مئات من البشر كانوا يقفون قبل آونة من الزمن على سوق باب اليمن في العاصمة صنعاء .مئات من الباعة المتجولين وأصحاب البسطات كانوا يقضون معظم ساعات اليوم لطلب الرزق من بيع الخضروات والفواكه وغيرها من السلع مئات أصبحوا يمضون ساعات وساعات مع الصمت في عالم التيه عقب صدور قرار الحكومة الرشيدة الذي لم ينظر مصيرهم بعين الاعتبار و اصدر الأوامر باخلاء السوق دون ان يضع لهم حلولاً حقيقية أولئك المئات تشردوا ولم يظل منهم في السوق سوى قلة من أطفال صغار يعرضون أنفسهم للخطر مقابل الحصول على لقمة العيش . حين وصل الجندرمة في ذلك اليوم أقبلت إلى السوق سيارة تحمل لوحة حكومية على متنها عصبة من الجندرمة من أعينهم يتطاير الشر وكأنهم ذياب جائعة يسيل من أنيابها اللعاب . الطفل صغير جداً عمره لا يتجاوز الرابعة عشرة، الجندرمة وحوش بشرية تستخدمها السلطة العاجزة لانتهاك إنسانية الباعة المتجولين، وحوش لا تعرف الطفولة، ولا تحوي قواميسهم معنى للرحمة. الطفل كان يكدح، يشق الصخر لطلب رزقه، لحظة قدوم الجندرمة حاول الفرار لكنهم انقضوا على فريستهم كنسر خاطف. من يده انتزعوا صندوق المانجو وفرقوا ما بداخله على الأرض، الطفل ارتمى بجسده النحيل على حبات المانجو وصدع بعلو بصوته "دعوني وشأني، اتركوا رزقي، سأموت قبل أن أمكنكم من أخذه . الجندرمة وحوش ميتة القلب فاقدة للشعور والإحساس، انهالوا على الصغير وأخذوا رزقه عنوة ليظل الطفل بدموعه وآهاته .. فهل رأيت وحشية كهذه ؟ ومن يحمي البسطاء من بطش جندرمة السلطة؟!