عبدالوهاب قطران كنتُ قبل قليل قد أرسلت النسخة الإلكترونية من كتاب الجمهورية الفانية للصديق العزيز المحامي جلال حنداد ، وكتبتُ له: (منذ غادرت مقيلك اليوم وأنا أغوص في صفحات الجمهورية الفانية للمفكر اليمني الكبير محمد العلائي جديد . وبمحض المصادفة وجدتُ فيه تحليلًا علميًا رصينًا وعميقًا يلخص ما دار في نقاشنا بمقيل اليوم حول المنطقة الزيدية القبلية في شمال الشمال، وكيف يتحول الصراع بين شمال الشمال والوسط والجنوب إلى صدام مناطقي كالح في الحقب التي تتسلط فيها الإمامة الهادوية، وصولًا إلى حقبة الجماعة اليوم. العلائي تناول المسألة بجرأة معرفية لافتة، وبأدوات تحليل محكمة، خصوصًا في الصفحات من 250 إلى 261. والكتاب إجمالًا نصٌّ ثمين، وعمل فكري وتاريخي واجتماعي وسياسي بالغ الأهمية، يُجلي الغموض، ويُسلِّط الضوء على النظام الاجتماعي اليمني بتاريخه الطوويل شديد التعقيد والانقسام والتفكيك والهشاشة والالتباس. وأشير هنا إلى أن العلائي أصدر قبل نحو سبعة أشهر – على ما أتذكر – كتابًا آخر بعنوان نقض المفهوم الجغرافي للزيدية. لم يُوزَّع في اليمن ورقيًا ولا إلكترونيًا، وقد طلبتُ من الصديق العلائي نسخة ورقية أو إلكترونية، فأنا من عشاق نصوصه الباذخة ومن مريديه المخلصين. وقد وعدني بإهدائي نسخة ورقية، وما زلتُ في انتظار وصولها في أقرب وقت. أرجوك أن تفتح هذه الصفحات الليلة؛ فهي تستحق القراءة بعين يقظة. وبصدق، العلائي مفكر يمني مدهش. يقدم بااطروحاته الرصينة محاولة للفهم لهذا الواقع الذي نعيشه ،و قليلون من يدهشونني في مقارباتهم وتحليلاتهم ورؤيتهم العميقة للواقع اليمني وتعقيداته الاجتماعية المستعصية على الفهم كما يفعل هو. وباختصار واضح: محمد العلائي أحد كبار المثقفين بهذا البلد... ومن طينة استاذنا الجليل المحامي الكبير أحمد الوادعي شفاه الله. لم يدهشني في عمق الكتابة اليمنية سوى رجلين: الوادعي والعلائي. وكتابه ونصه الباذخ الثمين الجمهورية الفانية جدير بأن يكون في مقدمة قراءاتك، وستجدني محقًا فيما قلت). وبعد أن طالعتُ الليلة عشرين صفحة أخرى من الكتاب، بعثتُ للصديق محمد العلائي هذه الرسالة: (يا صديقي... أنت فَلْتة من فلتات الدهر. أقولها من أعماق القلب. أغبطك على ما لديك من صفاء ذهن، وذكاء لامع، وعقل وافر الرشد، وسعة اطلاع نادرة، وقدرة مدهشة على التحليل والربط والتفكيك وإعادة البناء. لو كانت في اليمن دولة وطنية حقيقية، لفرغتك للبحث والتأليف، أو لأسندت إليك رئاسة أهم مركز للدراسات الاستراتيجية في البلد. فأنت جدير بذلك وأكثر).