لن أجانب الصواب إذا قلت إن فترة الأزمة التي مر بها الوطن خلال العامين قد عكست استسهالاً للغة الكلام، واستهانت بقيمة العمل، ويعد ذلك من أهم الأسباب التي أدت إلى استفحال الأزمة وطولها لقد ارتفعت شعارات كثيرة تتحدث عن الفساد وعن الدولة المدنية وعن حماة الثورة وعن المتطهرين من رجس الفساد وعن الوحدة بين الحوثيين والإصلاحيين ونبذهم للحرب والعنف وأن علي عبد الله صالح هو الذي كان يذكي الصراع بينهما.. وان رأيي حينها أن اليمن تحتاج إلى ماهو أفضل وأكثر أهمية من الكلام وهو العمل على بعث الثروة التي أهدرت بسبب الفساد. لقد كان الفساد في عهد علي عبد الله صالح يرتكز على المشاريع الكبرى وهي خطوط حمراء لايمكن تجاوزها فهي بالتقاسم بينه وبين علي محسن وبيت الأحمر وبما أنه يمتلك السلطة السياسية فإن أغلب المشاريع والتراخيص كانت تذهب لصالح علي محسن وبيت الأحمر ومع ذلك كانت هناك لجنة مناقصات كانت تسمح بالمشاريع الصغيرة لبعض المقربين من هذه الدوائر الثلاث ونحن اليوم أمام قضية فساد تتمثل بمشروع استئجار كهرباء لمحافظة عدن وبعض المحافظات الأخرى لإنتاج 240ميجاوات من قبل القطاع الخاص بسعر ثلاثة سنتات للكيلو على أن تتكفل الحكومة بمادة الديزل ،وبحسب الخبراء فإن سعر الكيلو يصل إلى 23سنتاً وقد تم الاجتماع في بيت أحد كبار المتنفذين وتم توزيع المشاريع على 4من كبار حيتان الكهرباء.. ما يتعلق بمشروع عدن أعطي لصالح بن فريد ومعه عدد من الشركاء، وقد وقع العقد وزير الكهرباء صالح سميع والتزم بالدفع وزير المالية صخر الوجيه، هذا المشروع يكلف خزينة الحكومة مئات الملايين من الدولارات التي بإمكانها إنشاء محطات كهرباء وتشغيل المئات من العاملين فيها ،وعندما نتفحص الأسماء التي حصلت على هذه المشاريع نعرف شركاءهم والذين يقفون وراءهم، فالعقد الذي أبرم مع صالح بن فريد والذي نحتفظ بصورة منه وقع عليه وزير الكهرباء والمالية وعمد من قبل رئيس الوزراء.. الحقيقة أن هذه الصفقة تحتاج إلى لجنة تقصي الحقائق لمحاسبة المتلاعبين بالمال العام وتقديمهم للعدالة ،وهذه القضية مطروحة أمام الهيئة العليا لمكافحة الفساد والنائب العام ومنظمات المجتمع المدني، فنحن بحاجة إلى تدشين مرحلة جديدة علنية في الحياة الإدارية في اليمن وهي مرحلة المحاسبة (لامسئولية دون محاسبة). نريد فتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين واستعادة أراضي وممتلكات الدولة وأموالها المنهوبة واستعادة هيبة الدولة ودورها في إدارة المؤسسات العامة. نحتاج إلى مكافحة الفساد بكافة أشكاله وتحويل كل من تثبت إدانته بالفساد للقضاء وتطبيق القانون على الجميع. نحن أمام محطة مهمة تحتم على أولئك الذين خرجوا من أجل التغيير ألا يسكتوا عن هذا الفساد وأن يفتحوا الباب أمام الرأي العام لكي يجري مناقشة جادة لهذه القضية والأمر مطروح أمام الصحفيين والإعلاميين الذين ملئوا الساحة بالصراخ والضجيج الإعلامي حول الدولة المدنية وإذا ثبت صحة العقد الذي بين أيدينا فإن الحكومة لم تعد مؤهلة لأن تخطو خطوات على طريق مكافحة الفساد بل لم يعد هناك أدنى شك في تورطها بالفساد.. نحن بحاجة إلى رؤية مستقبلية تحدد مفهوم دولة النظام والقانون لأن سلم التقدم والنهوض لأي أمة يرتكز على العدالة والشفافية وتحقيق سيادة القانون. رسالة للأخ الرئيس/عبد ربه لقد بات من الضروري الإسراع بتعيين السلك الدبلوماسي بحسب الكفاءات وليس بحسب التقاسم حتى نجسد ثقافة جديدة تعزز من مصداقية الإيمان بالمواطنة المتساوية بعيداً عن المنطقة والعشيرة والقبيلة والحزب ذلك هو الطريق الوحيد لبلوغ النجاح وليس أي طريق آخر وعندما يخلص المرء في عمله بضمير يقظ فإن كل المحظورات والعقبات التي تعترض تقدمه سوف تسقط من تلقاء نفسها. إن عملية المحاصصة والتقاسم هي تقويض للدولة المدنية وتكذيب لأولئك الذين يقولون إنهم يسعون لإقامة الديمقراطية السليمة ، إن الواقع يقول إن هناك عملية تدريجية لدفن هذه الدولة من أساسها ، هناك عملية إفساد تجري تفاصيلها كل يوم تسعى إلى إلغاء التشريعات والتداول في القوانين والقرارات وتحل محلها التقاسمات.. وإذا كان الهدف هو الدولة المدنية فلماذا كل هذه الجلبة حول التعيينات الدبلوماسية؟! متابعات