تغيرت الكثير من قواعد اللعبة السياسية,وأصبح الرئيس هادي يدير البلاد بطريقة مختلفة عن بدايتها الأولى عند تسلمه للسلطة, صار هادي أكثر اندفاعاً من أي وقتٍ مضى,بدأ يرسم حدود تطلعاته وطموحاته بوضوح أكثر, ومع ذلك ما يزال الوقت مبكراً للحديث عن تحقيق طموحاته وأهدافه,كما أن الانتقال السلمي للسلطة بنجاح حقيقي ما يزال مشروعاً متعثراً. مازالت مختلف مناطق البلاد تعيش فوضى أمنية عارمة,ومازال الصراع العسكري في أكثر من منطقة يفرض نفسه بتداعياته الخطيرة,وآثاره التدميرية,ومع ذلك يتحفز هادي لخوض معارك استثنائية لها علاقة بالكرسي,وتوطيد الحكم,أكثر من ارتباطها بالتغير والانتقال السلمي للسلطة. لغز معقد يدعى»نزع السلاح» المليشيات أو الجماعات المسلحة, أو المقاتلون غير النظامين,ومسلحو القبائل,كلها توصيفات وتسميات متعددة لفئة محدودة من الناس تتمثل ب»حملة السلاح بطريقة غير قانونية»,وقد وفرت حيازة بعض المكونات والجماعات للأسلحة بمختلف أنواعها وبكميات كثيرة البيئة المناسبة للصراعات المسلحة والحرب ذات الصبغة الأهلية, والقائمة على تصفية الحسابات المناطقية والأيدلوجية والقبلية والمرتبطة في كثير من الأحيان بدوافع سياسية ضيقة, ليصبح الصراع الدامي الحدث الأبرز في البلاد . إزاء هذه الصراعات والمواجهات المسلحة وخصوصاً في محافظتي صنعاءوعمران,دأب الرئيس هادي على إرسال لجان الوساطة الرئاسية التي تبذل جهوداً حثيثة من أجل التهدئة,وتبرم اتفاقات مع الأطراف المتصارعة لوقف إطلاق النار,ومع كل اتفاق ينهار وصراعٍ يتجدد يعمد هادي إلى إرسال لجنة أخرى للوساطة,غير أن الصراع ظل يتسع باستمرار ليصل في بعض الأحيان إلى أطراف العاصمة- توسع الصراع وامتداد المواجهات أصبح خطراً بارزاً بحسب توصيف «الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية» والتي أكدت بأن هذه المواجهات تهدد بإفشال عملية الانتقال السلمي, وتهدد كذلك بنسف مخرجات مؤتمر الحوار التي دعت إلى وقف الصراع المسلح, وأكدت على ضرورة نزع السلاح من مختلف الجماعات المسلحة خارج إطار الجيش. ودعا سفراء الدول العشر- ومن بينها دول الخليج في بيان صادر عنهم في صنعاء,إلى نزع سلاح الجماعات المسلحة,في إشارة صريحة للأطراف المتصارعة في عمرانوصنعاء ممثلين بقوات الحوثيين,ومسلحي حزب الإصلاح والقبائل,وحث السفراء الأطراف المتقاتلة إلى التوقف الفوري عن ممارسة الاستفزازات, ودعتها إلى ضرورة التنفيذ بمختلف اتفاقيات وقف إطلاق النار مؤكدين دعمهم للرئيس هادي.. خطة السفراء.. تزامن وحيادية حدد سفراء الدول العشر خطاً عريضاً يمثل من وجهة نظرهم مدخلاً رئيسياً لعملية نزع السلاح,ويتمحور هذا الخط على «التزامن»,بمعنى أن يتم سحب كمية أسلحة محددة من جماعة الحوثي,تقابلها كمية مشابهة من مسلحي الإصلاح,وكمية ثالثة من مسلحي القبائل,حتى لا تتحجج أية جهة بمبرر الدفاع عن النفس والخوف من التصفية أو الإقصاء أو التهميش, لكن تبقى إشكالية العلاقة بقوات الجيش الوطني,والذي تتهم بعض تشكيلاته أو وحداته بالانحياز إلى طرف وتحديداً حزب الإصلاح,لذلك أكد سفراء الدول العشر على ضرورة التزام جميع الأطراف بمبدأ الحيادية السيادية»تجاه مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجيش والأمن, ويقصدون بذلك تجريم لجوء أي طرف إلى اعتبار الجيش والأمن تابع له وفي خدمته أو استغلالهما لتحقيق مصالح حزبية أو سياسية أو إيديولوجية خاصة, وفي المقابل تجريم التعامل مع قوات الجيش والأمن باعتبارها عدو تجب مقاتلته أو مواجهته بالسلاح مع التزام جميع الأطراف باعتبار الجيش والأمن مؤسستين وطنيتين مرتبطتين بسيادة الدولة واستقلاليتها ولا ينبغي استخدامها أو تجبيرهما لأي هدف آخر.. صراع الصلاحيات من الآباء إلى العيال في إطار معركة كسر العظم بين الرئيس هادي وسلفه الرئيس السابق صالح,قفزت وجوه جديدة إلى حلبة المصارعة,واتخذت مواقع جديدة على واجهة الأحداث والعلاقة المأزومة بين الحرس القديم والحرس الجديد للنظام.. وتصدر»جلال»نجل الرئيس هادي طابور المواقف المتصلبة خلال الأيام الماضية, مبدياً رغبته الواضحة والجادة في إغلاق ملف «أحمد علي»نجل الرئيس السابق,وسفير اليمن الحالي في الإمارات,مستعيناً بمنظومة إعلامية تعمل لصالحه,يمولها جلال لتنفيذ حملات إعلامية موجهة ضد أحمد علي,متهماً إياه بنهب كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من بينها كمية 40 ألف كلاشنكوف و35سيارة همر و12مدرعة وذلك عند إقالته من قيادة الحرس الجمهوري سابقاً – وأنه قام بإخفائها في مسقط رأس والده بالاضافة إلى كميات أخرى في أماكن مجهولة بمديرية سنحان, وبهذا الخصوص فقد وجه رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة مذكرة الى وزير الخارجية طالبه فيها بابلاغ أحمد علي عبد الله صالح بسرعة العودة الى صنعاء من أجل تسليم ما بحوزته من عهد مختلفة للدولة ولوزارة الدفاع وبحسب مصادر اعلامية أن أحمد علي عبد الله صالح اشتاط غضباً عندما سمع بأمر الاستدعاء وقال : الرجل صدق نفسه أنه رئيس وهدد بعدم العودة متحدياً هادي أو غيره بفعل أي شيء اذا لديهم القدرة حسب قول المصادر. بينما مواقع إعلامية محسوبة على السفير أحمد علي,اتهمت جلال هادي بأنه يسخر الدولة لصالحه ويدير الحكومة من منزله الخاص,وأنه هو من يحرك والده ويدفعه لافتعال المعارك مع سلفه صالح,خصوصاً في الأحداث التي جرت مؤخراً ومن بينها اقتحام وإيقاف بث قناة اليمن اليوم,وتغيير إدارة جامع الصالح بعد فرض السيطرة عليه من قبل جنود الحماية الرئاسية التابعين لهادي. وتناقلت وسائل اعلامية تصريح لجلال قال فيه أنه هو من يدير الدولة. وإن كان هادي يشعر أنه أقوى من أية مرحلة سابقة,إلا أن كثرة اللاعبين في الشأن السياسي,وتنوع القوى التقليدية وصراعها من أجل مصالح خاصة يجعل البلاد بكاملها على كف عفريت,وربما على فوهة بركان توشك ثورته على الانفجار.