أكد مسؤول يمني رفيع ل"السياسة", أمس, أن حصيلة العملية التي نفذتها قوات الجيش اليمني, أول من أمس, لاستعادة مقر قيادة المنطقة العسكرية الثانية بمدينة المكلا بلغت 35 قتيلا هم 25 من تنظيم "القاعدة" بينهم القيادي في التنظيم خالد باطرفي, و10 من قوات الجيش. ووصف عدد من الباحثين والمختصين في شؤون تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية المتشددة والإرهاب، الأحداث التي شهدتها مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت (جنوب شرق اليمن) مؤخراً وراح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى من منتسبي قوات الجيش والأمن ب"المُبهمة" وكأنها تدور في نفق مُظلم، نتيجة عجزهم عن تفسير تفاصيل وقوعها وهوية مرتكبيها ومن يقف وراءها. واستغربوا سقوط قيادة المنطقة العسكرية الثانية خلال دقائق بأيدي عناصر مسلحة معدودة يُعتقد بانتمائها ل"القاعدة"، نظراً لما تمتلكه المنطقة العسكرية من غرفة عمليات مزودة بأحدث الأجهزة والمعدات التقنية المتطورة والحديثة جعلتها الأفضل ليس على مستوى اليمن فحسب بل في منطقة الشرق الأوسط، ووقوع قائدها وقرابة 200 فرد من جنودها التابعين لوحدة أمنية نوعية متخصصة أسرى في قبضة الجماعات المسلحة. تساؤلات مُثيرة.. وتساءل الباحثون والمختصون، في حديثهم لوكالة "خبر" للأنباء، عن سر عجز قوات الجيش المعزَّزة بأحدث الأسلحة المختلفة وقوات من وحدة مكافحة الإرهاب واستخدامها الطائرات الاستطلاعية والحربية المقاتلة والبوارج البحرية، أثناء عمليات اقتحام واستعادة السيطرة على الموقع العسكري بشكل كامل إلا بعد ثلاثة أيام من اقتحامه من قِبل الجماعات المسلحة وتكبُد القوات الأمنية خسائر فادحة في العتاد والأرواح، لم تذكر تفاصيلها وتكشفها حتى اللحظة المصادر الرسمية والخاصة. وأعربوا عن تفاجئهم من استمرار المسلحين استهداف ومهاجمة مواقع ونقاط تفتيش قوات الأمن والجيش بعد ساعات من سيطرتهم على مقر المنطقة العسكرية الثانية، أسفرت عن مقتل ضابط في إدارة البحث الجنائي بمديرية الشحر يُدعى "نديم العدني" ومصرع أربعة جنود من أفراد شرطة النجدة، بالرغم من تلقي الجهات الأمنية تهديدات إرهابية وانتشارها الأمني المكثف في ظل حالة تأهب عالية وإغلاقها مداخل مدينة "المكلا" بهدف تضييق الخناق على أفراد الجماعات المسلحة المُشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة. آثار.. وافتراضات واعتبر المختصون في شؤون القاعدة والإرهاب، الأحداث التي شهدتها المدينة، المعروفة وأهلها بالسلمية، بمثابة الضربة والصدمة العنيفة لقوات الجيش والأمن بشكل خاص والمجتمع بشكل عام؛ كونها خلفت وراءها أثراً بالغ السوء في المستوى النفسي والمعنوي سواءً في الأوساط العسكرية أو لدى المواطن اليمني الذي بات ضحية يومية للغموض والنزيف الدموي والمعنوي المتفاقم. ورجّحوا تواطؤ عدد من مراكز وقوى النفوذ والقيادات العسكرية والأمنية البارزة في الدولة بالحوادث الإرهابية التي لاتزال تفاصيلها يكتنفها الغموض بسبب خشيتها من فقدان مصالحها، نتيجة حالة العجز التامة التي سيطرت على مواقف كل من القيادة العليا للدولة والحكومة والسلطة المحلية والمجالس الأهلية وقادة ومنتسبي وحدات الجيش، واكتفائها بمحاولات خجولة لصد هجمات المسلحين وتشكيل لجان التحقيق وإصدار بيانات مندِّدة بالعمليات التي وصفوها بأنها تستهدف أبناء محافظة حضرموت نظير مطالبتهم بحقوقهم. الى ذلك قال محللون انه تم الهجوم على قيادة المنطقة العسكرية الثانية في المكلا ضمن محاولة تصفية الحسابات داخل الجيش من قبل طرف مازال يُحاول الهيمنة على القوات المسلحة. وبحسب المعلومات التي ساقها محللون ؛ فقد كان الهدف الرئيسي للهجوم يتمثل في قتل محسن ناصر، قائد المنطقة، الذي عمل على إقالة قيادات دينية متشددة، وأخرى مرتبطة بمراكز قوى، كانت تعمل ضمن شبكة واسعة للتهريب. ينتمي محسن ناصر إلى الضالع، وكان قائد الصواريخ، بما فيها صورايخ اسكود، في حرب صيف 94، وهو معروف كقائد عسكري محنك وشجاع. غادر البلاد كلاجئ سياسي، بعد هزيمة الطرف الذي كان يحارب في صفوفه، ثم عاد قبل سنوات وتم إعادته إلى الجيش كقائد للواء السابع التابع لقوات الحرس الجمهوري المنحلة. بعد أن فشل الجماعة في قتل الرجل، يحاولون اليوم إقالته تحت مبرر انه من بقايا النظام!! البديل الذي يريدون تعينه في قيادة المنطقة العسكرية الثانية هو قائد أركانها، وهو رجل دين متشدد، محسوب على أحد طرفي الصراع العسكري. من المفترض إحالة محسن ناصر إلى التحقيق بسبب فشله في تأمين قيادة المنطقة، لكن عندما يتم استخدام التقصير الوظيفي لتصفية الحسابات، وتعيين بديل متشدد، فهذا أمر يقتضي الوقوف أمامه.