أصبح اليمن ساحة مفتوحة لجميع القوى النافذة في المنطقة وخارجها التي تسعى لتأسيس وجود لها هنا، حيث تسيَّد معيار المصلحة تعامل هذه القوى مع بعضها وإن كان على حساب أي كان وبأي ثمن! وتجلّى آخر هذا الصراع بكشف سفير أمريكا السابق "جيرالد فايرستاين" عن خطة أمريكية، لتطوير ميناء عدن، ومنطقة التجارة الحرة، وتشجيع الفرص الصناعية. ويذكر مراقبون، أن ميناء عدن وتحديدا محطة الحاويات لا يزال محل تجاذبات وصراع الكبار خلف الكواليس، للسيطرة عليه تحت لافتة تطويره، بمساعدة متنفذين يمنيين يرتبطون باللواء علي محسن الأحمر، وحميد الأحمر، في الوقت الذي تحاول فيه شركة عدن لتطوير الموانئ المشغلة للمحطة الاستفادة من عمالها وكوادرها والاستغناء عن تلك الشركات . وتمكنت وزارة النقل من الغاء الاتفاقية المبرمة مع شركة مواني دبي العالمية قبل اكثر من عام وكبّدت خزينة الدولة أكثر من 30 مليون دولار، غرامة الانسحاب من الاتفاقية التي وُقعت مع الحكومة مسبقاً. وعقب ذلك حاولت قوى محلية واقليمية ودولية السيطرة على هذه المحطة التي تمتلك موقعا استراتيجيا يجعلها من افضل محطات الحاويات في العامل ومركزا للترانزيت واعادة التصدير الى مختلف المواني العالمية . ومن ابرز تلك القوى محليا كان رجل الاعمال احمد بن فريد الصريمة التي انخرط في مؤتمر الحوار لتحقيق هذا الهدف، والمنطقة الحرة التي تطالب باعادة ملكية الميناء اليها على اعتبار انه يقع في اطارها، اما اقليميا فدخلت في المنافسة كلا من سلطنة عمان ودولة قطر، ودوليا حاولت بريطانيا استعادت امجادها من خلال استئجار ميناء عدن كاملا مقابل مساعدات مالية وعسكرية عرضتها على الرئيس عبدربه منصور هادي خلال زيارته الاخيرة للندن . وبعد نجاح وزارة النقل اليمنية في إلغاء اتفاقية ميناء عدن مع موانئ دبي، إلا أنها لا تزال عاجزة عن منع التصرف والسيطرة على الميناء او الغاء اي اتفاقيات وقعت مع متنفذين يمنيين لتشغيل اجزاء من الميناء تصل مدتها الى نحو 99 عاما، وتضيف معلومات مؤكدة عن تعرض الوزارة لضغوطات عدة.وأصبحت الجهة المشغلة لمحطة الحاويات، هي شركة عدن لتطوير المواني التابعة لمؤسسة موانئ خليج عدن، بعد استلامه من شركة موانئ دبي . ولعل زيارة السفير القطري المفاجئة قبل اسابيع الى الميناء اعادت الحديث عن محاولات قطر السيطرة على هذا الميناء بمساعدة مستشار رئيس الجمهورية للشئون العسكرية اللواء علي محسن الاحمر، غير ان مصدر مسئول في مؤسسة مواني خليج عدن نفى لوكالة "خبر" تلك الانباء . واكد ان زيارة السفير القطري جاءت للاطلاع على المشاريع التي يحتاجها الميناء والمطار والمصفاة، في اطار المساعدات التي تقدمها دولة قطر لبلادنا . واضاف المصدر ان هناك جهود حثيثة تبذل من قبل عمال وكوادر محطة الحاويات من اجل تشغيله واحباط اي محاولات لتأجيره، لافتا الى انه في حال رغبت الوزارة بتأجير المحطة فسيكون لإحدى شركات دول شرق اسيا المعروف عنها خبرتها في هذا المجال . وذكر المصدر ان مؤسسة مواني خليج عدن رفعت الى وزارة النقل منذ اشهر رسالة تضمنت احتياجات ومتطلبات الميناء ليكون ميناء محوري وفي وضع تنافسي مع موانئ دول الجوار حتى يعود الميناء لسابق عهده، لكن الوزارة لم ترد على تلك الرسالة حتى اليوم . وتقول معلومات خاصة عن تشكيل ما يسمى ب"منتدى عدن للتنمية" برئاسة "عبدالعزيز بن حبتور- رئيس جامعة عدن، وأحمد العيسي - رئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم" ويرعاه اللواء علي محسن الأحمر أداة جديدة لمزيد من النفوذ والسيطرة والاستئثار والمحاصصة. ومحاولات جديدة لحياكة قوى وتشكيل أدوات تكون رهن أوامر الجنرال من مكتبه بصنعاء وتؤمِّن مصالحه التي يسعى إلى تطويرها وتوسيع امتدادها عبر ميناء عدن، وضمان عدم تعرضها لأي خطر مستقبلاً. من جهته، قام العيسي بإعلان "مجلس الأعمال اليمني الأمريكي" بانتهاج مخطط جديد لتحقيق مزيد من النفوذ والسيطرة والانتفاع، كوكيل لأدوات خارجية يعمل من خلالها. وكشفت معلومات أن الإعلان الجديد "للعيسي" ومجلس أعماله، يعني ضم فايرستاين كشريك محاصصة في عملية السيطرة والنفوذ الاقتصادي المسلط على عدن وحضرموت أهم محافظتي الجنوب واللتين تمتلكان موانئ بحرية مهمة، إضافة إلى محافظة المهرة التي يجري فيها هذا النفوذ العبثي بصورة متواصلة. وتشير معلومات إلى أن مخططات نافذي الداخل يشمل عقد صفقات كبرى عبر دعوة شركات أمريكية للاستثمار والعمل في اليمن، بشراكة قطر التي تحدثت مصادر مؤكدة أنها تقف خلف التنسيق مع شركات عالمية وأمريكية تحديداً، ودخولها كطرف في عملية الصفقات والسيطرة على ميناء عدن. وكان وزير النقل، واعد باذيب، كشف في مقابلة سابقة عن وجود مطارات ترابية خاصة ليست تحت سيطرة وزارته، مشيراً إلى أنها تُنفذ رحلات طيران عدة إلى خارج اليمن دون إشراف الوزارة، ودون علمها بطبيعة تلك الرحلات.