شكلت الأزمة السورية وصعوبة تشكيل تحالف دولي واسع لتوجيه ضربة عسكرية لهذا البلد أبرز المواضيع التي انصب عليها اهتمام الصحف الاوروبية الصادرة اليوم الاحد ففي اسبانيا اهتمت الصحف المحلية بقرار الولاياتالمتحدةالأمريكية شن هجوم عسكري على سورية ردا على استعمال النظام السوري لأسلحة كيماوية ضد السكان. وكتبت يومية (إلموندو) تحت عنوان "الولاياتالمتحدة لن تترك جريمة +القاتل الأسد+ تمر دون عقاب" أن واشنطن قدمت أمس مذكرة تدين نظام بشار الأسد في الهجوم الكيماوي ضد السكان المدنيين، مشيرة إلى أن كاتب الدولة الأمريكي في الشؤون الخارجية جون كيري أكد أنه "على خلاف العراق فإن الأدلة على الهجوم الكيماوي واضحة ومقنعة". والمنحى نفسه سارت عليه صحيفة (إلباييس) التي كتبت تحت عنوان "الولاياتالمتحدة قدمت أدلة تبرر هجومها على سورية دون ترخيص من الأممالمتحدة" أن الحكومة الأمريكية "شرحت أمس الجمعة الأدلة التي تمكنها من تأكيد أن نظام الأسد هو من نفذ الهجوم بالأسلحة الكيماوية على مناطق الثوار" وهي عبارة عن "صور وشرائط فيديو وتسجيلات لمسؤولين سوريين وتقارير لأطباء ومنظمات غير حكومية، إضافة إلى معطيات المصالح الاستخباراتية". وبدورها كتبت يومية (لاراثون) تحت عنوان "الولاياتالمتحدة تعد العدة لشن هجوم على سورية بعد تقديمها الأدلة على المجزرة التي قام بها الأسد" أنه يوما بعد الانتكاسة التي مني بها إثر تصويت البرلمان البريطاني ضد هذا التدخل العسكري، جاء رد الرئيس الأمريكي ليؤكد أنه وإن بقي وحيدا فإنه لن يتخلى عن التدخل في سورية. وفي فرنسا، شكلت المشاركة الفرنسية في عمل عسكري محتمل ضد سوريا محور اهتمامات الصحف الفرنسية الصادرة اليوم السبت. وذكرت الصحف الفرنسية، في هذا الصدد، أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مصمم على مشاركة بلاده في عملية عسكرية ضد النظام السوري إلى جانب الولاياتالمتحدةالامريكية. وقالت صحيفة (أجوردوي أون فرانس) إنه على الرغم من رفض البريطانيين ووجود تحالف دولي هش وعدم قبول الرأي العام لهذه الضربة فإن هولاند مصمم على مشاركة فرنسا في هذه العملية العسكرية. وكتبت الصحيفة تحت عنوان "هولاند مصمم على تدخل فرنسا في سوريا" أن الأمر يتعلق بالنسبة لباريس بمعاقبة بشار الأسد بعد استخدام غاز قاتل ضد المدنيين في 21 غشت الجاري بضواحي دمشق، مضيفة أن المسؤولين الفرنسيين مقتنعين بأن هذا السلاح المحظور استعمل بالفعل من قبل النظام وليس من قبل المتمردين على الرغم من عدم وجود أدلة.
من جهتها، اعتبرت صحيفة (ليبيراسيون) أنه بعد الهجوم الكيماوي في منطقة الغوطة فإن جميع قادة الدول سيحاسبهم التاريخ على ما لم يفعلوه وهم يعلمون ذلك، مشيرة الى أنه بالنسبة لواشنطن وباريس الذين يقولان أنهما متيقنان من تورط بشار الأسد في هذه الجريمة ، فإن الأمر لم يعد سرا.
وقالت الصحيفة إن يبدو من خلال تصريحات أوباما وهولاند طيلة يوم الجمعة أنهما حسما في الأمر بل أطلقا عدا عكسيا لتنفيذ الضربة العسكرية.
من جانبها، اعتبرت صحيفة (لوفيغارو) في افتتاحية تحت عنوان "في فخ الأسد" أن فرنسا لا يتعين عليها التدخل في سوريا ولا معاقبة الاسد أو منع الولاياتالمتحدة من التدخل لوحدها، مضيفة أن امتناع بريطانيا بعد نقاش بالبرلمان يجب أن يدفع الدول الأكثر عزما على التفكير مليا في هذا التدخل.
من جانبها، تواصل الصحافة البلجيكية اهتمامها بهذه الأزمة خاصة ما يتعلق بصعوبة تشكيل تحالف دولي واسع للقيام بتدخل عسكري في هذا البلد بسبب عدم وجود اجماع داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وتحت عنوان'' الفوضى السورية'' أبرزت يومية (لافونير) في افتتاحية لها "أنه إذا كان لابد من تدخل عسكري في سوريا، فإن ذلك يعني أولا وقبل كل شيء العم سام ومن ثمة فإن الولاياتالمتحدة تجد نفسها وحيدة لاسيما بعد تراجع بريطانيا".
وأشار كاتب الافتتاحية إلى أن فكرة التدخل العسكري تنقسم المواقف بشأنها اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل عدم وجود توافق في داخل مجلس الأمن، معتبرا أن الحماس والتسرع لم يسهما في خلق الإجماع.
واعتبرت يومية (ديرنيير اور) أن التحالف الدولي الواسع الذي يسعى كل من باراك أوباما وفرانسوا هولاند لتشكيله من أجل إدخال بلاديهما في حرب ضد سوريا يبدو أنه سيتأخر على اعتبار أنه لا يوجد كثير من المساندين لخيار واشنطن وباريس باستثناء استراليا والجامعة العربية، حلفاء اللحظة الأخيرة.
وأبرزت اليومية أن ذلك يعني أننا أمام تحالف دولي ضيق، لافتة إلى أن الرئيس باراك اوباما مازال يطمح إلى تجميع اكبر عدد ممكن من الدول المساندة للخيار العسكري على الرغم من أن الرد على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية يراد منه أن يكون مناسبا.
وهو ما ذهبت إليه يومية (لوسوار) حينما اعتبرت ان الولاياتالمتحدةالأمريكية باتت معزولة بعد أن تراجعت المملكة المتحدة، وذكرت الجريدة أن التحالف الدولي بات ضيقا على اعتبار أنه رغم العديد من الموافقات ليس هناك التزام على المشاركة فعليا في عمل عسكري.
أما يومية (فيف ليكبريس) فكتبت أنه إذا تم تأكيد تورط النظام السوري في مجزرة الغازات السامة وإذا توصل تحالف الدول الكبرى إلى مبررات التدخل، فإن الخطة المعتمدة لا يجب أن تغفل مفاوضات سياسية أساسية مع ممثلي النظام وحلفائه، إذا كانت ترغب فعلا في خدمة جميع السوريين.
أما الصحف الألمانية فسلطت الضوء على عدد من المواضيع أبرزها الملف السوري ورفض البرلمان البريطاني التصويت على التدخل العسكري، وعلى أقوى المرشحين للمستشارية في الانتخابات التشريعية المقبلة أنغيلا ميركل وبيير شتاينبروك.
وبخصوص الملف السوري، اعتبرت صحيفة "راينفالتز" أن رفض البرلمان البريطاني التصويت لفائدة التدخل العسكري شكل "لحظة عظيمة"، مشيرة إلى أن النواب البريطانيين قاموا كما كان متوقعا منهم بأفضل تقاليد برلمانية لديهم ضوابط.
من جهتها، كتبت "زود دويتشه تسايتنونغ" أن البرلمان البريطاني لديه مواقف محترمة وحقق التوازن الكامل بتصويته ضد رئيس الوزراء "فهو يعكس رأي المواطنين الذين أنهكتهم الحرب، ويعكس أيضا موقع ديفيد كاميرون الذي يعاقب من قبل مجلس العموم على ضعفه".
أما "فيستدويشته تسايتونغ" فاعتبرت أن البرلمان البريطاني بقوله لا لاستخدام القوة ضد نظام الأسد يعد "ضربة قوية" وأن أوباما لديه الآن الاختيار بين الضربة العسكرية أو المماطلة وهو أمر يعد بالنسبة لمعارضي الأسد " كارثة"، لكن -تضيف الصحيفة - أثبت البرلمان البريطاني أنه مستقل وفند المزاعم بأن الهجوم أمر لا مفر منه وأنه فقط مسألة ساعات.
ومن جانبها ترى صحيفة "تاغشبيغل" أن التصويت في البرلمان البريطاني "هزيمة مثيرة" لكاميرون الذي أقر بأنه لم يستطع إقناع نواب بلده بالتصويت، وهو ما يمكن اعتباره إنهاء تلك العلاقة الخاصة بين بريطانيا والولاياتالمتحدة، والتي كانت تجمع البلدين منذ رونالد ريغان ومارغريت تاتشر. وكتبت "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" أن قوة الرفض البريطاني تكمن في عدم الوقوف إلى جانب أوباما الذي ليس أمامه إلا أن يسترشد بقراره وحماية المصالح الأمريكية، والرد على استخدام الأسلحة الكيميائية بشكل مناسب، مشيرة إلى أن المشاركة العسكرية للولايات المتحدة ليست محرجة.
من جهة أخرى، ركزت الصحف على المناظرة التلفزيونية المتوقعة بين أقوى المرشحين للمستشارية في الانتخابات التشريعية العامة المقرر إجراؤها في 22 شتنبر، المستشارة ميركل ومرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي بير شتاينبروك.
وكتبت صحيفة "دي فيلت" أن المناظرة التلفزيونية لم تعد تقتصر على فرنساوالولاياتالمتحدة خلال الحملات الانتخابية على منصب الرئيس بل حتى في ألمانيا حيث أن هذا التقليد لا يعد جزء من التراث الألماني لكنه جيد ويمكن من إبراز قدرة كل واحد على المواجهة.