العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    الاتحاد الأوربي يعلن تطور عسكري جديد في البحر الأحمر: العمليات تزداد قوة    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    ريال مدريد يحتفل بلقب الدوري الإسباني بخماسية في مرمى ديبورتيفو ألافيس    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    نص المعاهدة الدولية المقترحة لحظر الاستخدام السياسي للأديان مميز    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    هيو جيو كيم تتوج بلقب الفردي وكانغ تظفر بكأس الفرق في سلسلة فرق أرامكو للجولف    ولي العهد السعودي يصدر أمرا بتعيين "الشيهانة بنت صالح العزاز" في هذا المنصب بعد إعفائها من أمانة مجلس الوزراء    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    وصول شحنة وقود لكهرباء عدن.. وتقليص ساعات الانطفاء    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ حميد الأحمر :يكشف عن سبب عدم تدمير الحوثيين قصره وعلاقته بتوكل كرمان وياسين نعمان ومن الذي اقنعه بمغادرة اليمن
نشر في اليمن السعيد يوم 10 - 10 - 2015

واصل الكاتب اليمني مروان الغفوري نشر اللقاء الخاص الذي جمعه برجل الاعمال اليمني والشيخ المثير للجدل حميد الاحمر

الحياد نت يعيد نشر تكمله اللقاء



ينحدر حميد الأحمر من أسرة إقطاعية معروفة. كانت تلك الأسرة تحصل على أكبر قدر من المال بأقل درجة من الجهد. تلك هي طبيعة الإقطاعيات. انتقل حميد الأحمر من إقطاعي إلى رجل أعمال، وصار قادراً على أن يحصل على المزيد من المال عبر اقتصاد الخدمات. بخلاف الاقتصاد التعزي القائم على الصناعة/ الإنتاج سلك حميد الأحمر أيسر السبل: الخدمات، وراكم مزيداً من الثروة. انتقل من الإقطاع إلى الأعمال، ومن الأعمال إلى السياسة، ثم من السياسة إلى الثورة، ومن الثورة إلى المقاومة/ الحرب. داخل هذه العجلات الخمس يمكننا مشاهدة تحولات الأحمر الشاب. ثمة عجلة سادسة وأخيرة تدور في وجدان حميد الأحمر، العجلة التي إذا ما وضعت في مكانها الشاغر فإن "شاحنته" السداسية ستنطلق في الخطوط الطويلة ولن يوقفها أحد: الحُكم.

هل يحدث نفسه بالحكم؟ أظن أن الإجابة ب"نعم" لن تكون خاطئة مائة بالمائة.
سألته البارحة "لماذا تثير تصريحاتك كل هذا الضجيج، لماذا أنت؟". لا يحب حميد الأحمر الإجابات المختصرة. لديه ما يقوله بالتفصيل. وكالعادة: يحضر علي صالح في قلب إجاباته، كما يسيطر هو على الفص الجبهي لعلي صالح بصورة مأساوية. "علي عبد الله هو السبب، إعلامه وأدواته صوروا للناس إن حميد الأحمر هو الخطر وهو من يقود الثورة والمعارضة. وإذا كنت تتذكر فقد كنتُ أول من تحدث عن الهبة الشعبية في 2003". حاولت أن أصحح التاريخ، فقال لي بثقة: لا، 2003.
أكد أمامي أكثر من مرة إنه يسير في "طريق شاق اخترته بتصميم ووعي". عاد وقال لي في رسالة كتابية الجملة نفسها. إلا أنه استثنى من ذلك الطريق ما قال إنه "حرصه على أن لا يخسر أصدقاءه". فبمقدوره احتمال الكثير من المشقة في طريقه "الواعي" إلا أن يخسر ياسين سعيد نعمان ومحمد قحطان وتوكل كرمان وباسندوه. قلتُ له أفهم من ذلك أنك تعتبر بعض ما دار من حديث بيننا فضفضة غير صالحة للنشر، فأجاب بكلمات كثيرة تفضي إلى "نعم". لا يحب حميد الأحمر أن يقول "نعم" عندما تواجهه بسؤال: هل تخشى أن ننشر بعض كلماتك. تختفي لغته الإنجليزية، ويتنحى رجل الأعمال المعاصر ويبرز القبيلي المحارب الذي "لا يخشى".
كان حريصاً على أن يؤكد مظهره المتحضر، وعندما تحدث عن الدولة التي يريدها قال "دولة مدنية باستثناءات ثقافية". تلك الاستثناءات الثقافية تتسلل في كلمات الأحمر، وتتكاثر. في الصورة الأخيرة للدولة التي يريدها تتجلى "الدولة الدينية" على طريقة الإخوان المسلمين. "التقيت قياداتهم في كثير من الدول وفي تركيا" قال حميد الأحمر. "يملكون وعياً شاملاً ومعرفة عميقة عن بلدانهم وعن العالم" يردداً مبهوراً ومعجباً. ثم يعود ليؤكد إنه ليس عضواً في الإخوان المسلمين بل في حزب الإصلاح، وأن كثيرين من أعضاء الحزب ليسو أعضاء في الإخوان.
كل ما يجري في العالم هو نتيجة مباشرة لإرادة الله، هكذا يحدثك حميد الأحمر. الثورة التونسية أيضاً، ومصير بن علي. بالنسبة لحميد فإن الله يترصد الأعداء وسيوقع بهم. لكنك لا تنتظر كثيراً حتى تكتشف إن الذين يوقع بهم الله هم أعداء مشتركون للطرفين: الله، وحميد الأحمر. وتتساءل: ما إذا كان الله سيوقع بك أيضاً فيما لو أخطأت التقدير.
يتمتع الأحمر الشاب بذكاء غير عادي، من ذلك النوع الذي تبدو فيه الخبرة أكثر حضوراً من الوراثة. يوقف كلماته ثم يتدخل ليشرح لك طبيعة الأعداء الذين يكمن الله لهم بالمرصاد: من ينتهكون الحريات والحقوق ويحبسون الشعوب. كالعادة، كما في الخطاب الإسلامي الكلاسيكي، فالشعوب هم الإسلاميون في المقام الأول، ومعهم باقي الناس. كنت أستمع إليه وأتذكر التنظير الإنشائي الشهير الذي كتبه مراقب الإخوان في اليمن "ياسين عبد العزيز" حول الحرية. في صفحات عديدة امتدح الحرية مستخدماً كل فنون المجاز الكلاسية، متحاشياً الإشارة إلى طبيعتها. فالحرية حق طبيعي للبشر، لكن تعريفها مسألة أخرى. هو ضد أن ينتهك ذلك الحق الطبيعي، لكنه يضمر تعريفاً للحرية ينطوي على درجات عديدة من مصادرة الحرية، تلك التي هي حق طبيعي للبشر. وكالعادة: فمصادرة الحرية هنا لن تكون طغياناً، بل امتثالاً لإرادة عليا سماوية.

ينتمي حميد الأحمر، أو كلماته التي سمعته منه، إلى ذلك اللون من التفكير الإسلامي الكلاسيكي.

عبر امتدادات عديدة حاز حميد الأحمر عناصر تأثيره: فهو الشيخ القادم من مملكة اقطاعية ممتدة في التاريخ. أبعد من ذلك، فهو لا يرى نفسه شيخاً وحسب بل صانع الشيوخ. يشير إلى بعض شيوخ قبيلته مثل جليدان، وغيره، قائلاً إنهم كانوا جنوداً مع جده ووالده، وأن العائلة نصبتهم شيوخاً. لا يتعاطف معهم ولا يحتقرهم. فقط يصفهم، معتقداً أنهم يفتقرون إلى العزم التاريخي للاستمرار كشيوخ في المستقبل.
على نحو أفقي اخترق المجال الاقتصادي وصل حدد تأسيسه لبنوك وشركات عملاقة وامتلاكه مؤسسات إعلامية ضخمة. جمع ثروة عظيمة قال إنها كانت حلماً في صباه. ذلك عندما سمع والده يخاطب أميراً سعودياً، وكان الشاب يبلغ 18 عاماً، بلغة فيها تبجيل بلغ حد استفزاز النجل المغرور بذاته ووالده. عندما سأل والده مستنكراً الطريقة التي خاطب بها الأمير، يروي حميد، أجابه الوالد برضا "لأنه يدفع لي المعاش". "قررت أن أصبح رجلاً حراً لا يدفع لي أحد المعاش ولا أقول فيه لأحد يا سيدي" يكمل رجل الأعمال سرديته.
كانت صندقته، كما يتحدث عنها، قد استوت على الجودي. وما إن أرسل الحمامة الثالثة، إذا استعرنا من التوراة، حتى عادت له تحمل الأغصان وتخبره إن لا أحداً في الطريق، لا أحداً في الطريق. فسلكه. ولم يكتف، فيما يبدو، حتى قال له عشرات الآلاف يا سيدي. كان بحاجة إلى أن يسمع تلك الكلمة من عشرات الآلاف عشرات المرات، فيما أتخيل، حتى يطمر صوت والده القادم من عشرات السنين. وقد نال ذلك. ها هو يمشي مطمئناً بعد أن سوى حساباته مع تاريخه وصار يبحث عن المستقبل.
من التجارة إلى السياسة، وكانت تلك عجلته الثالثة. عثر على الإصلاح أو عثر عليه الإصلاح، وتحركا معاً على طريقة فرسان ألكسندر داموس: الواحد للكل، الكل للواحد.
عندما حاصر الحوثيون صنعاء زاره اليدومي وقاله له بلهجة مليئة بالحنان والحزم "غادر، نحن نخشى عليك ونحبك، ونريد توقيع تسوية مع الحوثيين ولا نريد لهم أن يختلقوا الذرائع. فغادرت صنعاء." تلك روايته، بدا متأثراً وهو يرويها. غادر اليمن ودخل الحوثيون صنعاء يبحثون عن فساده. وبدلاً عن أن يعثر الحوثيون على ملفات فساده فقد عثروا على أمواله. ولكي يحاربوا الفساد قاموا بسرقتها.
يقول حميد الأحمر إنه شارك في خلق الوظائف، وأن رجال الأعمال ينتظر منهم أن يخلقوا الوظائف وحسب. يتوافق هذا المنطق، بالطبع، مع الرأسمالية في فلسفتها المعاصرة. لكن الأحمر لا يترك جملته وحيدة: عملنا مدارس، ودفعنا القبيلة للتعلم، لكن القبيلة تقاوم ضد التعليم. روى لي قصة شاب من حاشد حصل على خمس دورات في اللغة الانجليزية، ثم ذهب إلى مدير منظمة دولية في صنعاء مهدداً إياه إذا لم يحصل على وظيفة رفيعة. "قطعت شهادته ورميتها في وجهه" يتحدث الأحمر عن ردة فعله عندما وصلته الشكوى. تعلم الأحمر من تلك الحادثة أن التعليم قد يكون خطراً على القبيلي المتعالي تماماً مثل الجهل، ولم يشغل نفسه بمزيد من الأسئلة أو الإجابات.

عندما غادر صنعاء كانت قبيلته لا تزال في المهد، قبل التاريخ. يقول الأحمر أن أسرته فعلت الكثير، وأن الدولة قصرت في واجبها، وأنه لا يمكن أن يحل محل الدولة. يلمح إلى أن قبيلته بحاجة إلى زمن طويل، فهي لا تزال تواجه العلم وتنظر إلى المدرسة بشك عميق. البروفيسور فيصل الحذيفي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة، حدثني البارحة عن جانب فانتازي التقطه بنفسه. قال إنه كان ماراً بنقطة تفتيش في سيارة أجرة. أثار مشادة مع جنود النقطة ثم عرف بنفسه "أنا دكتور في الجامعة". أراد، بحسب كلماته، أن يعلم الناس درساً في الرفض. لكن قائد الجنود في النقطة، وكان من عمران، نهره قائلاً:
" ما خرب البلاد غير المتعلمين. كان في عندنا اثنين متعلمين من عمران ملأوا البلاد مشاكل، ولما قتلناهم هدأت البلاد".

هذه الصورة الفانتازية لم ينتجها حميد الأحمر، بالطبع، بل الجمهورية التي ضلت الطريق. وليست تلك الصورة الميلانخولية حكراً على قبيلة الأحمر، بل على كل القرى. ففي اليمن 63٪ من الأمية، و80٪ من الفقر. وتلك ليست صناعة حميد الأحمر. لقد نجح الرجل إلى حد بعيد في تحولاته، وصار قادراً على خلق الوظائف. يحتاج البلد، أي بلد وكل بلد، لمن يخلقون الوظائف. واليمن في مسيس الحاجة، بالفعل، للقادرين على خلق المزيد من الوظائف. هي بحاجة إليهم ليخلقوا الوظائف لا ليصنعوا أموراً أخرى.
يمكنك أن تلاحظ معاناته وشتاته وهو يتحدث كرجل متعدد الشخصيات والتجارب: كسياسي، كرجل أعمال، كشيخ، كشاب متعلم وطموح، وكمثقف ينتمي إلى حزب ديني. في مطعم ماكدونالدس جلسنا ثلاثتنا وأصر هو على أن يقف في الطابور ويحضر لنا القهوة. فعل ذلك. كان يحاول كسر صورة الشيخ الثري، صاحب أفخم قصر في الجمهورية اليمنية.

بمناسبة قصره سألته: هل قصفت قصورك؟ أجاب:
مرة واحدة، ضربت الأدوار العليا لقصري في حدة. تواصلت مع السعوديين فأخبروني أنهم حصلوا على معلومات مضللة من الأرض، هناك من طلب منهم أن يضربوا قصري.
بمقدروك أن تفهم، ببساطة، إلى من يشير حميد الأحمر.
غير أن ما أثار أسئلتي كان شيئاً آخر. فقد سألته: هذا يعني أن الحوثيين لم يحتلوا قصرك ولم يستخدموه كمخزن للسلاح؟
أجاب: لا، وضعوا فيه بعض الحراسة فقط. ربما لأنهم "ناويين يديولوا" فهم بحاجة إليه.

انطلق حميد الأحمر من السياسة إلى الثورة.

ونحن نمشي قام الرجل بعمل مشهد تمثيلي، وكان يرتدي بنطالاً وجاكتة رياضية كحلية اللون، وقفز بعض الخطوات ليشرح فكرته:
"كنا إذا أردنا أن نحرك الإصلاح مائة خطوة إلى الأمام نسحبه أولاً ثلاث خطوات، من هنا إلى هنا، حتى يطمئن ويتأكد أنه لا يوجد ما يدعو للخوف. ثم ننقله ثلاث خطوات، وهكذا".

يعتقد حميد الأحمر أنه جر الإصلاح بتلك الطريقة إلى الأمام حتى صار الحزب جاهزاً للثورة. في واحد من المؤتمرات العامة لحزب الإصلاح حاز الرجل أعلى الأصوات، قافزاً على شيوخ الدرجة الأولى. داخل الحزب الكبير صار الرجل يمارس لعبة ال. ون مان شو، أو استعراض الرجل الواحد، إلى أن جاءت توكل كرمان.
لكن حميد يرفع يده معترضاً:
"هناك فرق بين من صنع الثورة ومن صنعته الثورة، بين من خسر كل شيء في سبيل الثورة وبين من أعطته الثورة كل شيء".
وتفهم، من كلماته تلك، كل ما يريد قوله.
لا يزال يتحدث عن الثورة.
ما يجري الآن، بالنسبة لحميد الأحمر، ليس سوى شكل من أشكال الثورة، وهي تستكمل بطريقة ما. لم يعد فخوراً بقبيلته، كما يبدو من كلماته. لكنه فخور بأمرين آخرين: والده والإصلاح.
قال إن شيخاً كبيراً تربطه به علاقة اجتماعية صاح به قبل سنوات "صلي على رسول الله، هذا كرسي، هذا نار" ونصحه بالابتعاد عن طريق صالح. لم يكن يعلم الكثير عن حيل صالح ولا إمكاناته، ولا عن مستوى التعقيد في أدواته وشبكاته، ولا حتى قدراته. يبتسم، وينسب ذلك الجهل اللذيذ إلى الله. فلو كان يعرف حدود قدرة صالح، يقول، ربما لتردد قبل معارضته. لكنه انطلق في المواجهة مسنوداً بغريزته المحبة للخير، وبطاقة الشباب. هكذا يشرح الطريقة التي قفز بها إلى الواجهة والدوافع التي جعلته أشهر خصم لصالح خلال سنواته السبعين.
نصحه والده، وهو في السعودية، أن يتنحى عن طريق صالح.
"بعد سنة، وقد صار ما صار، وضع يده على يدي وقال لي: الآن أنا فخور بك" بهذه الكلمات المنتقاة يروي حميد الموقف الأخير لوالده، بينما يحاول أن يصرف نظره عني. "قلت للوالد رحمه الله هذه الكلمة هي أفضل ما أملكه وأفضل من كل ما أعطيتني إياه" يضيفُ الرجل.

المقاومة/ الحرب هي الحقل قبل الأخير الذي وضع حميد الأحمر فيه قدميه. يعترف:
"الإصلاحيون في الداخل والخارج يديرون المعارك بالهاتف".
لم يقل إنه واحد من الذين يديرون المعارك بالتلفون، لكنه بدا على علم واسع بما يجري على الأرض، وعلى ثقة أيضاً..

مر حميد الأحمر، ولا يزال في منتصف العمر، عبر تجارب ثرية، وفي كل تجربة كان في الواجهة. نادراً ما تجد رجلاً يتصدر حقولاً كبيرة ومتناقضة في الوقت نفسه، وكلها معاً: القبيلة، الأعمال، السياسة، الثورة، الحرب. ذلك الثراء والتنوع مكن حميد الأحمر من اختراق الطبقات والمجالات. بدأب لافت ونادر لم يكتف الرجل بالوجود بل بالحضور، وكان في المركز. فالسياسة تلتف حوله لأنه يملك المال. ورجال المال يلتفون حوله لأنه يملك السياسة. القبيلة تحيطه وتحرسه لأنه يملك الحزب والمال والسياسة. أما الحزب فاختبأ خلفه وخلف والده لفترة طويلة، وإن قالت مدوناته الراهنة غير ذلك فهي تحاول أن تدفن تلك الحقيقة التاريخية في الظلام.
خرج الأحمر الشاب بتجربة كبيرة، وبدراية شاسعة، وبأعداء لا يطالهم الحصر، وبأصدقاء كثيرين. جلب أعداءه خلف ظهره: من القبيلة، من الساسة، من مجتمع المال، ومن داخل الثورة.

أخبرني مبتسماً: أعلم أن الناس يكتبون عني، ونادراً ما أقرأ أو أستمع لما يقال عني.

لكنه البارحة أكد لي أن ما نشرته حول لقائنا وصل إلى هاتفه حوالي عشرين مرة. لقد تغير الزمن الذي كان يمنح حميد الأحمر فرصة للإفلات من الكتابات. إنها تصله، وهو يحسب لها حساباً، ويقيس ما يقوله الناس مع ما تقوله تجربته. في الحقول الخمسة التي خاضها سمع لغة غير اللغة التي تقولها الطبقات السفلى، المجتمع الأرضي، مجتمع الفيس بوك وكتاب المقالات. يدرك حميد الأحمر أن الذين يقفون له بالمرصاد، حالياً، لم يختبرهم من قبل.
بينما هو يفكر بالعجلة السادسة، بالحكم، يحاول الآن أن يقول للطبقات
التي في الأسفل أنه واحدٌ منها، أو على الأقل: إنه يفهم لغتها وحساسيتها..

وتلك هي المعركة القادمة لحميد الأحمر، وذلك هو الحقل الأخير.. حقل العجلة السادسة، قبل أن تنطلق شاحنته الضخمة في طريقها الطويل.

من صفحته على الفيسبوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.