ليست المرة الأولى التي أحضر فيها بطولة كبرى للعبة الشطرنج، فقد سبق لي أن شاركت في تغطية أكثر من بطولة، أهمها بطولة المدن الآسيوية وعدد من بطولات الرئيس الدولية للشطرنج، وكلها كانت تقام في عدن الغالية، لكنها المرة الأولى التي أحضر فيها بطولة تقام خارج اليمن للقيام بواجب التغطية للإعلام المحلي كموفد من الاتحاد العام لرياضة المرأة، مهمته مرافقة لاعبات الاتحاد المشاركات في فئة السيدات "أميمة عوض، وأمل جميل"، بالإضافة إلى متابعة مشاركة البطل بشير القديمي الذي خاض المنافسات في فئة الرجال من مكان عمله كمدرب محترف في دورة الإمارات العربية المتحدة. ومع أن لعبة الشطرنج هي نفسها لم تتغير بين الداخل والخارج، إلا أن كل شيء من حولها ظهر متغيراً من وجهة نظري على مستويات كثيرة، أهمها أن المشاركين هم الأقوى على مستوى الوطن العربي، وهذا أمر له ارتباط بقيمة الاتحاد الإماراتي عند الاتحادات الأخرى، كذلك سلاسة سير البطولة من دون زحمة لجان أو ازدحام إعلاميين، وباحترافية عالية لا ينقصها البحث عن الربح المالي من وراء الاستضافة من خلال الحرص الشديد الذي أظهره الاتحاد المستضيف على تحصيل رسوم الاشتراك من الجميع وبالمليم، وليس كما يحدث عندنا من كرم حاتمي يعفي الفقير ويتغاضى عن الغني على حساب المردود المنتظر من الاستضافة حتى بات ينطبق عليها المثل: "ظهرها والمحشة"، يعني أننا في استضافاتنا نصرف الكثير ونتعب أكثر ولا نحقق أية فائدة رياضية أو عائداً مالياً من هذه الاستضافات التي يفترض أنها تتم لزيادة مداخيل الاتحادات المعنية بدلاً من تحولها إلى اتحادات مديونية أو شحاتة للبحث عن أموال للوفاء بمتطلبات الكرم اليمني. قد يتبادر إلى ذهن من هو مسكين مثلي أن الاستضافة إذا كانت في الإمارات البلد الغني فان الأمر لن يخلو من الفت والرش ترحيباً بالجميع، لكن الواقع يقول إن حرفية أو حرفنة الاتحاد الإماراتي للشطرنج لا يمكن مقارنته إلا بالاتحادات الأردنية التي تعيش من وراء الاستضافات المتواصلة للبطولات كغرض يحقق لتلك الاتحادات العائد المالي المساعد لها في مواصلة نشاطها وصنع أبطالها كبلد فقير إلى الموارد، ولو أنه- الأردن- تعامل مع البطولات المستضافة لديه كما نفعل نحن لأثر ذلك سلبياً على ميزانية المملكة التي تعتمد كثيراً على المساعدات. وخلاصة ما أردت قوله هو أن الرياضة أصبحت اقتصاداً بحد ذاته ومورداً من موارد الدخل القومي لأي بلد، وأن استضافة البطولات تعتبر من الأبواب التي يتم من خلالها تنشيط السياحة، ودعم الاقتصاد الوطني، وجني الأرباح المباشرة للاتحادات الرياضية، وهو الأمر الذي يجب أن يستوعب يمنياً بالاستفادة من تجارب من سبقونا في هذا المجال حتى نحقق باستضافتنا ما يفيدنا، بعيداً عن استنزاف موارد صندوق النشء، وإفقار صناديق الاتحادات.