يعتبر الجيش البراني والجيش الشعبي اسمان لمسمى واحد اذا لا فرق بينهما سوى بعض الفروق البيسطة مثل تغير المصطلح الرسمي من الجيش الشعبي الى الجيش البراني . وكذلك توسيع دائرة الخدمة في الجيش البراني بعد كانت محصورة في الجيش الشعبي على أبناء قبائل الانصار ، ليشمل كل من يرغب في الخدمة الطوعية من ابناء القبائل الاخرى ممن عافوا التجارة والزراعة ، ومن الناحية الامنية فقد توسع الجيش البراني الذي حل محل الشرطة القانونية العسكرية ، الى جانب السلطة المحلية ، وهو بخلاف الجيش الشعبي ، الذي كان يقوم بمهمة مساندة الجيش النظامي في الحرب فقط ، وقد جاء تكوين الجيش البراني بناء على فكرة طرحها الملك عبد العزيز أل سعود ،على أخيه الامام / يحي بتكوين جيش جهادي ، يتكفل فيه المجاهد بنفسه ، على غرار جيش الاخوان المسلمين السعودي الذي كان يطلق عليه بالمجاهدين ، وقد رفض الامام / يحي هذه الفكرة في بداية الامر ، الا أنه عاود في آخر المطاف واستحسنها بسبب رغبته الجامحة في الغاء الجيش الشعبي ، الذي كان الامام يحي تتوارد لديه الادلة والشكوك من أن أفراد وقبائل الجيش الشعبي خذلوه في حربه مع السعودية ، للدفاع عن منطقة عسير ونجران ، فاسرع في انشاء الجيش البراني على اساس أن كل من يرغب من ابناء المشايخ الانضمام الى الجيش البراني أن يكتب مجموعة من ابناء قبيلته بشرط أن يسلحوا انفسهم ويشتروا الذحائر، وأن يكون عريف البراني ذا مكانة مرموقة بين اصحابه قادرا على جلب التعزيزات البشرية من قبيلته متى ماقتضت الحاجة الى ذلك . وان يتواجد في مقر الخدمة على مدار الساعة مثله مثل الجندي الرسمي الان. بدون راتب شهري حيث كان الجندي في الجيش البراني يتقاضى راتبه الشهري من الخطاط والاتاوات ، والتنافيذ والرشاوي الرسامة ، التي يدفعها اصحاب القضايا وغير ذلك . مقابل ذلك فإنه يعفى من التدريب والتأهيل العسكري . ولا يخضع للاحكام والقوانين العسكرية كالتراقي والترفيع أومزاولة المناصب العسكرية والامنية الرسمية . كما أنه ليس ملزما بالخدمة لمدة زمنية محددة ،بل يحق له أن يترك خدماته عندما يطلب ذلك . وقد كان الجيش، في بداية التكوين أكثر ولاءً واخلاصا للإمام والنظام ، واستطاع أفراده أن يثبتوا جدارتهم وكفاءتهم من خلال عملهم الى جانب السلطة المحلية في المديريات والقضوات في بسط هيبة النظام وتحقيق الامن والاستقرار إلا أنهم مع قادم الايام اصبح أفراد الجيش أشد بطشاً بالمواطنين ، بل ومن الادوات التي تشكل خطرا على النظام والمجتمع ، وتحديدا بعد التوقيع على معاهدة الطائف بين الامام / يحي والملك عبد العزيز ال سعود ، عام 1934م حيث عملت المملكة السعودية بعد التوقيع على هذه المعاهدة ،على تنظيم عناصر الطابورالخامس العاملة معها في المجتمع اليمني ، وممكلته المتوكلية، في جهاز مخابراتي واستخباراتي واحد ، وذلك على الترتيب التالي : أولا : عناصر الحلف الاجتماعي : وهم العناصر اليمنية الذين خرجوا على الامام / يحي غضبا عليه ، بسبب التوقيع على صلح دعان مع الاحتلال العثماني ، ومرد ذلك أن يرجع الى الشحن الديني والفتاوى الدينية التي كان يصدرها الامام يحي وانصاره ضد العثمانين ، من أنهم كفار ولا يجوز لهم الطاعة ،وبعد توقيع صلح دعان بينهم وبين الامام يحي ، اغضب الكثير من انصاره الذين خرجوا وتمردوا عليه وطالبوه الالتزام الديني بالفتاوي الدينية التي يؤمنون بها ،و التي لا تجيز الصلح أو التصالح مع الكفار ،وقد انقسم هؤلاء المتمردون على الامام يحي ، الى قسمين ، منهم من التحق بالامير محمد الادريسي ، ورفعوا شعار القتال مع امام الذهب ضد امام المذهب ، ومنهم من ذهب الى الملك عبد العزيز ال سعود في منطقة الدريعية، وطالبوه بشن حرب على الامام يحي لأنه يتصالح مع الكفار العثمانيين ، الا أن الملك عبد العزيز لم يأبه لمطالبهم بسبب انشغاله في حروبه مع الشريف علي ابن الحسين ، فعادوا والتحقوا بالامير الادريسي ،لقتال الامام يحي ، الا أنه وبعد توقيع التحالف بين الادريسي والملك عبد العزيز آل سعود، عام 1915م عاد مجددا الملك السعودي ، ووقع مع قبيلة حاشد اتفاقية التحالف الاجتماعي الانساني . ثانيا العناصر الادريسية : وهم العناصر الذين كانوا يعملوا مع الامارة الادريسية ضد الامام يحي ، وبعد ان آلت الامارة الادريسية الى الحكم السعودي، فقد ضغطة الاستعمار البريطاني على الملك السعودي بأن يتحمل جميع حقوق ومستحقات تلك العناصر اليمنية التي كانت تعمل ضد الامام يحي لصالح الامير الادريسي الذي كان لاجأ لدى الاستعمار البريطاني في عدن . ثالثا : العناصرالادريسية الخاصة : وهم العناصر الذين كانوا يعملون بصورة خاصة مع الامير حسن الادريسي الذي كان لاجئا في اليمن وسلمته السلطات اليمنية للسلطات السعودية بموجب اتفاقية الطائف ،وقد احسنت السلطات السعودية معاملته واقامته ، بعد أن كشف وادلى باسماء العناصر اليمنية التي كانت تتعاون معه ضد الامام يحي . رابعا : مشائخ : وهم العناصر الذين تم استقطابهم بصورة مباشرة من المخابرات السعودية أثناء قيام الحرب اليمنية السعودية وأثناء جولات الحوار حول توقيع اتفاقية الطائف ,بين المملكة السعودية والمملكة اليمنية . خامسا : النعاصر الوافدة: وهم العناصر الذين سوف يتم استقطابهم وتجنيدهم مستقبلا .في حالة ماتفكر السلطات السعودية التخلص من العناصرالادرسية ، خصوصا وأن السلطات السعودية كانت تشك فيها من أنها تقوم بعمل مزدوج مع الاستعمار البريطاني . وقد تم تنظيم هذه العناصر في جهاز مخابراتي استخباراتي سعودي ، سمي باللجنة الخاصة ، يحمل الصبغة الوهابية التي تتفق من حيث العقيدة مع الاخوان المسلمين ، الذين كانوا في بداية نشاطهم في اليمن ، ومنذ تشكيل جهاز اللجنة الخاصة المخابراتي السعودي ، اصبح الجيش البراني سيفا مسلطا يقطع النسيج الاجتماعي اليمني ، ويسدد طعنات قاتلة في الظهر والقلب والخاصرة ، للجيش النظامي اليمني ،حيث كان جهاز اللجنة الخاصة الوهابي السعودي ، في مهمة تكاملية مع الاخوان المسلمين لتديمر الجيش والنظام اليمني