اتسعت في الأردن، أمس، مساحة الاحتجاجات الشعبية على رفع الأسعار وانطلقت تظاهرات عديدة في أنحاء متفرقة من البلاد تحت شعار "جمعة الغضب" تردد خلال إحداها على الأقل هتاف "إسقاط النظام"، وتدخلت قوات الدرك في فض أخرى، وتبنت الحركات الميدانية "السلمية" في ظل استمرار أعمال شغب محدودة، وذلك لليوم الثالث على التوالي عقب قرار إلغاء الدعم عن المشتقات النفطية . وانطلقت بعد صلاة الجمعة مسيرة حاشدة شارك فيها نحو 10 آلاف شخص من أمام المسجد الحسيني وسط عمّان بدعوة من الحركة الإسلامية وقوى سياسية وشعبية وشبابية ومشاركة الآلاف أعلن بعضهم التوجه إلى الديوان الملكي قبل إصدار "توافق" ميداني على بدء إضراب واسع عن العمل، غداً (الأحد)، ومغادرة المكان مع العودة للاعتصام مساء عند دوار فراس في منطقة جبل الحسين قريباً من ميدان جمال عبدالناصر (دوّار الداخلية) الذي أغلقت قوات الأمن منافذه الأربعة أمام التجمهر . وهتف عدد من المتظاهرين في المسيرة "الشعب يريد إسقاط النظام" و"الحرية من الله يسقط يسقط عبد الله" و"لا إصلاح ولا تصليح ارحل بالعربي الفصيح" و"الشعب مل السكوت . . عيش كريم أو الموت" وسط تواجد أمني كثيف طوّق الموقع وفصل عشرات المناوئين عن الموالين . ورأى نائب مراقب عام جماعة الإخوان المسلمين زكي بني رشيد "توسعاً" في سقف الشعارات وذلك "بسبب سياسات رسمية خاطئة منها قرار رفع الأسعار عقب نحو عامين من التظاهرات الداعية لإصلاح النظام" . وأردف "يجب الاستماع لصوت الشعب قبل فوات الأوان" . وكان رئيس الوزراء عبد الله النسور قال في مقابلة تلفزيونية ليل الخميس/الجمعة أثناء ترديد بعض متظاهرين شعار "الإسقاط" في طريقهم إلى الديوان الملكي "نحن نعيش في بلد ديمقراطي ولو طرحت هتافات مشابهة في مكان آخر ربما لا نعرف مصير أصحابها" . واستدرك "ليس محموداً التجاوز عن حدود التعبير السلمي" . وأجمعت حركات شعبية وشبابية وعشائر وقوى سياسية في بيانات وتصريحات إعلامية على اتفاقها على شخص الملك عبدالله الثاني قائداً للبلاد ورفضها المساس بمكانته، مع انتقادها أطرافاً أخرى في النظام وحثها على الحفاظ على سلمية الحراك، ورفضها أعمال التخريب وتدمير الممتلكات واستغلال الموقف، ومطالبتها بإجراء إصلاحات جذرية ووضع حد لقرار رفع الأسعار . ودخلت منطقة "أم السماق" الواقعة غرب العاصمة لأول مرة على خط التظاهرات من خلال اعتصام قادته عشيرة "النعيمات" انتقد "تحميل المواطن مسؤولية فساد مسؤولين" . وجاء في لافتات مرفوعة "لا يجوز دفع 6 ملايين مواطن ما نهبه 30 طاغية" و"أيها المسؤول احذر فقد حانت ساعة الحساب" و"يا من تجلس في البيت . . رفعوا السكر ورفعوا الزيت" و"هذا الأردن أردنا والفاسد يرحل عنا" . وأغلق غاضبون طريق مخيم البقعة على حدود عمّان الشمالية الغربية بالحجارة والإطارات المشتعلة فيما استخدمت قوات الدرك الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين . وشهدت محافظات الكرك ومعان والعقبة والطفيلة ومأدبا (جنوب) واربد وجرش والزرقا (شمال) وعجلون (شمال شرق) ومدينة السلط غربي عمّان فعاليات احتجاجية متزايدة أخذت طابعاً سلمياً ودعت إلى رحيل حكومة النسور فوراً وتشكيل حكومة إنقاذ وطني ووقف قرار رفع الأسعار، ودارت في احتجاجات أخرى مواجهات بين شبان ورجال أمن، وأعلنت فئات مدنية ما يشبه "العصيان المدني" ورددت هتافات عالية السقف . وبدأ الأمن العام الإفراج عن موقوفين بعدما كان أعلن اعتقال 158 شخصاً خلال اليومين الماضيين على خلفية الأحداث . وأكد مصدر أمني إطلاق سراح 30 شاباً على الأقل ومواصلة التحقيق مع آخرين، بينما شيّعت أسرة أول قتيل إبّان موجة الاحتجاجات، قيس العمري، جثمانه شمالي الأردن والذي تباينت الروايات حول وفاته أثناء مواجهات مع رجال أمن لازمت اقتحام مركز شرطة في إربد . وذكر تقرير رسمي خروج 102 مظاهرة في محافظات البلاد خلال يومي الأربعاء والخميس الماضيين تخلل بعضها أعمال شغب وخلفت حالة وفاة و17 إصابة بين المتظاهرين و54 إصابة بين الدرك والأمن منها ناتجة عن استخدام أعيرة نارية .