مهين وضع الدولة هذه، وكأنها بلا قوة البتة. هذا خطر للغاية، إذ يتصارع طرفان؛ أحدهما قوة عسكرية صاعدة، والثاني زعامة قبيلة تتفكك. إن قلنا إن حاشد كمنطقة هي حقا بوابة صنعاء الشمالية، سيكون علينا أولا التبرؤ من أولاد الأحمر، لكي لا نبدو طرفا مع أو ضد. الأمر أن الحوثية تتدحرج مثل كرة الثلج، وتكبر بالنزاعات المسلحة كأية جماعة عنفية تتغذى من العنف، ولا تجد ذاتها في حوارات، ولا مشاريع وطنية. يتحدث أحدهم هكذا: الإصلاح وحده قادر على مجابهة الحوثيين، وكأنه مغتبط بهذه الضمانة، مع أن الإصلاح والأحزاب عموما شركاء في هذا الفراغ الذي تسعى الحوثية لملئه بقانون الطرد المركزي وقوته. أي حزب يفترض أن نعول على مشروعه الوطني لكبح الفكرة العصبوية المليشاوية، يقاوم الفكرة ومن يمثلها بقوة مشروعه الوطني، وليس بمليشياته، وإلا وقع البلد تحت رحمة المليشيا الأقوى، وتحت رحمة الفكرة العصبوية، وإن اختلفت التسمية. لا أحاكم الحوثيين على ما أقدره بشكل شخصي من كونهم سيكممون أفواهنا لاحقا، ويرضخوننا لقانونهم ومزاجهم كما هو في صعدة الآن. لكن هذه قوة صاعدة لا يبدو أنها تصعد بمشروع ومشاركة سياسية، وإنما بالتقدم العسكري والتوسع في أرجاء البلاد. وإنه من المهم للغاية أن تقاومهم فكرة اليمن والانتماء الوطني. اليمن الذي لا يضطر للتضحية باستقراره مقابل الشماتة في عنجهية أولاد الأحمر. هذا بلدنا، ولسنا ملزمين بإثبات حسن نوايانا للحوثيين، وعدم كراهيتنا لهم. هم الملزمون بإثبات ذلك، وليس نحن.