبط سوق الصرافة، وضمان شفافية التعاملات المالية، ومحاسبة أي جهة تتلاعب بالأسعار. كما يُعد توعية المجتمع وتعليم المواطنين كيفية التعامل مع التقلبات المالية جزءًا أساسيًا من حماية اقتصادهم الشخصي والجماعي. توخي الحذر ويظل المواطن هو الحلقة الأضعف، وعليه توخي الحذر وعدم الانجرار وراء الشائعات أو الذعر المؤقت، والاقتصار على صرف ما يحتاجه فقط، مع متابعة البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي لضمان حماية أمواله. وفي الوقت نفسه، يجب أن تكون الجهات المختصة جاهزة دائمًا للتدخل السريع في مواجهة أي اضطراب مالي، حتى لا تتكرر مثل هذه الأزمة التي تضع استقرار السوق والاقتصاد المحلي في مهب المخاطر. تم نسخ الرابط