تابعت بعض ردود الأفعال التي اعقبت مشاركة منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم في بطولة خليجي 21 بمملكة البحرين الشقيقة، فهناك من حمل المدرب "توم" تبعات الخروج المشين وأخر يوصم "با لعار" الاتحاد اليمني لكرة القدم ممثلاً بشخص رئيسة الشيخ "أحمد العيسي" والأمين العام د. حميد شيباني وثالث يكيل الاتهامات لوزير الشباب والرياضة، وأخرى متناثرة على جدول "التأمل" تطالب بالنظر بواقعية إلى حال الرياضة بعيدا عن الشطط وحالة اللا منطق وغيرها من صور التصادم على شواطئ المد والجزر النقدية. وبالنظر إلى ما تقدم سيصل المتابع اللبيب إن جزء من إعلامنا قد تعاطى مع المشاركة الخليجية الأخيرة من زاوية النقد وتوجيه الاتهام فقط للاتحاد اليمني لكرة القدم وتغافل عنوة عن واقع الحال وسؤ المآل الذي وصلنا إليه ربما بدافع "العدائية" وشخصنة المشكلة دون تقديم ما يمكن اعتباره نقداً بناءاً يعتمد عليه في المستقبل كرؤية أو أهداف عمل واضحة ينبغي الآخذ بها، وهم بذلك لايعيرون الواقع اليمني المثقل بالكثير من الأوجاع والعلل أدنى اعتبار وحصر النتائج السيئة في شخص العيسي وتصويب سهام النقد نحوه في صورة مثيرة للشفقة على حال بعض المنتسبين للإعلام الرياضي. من حق الجماهير الرياضية اليمنية أن تطالب بماهو افضل ومن حق اعلامنا الرياضي نقد السلبيات أينما كانت مع تقديم ماهو " مفيد" للعمل به مستقبلاً !! لكن أن يتم التغافل عن الحال المائل الذي تعانيه الرياضة عموما وحصر مسألة الإخفاق في شخص رئيس الإتحاد فذاك مالا يمكن القبول به والاعتقاد بصحة الطرح فيه. نعلم ان كرة القدم منظومة عمل متكاملة تبدأ بأعلى هرم في الدولة ولا تنتهي عند حارس باب الوزارة ،وندرك ان تطور الرياضة في أي بلد هو انعكاس للتطور الكبير في شتى مجالات الحياة " سياسيا واقتصاديا واجتماعيا" والرياضة جزء لا يتجزأ منها ومن يعتقد غير ذلك فإنما يغالط نفسه أو ينظر للأمر بعين مغمضة أو أنه لا يرى بها أصلاً ،، وحين يفجر البعض أعين الرثاء والإشفاق على كرتنا ويضع ثوب " النائحة " الثكلى على رأسه دون الاعتراف بما تقدم فإنما يمارس الزيف والمغالطة المفضوحة وقديما قالوا "النائحة الثكلى ليست كالمستعارة " ففي المأتم من يستطيع التفريق بين الحالتين والقارئ الحصيف والمتابع اللبيب يميز بين الأخبثين. ما تقدم لا يعني بالضرورة أن عمل الإتحاد منزه عن الخطأ ومساحة عمله برئية من الزلل لكنها ليست سبب نكساتنا المتكررة ولا هي أساس نكباتنا المتلاحقة إذ أن الرياضة وكرة القدم بالذات "صناعة " وتخطيط وبرامج وأفكار وقبل ذلك موارد بشرية وإمكانيات مادية هائلة وبنى تحتية ومنشاءات رياضية ومسابقات كروية قوية وكوادر إدارية قادرة على محاكاة النجاح ورسم خطوط الأمل وعدا ذلك قبض للريح وحصاد للهشيم. فهل كل ما تقدم موجودا عندنا ؟ لا أظن أن مكابرا سيقول نعم لأن واقعنا اليمني مفعم بالشواهد فحال الأندية وما يصرف عليها لا يمكن اعتباره إلا في خانة "اللاشئ " وأنديتنا تصدر الألم والقهر على رؤوسنا واهتمام الدولة بالمنشاءات والملاعب وبناء الإنسان الذي هو اساس كل شئ غير موجود فعن أي تطور تبحثون ؟ وعن أي " مزية" تسعون؟ فقط انظروا إلى ما يصرف ويعتمد في دول الخليج على الرياضة وأنديتها وقارنوا ذلك بما هو عليه الحال في بلادنا، شاهدوا بعيون مجردة من الأستقصاد المقيت للأشخاص الى درجة الاهتمام بالرياضة هناك وما يؤخذ باسمها وأسقطوه على واقع الحال عندنا !! ولكم بعد ذلك أن تقولوا ما شئتم وتتحدثوا بما اردتم وتكتبوا ما طاب لكم. لست في موقف الباحث عن المبررات أو المدافع عن الزلات ولكنني انظر للأمور من واقع المقارنة لا المقاربة فكرة الخليج سبقتنا بسنوات ضوئية ووصلت العالمية واعتلت مراتب الآسيوية وما يصرف على لاعب فيها أو لاعبين ربما يعادل ميزانية ما تصرفه وزارة الشباب والرياضة على كل الأندية اليمنية وبالتالي الواقعية مطلوبة عند الكتابة بدلاً من لغة المغالاة في تصوير الأمور وكأن كرتنا كانت سابقا في مقدمة الصفوف وخزائن أنديتنا مطرزة بمختلف الكؤوس عربياً وأسيوياً وملاعب القارة والخليج تبكي أيامنا الخوالي وحتى العالمية تشتكي غياب اليماني عنها إذ للأسف أصبحنا نتحدث بلغة الهر الذي أدعى يوما بطولات الأسد . إيماءة الكتابة والانتقاد البعيد عن الاستهداف الشخصي الذي يخفي خلفه "مآرب" خاصة ميزة الرجل المثقف وصفة الإنسان المهذب وهي التي ينبغي ان يحوم في حماها كل كاتب في مجال الرياضة إذ أن القارئ أذكى بكثير مما يتصوره البعض ويستطيع التفريق بين من يكتب لأجل التقييم ومن يكتب لغرض الإبتزاز والتزوير !!