تعيش الرياضة السورية عامة وكرة القدم خاصة حالة من "الموت السريري" داخل حدود سوريا منذ ما يقارب ثلاث سنوات، ما دفع العديد من نجوم اللعبة واللاعبين الصاعدين إلى الهجرة نحو دول الجوار كلاعبين محترفين وسط ظروف متفاوتة. ولأن الرياضة مفصل أساسي في النسيج المجتمعي كان من الطبيعي أن تتأثر بما رافق الثورة السورية منذ انطلاقتها في آذار/مارس 2011 وحتى الآن، إذ ألغي السواد الأعظم من المسابقات باستثناء إقامة مسابقات كرة القدم وكرة السلة بشكل غير منتظم ووفقاً لمعايير جديدة تتعلق خصوصاً بأماكن إقامة المباريات ومواعيدها، كما منعت المنتخبات والأندية السورية من اللعب داخل سوريا فلجأت إلى الأردن أو لبنان لخوض مبارياتها الرسمية، ثم إلى إيران في حالة تاريخية في تصفيات كأس آسيا 2015 وذلك بسبب رفض لبنان لاستضافة مباريات المنتخب في هذه التصفيات ولوقوع الأردن في المجموعة ذاتها إلى جانب سنغافورةوعمان. تراجع وتخبط سجلت المنتخبات السورية تراجعاً كبيراً في مختلف المنافسات التي خاضتها، وباستثناء الفوز ببطولة غرب آسيا 2011 في الكويت أمام منتخبات تشارك بالصف الثاني أو الأولمبي، فشلت منتخبات الناشئين والشباب في ترك أي بصمة في البطولة الآسيوية، أما المنتخب الأول فيمتلك فرصة ضعيفة جداً بالتأهل إلى "أستراليا 2015″، ومصيره مرتبط بنتيجة الأردن مع سنغافورة (ستلعب المباراة في 4 شباط/فبراير) وفي حال فاز المنتخب الأردني يتأهل رسمياً بغض النظر عن مواجهة المنتخبين الجارين في الجولة الأخيرة من التصفيات، ومؤخراً فشل المنتخب الأولمبي في تخطي حاجز الدور ربع النهائي في النسخة الأولى من البطولة الآسيوية الأولمبية التي استضافتها عمان، والتي ستكون اعتباراً من النسخة القادمة مؤهلة للألعاب الأولمبية. ورغم كل ما ذكر من نتائج غير مرضية خصوصاً مع منافسين تمتلك سوريا تفوقاً تاريخياً أمامهم، كخسارة المنتخب الأول أمام سنغافورة في التصفيات، وخسارته الودية التاريخية مع لبنان (0-2) وهي الأولى في تاريخ مواجهاتهما، إلا أن المستوى الذين يقدمه اللاعبون في ظل حالة التخبط الإداري والفني يعد إنجازاً بحد ذاته، إذ مر على المنتخب الأول خلال السنوات الثلاث الماضية 4 مدربين، أما منتخبات الفئات فيقودها مدرب جديد في كل تصفيات أو بطولة وكأنها "كعكة" يجب أن يتقاسمها الجميع!، دون إغفال عزوف الكثير من لاعبي النخبة عن المشاركة مع المنتخب وقابل هذا الموقف عقوبات وحرمان على آخرين من قبل اتحاد الكرة و الاتحاد الرياضي العام، إضافة إلى حالات الصدام العلني بين الجماهير المنقسمة بين مؤيد ومعارض كما حصل في الكويت (غرب آسيا 2012) أو الإمارات (نهائيات شباب آسيا 2012)، ما دفع المنتخب الأول للانسحاب من بطولة غرب آسيا التي أقيمت في قطر مطلع العام الجاري. هجرة جماعية بعد أن تحولت مسابقة الدوري المحلي إلى أداء واجب لا أكثر من قبل الأندية، اختار معظم اللاعبين الاحتراف الخارجي في دول الجوار وتركز حضورهم في العراقولبنانوالأردن، واستأثرت بلاد الرافدين بحصة الأسد من اللاعبين وأبرزهم: برهان صهيوني ونديم صباغ في أربيل، علاء الشبلي في زاخو، حميد ميدو في الميناء، محمد دعاس ومحمد اسطنبلي ومحمد فارس في نفط الجنوب، محمد الواكد وقصي حبيب في بغداد، أحمد الدوني وعمر خريبين في القوة الجوية، حمدي المصري في الشرطة، مؤيد عجان وبكري طراب في الكرخ، وفراس إسماعيل في مصافي الوسط. تلاهم المحترفون في الأردن: توفيق طيارة وحيان الحموي في منشية بني حسن، وهاني الطيار وشادي الحموي وباسل العلي في الفيصلي، ووائل الرفاعي في البقعة، ومعتز صالحاني في الوحدات، وفهد يوسف وعبد القادر مجرمش في ذات راس، وفراس العلي وسليم خضرة وإسراء حموية في الشيخ حسين، وأيمن الخالد ومحمود نزاع في الصريح. أما في لبنان فيلعب كل من: طه دياب وتامر حاج محمد في الصفاء، علي غليوم في شباب الساحل، عبد الناصر حسن في النجمة، خالد الصالح وعلاء بيضون في المبرة، عبد الرحمن عكاري وجهاد الباعور وعمار زكور في طرابلس، وأحمد حاج محمد في السلام زغرتا. ،وتوزع الباقون على دول خليجية وأبرزهم محمود مواس وأحمد الصالح في العربي الكويتي، والحارس مصعب بلحوس في ظفار العماني، وأحمد ديب في المنامة البحريني، وخالد بريجاوي في السيب العماني، ومهند إبراهيم في الأهلي البحريني، وبلال عبد الدايم وعدي جفال في السويق العماني، ورضوان قلعجي في المحرق البحريني، وصلاح شحرور في الشحانية القطري، فيما انفرد عبد الفتاح الآغا بكونه المحترف الوحيد في مصر في صفوف وادي دجلة. ويبدو ملفتاً غياب المحترفين السوريين عن الدوري السعودي بعد حضور مميز سابقاً لجهاد وعبد الرزاق الحسين ووائل عيان، فيما توزع آخرون على مسابقات في وسط وشرق آسيا، أمثال ناصر السباعي وياسر شاهين في تشرشل براذرز الهندي، ومحمد الحسن في بانكوك يونايتد التايلاندي، ومحمود آمنة في سيم ديربي الماليزي. وواصل نجوم سبق واحترفوا منذ سنوات عديدة حضورهم المميز يتقدمهم فراس الخطيب مهاجم شنغهاي شينهوا الصيني، وعمر السومة مهاجم القادسية الكويتي، وجهاد الحسين لاعب وسط دبيالإماراتي، ومروان سيدة مع غريسك الإندونيسي. القبول بالأمر الواقع
يشتكي معظم اللاعبين السوريين المهاجرين من "سياسة الأمر الواقع" التي تفرضها الأندية عليهم بحكم ظروفهم، ما أدى إلى قبولهم بعقود مادية ضعيفة في سبيل تأمين معيشتهم على الأقل، وكان لموقع biIN sports فرصة للحديث عن واقع اللاعبين السوريين حالياً مع المهاجم أحمد العمير محترف نادي الرمثا الأردني الجديد والذي حضر إلى الدوحة مع فريقه بمعسكر تدريبي مؤخراً. مهاجم الكرامة والجيش والطليعة والشرطة في سوريا، وشباب الأردن والصفاء اللبناني السابق، عتب على عديد من زملائه لقبولهم بشروط تعسفية للتعاقد مع الأندية أدت إلى التقليل من قيمة اللاعب السوري، لكنه في الوقت ذاته أكد أن لكل لاعب ظروفه، وأضاف العمير: "من المفارقة أن اختيار اللاعبين لوجهتهم لم يكن على أسس فنية في معظم الأحيان، إذ فضل الشبان والعازبون تحديداً التوجه للعراق الأقل استقراراً، أما اللاعبون الذين غادروا سوريا مع عائلاتهم ففضلوا لبنانوالأردن". وعبر العمير الفائز بكأس الاتحاد الآسيوي مع ناديين مختلفين (الجيش وشباب الأردن)، عن تفاؤله بالتجربة الجديدة مع الرمثا خاصة في ظل تعاون زملائه الجدد معه والأجواء الأسرية في النادي. للمدربين نصيب وعلى عكس المتوقع تراجع عدد المدربين السوريين في الخارج نسبياً، وكان عددهم الأكبر في العراق إذ يقود مدرب الكرامة والمنتخب السوري والوحدات الأردني السابق محمد قويض فريق زاخو مع مساعده معتز مندو، وحسام السيد الفائز بلقب غرب آسيا مع المنتخب برفقة المساعد رافع خليل فريق القوة الجوية، وعماد خانكان مدرب الكرامة والطليعة والجيش والمنتخب الأولمبي السابق فريق ذات راس الأردني وقاده للقب تاريخي في كأس الأردن 2013. وسجل المدرب نزار محروس الحضور السوري الوحيد في الدوري السعودي بتسلم القيادة الفنية لفريق نجران مطلع العام الجديد، وذلك بعد أن ابتعد عن التدريب منذ رحيله عن أربيل أواخر عام 2012، وكان ل biIN sports وقفة مع المحروس الذي تحدث بحزن شديد عن واقع البلاد في مختلف المجالات، وألقى باللوم فيما وصلت إليه الكرة السورية على عقلية بعض القائمين على الإدارة حيث خلط البعض الرياضة بالسياسة فكان من الطبيعي حصول رد فعل لدى اللاعبين وأدى ذلك إلى حالة من الفوضى والأخطاء المتعاقبة. ويرى محروس أن الكرة السورية باتت بحاجة إلى سنوات للعودة إلى المستوى الذي كانت عليه في نهائيات أمم آسيا في الدوحة 2011 وحالة المنافسة المميزة التي كانت تقدمها الأندية في المسابقات القارية، إذ باتت سوريا تفتقر إلى البنية التحتية عدا عن التنظيم والكوادر القادرة على الإدارة. أما عن حال المحترفين السوريين، أبدى محروس أسفه من معاملة معظم الدول العربية التي وضعت عراقيل كثيرة وقفت حائلاً أمام عمل اللاعبين والمدربين، إضافة لتبخيس حق اللاعبين استغلالاً لظروفهم. الدوري انطلق ! رغم التأزم المتواصل للأحوال في البلاد، انطلق الدوري السوري في الثاني من شباط/فبراير الجاري، ومن غير المنتظر أن يكون حاله أفضل من الموسمين الماضيين إذ انسحبت معظم الفرق المشاركة، كما أن مسابقة الكأس أصبحت "كوميدية" إذ كان الوحدة آخر المتوجين فيها قد فاز باللقب بعد انسحاب الفرق الثلاث الأخرى المتأهلة إلى نصف النهائي!