روى الصحفي والكاتب نزار العبادي قصة للطفلة المتسولة داليا ، التي داهمتها نوبة المغص المزمن فسقطت على رصيف شارع حدة تتلوى كعصفورة مذبوحة.. يروي العبادي تلك التفاصيل بالقول : ظلت تشد كفها الصغير على بطنها لتخنق الألم، وتارة تلوح به مستغيثة، حتى تدفق الدم من فمها وصارت تتلقاه بكلتي كفيها وعيناها مفزوعتان تتوسل وجوه المارة.. ولكن من يغيث طفلة متسولة!؟ يئست "داليا"، وسلمت نفسها للموت ليخطف طفولتها على الرصيف، فتجمدت الدماء في فمها، وتيبست أطرافها، وحينئذ فقط توقف بعض المارة ليتفرجوا، فهناك جثة عصفورة صغيرة مخضبة بالدماء، وبضع ريالات معدنية وورقية متناثرة، كانت كل حصيلة نصف يوم من التسول!! صديقتي اليمنية المتسولة "داليا" ماتت على رصيف بصنعاء دون أن تجد أماً تبكيها وأباً ينعيها.. فقد عاشت يتيمة وقُبرت غريبة في وطن تتسول حكومته ومنظماته واحزابه باسم الطفولة والفقراء فيما "داليا" تموت على الرصيف!! لم أعرف بموت صديقتي اليمنية المتسولة "داليا" سوى بعد عصر اليوم.. كنت أترقب لقائها بشغف وأمني نفسي برؤية حجم فرحتها حين أخبرها أنها اليمنية الوحيدة التي أحضرت لها هدايا من بغداد.. لكن رفيقتها صعقتني بنبأ موتها، وسردت لي مأساة المشهد الأخير من حياتها..! كانت صديقتي "داليا" تتمنى الموت لأنها لاتحتمل نوبات الألم التي تداهمها، ولأنها لم تجد دولة ترعاها، أو تحميها من الابتزاز في عالم التسول..! حزني عليك عظيم حبيبتي "داليا".. ونقمتي على من تركوك تموتين أعظم.. اللهم اغفر لي إن قصرت بحقها، وارحمها، واجعلها من حمائم جناتك، وأعني بالصبر على فراقها.. أشعر بالمرارة والقهر، ليس جزعاً من قضاء الله، بل من حال بلد يغرق بالمساجد، ويضيق ذرعاً بطفلة يتيمة فتموت مذبوحة بالألم على الرصيف!! رحمة الله تغشاك يا "داليا"... أحبك يا أحلى وأغلى صديقة يمنية.. ولن أنساك أبداً!!