أصاب مواطنيه بالإحباط المضاعف وهو يعيد ذكر وسرد قائمة طويلة من المعاناة والأزمات وفداحة الوضع الاقتصادي والإنساني ومأساة الحرب على السكان والمشردين والنازحين والمختطفين والمخفيين قسراً، وانقطاع المرتبات وتزايد معاناة آثار الدمار الاقتصادي على مستوى معيشة عامة أبناء الشعب اليمني. لم يوفر الرئيس عبدربه منصور هادي، في خطابه إلى اليمنيين، بمناسبة حلول شهر الصوم، شيئاً من أوجه وضروب المعاناة والأزمات في استمرارية الحرب والانقلاب معاً، على مدى أكثر من أربع سنوات إلا وأورده وتضمنه كلامه.. حتى انتظر البعض أن يزيد الرئيس ويندد بتأخر الحسم وتطاول أمد الحرب والمعاناة ووقف الجبهات وتمكين الحوثيين من زمام الأزمات لإملاء خياراتهم. أكثر الرئيس من تكرار الشكر للسعودية، دولة وملكاً وولياً للعهد، ويقرن دورها في نفس الوقت وجهدها، باستمرارية أمد الحرب وتطاول المعاناة، فاختلط الأمر على السامع ما إذا كان الرئيس يعني أكثر مما يقول (..) خاصة مع تعمده تجاهل الدور والدعم والجهود الإماراتية؛ سواء في إطار التحالف العسكري، أو في المجال الإنساني والإغاثي ودفع التمويلات والتبرعات والمنح.. وهو ما اختار أن يتجاهله كما لو كان يتجاهل الملايين من شعبه الذين يستفيدون من تلك المساعدات والخدمات القديرة في ظل غياب واغتراب الرئاسة وحكومتها ومسئوليها عن واجباتهم ومسئولياتهم. عشية أول يوم إمساك، يتوجه رئيس إلى مواطنيه، من قصر ملكي في الرياض، للعام الرابع أو الخامس على التوالي، بسرد جملة من أزمات وتفاصيل مأساة يمنية معيشة ومشهودة، بينما انتظر المواطن من دولته ورئيسه للعام الخامس غير هذا وأن يزف بشارة النجلاء وبشرى الخلاص. لكن حيلة العاجز حملتها صيغة خطابية على لسان معارض ناقم لا ولي أمر مسئول أول ورئيس حاكم: "المأساة التي تسببت بها الميليشيات الحوثية والتي حلت بشعبنا اليمني العظيم ودمرت دولته ومقدراته الاقتصادية والاجتماعية." "بلادنا تعاني مأساة الحروب التي صنعتها الميليشيات الحوثية المتمردة، مأساة البطش والإجرام الحوثي." "شعبنا الصابر ما يزال يعاني آثار الدمار الذي أنزلته مليشيات الانقلابيين الحوثيين بالاقتصاد الوطني والذي انعكس سلبا على مستوى معيشة عامة أبناء الشعب اليمني وخصوصا في المناطق الرازحة تحت هيمنة مليشيات الدمار والخراب التي حرمت موظفي الدولة رواتبهم المستحقة." "نعلم مقدار الضيق المعيشي الذي يعانيه أبناء الشعب"، "إن المأساة الإنسانية قد ضربت أطنابها في كل مكان وآثارها قد وصلت كل بيت، والمأساة أكبر من كل جهد." "مع استمرار تعنت الانقلابيين وتزايد أعداد النازحين واستيلاء المليشيات على مقدرات الدولة لصالح مشروعها العنصري الإجرامي." "جريمة إسقاط الدولة والاعتداء على أبناء الشعب ومؤسساته." "المختطفين في سجون الميليشيات الحوثية، الذين يعانون أسوأ المعاناة وتمارس بحقهم جرائم ضد الإنسانية." هذه بعض من مرويات خطاب رئاسي لم يكن ينقصه إلا أن يحمل الشعب المسئولية، طالما وهو يأخذ دور الشعب والمواطن المسحوق في التشكي واستعراض البؤس عرض بضاعة المأساة على الملأ. وليت أن الأمر توقف هنا. فإزاء تنكر وتنصل الانقلابيين الحوثيين لاتفاقيات السويد، يعود هادي إلى حيلة العاجز من جديد، وكأنه يحانك المجتمع الدولي (...) بدلا من أن يعلن خطواته والتزاماته أمام الشعب في وجه التعنت الحوثي: "نطالبهم أن يشددوا من ضغوطهم على المليشيات للالتزام بنهج السلام وعدم الالتفاف على الاتفاقيات وتجنيب الشعب اليمني المزيد من الآلام والمعاناة وإلا فإن التاريخ سوف يسجل أن المجتمع الدولي ظهر بلا حيلة امام ميليشيات متمردة وترك مليشيات إرهابية تدمر بلدا عظيما مثل اليمن وتقتل شعبه ليل نهار ولم يقف منها الموقف المطلوب تجاه أي مليشيات دموية إرهابية مثلها." يعيد هادي تأكيد مسئوليته عن وقف تحرير الحديدة ومنح الحوثيين الوقت الفرصة للتفرغ لحروبها في ظل وقف الجبهات وتوقفها: "لقد أوقفنا الحرب في الحديدة من أجل السعي إلى السلام وليس من أجل أن تتفرغ هذه الميليشيات المتمردة لتشعل حروبا أخرى مستغلة المأساة الإنسانية التي سببتها." الشعب الذي انتظر موقفاً مغايراً هذه المرة من الرئيس استمع إلى الرئيس وهو يكرر: "إن الشعب اليمني يتطلع لموقف حاسم من المجتمع الدولي."