أكد مصدر مطلع أن شركة توتال الفرنسية مازالت ترفض مطالب السلطات اليمنية بتعديل أسعار الغاز المسال, الذي بيع لها ضمن صفقة مشبوهة اعتمد فيها سعر المليون وحدة حرارية بدولار واحد فقط, فيما كان السعر في السوق العالمية يصل إلى 12 دولاراً للمليون وحدة حرارية. وأمس الأول, نشبت أزمة بين وزارة النفط اليمنية وشركة توتال على خلفية إصدار الأخيرة, الأحد الماضي, بياناً باسم الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال تضمن رفضاً واضحاً للمطالب اليمنية بتعديل أسعار الغاز. وانتقدت وزارة النفط اليمنية, أمس, الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال, التي تديرها شركة توتال, فإصدارها البيان الصحفي دون التنسيق مع الوزارة. ووفقاً لوكالة "سبأ" الحكومية فقد عبر مصدر مسؤول في الوزارة عن "استغرابه للبيان المنشور في عدد من وسائل الإعلام باسم الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال يوم الأحد الماضي, والذي أصدرته الشركة في وقت تعرف بأن عليها التزاماً بتكثيف العمل من أجل تحسين أسعار الغاز الطبيعي المسال اليمني مع بقية المشترين (شركة توتال الفرنسية وشركة "جي دي إف سويز" الفرنسية) بنفس الآلية والجهد اللذين السابقين, ونتج عنه النجاح في تعديل أسعار الغاز مع شركة كوجاز الكورية الجنوبية". وقال المصدر: "أن الوزارة وبحسب العلاقة المتميزة مع كافة الشركات النفطية والمعدنية (الاستكشافية والإنتاجية) التي تحكمها اتفاقيات المشاركة, تحرص على التنسيق المشترك في كافة الأعمال داخل الجمهورية اليمنية, بما فيها البلاغات الصحفية عن نشاطات الشركات ونتائج أعمالها الاستثمارية, بما فيها الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال, التي تعتبر الوزارة ممثلة بالشركة اليمنية للغاز (الحكومية) أحد أهم المساهمين والشركاء الأساسيين في المشروع, بل وباعتبار أن وزير النفط والمعادن هو رئيس مجلس إدارة الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال, وجرت العادة على مراجعة البيانات والبلاغات الصحفية المتعلقة بنشاط الشركة من قبل الوزارة قبل النشر وعدم التفرد بها". وأضاف: "ولهذا تستغرب الوزارة صدور مثل ذلك البيان غير الملائم, والذي يتعارض مع الجهود الرامية والهادفة لتحسين أسعار الغاز, والتي تعتبر من التزامات الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال أمام كافة شركائها المساهمين, بمن فيهم الحكومة اليمنية, ممثلة بوزارة النفط والمعادن". وتابع: "ولا بما لا تتعارض فيه المصالح". وثمن المصدر المسؤول "جهود الحكومة والقيادة السياسية ممثلة بالأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي, رئيس الجمهورية, وتوجيهاته الحثيثة بضرورة العمل على تعديل أسعار الغاز اليمني, باعتباره ثروة قومية تمس الشعب اليمني واقتصاده, موضحاً أنه ومنذ توقيع اتفاقية تطوير الغاز أحد أهم الموارد في تحقيق النقلة التنموية المنشودة". وأمس الأربعاء, قالت وكالة "سبأ" الحكومية, نقلاً عن مصادر قضائية, أن "نيابة الأموال العامة المختصة بقضايا الفساد تجرى منذ شهرين تحقيقات مكثفة في قضية بيع الغاز اليمني المسال لشركة توتال الفرنسية والتي نتج عنها أضرار كبيرة بمصلحة اليمن". ووفقاً للوكالة, فقد "أوضحت تلك المصادر أن التحقيقات شملت عددا من مسؤولي وزارة النفط ذوي المصلحة بصفقة بيع الغاز المشهورة, وكذا مسؤولين عن شركة توتال في اليمن, وأن التحقيقات مستمرة حتى الآن". وجاء هذا الخبر كتهديد من قبل اليمن لشركة توتال التي ترفض تعديل أسعار الغاز, رغم أن شركة "كوجاز" الكورية وافقت على تعديل أسعار الغاز المباعة إليها من 3 دولارات و15 سنتاً للمليون وحدة حرارية إلى 14 دولاراً للمليون وحدة حراري؛ على أن يبدأ العمل بهذا التعديل الجديد للأسعار بدءاً من هذا العام. وكانت شركة توتال أصدرت, في التاسع من الشهر الجاري, بياناً باسم الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال, قال إن "عقود البيع التجارية الموقعة بين الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال والمشترين تم التفاوض عليها في أجواء شفافة ومنصفة". وأضاف بيان "توتال": "كما هو متعارف عليه عالميا في ما يتعلق بإنشاء مشاريع الغاز الطبيعي المسال والتي تكون تكلفة إنشائها عالية, فمن الضروري أولا قبل البدء بعملية الإنشاء أن يتم التوقيع على عقود بيع طويلة الأجل مع المشترين لإثبات وجود دخل ثابت ومستقر للمشروع يسمح حينها بالحصول على القروض اللازمة لتمويل إقامة محطة تسييل الغاز الطبيعي". وتابع البيان: "في أغسطس 2005, بعد المشاركة في مناقصة دولية مفتوحة, وقعت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال عقد البيع مع شركة كوجاز الكورية تقوم الأولى بموجبه بتزويد الشركة الكورية ب05‚2 مليون طن متري سنوياً من الغاز الطبيعي المسال. في نفس العام, كان السعر الذي حصلت عليه اليمن مكافئاً وفي بعض الحالات أفضل أسعار عقود أخرى تم التوقيع عليها في نفس الفترة مع شركات كورية, منها على سبيل المثال, عقد شركة ساخالين الروسية مع كوجاز (يوليو 2005), عقد الشركة الماليزية للغاز الطبيعي المسال مع كوجاز (يوليو 2005), عقود وقعتها شركة تانغوه الإندونيسية لمبيعات إلى كوريا (2004) وغيرها". وزاد: "وفي أغسطس 2005 أيضاً, تم التوقيع بعد المشاركة في مناقصات دولية مفتوحة على عقدين آخرين الأول بين الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال وشركة وتوتال للغاز والطاقة يتم بموجبه تزويد شركة توتال للغاز والطاقة ب2.1 مليون طن متري سنوياً من الغاز الطبيعي المسال. تم توقيع العقد الثاني مع شركة جي دي إف سويز يتم بموجيه تزويدها ب2.55 مليون طن متري سنويا". وأضاف بيان "توتال": "عملية التفاوض على العقود تمت بين الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال من جهة وبين المشترين من جهة أخرى بحيادية وبحرص شديد لضمان إجراء المفاوضات التجارية بخصوص الأسعار بطريقة عادلة وشفافة". وتابع : "وقد خضعت العقود التجارية الثلاثة في حينها للدقيق والمراجعة قبل الموافقة عليها من قبل وزارة النفط والمعادن. وبالطبع, تم أيضاً مراجعتها من قبل اللجنة البرلمانية المختصة والتي شكلت خصيصا في حينه لذلك الغرض. وقد حرصت العقود حينها على ضمان وجود ما يكفي من احتياطي الغاز لتلبية احتياجات الصادرات خلال فترة العقود". وأفادت بأن الشركة اليمنية للغاز "عملت ولا تزال وباستمرار بالتفاوض مع الشركات المشترية حول أسعار الغاز الطبيعي المسال بحسب تغيرات أسعار أسواق الغاز عالمياً". وقال البيان: "العقد الموقع مع شركة كوجاز يتبع معادلة سعرية تعتمد مؤشر خام برنت مع حد سعري أدنى وحد سعري أعلى, يتضمن العقد التجاري الموقع مع شركة كوجاز بندا يشترط التفويض لمراجعة الأسعار كل خمس سنوات. العقدان الآخران الموقعان مع شركة توتال للغاز والطاقة, وشركة جي دي إف سويز, ارتباطا بمؤشر تسعيره الغاز هنري هب (Henry Hub) في السوق الأمريكية والأوروبية, والذي كان مؤشراً سعرياً ممتازاً بالنسبة للشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال يوم تاريخ التوقيع على هذين العقدين". وأضاف: "تم بالإضافة لذلك التوقيع على اتفاقية حد سعر أدنى لضمان حماية المبيعات في حال انخفاض سعر مؤشر هنري هب واستمرار هذا الانخفاض لمدة طويلة". وتابع: "في بداية العام 2009, مباشرة بعد حدوث ما يعرف باكتشافات الغاز الصخري في الولاياتالمتحدة والذي استغنت الولاياتالمتحدةالأمريكية بموجبه عن استيراد كميات كبيرة من الغاز, تعرض مؤشر هنري هب لهبوط حاد إلى 1.5 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وفي المقابل, بدأت أسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا بالصعود, خاصة بعد ازدياد الطلب على الطاقة في الدول التي شهدت نهضة اقتصادية كدولة الصين. صعود أسعار الغاز في السوق الآسيوية وهبوطها الحاد في السوق الأمريكية مثل النقيض تماما لتوقعات ودراسات خبراء السوق المستقلين وقت التوقيع على اتفاقيات البيع والشراء في العام 2005". وزاد: "بعد هذا الانهيار الذي شهدته أسعار مؤشر هنري هب للسوق الأمريكية, نفذت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال مفاوضات نتج عنها التوقيع على اتفاقيات مع المشتريين الأولى مع شركة توتال للغاز والطاقة والثانية مع شركة جي دي إف سويز, بهدف تعويض الأثر السلبي الناتج عن انهيار أسعار مؤشر هنري هب. يتم بموجب هاتين الاتفاقيتين تنفيذ ما يعرف ب"تحويل الشحنات" وبيعها في أسواق مربحة أكثر كالسوق الآسيوية". وأضاف: "في العام 2013م على سبيل المثال, تم تحويل 80% من إجمالي الشحنات المباعة لشركة توتال للغاز والطاقة وبيعها في السوق الآسيوية حيث تعتبر السوق الأفضل حاليا من حيث الأسعار, وبهذا تم تحقيق أرباح عالية لمبيعات الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال". وبشأن "الوضع الحالي لمفاوضات تعديل الأسعار مع الثلاث شركات المشترية للغاز"؛ قال البيان: "بدأت عملية التفاوض مع الثلاث شركات المشترية للغاز في شهر يونيو 2013 من قبل لجنة مشتركة تضم ممثلين من الحكومة اليمنية والشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال. تم استكمال المفاوضات مع شركة كوجاز في شهر ديسمبر 2013 وذلك استناداً للبند المنصوص عليه في العقد والخاص بمراجعة الأسعار, وتم التواصل إلى تعديل سعري يتطابق مع أسعار الغاز في السوق الآسيوية. المفوضات السعرية مع شركة توتال للغاز والطاقة وشركة جي دي إف سويز لا تزال مستمرة ومجرياتها سرية في الوقت الحالي". وفيما أشار البيان إلى أن "الكلفة الإجمالية لإنشاء مشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال بلغت 4.5 مليار دولار أمريكي"؛ قال: "مشاريع الغاز المماثلة التي تم إنشاؤها في نفس الفترة بلغت كلفة إنشائها الضعف أو أكثر. ولو قامت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال بإنشاء المشروع اليوم فستصل تكلفة إنشائه إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالتكلفة الأصلية. تم تمويل إنشاء المشروع بالكامل من قبل شركاء المشروع الذين أسهموا أيضاً بخبراتهم الدولية المتعلقة بتمويل وإنشاء مشاريع معقدة مما ساهم في خفض كلفة الإنشاء الإجمالية". وأفاد البيان بأن "من المرجح أن تصل إيرادات المشروع الإجمالي بالنسبة لليمن حوالي 60 مليار دولار خلال فترة العشرين سنة القادمة". وتم إنشاء الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال (Yemen LNG) في العام 1995 بعد الإعلان عن مناقصة دولية في اليمن كانت تهدف للاستفادة من مخزون اليمن من احتياطي الغاز في القطاع رقم (18), بمحافظة مأرب. وقال البيان: "بعد الإعلان عن المناقصة المفتوحة تم التوقيع في العام 1995على اتفاقية تطوير الغاز بين الحكومة اليمنية والشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال. وتضع اتفاقية تطوير الغاز نصوص الإطار العام والذي يحكم مشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال. تم المصادقة على اتفاقية تطوير الغاز من قبل البرلمان اليمني وصدر بها قرار رئاسي. وقد تم تمديد الفترة الأصلية لتطوير المشروع مرات عديدة بموافقة وزارية وبحسب نصوص اتفاقية تطوير الغاز". وأضاف: "ويتضمن شركاء المشروع كلاً من الشركة اليمنية للغاز- المملوكة للدولة 73‚16٪ الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات 5٪, شركة إي كي 55‚9٪ شركة هيواندي 88‚5٪ وشركة توتال62‚39٪". وتابع: "بدأت عملية إنشاء المشروع في 2005 وتم استكماله في 2009, تم تنفيذ المشروع ضمن الجدول الزمني المحدد وضمن الميزانية المحددة والذي اعتبر واحدا من أهم الإنجازات في ذلك الحين. مثل المشروع في حينه أكبر استثمار صناعي يقام في تاريخ اليمن وبكلفة كانت تعتبر واحدة من أدني تكاليف إنشاء المشاريع المماثلة في العالم. حقق المشروع معايير سلامة ممتازة". ويتم تزويد المشروع بالغاز من خلال شركة صافر, من القطاع (18) في محافظة مأرب, والتي تعتبر (أي شركة صافر) المشغل الرئيسي لهذا القطاع. يتم ضخ الغاز من القطاع (18) عبر أنبوب بطول 320 كم إلى محطة التسييل والتصدير في بلحاف, بمحافظة شبوة. وتم تصدير أول شحنة من صادرات الغاز الطبيعي المسال في 7 نوفمبر 2009. وكشرط أساسي للحصول على تمويل إنشاء المحطة, تم التوقيع في العام 2005 على ثلاثة عقود مبيعات طويلة المدى لتصدير 7‚6 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً.