إعلان بشأن مصير طاقم سفينة تعرضت لهجوم حوثي وأضرار بالغة    من الذهب الخالص.. تاجر آثار إماراتي يبيع درع ملك اليمن    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    مشروع "مسام" ينتزع 1.375 لغمًا خلال الأسبوع الثالث من مايو    البركاني يدعو لتوفير الحماية للفلسطينيين واتخاذ خطوات رادعة تجبر الاحتلال على إيقاف الابادة    الدوسري يتفوق على رونالدو في سباق الأفضل بالدوري السعودي    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    بالصور.. الهلال السعودي يعلن تجديد عقد جيسوس    اعرف تاريخك ايها اليمني!    الحوثيون يفرضوا ضرائب باهظة على مصانع المياه للحد من منافستها للمصانع التابعة لقياداتها    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    تهامة: مائة عام من الظلم وحلم الاستقلال المنتظر    شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    وهن "المجلس" هو المعضلة    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    في اليوم 235 لحرب الإبادة على غزة.. 36096 شهيدا و 81136 جريحا وعدة مجازر في رفح خلال 48 ساعة    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكريات نزوح (2)
نشر في يمن برس يوم 14 - 05 - 2015

مقولة " أنني أفضل الموت تحت سقف بيتي " ليست استعراض بطولي فارغ أو مجازفة بالأرواح حتى لو كان البيت إيجار والإيجار أربعين ألفا يخطف نصف دخلك .
النزوح موت بطيء يصبح معه الموت السريع خيارنا الأفضل ..
هل كل من ترك بيته سيتركه للأمان والراحة ..أم للمجهول والتشرد والضياع وربما الموت على قارعة طريق .
لقد سقطت منازل كثيرة فوق رؤوس قاطنيها في تعز وعدن وصنعاء وصعدة .. ربما لأنهم عجزوا عن النزوح خوفا من فكرة النزوح ذاتها .. أو لعجزهم المادي عن ذلك بعد ارتفاع أسعار الوقود والمواصلات ارتفاعا مهولا ومن ثم ندرتها بشكل يعجزك عن التحرك ..
حين قررنا ترك منزلنا كان أول سؤال أقلقني هو إلى أين ؟
فلم يك لكل مواطن يمني بيت في الريف كي يرممه كما قال مسعر حرب, ليفر إليه في وضع لم يخطر على البال . ولأنه يجب المغادرة فسؤال إلى أين يعد ترفا غبيا .
كان السؤال الملح هو ماذا أحمل معي من أشياء قد تحتاجها أسرة ستحتاج لكل شيء ؟
كان خوف المداهمات وسرقة البيوت ونبش خصوصياتها أكثر ما يثير الرعب وبدا لي كل شيء خاص جدا وصعب التفريط به, فكيف تحمل حياتك كلها خلف ظهرك في مجهول نزوح إجباري .
وأخيرا تركنا كل شيء خلفنا لننجو بأطفالنا فقط .
في بعض العائلات التي نزحت كانت الأسر تتراكم في منزل ريفي لا يتسع لجدرانه ذاتها , لكن القلوب التي ذاقت الخوف انفتحت على مصراعيها لكل قادم يزاحم الأمتار القليلة.
شحة الماء في الريف وصعوبة العيش وعشرات الأفواه الجائعة والظلام الحالك الدائم جعلت الجميع يتمنى النزوح للآخرة .. لقد أنتقل اليمني مئات السنين إلى الوراء دفعة واحدة .
أصبح القمح عملة صعبة ومن اكتنزه في بداية الأزمة صار يقايض به حفنة من طحين في غياب وقود طواحين الحبوب ..وبدأت فكرة استخدام الرحي تعود فالشعب كله تطحنه رحى الأزمة.
و للأزمات حلاوتها ..
كنا نساء أربع عائلات يصل عددنا إلى تسعة نساء يجمعنا مساء ضوء شمعة تتمايل لاندفاع الأنفاس الضاحكة ونحن نحلل الوضع كل مساء ونصف هول الضربات الصاروخية التي لم نعهدها في حياتنا قط . ونشرب الشاي كثير السكر الذي لم أحب حلاوته الشديدة .
ربما وأنت في خيمة في صحراء مقفرة وحولك قلوب بيضاء محبة وأنت مطمئن على أحبائك ربما ستعرف الهناءة كما لو كنت في قصر مشيد وحوله الحدائق الغناء .
أجمل ما في الإنسان اليمني هو التكيف على أي وضع فرض عليه ..
كان الخوف مما سيأتي هو المسيطر على تفكيرنا, إلى أين تسير البلاد ومتى تنتهي الحرب ؟ هل سيتحمل هذا الإنسان تسارع الإحداث المفاجئ وبطئ الحلول الصادقة .
النزوح أن تترك خلفك أنت .. بكل تفاصيل حياتك واهتماماتك واستقلاليتك .. أن تلغي ذاتك من أجل سلامة الآخرين .. لن تشبع إلا إذا شبعوا ولن تنام إلا بعد نومهم .. لن تعيش إذا لم يعيشوا .
قلبك موزع في كل أتجاه, تعددت أسباب القلق .. وجبهات الخوف والسبب واحد ..فقدان الأمان .
قصص النزوح تختلف من شخص لآخر .. يجمعها الاغتراب داخل وطنك .. وحاجتك الشديدة لإطعام الأفواه الجائعة وتوفير احتياجاتك الأساسية, وفي النهاية تفقد مذاق الحياة في غربة ذات وغربة مكان ..
انتهى الماء في منزل الذين استضافونا, وأصبح البقاء شاقا على الجميع .
خمسة أيام ومدينة إب تنتظر قصفا آخر فكل سكانها تقريبا نزحوا للقرى خوفا من استمرار الضربات الصاروخية, في اليوم السادس عدنا لبيتنا كما عادت عشرات الأسر لمنازلها ..
في طريق العودة قام أحد الأشخاص بقيادة سيارتنا لغياب زوجي, كان يجهل تماما كيفية التعامل معها, فكان يتلقى دروس القيادة من أبني الصغير الذي اجتهد في ابراز حذاقته المبكرة في التعامل معها .
كان الموقف يدعو للضحك .. لكن قلبي كان دامي لرؤية مدينتي بهذه الحال.
في أول منعطف نزولا من شبان تظهر إب ..تلتقيها عيناي بعد أيام من الغياب تعلوها صفرة حزينة, هل كانت صفرة الفجيعة أم صفرة الاحتضار في انتظار جرعة صواريخ أخرى .
مدينة إب ..
لسلميتها المفرطة فتحت أبوابها لجماعة الحوثي فكان كالسرطان انتشاراً, تمكن من تحويل إب إلى ممر للموت لمحافظات عدن والضالع وتعز ..
كل هذا وإب تتلقى مئات الأسر النازحة من مختلف المحافظات لكونها المدينة الأقرب والأكثر أمانا والأنسب من كل الوجوه .
لهذا زاد حرص أبناءها على سلميتهم المذلة كي لا ينفجر الوضع ويزداد سوءا .
ربما لا يعرف المتحمسون لتطهير مدننا من وباء الحوثي كم يعاني أبناء مدينة إب بسبب سلميتهم ومقاومتهم الخجولة ..
مازالت أطلال منزل محسن الحماطي و غيره ماثلة في عقول أهالي إب والتي نسفت بتهمة المقاومة و نصب الكمائن للإمدادات العسكرية الحوثوعفاشية, ماثلة مع كل تهديد بنسف منازل إصلاحيين رفضوا تسليم أنفسهم للاعتقال .
لقد كان لهذه المدينة الوادعة نصيب الأسد من الانتهاكات والمداهمات والخطف والتشريد والنهب بأسم المجهود الحربي, أبناؤها يعانون اختفاء السلع والوقود و الكهرباء منذ أكثر من شهر .
و بقيت إب تحتضن النازحين و تلملم جراحاتها من أجل سلامة المواطنين من أي تأزم قد يحدث كلما اصر المخلوع وحليفه على استفزاز أبناء المحافظة وحرمانهم من كل مقومات الحياة و أيضا اشتباكات يومية بين قبائل ولصوص المعسكرات المنهوبة ..
واستمرار المليشيات الحوثية في تخزين الأسلحة ومضادات الطيران داخل المباني السكنية وتعريض الأبرياء للقصف.
وحتى كتابة هذا المقال وبعد ليلة مرعبة تم فيها قصف أماكن في المدينة وتجدد الاشتباكات و استمرار تعالي أصوات الرصاص بين وقت وآخر تظل مديني نازحة بحثا عن السلام تحتضن مئات النازحين في قلبها في قصص نزوح مؤلمة ستسطرها الأيام للأجيال القادمة ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.